وكالة أنباء الحوزة - جاء ذلك في كلمة القاها في المجلس العاشورائي الذي يقام في قاعة الزهراء في مجمع الإمامين الحسنين في حارة حريك في حضور السيد علي فضل الله وشخصيات.
وقال: "عاشوراء، كما أفهمها أيها السادة، ليست مجرد مناسبة شكلية من المناسبات تتوقف عندها وسائل الإعلام أو بعض الأقلام المسلطة الضوء على اللطم أو التطبير، بل إنها أعمق من ذلك وأبعد. نقول إنها ذكرى العاشر من محرم عندما ضحى الإمام الحسين بنفسه نصرة للحق والحرية، فنسترجعها كل عام، العاشوراء هي مدرسة نعلي فيها من شأن القيم العاشورائية، مدرسة دائمة متواصلة، كما كان يقول سماحة الراحل محمد حسين فضل الله".
أضاف: "هذا الحب القدسي الذي يجمعنا هو الذي يقودنا إلى الاستبحار في موضوع الثورة على الفساد والمفسدين، فنحن لا مصلحة لنا سوى أن نستعيد الدولة، وبخاصة الدولة اللبنانية، ذلك الشرف الذي اتفق عليه الناس، بالعقل والوحي، أن تكون خادمة للناس جميعا وأن تؤمن رعايتها للناس أجمعين بالتساوي والعدل والاحترام للصغير قبل الكبير، وللفقراء قبل الأغنياء وكذلك بأن ينخرط الناس في حركية حب الدولة ومؤسساتها واحترام الخير العام بأن تدفع الضريبة ونشترك بحرية لا بدافع مادي أو عائلي في اختيار ممثلينا في الندوات الاختيارية والبلدية والبرلمانية. وما نقوله في الدولة، نقول الشيء نفسه عن عائلاتنا ومؤسساتنا الخاصة والعامة، أكانت دينية أم مدنية، فنعمل أن تكون خادمة للناس أجمعين، متحررة من كل ارتهان وفساد، وبمقدار ما تكون متحررة ومصوبة أنظارها نحو السماء والناس في وقت واحد تكون ناجحة في مسعاها ورسالتها".
وتابع: "عاشوراء الثورة على الفساد، تبدأ كل يوم بالتسليم بأن الإنسان هو صانع الفساد وهو صانع الصلاح والإصلاح، وهنا نستعيد أمرا جللا من سيرة الإمام الحسين الذي انطلق في حركته من أجل الإصلاح في أمة جده محمد، فلا نستطيع أن نفصل بين الحركة العاشورائية ومبدأ الإصلاح أي الغلبة المعنوية والمادية على الفساد الذي هو كناية عن حرف قوى النفس عن غايتها الشريفة، حيث "إن الناس انطلقوا من خلال غرائزهم ونفوسهم الأمارة بالسوء، فتحركوا بأطماعهم وشهواتهم، وأصبح القوي يظلم الضعيف، والغني يستغل الفقير، والحاكم يقهر ويذل شعبه، وراح المستكبر يقهر المستضعفين ويمنعونهم من حرية قرارهم وإرادتهم. وفي هذا كله تنحرف السياسة عن غايتها النبيلة بأن تكون رسالتها خادمة لشعبها بدل أن تكون سياسة إقصائية وانتقائية لمن هم من الدائرة الضيقة وفي الكثير من الأحيان لا تكون لديهم الكفاءة الحق في تدبير شؤون الناس وتسيير حوائجهم. فحيث تترعرع وتتوسع دائرة الزبائنية والمحسوبية في المجتمع وفي الدولة، تتغلغل روح الفساد والإفساد ويتحول المواطن إلى مستبعد وإلى مجرد موضوع تاريخي تابع للأقوى، إلا أن روح الحرية العشورائية من شأنها أن توعينا على مسؤوليتنا وأن تدفعنا إلى رفض الواقع الذي لا يجر على الوطن سوى المآسي والويلات".
وختم: نحن بحاجة إلى حركية عاشوراء في تحريك جمار الثورة على الفساد المتلبس في النفوس والسلوكيات، وأين نحن من زمن الزهد في السلطة لصالح من هم الأكثر فضيلة وعلما لقيادة البلاد والعباد. وكم نحن بحاجة إلى جرأة ووضوح في التزاماتنا ذات الطابع الوطني، ولا أقول السياسي فقط، من أجل إعادة الاعتبار إلى مفهوم السياسة والمسؤولية العامة كخدمة وإعلاء الصوت عاليا حيال الفساد أكان على مستوى العامة أم الخاصة أم في الإدارة أم على مستوى الأفراد عندما يرشون ويرتشون. وأيضا كم ينبغي علينا أن نمنع بعض المتلاعبين بالشعور الديني من تحقيق مآربهم بأن يجعلوا الدين أو المذهب أو الطائفة مطية لمآربهم وطموحاتهم السياسية الضيقة القائمة على المحاصصة فيصبح الدين رهينة عندهم وأداة لتغليب مصالحهم الضيقة الخاصة".