وكالة أنباء الحوزة - وقد اتخذ ابراهيم من موقف الحسين (ع) في كربلاء المثل الأعلى له في رسم مسار حياته التي ترفض الذل والخنوع للظالمين وتأبى إلا السير على منهج الإباء.
إنه مفخرة من مفاخر الشيعة، وعلم من أعلام أصحاب أهل البيت، وسيف من سيوفهم وقد نذر حياته لهم، إنه ابن (مَن كان لأمير المؤمنين كما كان (ع) لرسول الله) (1)، وابن من وصفه أمير المؤمنين (ع) بقوله: (أَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَى إِقَامَةِ الدِّينِ وَأَقْمَعُ بِهِ نَخْوَةَ الْأَثِيمِ وَأَسُدُّ بِهِ لَهَاةَ الثَّغْرِ) (2) فأتم الابن مسيرة أبيه في السير على نهجه وهداه.
في صفين
إنه أبو النعمان إبراهيم بن مالك الأشتر بن الحارث بن يَعرُب بن قحطان النَخَعي ولد سنة (21 هـ / 642 م)، ونشأ في أسرة من أشرف وأسمى الأسر العربية اليمانية القحطانية وهي النخع التي يتزعمها أبوه مالك الأشتر النخعي قائد جيش أمير المؤمنين (ع)، فترسّم خطى والده في ولائه العميق لأهل البيت.
انضم إبراهيم مع أبيه مالك إلى معسكر الحق في صفين ووقف مع أمير المؤمنين (ع) وله من العمر سبعة عشر عاماً، ووقف موقفاً بطولياً مشرّفاً فيها سجله له تاريخ صفين وهو ما نصه:
أن معاوية أخرج عمرو بن العاص يوم صفين في خيل من حِميَر كلاع ويحصب إلى الأشتر ــ أي مالك ــ فلقيه الأشتر أمام الخيل فلما عرف عمرو أنه الأشتر جَبُن واستحيا أن يرجع فلما غشيه الأشتر بالرمح راع منه عمرو وثقل فأمسك عنان فرسه وجعل يده على وجهه ورجع راكضاً إلى المعسكر ونادى غلام شاب من يحصب: يا عمرو عليك العفا، ما هبت الصبا، يا لحمير أبلغوني اللواء. فأخذه وهو يقول:
إن يكُ عمرو قد علاهُ الأشترْ *** بأسمرٍ فيه سنـانٌ أزهرْ
فذاكَ الله لعمري مـفخرْ *** يا عمرو يكفيكَ الطعانَ حِمْيَرْ
واليحصبيُّ بالطعانِ أمهرْ ** دونَ اللواءِ اليومَ موتٌ أحمرْ
فنادى الأشتر إبراهيم ابنه: خذ اللواء فغلام لغلام فتقدم إبراهيم وهو يقول:
يا أيها السـائلُ عني لا ترعْ *** أقدم فأني من عرانيـنِ النَّخَعْ
كيف ترى طعنَ العراقي الجذعْ أطير في يوم الوغى ولا أقعْ
ما ساءكم سرٌّ وما ضرَّ نفعْ ** أعـددت ذا اليوم لهولِ المطلعْ
وحمل على الحميري فالتقاه الحميري بلوائه ورمحه ولم يبرحا يطعن كل واحد منهما صاحبه حتى سقط الحميري قتيلا.
وكان هذا الحميري الذي قتله إبراهيم أحد أبطال جيش الشام الذين يعتمد عليهم معاوية في الحرب وقد أبدى استعداده لمبارزة الأشتر الذي يعرفه جيش الشام جيداً وقد رأى عمرو بن العاص وهو يفر من أمامه خوفاً منه.
