۱ آذر ۱۴۰۳ |۱۹ جمادی‌الاول ۱۴۴۶ | Nov 21, 2024
الشيخ «قيس الطائي»

وكالة الحوزة - تحدّث مسؤول مكتب آية الله الشيخ «محمد اليعقوبي»، حجة الاسلام والمسلمين الشيخ «قيس الطائي» حول زيارة الأربعين التي تعتبر ظاهرة عظيمة تتكرر في كل سنة.

وكالة أنباء الحوزة - (نقلا عن وكالة "أبنا") قال الشيخ «قيس الطائي»، في خصوص أهمية الزيارة الأربعينية لدى مدرسة الشيعة: هناك روايات كثيرة تتعلق بزيارة الأربعين، والتي تدعو المؤمنين الى زيارة قبر سيد الشهداء وأهل بيته (ع) وأصحابه في كربلاء، وقد أصبحت من المواضيع الهامة في مدرسة أهل البيت (ع) ولدى الشيعة، وكذلك زيارة باقي الأئمة (ع)، مشيرا الى مضمون كلام الامام الصادق (ع) في ثواب وفضيلة زيارة مرقد الإمام الحسين (ع) ان لكل خطوة يخطوها الزائر تكتب له ألف حسنة، وتمحى من ذنوبه الف سيئة، كما تزيد ألف درجة لمنزلته. منوّها الى ان هذا العدد يُبين في الحقيقة اهتمام الله تعالى بزوار الإمام الحسين(ع) لمنزلته الرفيعة عنده تعالى. مضيفا انها واحدة من عشرات الروايات التي وردت في أهمية زيارة الإمام الحسين (ع).

وقال الشيخ «قيس الطائي»: ان لزيارة ابي عبد الله الحسين(ع) خصوصية من بين الأئمة عليهم السلام وهم من نور واحد، وهناك رواية تشير الى ان عبدا لو ذرف دمعةٌ بمقدار جناح ذبابة لعزاء الإمام الحسين(ع) غفر الله تعالى له. كما ان للبكاء أثر في نفسية الإنسان. مضيفا ان المرحوم الشيخ عباس القمي قد جمع مرويات عن الأئمة (ع) والسيدة فاطمة الزهراء (ع) والنبي (ص)، في فضيلة الزيارات وأهميتها، وانه ذكر أياما ولياليا خاصة في زيارته (ع) في مناسبات عدة، ولخصوصية الإمام الحسين (ع) قد ذكرت زيارات كثيرة له (ع) .

واستذكر الشيخ «الطائي» رواية عن الإمام الحسن العسكري (ع)، أن للمؤمن خمس خصائص، احداها زيارة الأربعين.

وقال حجة الاسلام والمسلمين «الطائي» في الإشارة الى جذور تاريخية لزيارة الأربعين مشيا على الأقدام: ان قضية الزيارة والحضور في أماكن المقدسة مشيا على الأقدام، تعود تاريخها الى فترات الأئمة (ع)، حتى ان التاريخ تضمن زيارات مشيا على الأقدام للأئمة عليهم السلام حيث كانوا يسيروا الى الحج ماشين، وجاء في التاريخ ان الإمام الحسن (ع) قد حجّ بيت الله تعالى 25 مرة، وكذلك باقي الأئمة (ع)، ويمكن ان نلحظ في تاريخ الإسلام ان المشي على الأقدام لأداء فرائض والتقرب الى الله تعالى كان مسجلا، حتى انه استمر بعد استشهاد الإمام الحسين (ع).

ولفت الشيخ «الطائي» الى انه لم تكن في العهود السابقة وسائل النقل، وكان المؤمنون يقصدون زيارة الإمام الحسين (ع) سيرا على أقدامهم. وذكر انه في حياة الإمام الباقر (ع)، قد قصد أحد المؤمنين الشيعة زيارته (ع) حيث سار ماشيا من خرسان آنذاك رغم المشقة وعناء السفر وطول الطريق، وقد جُرحت قدماه قاصدا المدينة، فيما حزن الإمام (ع) لمنظره قائلا له: ماذا حلّ بك ان تقطع كل هذا الطريق وتأتي هنا؟ وقد أجابه الزائر أنه يحبه (ع) وجاء لحضرته تقربا لله تعالى، وقد دعا الإمام (ع) له بالمغفرة، قائلا: كل من قصدنا ماشيا له كذا من الثواب والأجر. وأضاف الشيخ ان هناك روايات كثيرة في هذا المعنى.

وتابع الشيخ «الطائي» قائلا: ان زيارة أربعينية الإمام الحسين(ع)، مرت بمنعطفات صعبة، فلم تكن في بدايتها بهذا الشكل الذي نعهده اليوم، وأتذكر حينما كنت صغيرا ان أشخاصا يسلكون طرقا ملتوية مشيا على الأقدام في زيارة الأربعين، ولكن في غضون ذلك وبمرور الزمن خرجت هذه الحالة الفردية الى جماعية وأخذت تتسع الزيارة خاصة بعد سقوط حزب البعث الظالم، ونشهد اليوم الزيارة المليونية، وغدت سُنّة مقدسة، وتحولت الزيارة الى تجمع عالمي نشهده اليوم.

