بحسب مراسل وكالة الحوزة في الأهواز، قال آية الله عباس الكعبي، عضو هيئة رئاسة مجلس خبراء القيادة، خلال لقاءٍ مع النخب العلمية تحت عنوان "سيد الشهداء (ع) عبدٌ حقيقيٌ لله": إنّ جوهر الدين يتمثل في معرفة الله، والارتباط به، وعبادته بإخلاص. فإذا استطاع الإنسان تحقيق العبودية الحقيقية لله، فإنه سينال النفس المطمئنة وسيتحرر من حاجته إلى الخلق.
و أضاف قائلاً: إنّ هذه العبودية تمنح الإنسان القوة و القدرة اللازمة للوصول إلى مرتبة الخلافة الإلهية في مسيرته نحو الكمال. و على المستوى الاجتماعي و السياسي، إذا سارت البشرية في هذا الاتجاه، فستكون قادرة على بناء الحضارة.
و أشار عضو جماعة المدرسين في الحوزة العلمية قم إلى حديثٍ عن الإمام الحسين (عليه السلام) يقول فيه: إنّ الله خلق الناس ليعرفوه. موضحاً أنّ المعرفة الحقيقية بالله و طريقة ارتباط الإنسان بالعالم تؤدي به إلى عشق الله و عبادته، و عندها يتحرر من حاجته للآخرين، بل و حتى من تعلقه بالكائنات الأخرى.
و أكّد آية الله الكعبي أنّ جوهر الدين يكمن في العبودية لله، و أنّ الحرية الحقيقية تتحقق من خلال هذه العبودية، حيث قال: الإنسان الحر لا يعبد الله من أجل الجنة أو خوفاً من النار، بل يعبده لأداء حق الله و السعي نحو الحقيقة.
و أوضح عضو مجلس خبراء القيادة أنّ الإنسان عادةً ما يحمل ثلاث شخصيات:
الشخصية الظاهرية، التي يعرضها للآخرين لكسب الاحترام و المكانة.
الشخصية اللائمة، التي يتمنى عبرها تحقيق أهدافه لكنه غالباً ما يعاتب نفسه عند الإخفاق.
الشخصية الباطنية، و هي تمثل جوهره الحقيقي، الذي قد يُدفن تحت تأثير الذنوب و المعاصي.
و بيّن أنّ الإنسان إذا أراد التغلب على هذه التناقضات الثلاث، فعليه أن يسعى لمعرفة الله، لأنّ العبودية الحقيقية له تؤدي إلى تحقيق النفس المطمئنة.
و أشار إلى أنّ النفس المطمئنة الحقيقية تتجسد في نفس سيد الشهداء (ع). فالإنسان الذي يبلغ هذه المرحلة من العبودية لم يعد يكترث لشيء، و هو على استعدادٍ للتضحية بكل شيء من أجل الله. و هكذا كان الإمام الحسين (عليه السلام)، الذي قدّم روحه في سبيل المبادئ العظمى، حيث إنّ ولادة مثل هذا الإنسان تكون مقرونةً بالدموع و الآهات.
و أكد آية الله الكعبي أنّ الاقتداء بالأئمة المعصومين (عليهم السلام) لا يتحقق فقط من خلال الاحتفال أو إقامة العزاء، بل من خلال السير على نهجهم في الجهاد في سبيل الله، و التضحية من أجل الدين، و الاستعداد لتحمّل التكاليف الكبرى.
و أضاف: من الشخصيات التي جسّدت هذه التعاليم عملياً في عصرنا الحديث هو الإمام الخميني (رحمة الله عليه)، فقد كان خلال الثورة الإسلامية مستعداً للشهادة في سبيل أداء تكليفه الشرعي، و هذا أمرٌ بالغ الأهمية. فشخصياتٌ مثله تمثل التجسيد الحقيقي لمبادئ سيد الشهداء (ع).
و أشار إلى أنّ شخصياتٍ مثل الشهيد نواب صفوي و غيرهم، هم ممّن نهلوا من مدرسة سيد الشهداء (ع) و لم يروا إلا الله و العبودية له، و هذا ما يمكن ملاحظته في سيرة المجاهدين خلال ثماني سنواتٍ من الدفاع المقدس، حيث أصبح كلٌّ منهم عارفاً عظيماً، و من بينهم: الشهيد الحاج قاسم سليماني، الشهيد طهراني مقدم، الشهيد سيد حسن نصرالله، و شهداء المقاومة الكبار.
و أوضح آية الله الكعبي أنّ الإمام الراحل كان المعلم الأول لمدرسة الإمام الحسين (ع) في عصرنا، و أنّ الراية الحسينية اليوم بيد سماحة القائد، آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي (مدّ ظله العالي).
و في الختام، شدّد عضو مجلس خبراء القيادة على أنّ على الأمة الإسلامية أن تجعل العبودية لله ثقافةً عامةً قائمةً على الإيمان، مؤكّداً أنّ الشعب الإيراني هو شعبٌ حسيني، و أنّ تحويل العبودية لله إلى ثقافةٍ عامةٍ كفيلٌ بحل جميع المشكلات و فتح أبواب النصر.
تعليقك