وقد غم قتل الحميري معاوية فيما علا التهليل والتكبير جيش الإمام (عليه السلام) لهذه البطولة النادرة من إبراهيم الذي لم يكمل العقد الثاني من عمره وقد دعا الإمام لإبراهيم وجزاه خيراً وأشاد بشجاعته وولائه. (3)
الولاء المطلق
كان إبراهيم راسخ الإيمان مطلق الولاء لأمير المؤمنين (عليه السلام) واستمر بولائه الثابت لأهل البيت فصحب الإمام الحسن (عليه السلام)، وبعد وفاته كان إلى جنب الإمام الحسين (عليه السلام)، وقد بايع إبراهيم، مسلم بن عقيل لما أرسله الامام الحسين إلى الكوفة لأخذ البيعة من أهلها، وعندما أعلن (عليه السلام) ثورته كان عبيد الله بن زياد والي الكوفة قد اعتقل الكثير من الشيعة لمنعهم من الالتحاق به والانضمام إليه، وقيل اعتقل أربعة آلاف وخمسمائة رجل من كبار الشيعة ومن أصحاب أمير المؤمنين والحسن والحسين، ومنهم المختار الثقفي، وإبراهيم بن مالك الأشتر، وعبد الله بن الحارث، وسليمان بن صرد الخزاعي وغيرهم، وقَتَل كثيراً منهم. (4)
خرج المختار من سجن ابن زياد بعد مقتل الحسين وهو يقول: (والله لأقطعن أنامل ابن زياد ولأقتلن بالحسين بن علي عدد من قتل بدم يحيى بن زكريا). (5)
لقد كان الهدف من إقامة دولته هو القصاص من قتلة الحسين فرغم إنه تعرض للسجن والتعذيب والضرب حتى شترت عينه إلا أنه لم يقل من ذلك شيئاً حينما أعلن الثورة، بل كان شعاره يا (لثارات الحسين)، فما إن وطأت قدماه قصر الإمارة لأول مرة حتى بسط يده للبيعة من الناس على العمل بكتاب الله والطلب بثأر الحسين.
مع المختار ومشروعية الثورة
كان المختار من أقطاب الشيعة، وحارب السلطة الأموية منذ مطلعها وسلك طريقاً شاقاً محفوفاً بالمخاطر والأهوال في حربه لها، وكان من أشد المعارضين لسياستها الظالمة وتسلطها على رقاب المسلمين، كما كان من الدعاة إلى الإمام الحسين (ع) في الكوفة، وقد نزل مسلم بن عقيل في داره عند قدومه إلى الكوفة، وكان المختار يدعو لمسلم ووقف إلى جانبه ودعا الناس إلى الالتحاق بالحسين ونصرته، وتعرض بسبب مواقفه هذه إلى السجون والتعذيب.
بعد موت يزيد واستفحال أمر عبد الله بن الزبير هرب عبيد الله بن زياد والي الأمويين إلى الشام فكانت الكوفة تحت نفوذ ابن الزبير، وكان والياً عليها عبد الله بن مطيع فظهر المختار للناس وأظهر كتاباً قال إنه من محمد بن الحنفية يدعوه فيه للثورة على الأمويين والثأر منهم لدم الحسين (عليه السلام)، فالتفت حوله الشيعة وآزروه وكان إبراهيم من أبرز شخصيات الشيعة في الكوفة فقيل للمختار: (إن أجابنا إلى أمرنا إبراهيم بن الأشتر رجونا القوة على عدونا فإنه فتى رئيس وابن رجل شريف له عشيرة ذات عز). (6)
واستجاب إبراهيم للمختار، ومنذ ذلك الوقت اقترن اسم إبراهيم مع المختار في التاريخ، فلا يكاد يُذكر المختار حتى يلوح ذكر ابن الأشتر الذي كان يده اليمنى وقطب دولته وثقته ومعتمده، وقد برز اسمه بعد أن جسّد أروع صور البطولة في المعارك التي خاضها مع المختار وقتله قتلة الحسين وخاصة معركة الخازر التي قتل بها عبيد الله بن زياد.