وقال الشيخ «الطائي» في الإجابة عن عادات وتقاليد العراقيين في أيام زيارة الأربعين وتقديمهم الخدمات للزوار: ان العرب معرفون بالسخاء، والعطاء لا يخص العرب فقط، وجميع أتباع مكتب أهل البيت (ع) ومحبيهم، يتمتعون بصفة الكرم، ومن بين جميع المذاهب، الشيعة بشكل عام والعرب بصورة خاصة والعراقيين بصورة استثنائية يمتازون بالعطاء، مضيفا ان العراق دفن فيه ستة أئمة (ع) وبعض الأنبياء والصالحين، وقد برزت ظاهرة العطاء لدى عُشّاق أهل البيت (ع) والإمام الحسين (ع) بين شيعة العراق وآخرين انضموا إليهم فيما بعد، على شكل مواكب وهيئات الحسينية، واقيمت مواكب على يد إخوة إيرانيين داخل النجف الأشرف وكربلاء المقدسة والطريق المؤدي إليها، هي نماذج من هذا الكرم، وهو بسبب حبهم للإمام الحسين (ع)، ولذلك اعتبر العراقيون انفسهم أصحاب الشأن في استضافة الزوار في الأيام الأربعين.

وأضاف الشيخ «الطائي» ان هناك مواكب عراقية تقام في مناسبات أخرى، تقدّم الخدمات في نصف شعبان وليالي الجُمَع واستشهاد بعض الأئمة (ع)، كما توجد مواكب تخدم زوار الامام الحسين(ع) في كل ليلة جمعة، خاصة في مدينة كربلاء المقدسة.

وتحدث الشيخ «الطائي» في معرض إجابته عن مضايقات لحقت بزوار الأربعين فيما سبق قائلا: كانت هناك مضايقات في فترة حكم أحمد حسن بكر، ولكنها اشتدت في عهد صدام حسين، واشهرها كانت في انتفاضة صفر سنة 1977، حيث شهدت مدينة النجف الأشرف حدثاً تاريخياً مهمّاً، حيث نشبت انتفاضة صفر التي قادها الشيعة احتجاجًا على منعهم من السير إلى كربلاء في ذكرى أربعين الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) وأصحابه وتم اتخاذ قرار من النظام الحاكم في العراق بمنع الشيعة من إحياء ذكرى عاشوراء في شهر المحرم الحرام وكذلك الأربعين في شهر صفر، والتي قادت إلى تنظيم مسيرات وتظاهرات حاشدة في الساحات للتعبير عن الرفض والاستنكار، وكانت النتيجة استشهاد البعض وصدور حكم الاعدام بحق البعض الآخر.

وأوضح الشيخ «الطائي» حول كيفية تحضيرات تسبق زيارة الأربعين لتقديم الخدمات للزوار قائلا: ان هناك من يقومون بتهيئة صندوق خاص بهذه المناسبة (زيارة الأربعين) لجمع الأموال في سبيل صرفها من أجل زوار الأربعين، وبعد انتهاء موسم الزيارة، تُعاد الكرة للسنة المقبلة حيث تُجمع الأموال المتبرعة في الصندوق مرة أخرى، وتصرف في سبيل الله تعالى في حب الإمام الحسين (ع)، وتتكفل المواكب الحسينية هذه الطريقة في جميع الأموال المتبرعة بها من الناس .

واستذكر الشيخ «الطائي» من إحدى ذكرياته أثناء الإجابة عنها قائلا: هناك شيء لمسته أثناء أداء زيارة الأربعين مشيا على الأقدام، وقد اشتهر بين الزوار، هو انك ما تريده يتحقق سريعا، وتحصل عليه فورا، فمثلا عندما تتخيل انك تشتهي طعاما تريده وشرابا تحبه، فسوف تحصل عليه بسرعة، فمثلا إن أراد أحدهم أن يشرب شايا مع الحليب، وإذا به يمرّ من موكب يوزع شايا مع الحليب، أو شايا مع الزعفران، فيصادفه موكب إيراني يهيئ ذلك، أو مثلا يطلب راحة فسيُلاقي مجموعة من خدام في موكب وهم هيئوا مكانا للإستراحة والتدليك للزوار، وقد جرّبت ذلك كثيرا، وهناك قصص كثيرة، منها ان هناك من طلب ان يُرزق بولد ذكرا كان أو أثنى وهو في طريق الأربعين، فلقد بُشّر بذلك، ولم ينجب طفلا سابقا، فهذه القضية ليست طبيعية اطلاقا، فهناك عناية خاصة في هذه الزيارة الأربعينية للإمام الحسين(ع).

وختم الشيخ «الطائي» حديثه بالدعاء لكل من يشارك في زيارة الأربعين زائرا كان أو خادما بالتوفيق وإخلاص النية في سبيل الله تعالى، وحبا للإمام الحسين(ع)، وان ينال شفاعة الإمام (ع) وان تستمر هذه الظاهرة العظيمة كل عام أفضل من العام المنصرم أداءا وخدمة وزيارة، مشددا على الجميع أن يشكروا الله تعالى على هذه النعمة العظيمة في استمرارها والحفاظ عليها.

المصدر: وكالة "أبنا"

ارسال التعليق

You are replying to: .
captcha