يبدو السؤال مستهلكاً، لكن تجاوزه ربما يقترب إلى حدّ الجريمة، خصوصاً عند معرفة أحوال المواطن البحريني الذي يأنّ تحت وطأة الواقع المعيشي المتردّي!
لا جديد في هذا الأمر، الصورة إلى هذا الحدّ صارت من المسلّمات، و الأمر برمّته أصبح مادة للتندّر اليومي في الشارع البحريني، و ربما كان من الأصح أن نتساءل: لماذا تمارس السلطة هذا الدور بدمّ بارد دون أن تشعر بالعار أو الخسارة؟
تستضيف السلطة في البحرين هذا اليوم الأربعاء (۱۹ فبراير ۲۰۲۵) المؤتمر العالمي للحوار الإسلامي الإسلامي الذي ينظمه الأزهر و مجلس حكماء المسلمين بالتعاون مع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في البحرين.
ما الخطأ في الأمر؟
لا خطأ، فالبحرينيون يؤيدون الحوار من دون استثناء، معارضة و موالاة، و يؤيدون هذا النوع من المؤتمرات إذا كانت تنطلق من دوافع صادقة و في بيئة نظيفة، لكنهم يشعرون بالمهانة عندما يرون كيف تغلق عليهم حكومتهم أبواب الحوار و تصدّ عنهم بوجهٍ عبوس مكفهرّ، ثم تلاقي العالم بالابتسامات العريضة و الصدر الرحب!
إنها بروباغاندا بحمولة نفاق خسيس و مقزّز.
و بالعودة لحسابات الربح و الخسارة التي تثقل ميزانية السلطة، لا شك أن تكلفة التلميع أكثر بكثير من تكلفة الإصلاحات، فالمواطن البحريني لا يريد سوى ما يحفظ كرامته.
في ديسمبر ۲۰۲۱ مثلاً، افتتحت أكبر كنيسة في الخليج بمنطقة عوالي. و في نوفمبر العام ۲۰۲۲ استضاف استاد البحرين الوطني قدّاساً ترأسه البابا فرنسيس بحضور ۲۸ ألف شخص بحسب الصحف المحلية، و على الرغم من قلة أعداد المسيحيين في البحرين، فقد رعت السلطة كنائس عديدة و شيّدت بعضها على أراضٍ ممنوحة من رأس الدولة ، حيث توجد ۱۸ كنيسة مسجلة رسميًا في بلد نسبة المواطنين المسيحيين فيه لا تبلغ حتى ۱% !
هذا المشهد يكمله نشاط مركز الملك حمد للتعايش السلمي، و الأعمال الروتينية لوزارة الخارجية في أمريكا و بريطانيا، و حساب مفتوح من الدنانير غير المعدودة لهذا الأمر!
لكن هناك ما ينغّص على السلطة عملها، و لسوء حظّها، أن تقريراً واحداً لمنظمة حقوقية دولية حول الاضطهاد الديني، عن غلق جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز مثلاً، عن اعتقال الشيخ علي سلمان أمين عام جمعية الوفاق مثلاً، عن إغلاق أكبر هيئة علمائية للشيعة مثلاً، عن الـ۱۱ مسجداً مهدماً منذ عمليات الانتقام في ۲۰۱۱، عن مسجد و مقام صعصعة بن صوحان العبدي مثلاً، يبعثر هذه الأموال في الهواء و كأنّ شيئاً لم يكن!
سوف يتفهم الشعب البحريني لو كانت السلطة بالموازاة مع أعمال العلاقات العامة هذه، يجد شيئاً على الأرض، لكن الأمر يبدو كانتقام مزمن و متواصل! و في الحقيقة، لم تعد كذبات النظام حول الحوار و التعايش و التعددية و التسامح تنطلي على أحد، و على الأرجح، سيعود من بعد مؤتمر الحوار الإسلامي الإسلامي بخفي حنين مرّةً أخرى، كما في كلّ مرّة و مرّة!
تعليقك