وقد استمد المختار مشروعية الثورة على الأمويين لأنهم تجبّروا وطغوا في الأرض وقتلوا سيد شباب أهل الجنة وسبط النبي وخير أهل الأرض في وقته الإمام الحسين (عليه السلام) مع أهل بيته وأصحابه وسبوا نساءه وعياله وهتكوا حرمة مدينة النبي وأبادوا أهلها واستحلوها قتلاً ونهباً لمدة ثلاثة أيام وارتكبوا فيها من المجازر ما يندى له الجبين.
وهناك روايات تشير إلى أن ثورة المختار كانت مؤيّدة من أهل البيت فقد أناب الإمام زين العابدين (ع) عمه محمد بن الحنفية في رفد الثورة والاتفاق مع الثوار حيث قال العلامة ابن نما ما نصه:
(لما بعث المختار بكتاب إلى ابن الحنفية مع وفد من أهل الكوفة يطلب فيه تأييد الثورة ودعمها، قال لهم ابن الحنفية: (قوموا بنا إلى إمامي وإمامكم علي بن الحسين، فلما دخل ودخلوا عليه خبره بخبرهم الذي جاؤوا لأجله. قال: يا عم، لو أن عبداً زنجياً تعصّب لنا أهل البيت، لوجب على الناس مؤازرته، وقد وليتك هذا الأمر، فاصنع ما شئت. فخرجوا، وقد سمعوا كلامه وهم يقولون : أذن لنا زين العابدين (ع) ومحمد بن الحنفية). (7)
الكوفة .. مسرح الثورة
كان إبراهيم يمثل قوة للمختار ويعطيه زخماً معنوياً، فهو ابن قائد جيش أمير المؤمنين ومن وجوه الشيعة وكبرائها، ومن القادة الشجعان والأبطال الأفذاذ، لذا لم يتوان المختار من الذهاب إليه مع أصحابه وطلب الانضمام إليهم للطلب بدم الحسين فقبل إبراهيم دعوتهم وانضم إليهم وبانضمامه أصبح المختار قوي الجانب مهيب الصولة واتسع نفوذه حتى غطى العراق بأجمعه.
أما دور عبد الله بن مطيع والي ابن الزبير على الكوفة فهو عندما سمع بخطة الثورة اتخذ إجراءات لقمعها فبث الجواسيس وأرسل جماعات لمراقبة الأوضاع على أطراف الكوفة وعرف موعد انطلاق الثورة فلما جاء إبراهيم إلى بيت المختار مع جماعة من أصحابه حسب الموعد المتفق عليه للثورة اعترضه إياس بن مضارب قائد شرطة ابن مطيع لمنعه من الوصول للمختار فقتله إبراهيم لتبدأ شرارة الثورة بالاندلاع فخرج المختار مع إبراهيم وخرج ابن مطيع ومعه صاحبه راشد بن إياس وتجمع أصحاب الفريقين وأنصارهما وبرز إبراهيم وهو يقول:
اللهم إنك تعلم إنا غضبنا لأهل بيت نبيك، ثرنا لهم على هؤلاء القوم.
وجرت معركة قتل فيها راشد مع جماعة من أصحابه ولما رأى ابن مطيع أن لا طاقة له على قتال إبراهيم والمختار هرب من الكوفة إلى ابن الزبير وانضم أنصاره إلى المختار لتقوم دولة المختار في الكوفة. (8)
ولكن هذه الدولة الفتية كان يحيطها الأعداء من الداخل والخارج، فأعداء الخارج كانوا يتربّصون بها وهم الأمويون والزبيريون، أما أعداء الداخل فهم من بقي من قتلة الحسين وغيرهم من المنافقين والانتهازيين الذي أثاروا الشغب على سياسة المختار الاقتصادية التي ساوى بها بين العرب والموالي، فلم يفرق المختار بسياسته في العطاء بين العربي والأعجمي اقتداء بقول رسول الله (ص): (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى)، واقتداء بنهج أمير المؤمنين (ع) الذي لم يفرق بينه وبين قنبر في العطاء، فأحدثوا فتنة في الكوفة وعارضوا هذه السياسة، ورغم أن المختار عالجها في حينها إلا أن نارها بقيت تحت الرماد حتى التهبت عليه مع نيران ابن الزبير عند دخوله الكوفة وساعدتها في القضاء على المختار.
