بعد زيارة استغرقت ساعة ونصف إلى معرض الإنجازات النووية في مجالات الزراعة والطب والصحة والصناعة والبيئة والمياه وإنشاء محطات توليد الطاقة، وصف قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، في لقائه مع العلماء والخبراء والمسؤولين في الصناعة النووية، هذه الصناعة بأنها «في حكم المفتاح لتقدّم إيران في المجالات شتى».
ووصف الإمام الخامنئي المعرض الذي زاره اليوم الأحد 6/11/2023 بـ«الممتاز والمُسرٌّ والمبشّر». وقال: «يجب تعريف الناس بالأبعاد المتنوعة والتأثيرات لأنواع التقدم هذه في حياتهم».
في تبيينه الأهمية ذات الأبعاد الثلاثة للصناعة النووية، وصف سماحته هذه الصناعة بـ«المشرّفة للبلاد على الساحة العالمية من حيث التقدم وإبراز القدرات»، مشيراً إلى الأثر الأساسي للإنجازات النووية في تحسين حياة الناس.
كذلك، رأى قائد الثورة الإسلامية أن الصناعة النووية هي «النقطة المقابلة لمساعي الأعداء في إظهار البلاد بلا مستقبل»، لافتاً إلى أن الصناعة النووية تحيي روح الأمل والثقة بالنفس. كما وصفها بأنها على عكس جهود الأعداء لإظهار مستقبل البلاد، مشدداً على أنها تحيي في المجتمع روح الأمل والثقة بالنفس الوطنية، «وتظهر للناس وبخاصة الشباب أنه يمكننا دخول الميادين الكبيرة وتسخيرها».

بالاستناد إلى الأهمية الإستراتيجية وفي الوقت نفسه «العينية والملموسة» للصناعة النووية، رأى سماحته أنها من المكونات الأساسية لقوة إيران ومكانتها. وقال: «على كل مَن يحب إيران والجمهورية الإسلامية وقوة البلاد وتقدّمها أن يضع الأنشطة العلمية والبحثية والصناعية النووية في الاعتبار ويوليها أهميةً».
كذلك، رأى الإمام الخامنئي أن ادعاء الغرب بشأن «الخوف من إنتاج أسلحة نووية في إيران» ليس إلا كذبة. وأضاف: «أقرّ المجتمع الاستخباراتي الأمريكي بالحقيقة مرات عدة بما في ذلك في الأشهر الأخيرة، وأنه لا توجد مؤشرات على تحرك إيران نحو إنتاج أسلحة نووية».
في السياق نفسه، قال سماحته إن إنتاج أسلحة الدمار الشامل مخالف للإسلام. واستدرك: «لولا هذا المبدأ الإسلامي ولو كان لدينا إرادة لإنتاج أسلحة نووية، لكنا فعلنا ذلك، والأعداء يعلمون أيضاً أنهم لم يكونوا ليقدروا على صدّنا».
وتابع سماحته: «معارضة تقدم الشعب الإيراني هي السبب الحقيقي لتعليق الأعداء كثيراً على الصناعة النووية»، موضحاً: «هذه الصناعة هي مفتاح التقدم الملحوظ للبلاد والشعب في مختلف القطاعات، إضافة إلى أن الأعداء لديهم خوف من أن تسير الشعوب الأخرى على نهج الشعب الإيراني الصانع للتقدم وفكره».

في هذا الإطار، قال قائد الثورة الإسلامية إن التحدي النووي المستمر منذ 20 عاماً من أعداء الجمهورية الإسلامية أدى إلى اتضاح حقائق عدّة «أهمها ظهور القدرات والمواهب الاستثنائية لدى الشباب الإيرانيين في خضم التهديدات والحصار المتواصل». وعدّ «الكشف عن المنطق اللاإنساني والظالم لدى معارضي تقدم إيران» الحقيقة الثانية التي كُشفت خلال التحدي النووي.
كان تجنب الثقة بالأطراف النووية الحقيقة الثالثة التي اتضحت خلال 20 عاماً من التحدي النووي من الغرب لإيران، وهنا قال سماحته: «قدمت الأطراف النووية والوكالة وعوداً كثيرة في هذه السنوات ولم تتحقق، فتعلمنا بأي الأشخاص نثق وفي أيّ المواضع».
أما التأثير المشهود للتقدم النووي في الإخفاق التاريخي للغربيين في إذلال الشعب، فهو حقيقة أخرى طرحها الإمام الخامنئي، قائلاً في هذا الصدد: «نظام الهيمنة يعيق الشعوب ويضعفها بطريقتين: الطريقة الأولى الهيمنة المباشرة على الشعوب واستعمارها، والثانية والأكثر خطورة تلقين روحية الخيبة و"نحن غير قادرون" لهم».
بالإشارة إلى تطبيق كلتا الطريقتين في مرحلة ما قبل الثورة الإسلامية، قال سماحته: «في ذاك الوقت، وخلال لقاء بالمصادفة مع أحد مسؤولي النظام البهلوي، انتقدت أفعالهم، فقال ذاك المسؤول بفخر وهو يتجاهل "سرقة موارد إيران النفطية، والهيمنة على سوق إيران، والتدخل من الغرب في سياسات إيران بأقصى الدرجات": "لا تتحدثوا بهذا الكلام غير المجدي، فالأوروبيون الآن خدّامنا وهم ينتجون لنا سلعاً مختلفة نستفيد منها"».
وتابع قائد الثورة الإسلامية بالقول: «إضافة إلى نظرة الاستحقار [للقدرات الذاتية] والانبهار بالغرب لدى مسؤولي النظام السابق، جعلوا شبابنا يصدقون أن "الإيراني خائب وعاجز"، ووفقاً لتعبير أحد رؤساء الوزراء في تلك المرحلة، كان أقصى موهبته صناعة الإبريق الطيني والفخاري للحمام».

