ورأى الإمام الخامنئي أن فقدان الاعتماد على المبادئ في السياسة الخارجية خلاف للعزة ويؤدي إلى التردد. وقال: «إننا نتحرك في جميع القضايا العالمية "في القول والإقدام ومواجهة ما يُقدم عليه الآخرون" بعزة تامة وبالاعتماد على المبادئ».
كذلك، ذكر سماحته أن المعنى الحقيقي لـ«الحكمة» يتمثل في السلوك والقول «الحكيم والمنطلق من الفكر والمدروس». وأضاف: «ينبغي أن تكون كل خطوة في السياسة الخارجية عقلانية ومنطلقة من الفكر، فقد وجّهت القرارت والأفعال الآنية وغير المدروسة ضربة إلى البلاد في مراحل معينة».
في المقابل، رأى قائد الثورة الإسلامية أن تجنب الوثوق غير الضروري بالأطراف المقابلة هو الوجه الآخر لمفهوم لـ«الحكمة». واستدرك: «لا ينبغي أن نعدّ كل قول في عالم السياسة كذباً، فثمة أقوال صادقة ومقبولة، ولكن لا ينبغي الوثوق بالأقوال كافة».
وكانت «المصلحة» بمعنى امتلاك المرونة في الحالات اللازمة لتجاوز العقبات الصعبة والصخرية ومواصلة المسير كلمةً مفتاحية أخرى مهمة دأب سماحته على تبيينها. وقال في هذا الصدد: «الحفاظ على المبادئ لا يتنافى مع المصلحة بالمعنى المذكور... قبل بضع سنوات، عندما طُرح مفهوم "المرونة البطولية" أساء فهمه في الخارج الغرباء وبعض مَن هم في الداخل، فالمصلحة تعني إيجاد طريقة للتغلب على العقبات الصعبة ومواصلة الطريق للوصول إلى الهدف».
وبيّن الإمام الخامنئي الضوابط الستة الإلزامية في السياسة الخارجية قائلاً: «تُعدّ مراعاة هذه المؤشرات دلالة على سياسةٍ خارجية ناجحة، وإذا لم يكن هناك التزام بهذه الضوابط، فسنواجه مشكلات في نظرية السياسة الخارجية أو الأداء الدبلوماسي وعملياته».

كانت القدرة على التبيين المقنع لمنطق مقاربات البلاد للقضايا المختلفة الضابطة الأولى للسياسة الخارجية الناجحة التي تحدث عنها قائد الثورة الإسلامية.
«الحضور الفعال والموَجِّه في مختلف الظواهر والأحداث والتوجهات السياسية-الاقتصادية في العالم»، و«إزالة والحد من السياسات والقرارات التي تهدد إيران»، و«إضعاف المراكز الخطرة»، و«تقوية الحكومات والمجموعات المتحالفة والمؤيدة إيران وتوسيع العمق الإستراتيجي للبلاد» و«القدرة على تشخيص الطبقات المخفية في القرارات والإجراءات الإقليمية والعالمية» كانت خمس ضوابط أخرى ذكرها سماحته.
في جزء آخر من حديثه، رأى الإمام الخامنئي سياسة الحكومة الحالية من أجل التواصل مع الجيران بالغة الأهمية وصائبة. وأضاف: «الأيادي الأجنبية تنشط في صنع المشكلات بين إيران وجيرانها، وعليكم ألّا تدَعوا هذه السياسة تتحق».
كذلك، قال سماحته إن سياسة التواصل مع الدول الإسلامية، حتى لو كانت بعيدة، وكذلك سياسة التواصل مع الدول ذات التوجه المشترك والمؤيدة لإيران، مهمة للغاية. وتابع: «اليوم يُعد تأييد بعض دول العالم الكبرى والمهمة وتشاركها التوجه نفسه مع جمهورية إيران الإسلامية في بعض التحركات والخطوط الأساسية للسياسة الدولية ظاهرة غير مسبوقة، ويجب أن نقدّر هذه الفرصة ونعزز العلاقات مع تلك الدول».
في إشارة إلى موضوع اجتماع السفراء حول التحول في النظام العالمي الحالي، وكون هذا الموضوع متكرراً جداً في الأدبيات العالمية، قال قائد الثورة الإسلامية: «تحوّل النظام العالمي هو عملية طويلة الأمد ومليئة بالمنعطفات ومتأثرة بأحداث غير متوقعة، ولدى الدول المختلفة آراء ومقاربات متضاربة ومختلفة حيال ذلك».

وعدّ سماحته أن حيازة إيران مكانتها المناسبة في النظام الجديد يلزمه رصد التحولات العالمية وتقييمها والمعرفة الدقيقة بالتفاصيل خلف كواليس الأحداث. وقال: «بناء على هذا الرصد والتقييم ينبغي استخلاص اقتراحات عملية في هذا المجال، وهنا يؤدي السفراء ورؤساء البعثات دوراً مهمّاً خاصة في البلدان المؤثرة».
وأكد الإمام الخامنئي أهمية السياسة الخارجية ودورها الكبير في إدارة البلاد وتعزيزها. وأضاف: «رغم الاهتمام بالعوامل الاقتصادية والثقافية في تحليل الوضع الحالي للبلاد، غالباً ما يجري إهمال عامل السياسة الخارجية في المناقشات، في حين أن السياسة الخارجية الجيدة والناجحة ستؤدي بالتأكيد إلى تعزيز وضع البلاد، ومن ناحية أخرى الاضطرابات والمشكلات في السياسة الخارجية ستسبب المشكلات في الوضع العام للبلاد، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك».
ووصف قائد الثورة الإسلاميّة ممثلي إيران في الخارج بأنهم ممثلو الشعب، وأن سلوكهم يعكس هوية الشعب الإيراني وماهيته. وقال: «يجب أن يكون الدبلوماسيون الإيرانيون رمزاً للإيمان، وحب إيران العزيزة، والغيرة والعزم والإرادة والنشاط والعمل الدؤوب، وينبغي أن تكون أقوالهم وأفعالهم وسلوكهم كلها تبعث على احترام الشعب الإيرانيّ».
في بداية هذا اللقاء، قدّم وزير الخارجية، السيد حسين أمير عبد اللهيان، تقريراً حول الإجراءات والخطط والأولويات لجهاز السياسة الخارجية في الحكومة الثالثة عشرة من أجل إحداث التحول.