بدأ المختار ثورة إصلاحه في البداية حينما أعلن حربه على المجرمين من قتلة الحسين والتعجيل بقتلهم، وسار هو ومن معه من الجيش في جهة، وإبراهيم بن الأشتر ومن معه في جهة أخرى ونادى مناديه: (من أغلق بابه فهو آمن إلا من اشترك في قتل الحسين)، وأطلق العنان لهم لينتقموا من قتلته فتعالى الصياح: يا لثارات الحسين وقبض في ذلك اليوم على خمسمائة رجل، ولما عُرِضوا على المختار وجد أن من اشترك منهم في قتل الحسين مائتين وثمانية وأربعين رجلا فقتلهم وأطلق سراح من بقي منهم.
ومضى رجال المختار للبحث عن قتلة الحسين وقتلهم فقتلوا الكثير منهم، وكان من جملتهم خولى بن يزيد الأصبحي، وعمر بن سعد، وشمر بن ذي الجوشن، وبقي ابن زياد الذي أقسم المختار أنه سيقطع أنامله.
ومن المهمّات التي قام بها إبراهيم في دولة المختار قمعه تمرّد بعض أهل الكوفة على المختار حيث اتهموه بالسحر والكهانة فاستدعى المختار إبراهيم الذي كان قد ولاه المختار على المدائن فجاء إلى الكوفة وقضى مع المختار على التمرد بعد عدة معارك في الكوفة
وكان عبيد الله بن زياد قد هرب بعد موت يزيد إلى الشام وجاء بجيش استحل به الموصل وتمركز بها، فأرسل إليه المختار يزيد بن أنس في ثلاثة آلاف فلم يستطع الصمود أمام جيش يفوق عدد جيشه بأضعاف مضاعفة، ومرض يزيد مرضاً شديداً أدى إلى وفاته، ولما علم أصحابه أن لا طاقة لهم على قتال جيش الشام عادوا إلى الكوفة فأرسل المختار إبراهيم بن الأشتر في سبعة آلاف وأمره أن يصحب معه من رجع من جيش يزيد.
معركة الخازر
طمع الأمويون بالعراق بعد قمعهم ثورة التوابين في عين الوردة وقتل قائدها سليمان بن صرد الخزاعي، فأرسل عبد الملك بن مروان جيشاً بقيادة عبيد الله بن زياد للاستيلاء على العراق قبل أن يصله مصعب بن الزبير ويضمه لحكم أخيه عبد الله، فجاء ابن زياد وقد صمم على انتزاع الحكم من المختار بجيش عظيم احتل به الموصل، فاستدعى المختار إبراهيم ووجّهه لقتال ابن زياد فالتقيا على نهر الخازر الذي سُمِّيت المعركة باسمه هو نهر يقع بين أربيل والموصل، ويبعد عن الموصل نحو 37 كم.
اختلف المؤرخون في تعداد جيش إبراهيم بين ثمانية آلاف، وثلاثة عشر ألفاً، وعشرين ألفاً وأغلبهم من الفرس ويُطلق عليهم اسم (الحمراء) فيما كان تعداد الجيش الأموي ستون ألفاً وهذا التفاوت في العددين يشير إلى بطولة إبراهيم وشجاعته وصلابته فالقائد الذي يخوض حرباً غير متكافئة في العدد ويكون جيشه في أقصى عدده هو ثلت عدد جيش العدو هو قائد فذ عظيم.
