۲ آذر ۱۴۰۳ |۲۰ جمادی‌الاول ۱۴۴۶ | Nov 22, 2024
رمز الخبر: 370854
٦ أغسطس ٢٠٢٤ - ١٣:٤٦
إسماعيل هنية

وكالة الحوزة - ربما كان ما يجري في فلسطين أطول حرب تشهدها المنطقة مُنذُ الحربين العالميتين الأولى والثانية. حتى أُجري مقارنات بين ما نعيشه وما جرى من قبل. لكن هذه حرب لم تحدُث من قبل في عالم اليوم..

وكالة أنباء الحوزة - ربما كان ما يجري في فلسطين أطول حرب تشهدها المنطقة. مُنذُ الحربين العالميتين الأولى والثانية. حتى أُجري مقارنات بين ما نعيشه وما جرى من قبل. لكن هذه حرب لم تحدُث من قبل في حدود مُتابعاتي لما يحدث في عالم اليوم. نقرأ كثيرا عما جرى في الحربين العالميتين الأولى والثانية ونشعر ببعض القلق لأن ما يصل إلينا جرى قبل أن نُصبح من سكان الدنيا. وما سمعناه من الآباء والأجداد حكايات ربما لم يُعاصروها. وعموما فالحرب أمرٌ بغيضٌ ومُخيف حتى على من يدافعون عن أرضهم وبلادهم وأعراضهم. مع أن ما يقومون به من الأمور المقدسة التي تدخل التاريخ ولا تخرج منه أبدا. والصحف التي تنقل ما يجري، والحمد لله أننا لا نرى صُحف العدو الإسرائيلي ولا نقرؤها. فالإنسان يعرف ما بها ويُدرك هول ما يجري في فلسطين المحتلة. توقفتُ طويلا أمام اغتيال إسماعيل هنيَّة أثناء وجوده في طهران. وعندما يتعدَّى الأمر قُدرة الخيال الإنساني لا يبقى لي سوى العجب. فقد حملت وكالات الأنباء أن آلاف الإيرانيين قد شيَّعوا جُثمان إسماعيل هنيَّة في طهران بعد اغتياله في غارة إسرائيلية تمت على مقر إقامته هناك. وقبل أن أُفكِّر كيف جرى ما جرى؟ وهل وصلت ذراع العدو الإسرائيلي إلى قلب طهران؟ رُحتُ أُتابع ما يدور ابتداء من واشنطن التي حذَّرت كعادتها من أن المنطقة – تقصد بلادنا – تتجه للمزيد من العُنف.

وبعض العواصم الغربية أوردت الخبر مع إدانة صريحة وواضحة للعدو الإسرائيلي. لكنها إدانة كلامية تعودناها كلما فعلت إسرائيل ما تقوم به. ويبدو أننا نواجه عدوا لابد أن نُدرك حدود ما يُمكن أن يقوم به. رغم أن الإدراك قد يدفعنا إلى التراجع خطوات، وإلى التسليم بما يجري واعتباره من الأمور المُكررة. ومهما فعلنا فلن نستطيع وقف تكرارها.

الأخبار كثيرة ومتلاحقة. لكني توقفت طويلا أمام ما قاله أنور إبراهيم رئيس وزراء ماليزيا إنه يتهم إحدى الشركات بأنها حذفت منشورا له على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك. وكان يدور حول اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية إسماعيل هنيَّة. وذلك في أحدث خلاف بين الحكومة الماليزية والشركة الدولية. حيث نشر أنور إبراهيم مقطع فيديو في اتصال هاتفي مع قيادي في حماس بتقديم التعازي في استشهاد هنيّة. لكن الذي جرى أنه تم حذفه في وقت لاحق. هذا رغم أن المسؤول الماليزي كان قد أعلن أن لديه اتصالات سياسية مع القادة الفلسطينيين. لكنه لا توجد أي روابط عسكرية بينهما.

واستغرب في بيانٍ له، واعتبر أنه من غير المعقول أن يُعتبر منشور يُكرِّم مُناضلا يسعى لتحرير وطنه من الظُلم والمُعاناة أمرا يجب الوقوف ضده. وفي اليابان البعيدة جدا قال عُمدة نجازاكي اليابانية شيرو سوزوكي إن إسرائيل لن تُدعى للمشاركة في إحياء ذكرى إلقاء القنبلة النووية على نجازاكي عام 1945.

وفي نفس الوقت اعتبر أعضاء في مجلس الأمن الدولي أن الأمر خطير، ووصل إلى أنهم يُحذرون من اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط. والإسرائيليون اعتبروا أن ما قاموا به بطولة. وحتى من يخرجون للتظاهر ضد ما يفعله نيتانياهو في بعض الأحيان اختفوا في غمضة عين وكأنهم لم يكونوا موجودين من قبل.

إن الأمر يدعو لما بعد العجب. فكيف نُسمِّي هذا الذي نعيش فيه عالما بعد أن لم تخرُج مظاهرة واحدة في أي مكانٍ من عالم اليوم احتجاجا على الصلف والعدوان الإسرائيلي. هذا باستثناء الجنازتين اللتين أُقيمتا للشهيد، الأولى في طهران، والثانية في الدوحة. الغريب والعجيب أن مسئولين إسرائيليين رحبوا بالعملية واعتبروها بداية جديدة لاغتيال القادة الفلسطينيين، سواء كانوا في فلسطين أو خارجها. وباستثناء ما كُتِبَ من مقالات في عواصم كثيرة من العالم فإن الأمر يوشك أن يمضي وكأنه من الأمور العادية. بل إن الحياة في تل أبيب والمُدن الصهيونية الأخرى قد صارت على ما كانت تسير عليه وكأن شيئا لم يكن.

لقد تَرَكتُ كل اهتماماتي ورُحتُ أُتابع هذا الذي يجري في العالم بعد الحادث الرهيب الذي يُطلق يد عدونا يفعل ما يشاء دون حتى إدانة لفظية من الغرب. فها هو وزير خارجية بريطانيا ديفيد لامي في اتصال هاتفي مع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي يُعبِّر عن قلقه إزاء تصاعد التوتر في المنطقة. وهذا ما دفع لندن لأن تطلُب من رعاياها مغادرة لبنان. ذلك أن اتساع الصراع في المنطقة ليس في مصلحة أحد، كما دعا إلى أن حل النزاعات سلميا أفضل ألف مرة من ترك الأمور هكذا. لاحظ أنه يتكلم عن احتمالات لاحقة وكأن اغتيال القيادي الفلسطيني أمرٌ طبيعي، هكذا فعلت بريطانيا وفرنسا وكندا والدنمارك والنرويج والولايات المتحدة واستراليا واليونان، والعديد من الدول طلبت من رعاياها تجنب السفر إلى المنطقة، خاصة لُبنان. ثم طلبت من الموجودين على الأراضي اللبنانية المغادرة بشكل فوري إذا كان هذا ممكنا.

وعلى طريقة القفز إلى الأمام حتى لا نُتابع الحاضر بما يجري فيه. قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن: إن أي تصعيدٍ بين لبنان وإسرائيل يمكن أن يُفجِّر الوضع في المنطقة.

إن السؤال الذي يُمكن أن يتبادر للذهن: ماذا فعلت أمريكا؟ إنها تُحاول منع إسرائيل من ضرب بيروت. وهكذا تمضي الأمور بعد أن مر اغتيال إسماعيل هنية على الغرب الذي صدَّعنا بالكلام على حقوق الإنسان مرور الكرام.

الكاتب: يوسف القعيد

المصدر: الاهرام

ارسال التعليق

You are replying to: .
captcha