أيضاً رأى سماحته أن أنواع التقدم النووي وتجلي روحية العمل والأمل والنشاط «فشل واضح لذوي النزعة الغربية». وقال: «في ذاك الزمان، كان ذوو النزعة الغربية يستحقرون الشعب، لكن اليوم بات الشعب هو من يستحقرهم بإنجازاته وتقدّمه».
وشرح الإمام الخامنئي أن الإمكانات النووية لإيران تضاعفت أكثر من مئة مرة مقارنة بعام 1382 (2003)، أي بداية التحدي النووي. وأوضح: «استعانوا بالجرائم والإرهاب لإيقاف هذه العملية لكنهم لم يتمكنوا، فغدت الصناعة النووية الآن صناعة محلية في هذا البلد بجهود شباب الشعب، وغير قابلة للسلب».
وأشار سماحته إلى المواجهة بين العلم والدين في قضية عصر النهضة، قائلاً: «من أهم خطوط عصر النهضة أنه من أجل التقدم العلمي يجب تنحية الدين والروحانية جانباً، أما اليوم، وبعد مرور 500 عام على تلك الحادثة في الجمهورية الإسلامية، فتجري الآن أهم الأعمال العلمية في المنافسة مع العالم الغربي في حين أن العلم والروحانية مندمجان معاً».
وأكد قائد الثورة الإسلامية «سريان العلم النووي في مختلف مجالات الحياة مثل الصحة والصناعة والزراعة والبيئة وتحلية المياه». واستطرد: «إذا اطّلع الناس على منافع الطاقة النووية في جميع مجالات حياتهم، فسوف يعرفون قدر ما كانوا يقولون إنه "حقنا الطبيعي" على نحو أفضل». كما شدد على «تنمية التسويق التجاري للمنتجات والخدمات النووية، وزيادة التعاون العلمي مع الدول المؤيدة وغير المعارضة لنا من أجل الاستفادة القصوى من الإمكانات وأنواع التقدم في العالم».

ولهذا، رأى سماحته أن الحفاظ على التواصل والتفاعل والتعاون مع الوكالة الذرية في إطار مقررات الضمانات أمر ضروري. وأضاف: «كانت هذه توصيتي للمسؤولين في مختلف مجالات الصناعة النووية منذ البداية».
في المقابل، شدد الإمام الخامنئي على أنه يجب «ألا تنصاع منظمة الطاقة الذرية للادعاءات الكاذبة والمطالب الظالمة للأطراف الأخرى». وقال: «بالثبات على موقفكم، لا تستجيبوا للمطالب الظالمة ولا للادعاءات المخالفة للواقع في بعض الأحيان».
وأضاف سماحته في هذا الصدد: «بالنسبة إلى الالتزامات التي تم التعهد بها في مارس/آذار الماضي، ووفق التقرير الجديد الذي رأيته، لم تفِ الوكالة بالتزاماتها».
كذلك، أوصى قائد الثورة الإسلامية المسؤولين في «منظمة الطاقة الذرية» الإيرانية بـ«الحفاظ على البنية التحتية للصناعة النووية»، مشدداً بالقول: «خلال السنوات الماضية أسس مديرو الصناعة النووية ومسؤولوها والعاملون فيها بنى تحتية مهمة، فاحرصوا على ألّا تُمس في الاتفاقات».
في هذا اللقاء، قال رئيس «منظمة الطاقة الذرية» الإيرانية، السيد إسلامي، إن استمرار ديناميكية الصناعة النووية واقتدارها هي المَهمة الثابتة على جدول أعمال المنظمة.