عسكر إبراهيم قريباً من الموصل على نهر الخازر إلى جنب قرية يقال لها (باربيثا) ولم ينم ليلته حتى الفجر فصلى وعبأ أصحابه للحرب، ومشى بين الصفوف وهو يحثها على القتال ويذكّر الجند بما فعل ابن زياد بالحسين وأصحابه وأهل بيته من القتل والسبي ومنع الماء فكان يقول لهم:
(يا أنصار الدين وشيعة الحق وشرطة الله هذا عبيد الله بن مرجانة قاتل الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حال بينه وبين بناته ونسائه وشيعته وبين ماء الفرات أن يشربوا منه وهم ينظرون إليه ومنعه أن ينصرف إلى رحله وأهله ومنعه من الذهاب في الأرض العريضة حتى قتله وقتل أهل بيته فوالله ما عمل فرعون بنجباء بني إسرائيل ما عمل ابن مرجانة بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وقد جاءكم الله به وجاءه بكم فوالله اني لأرجو أن لا يكون الله جمع بينكم في هذا الموطن وبينه إلا ليشفي صدوركم بسفك دمه على أيديكم فقد علم الله أنكم خرجتم غضباً لأهل بيت نبيكم). (9)
ثم اجتاح صفوف الأعداء وهو يقول:
قد علــــمتْ مذحـج علماً لا خطلْ *** إني إذا الــقرن لقيني لا وكِلْ
ولا جزوع عنــــــــــدها ولا ثكلْ *** أروع مـــقداماً إذا النكس فثلْ
أضرب في القوم إذا جــاء الأجلْ *** واعتلي رأسَ الطرماحِ البطلْ
بالذكرِ البتّارِ حتى ينجدلْ (10)
فكان لكلماته وشعره تأثير بالغ في نفوس جيشه فزادت من عزيمتهم وإصرارهم على قتال الأمويين فصاح جيش العراق صيحة واحدة : يا لثارات الحسين ثم بدأ القتال ...
لجأ ابن زياد إلى وسائل الجبن والخديعة ــ كعادته ــ في هذه المعركة، فما إن بدأت المعركة والتقى الفريقان حتى أشاع أن إبراهيم قُتل وأن المختار غادر الكوفة، فدبّ الاضطراب في صفوف جيش إبراهيم، فحسم بذلك ابن زياد الجولة الأولى لصالحه، يقول البلاذري: أن ميسرة إبراهيم بن مالك الأشتر انهزمت في بداية الحرب، وربّما كان هذا بسبب شيوع خبر مقتل ابن الأشتر ومغادرة المختار للكوفة، ولكن أنصار إبراهيم ردّوا جيش ابن زياد وهزموه هزيمة نكراء.. (11)
وحملت ميمنة أهل الشام على ميسرة إبراهيم فثبتت لهم، وقتل إبراهيم أميرَها فأخذ الراية آخر فقتل وقتل معه جماعة، وانهزمت الميسرة فأخذ الراية ثالث ورد المنهزمين، وكان إبراهيم وسط الصفوف وهو كاشف رأسه ينادي: أي شرطة الله أنا ابن الأشتر إن خير فراركم كراركم ليسَ مسيئاً من أعتب
كان حماس إبراهيم وصلابته يزيد من عزيمة ومعنويات أصحابه وهو يحثهم على القضاء على أعداء أهل البيت قاتلي العترة الطاهرة وفي اثناء القتال سمع أحد قادة جيش الشام يقول:
أنا بن ضبعانِ الكريمِ المفضلِ *** من معشرٍ يبرونَ من دينِ علي (12)
وما كاد ضبعان يتم كلامه حتى رأى الناس رجلاً يهوي بسيفه عليه كالصاعقة وقده إلى نصفين .. كان هذا الرجل هو إبراهيم ..
