وكالة أنباء الحوزة - أَلقى ممثل سماحة المرجع النجفي ومدير مكتبه المركزي سماحة الشيخ علي النجفي كلمة المكتب المركزي في المؤتمر السنوي للمبلغين والمبلغات وأئمة الجمعة والجماعة في العراق، والذي أَقيم في النجف الأَشرف.
أكدّ البيان أَنّ شهر رمضان في كُل عام منحةٌ من الله سبحانه للعباد اختار الله (سبحانه وتعالى) أن نكون ممن شملتهم الرحمة الإِلهية فأَدركوا هذا الشهر بالخير والعمل الصالح وهداية الناس إِلى الخير والحق.
وأَضاف البيان على المبلغين والخطباء تفقد المجالس الاجتماعية، أَعني محافل المشايخ ومضايفهم لكسب الودّ والتواصل معهم وربط سادة المجتمع وقادة العشائر بالحوزة، مشدداً على مراقبة وضع الناس عامة لنتمكن من الحيلولة دون الاستهانة بالشّهر الشريف بالتظاهر بالإِفطار، فمن كان له عذر يبيح له الإِفطار، فيجب عليه أن لا يتجاهر به؛ لأنه إِهانة للإسلام.
وأكد البيان على ضرورة الاهتمام بالشباب وتوجيههم من خلال دعوتهم إِلى المجالس واستثمار وجودهم فيها؛ لتثبيت قلوبهم بالإيمان والقيم والمبادئ الحقة، وليشعروا بأبوتكم ورعايتكم.
وطالب البيان من الخطباء والمبلغين تفقد عوائل الشهداء، مادياً ومعنوياً، وحث الناس على هذا العمل الواجب دينياً واجتماعياً وأخلاقياً ووطنياً، كما يجب الاهتمام بيتامى الشهداء، وتكريمهم وتعظيم شأنهم.
وفيما يأتي نص البيان:
كلمة مكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الشيخ بشير حسين النجفي إِلى الخطباء والمبلغين لمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك.
العدد: 267 التاريخ: 19 شعبان المعظم 1443هـ، الموافق: 22/3/2022م.
الحمد لله رب العالمين، بارئ الخلائق أَجمعين، مبدع الدين الحنيف عطفاً على عباده المؤمنين، والصلاة والسلام على خير المبعوثين رحمة للعالمين محمد بن عبد الله، حامل شريعة رب العالمين إِلى الخلائق أَجمعين، وعلى آله المستحفظين على الشريعة إِلى يوم الدين، واللعنة على شانئيهم أَجمعين إِلى قيام يوم الدين.
قال الله سبحانه: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.
أَيها الحفل الكريم الذين اختارهم الله سبحانه دعاةً لدينه في غيبة وليِّ الله الأَعظم - أرواحنا لمقدمه الفداء- ورعاةً لشريعته وحماة لدينه ومبلغين لأَحكامه، وموجهين للمؤمنين إِلى ما فيه خيرهم ونجاتهم، قد استأمنكم الله على دينه وأَتخذ منكم حملة لأحكامه، وخدمة للمؤمنين؛ لتسلكوا بهم سواء الطريق لينهلوا من فيض شريعة رب العالمين بأفكاركم والسنتكم وجهودكم.
قد حلَّ علينا شهر رمضان المبارك الذي جعله الله أَفضل الشهور وأَيامه خير الأَيام ولياليه أَشرف الليالي, ترفع فيه الحجب التي بيننا وبين عطف رب العالمين التي خلقناها بتقصيراتنا في ميدان العمل، وتقاعسنا عن إِصلاح النفوس التي تصر أن ترعى في مباهج الحياة الدنيوية الخلابة، فالله قد فرض علينا صيام هذا الشهر ليمهد لنا طريق التقوى التي لا تُكتسب إلا بعد إِخضاع النفس لأَوامر الله سبحانه، ولا يتم ذلك إلا بالمراقبة المستمرة والحادة والمحاسبة الدائمة والمؤاخذة الشديدة على التقصيرات، وقد أَمرنا الله سبحانه بها، وعن المعصوم (سلام الله عليه): (ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم).
يا فرسان ميدان الخطابة وقادة المنابر الحقة!, قد توَّجكم الله -سبحانه - بالشرف الذي أَنتم أهلٌ له، وهو تولي الوعظ والإِرشاد، والأَمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد تكرر الأَمر بهما في الكتاب والسنة، وقد أَكد المعصومون (عليهم السلام) عليهما بشدة، فعن أَبي عبد الله الصادق (عليه السلام): (ويل لقوم لا يدينون الله بالأَمر بالمعروف، والنهي عن المنكر)، وعن الإِمام الباقر (عليه السلام): (بئس القوم قوم يعصون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، وروي الإِمام الرضا (عليه السلام)، عن جده رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أَنه كان يقول: (إذا أمتي تواكلت الأَمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلتأذن بوقاع من الله تعالى).