ثم قال إبراهيم لأصحابه: اقصدوا هذا السواد الأعظم فوالله لئن هزمناه لانجفل من ترون يمنة ويسرة انجفال طير ذعرت. فمشى أصحابه إليهم فتطاعنوا، ثم صاروا إلى السيوف والعمد، وكان صوت الضرب بالحديد كصوت القصارين، وكان إبراهيم يقول لصاحب رايته: انغمس فيهم، فيقول: ليس لي متقدم، فيقول: بلى. فإذا تقدم شد إبراهيم بسيفه فلا يضرب رجلاً إلا قتله وحمل أصحابه حملة رجل واحد فانهزم أصحاب ابن زياد.
رأس الأفعى
بعد فرار جيش ابن زياد قال إبراهيم لأصحابه: إني ضربت رجلاً تحت راية منفردة على شاطئ نهر الخازر فقددته نصفين، فشرقت يداه وغربت رجلاه وفاح منه المسك وأظنه ابن مرجانة فالتمسوه. فلما جاء أصحابه إلى الموضع الذي وصفه لهم وجدوه فإذا هو ابن زياد وقد قدّه إبراهيم إلى نصفين فقطعوا رأسه وأحرقوا جثته.
وقد أرسلوا رأسه إلى المختار الذي أرسله بدوره إلى محمد ابن الحنفية ومنه إلى الإمام زين العابدين فلما رأى (عليه السلام) الرأس سجد شكرا لله. وقد قتل في هذه المعركة من أصحاب ابن زياد الحصين بن نمير السكوني وشرحبيل بن ذي الكلاع الحميري.
ولما انهزم أصحاب ابن زياد تبعهم أصحاب إبراهيم فكان من غرق أكثر ممن قتل، وبعد هذه المعركة أقام إبراهيم والياً على الموصل من قبل المختار وأرسل عماله إلى نصيبين وسنجار ودارا وقرقيسيا وحران والرها وسميساط وكفر توثا وغيرها.
جسَّد إبراهيم في هذه المعركة بطولة نادرة أذهلت العدو، وحقق انتصاراً تاريخياً ساحقاً على الأمويين، وفرح أهل العراق بهذا النصر فقال سراقة البارقي يمدح إبراهيم ويشيد ببطولته:
أتـاكمْ غلامٌ من عـرانينِ مذحج *** جرئٌ على الأعداءِ غير نكولِ
جزى اللهَ خيراً شرطة الله إنهم *** شفوا من عبيــدِ اللهِ حرَّ غليلي
وقال عبد الله بن الزبير الأسدي يصف شراسة المعركة ويمدح إبراهيم الذي كان بطلها الأوحد:
الله أعطـاكَ المهــــابةَ والتـقى *** وأحلَّ بيتَكَ في العديــــدِ الأكثرِ
وأقرَّ عينَكَ يومَ وقعةِ خـــازرٍ *** والخيلُ تعثرُ بالقــــــنا المتكسِّرِ
من ظالمين كفتهمُ آثــــــــامهمْ *** تركوا لعــــــــافيةٍ وطـيرٍ حُسَّرِ
ما كانَ أجرأهمْ جـزاهمْ ربُّهمْ *** شرَّ الجزاءِ على ارتكابِ المُنكرِ
وقد استطاع إبراهيم أن يعزز حكم المختار بهذا الانتصار، ويكسب له تأييداً من قبل الشيعة، كما استطاع أن يكسر شوكة الأمويين ويقصم ظهورهم ويشتت أطماعهم باحتلال العراق، ومن إرادة الله تعالى أن تقع هذه المعركة في العاشر من محرم سنة (67) الموافق (6 آب 686م) أي في نفس اليوم الذي استشهد فيه الإمام الحسين (ع) في كربلاء قبل ست سنوات.
ما بعد المختار
بعد استشهاد المختار في الكوفة كان إبراهيم والياً على الموصل فورِد إليه كتابان، الأول: من مصعب ابن الزبير وهذا نصه: (إنا ندعوك إلى بيعة ابن الزبير، فإن أجبت إلى ذلك فأقبل إليَّ، فإن لك أرض الجزيرة وأرض المغرب كلها، ما بقيتَ وبقيَ سلطان آل الزبير، لك بذلك عهد الله وميثاقه وأشد ما أخذ الله على النبيين من عهد أو عقد، والسلام).