وقد نصت الروايات على حرمة إِسخاط الخالق في مرضاة المخلوق، وذلك بترك الأَمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعن الإِمام الصادق (عليها السلام) في قوله تعالى: (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ)، كانوا ثلاثة أَصناف، صنف ائتمروا وأمروا فنجوا، وصنف ائتمروا ولم يأمروا فمسخوا ذرّا، وصنف لم يأَتمروا ولم يأمروا فهلكوا)، فعلينا جميعاً الالتزام بهذه الوظيفة الشرعية بأعمالنا قبل أَقوالنا، ويجب أن نكون دعاة إِلى الله (سبحانه وتعالى) بسلوكنا، فعن أَبي عبد الله الصادق (عليه السلام): (إِنما يأَمر بالمعروف وينهى عن المنكر من كانت فيه ثلاث خصال: عامل [عالم] بما يأمر به، تارك لما ينهى عنه، عادل فيما يأَمر، عادل فيما ينهى، رفيق فيما ينهى).
وسُئل (سلام الله عليه)، بما يُعرف الناجي، فقال: (من كان فعله بقوله موافقاً فهو ناجي، ومن لم يكن فعله لقوله موافقاً فإنما ذلك مستودع).
أَيها الأخوة الأَجلاّء أَمامنا واجبات عديدة في شهر رمضان المبارك، نختصرها فيما يلي:
1) الاهتمام بالمجالس الحسينية، ودعوة الناس إِلى الالتزام بها ليستفيد الناس من مواعظكم الشريفة، وتستحقون الفوز العظيم بها ويتقربوا إِلى الله بتلقي فضائل محمد وآل محمد (عليهم الصلاة والسلام) والحزن على ما تحملوه من المصائب والمحن.
2) تفقد المجالس الاجتماعية، أَعني محافل المشايخ ومضايفهم لكسب الودّ والتواصل معهم وربط سادة المجتمع وقادة العشائر بالحوزة، وترغيبهم في التكاتف معها وفيما بينهم فأنهم أنصار الحوزة وأَعوانها وإسناد الملة وأعضادها على مر الأَجيال.
3) مراقبة وضع الناس عامة لنتمكن من الحيلولة دون الاستهانة بالشّهر الشريف بالتظاهر بالإِفطار، فمن كان له عذر يبيح له الإِفطار، فيجب عليه أن لا يتجاهر به؛ لأنه اهانة للإسلام.
4) الاهتمام بحب وتوجيه الشباب من خلال دعوتهم إِلى المجالس واستثمار وجودهم فيها؛ لتثبيت قلوبهم بالإيمان والقيم والمبادئ الحقة، وليشعروا بأبوتكم ورعايتكم التي من خلالها يستشعر بأبوة الدين سعياً في تحصينهم وحمايتهم من هجمات أعداء الدين عليهم فكرياً وثقافياً.
5) عليكم يا ساسة ميدان الدعوة إِلى الدين، تفقد عوائل الشهداء، مادياً ومعنوياً، وحث الناس على هذا العمل الواجب دينياً واجتماعياً وأخلاقياً ووطنياً، كما يجب الاهتمام بيتامى الشهداء، وتكريمهم وتعظيم شأنهم؛ لنشعرهم بأنهم ورود الإِسلام وثماره وامتداد للمجاهدين الأَبرار وحملة راية الوطن الإِسلامي العزيز العراق في المستقبل، وعلينا أَن نشعر الناس بأنه إِن وفِّق أَحد منا لخدمة أَي يتيم أَو عائلة أَي شهيد، فلا يتصوَّر بأن له فضلاً عليهم، فأن الفضل والشرف لتلك العائلة وذلك اليتيم الذي وُفِّق والده لخدمة الدين والدفاع عن الوطن ووفّقنا نحن لخدمتهم وتفضلت العائلة علينا بقبول الخدمة منا.
واعلموا أيها الأخوة، أَنّ شهر رمضان في كُل عام منحةٌ من الله سبحانه للعباد اختار الله (سبحانه وتعالى) أن نكون ممن شملتهم الرحمة الإِلهية فأَدركوا هذا الشهر، ونرجو الله سبحانه أَن يوفّقنا لصيامه وقيامه إِتباعاً للرسول الأَعظم وأَهل بيته(صلى الله عليهم).