أما الكتاب الثاني: فهو من عبد الملك بن مروان وهذا نصه: (من عبد الله عبد الملك إلى إبراهيم ابن الأشتر، أمّا بعد، فإنّي أعلم أنّ تركك الدخول في طاعتي ليس إلاّ عن معتبة، فلك الفرات وما سقى، فأنجز إليَّ فيمن أطاعك من قومك، والسلام).
قرأ إبراهيم الكتاب الأول ولم يقرأ الكتاب الثاني لأن نفسه تأبى حتى أن ينظر في كتاب من الأمويين، لكنه عرف محتواه الذي لم يختلف مع الكتاب الأول.
لقد وقع إبراهيم بين خيارين خيرهما مر، فهو إما أن يكون مع الأمويين وهذا ما يستحيل عليه، فكيف يكون إلى جانب قوم قتلوا عترة رسول الله ؟ وإما أن يكون مع الزبيريين أعداء المختار وقتلته والذين قوّضوا دولته التي قامت على الثأر لدم الحسين وكان هو أحد أعمدتها بل القطب الأكبر في إقامتها، أما الخيار الثالث وهو إهمال الكتابين فهو يعني القتل فأي من الفريقين سيغلب صاحبه فهو لن يبقي على إبراهيم حياً ولديه مبرر لقتله فهو قائد جيش المختار عدو الأمويين والزبيريين!
فكر إبراهيم في الأمر فوجد اتباع أحدهما وهو أصلح السيئين لقد رأى أن يقاتل نفس العدو ولو مع غير المختار، فبنو أمية أحق بالقتال لأنهم قتلوا عترة رسول الله ولم يفعل الزبيريون ما فعلوه، ثم كيف يقاتل أهل العراق شيعة أمير المؤمنين مع أهل الشام شيعة معاوية فعزم أمره وقال: (لا أؤثر على مصري وعشيرتي أحداً).
ثم إن هناك أمراً آخر جعل إبراهيم يفضل مصعب على عبد الملك وهو أنه قد قتل كثيراً من أهل الشام ولا يأمن منهم الغدر ولما استشار أصحابه واختلفوا في الجوابين قال لهم: (وكيف لي بذلك ؟ وليس قبيلة تسكن الشام إلا وقد وترتها، ولست بتارك عشيرتي وأهل مصري..). لقد انضم إلى مصعب كما انضم المختار إلى عبد الله بن الزبير ما دام الهدف واحد والعدو واحد وهو محاربة الأمويين فتشابه الموقفان
كتب الغدر
لم يكن كتاب عبد الملك إلى إبراهيم هو الوحيد الذي يرسله إلى أشراف وقادة العراق، فقد أرسل مثله لجماعة كثيرة وكلهم قرأ الكتاب وأخفاه وفي نيته التعاون مع عبد الملك والغدر بمصعب إلا إبراهيم فإنه أتى من الموصل للقاء مصعب ومعه الكتاب مختوماً وأعطاه لمصعب وقال له: هذا كتاب الفاسق عبد الملك بن مروان !
ولما سأله مصعب عن عدم فضه الكتاب قال له: ما كنت لأفضه، ولا أقرأه إلاّ بعد قراءتك له.
فلما فتح مصعب الكتاب وقرأه قال: فما يمنعك يا أبا النعمان ؟
فقال إبراهيم: لو جعل لي ما بين المشرق إلى المغرب ما أعنت بني أُميّة على ولد صفية.
فقال مصعب: جزيت خيراً أبا النعمان.
وقرح مصعب كثيراً بانضمام إبراهيم إليه وفرح أخوه عبد الله كذلك عندما علم بذلك.
لقد وجد إبراهيم في صلة مصعب بالنبي ما يسليه على معاونته والانضمام إليه وهي صفية بنت عبد المطلب أم الزبير وعمة النبي (ص) وأمير المؤمنين (ع)
ثم حذر إبراهيم مصعباً من رجاله وقادة جيشه إن كان قد راسلهم عبد الملك لأنه كان يعلم إنه سيكاتبهم بلا شك، فقال لمصعب: لست أشكّ أن عبد الملك قد كتب إلى عظماء أصحابك بنحو ممّا كتب إليَّ، وأنّهم قد مالوا إليه، فأذن لي في حبسهم إلى فراغك، فإن ظفرت مننت بهم على عشائرهم، وإن تكن الأخرى كنت قد أخذت بالحزم ثم قال: رحم الله الأحنف إن كان ليحذرني غدر أهل العراق ويقول: هم كمن تريد كل يوم بعلاً
لكن مصعب رفض وخاف من أخيه عبد الله إن خسر المعركة أن يشكوه إليه ويحمله تبعة الخسارة فقال: إذاً يحتجّوا عليَّ عند عبد الله.
وألح عليه إبراهيم في ذلك فقد كان متأكداً أن في جيش مصعب نفوس قد أضمرت الغدر وهي تخفي كتبها فقال له: أيّها الأمير! لا عبد الله والله لك اليوم، وما هو إلاّ الموت، فمت كريماً.
فقال مصعب: يا أبا النعمان ! إنما هو أنا وأنت فنقدم للموت.
قال إبراهيم: إذاً، والله أفعل.
وحدث ما قاله إبراهيم من الغدر وكان السبب في هزيمة مصعب وقتله
المعركة الأخيرة
سار عبد الملك لمحاربة مصعب وأعطى قيادة الجيش لأخيه محمد، أما مصعب فوكّل قيادة جيشه لإبراهيم والتقى الجيشان بدير الجاثليق في مسكن، فهزم إبراهيم محمداً في الجولة الأولى وقتل صاحب لوائه ثم مدّه مصعب بأحد الذين أضمروا الغدر وهو عتاب بن ورقاء التميمي، فساء ذلك إبراهيم لأنه توجّس فيه الغدر فصاح: قد قلت له لا تمدّني بأمثال هؤلاء !
وحدث ما توقع إبراهيم، حيث انهزم عتاب مع أصحابه، وكان قد كاتب عبد الملك واتفق معه على الفرار واعتزلت ربيعة وكانوا في ميمنة مصعب، وقالوا لمصعب: لا نكون معك ولا عليك فالتفت إبراهيم إلى مصعب وقال له مؤنباً: كيف رأيت رأيي؟
وبقي إبراهيم يقاتل الأمويين بشجاعة وبسالة رغم قلة أصحابه وكثرة جيش العدو ويصف المسعودي شجاعته الفائقة وقد دار حوله الأعداء وهو يقاتلهم يميناً وشمالاً: (واشتبكت عليه الأسنة فبرى منها عدة رماح وأسلمه من كان معه فاقتلع من سرجه ودار به الرجال وازدحموا عليه فقتل بعد أن أبلى ونكأ فيهم وحز رأسه وأتي عبد الملك بجسد إبراهيم فألقي بين يديه فأخذه مولى الحصين بن نمير فجمع عليه حطبا وأحرقه بالنار) (13) وكان مقتل إبراهيم سنة 71 هـ / 691 م.
رثاؤه
بعد أن أحرقوا جثته قام جماعة من أصحابه بجمع ما تبقى منه ورماده فدفنوه، وفي عام (171هـ) شيّدوا على قبره قبة من الجص والآجر. وقد رثاه عدد من الشعراء بقصائد عديدة أبرزوا فيها مميزات شخصية إبراهيم وشجاعته وصفاته ومن هذه القصائد قصيدة الشاعر عبد الله بن الزبير الأسدي التي يقول فيها:
سأبكي وإن لمْ تبكِ فتيــــانُ مذحـجٍ *** فتــــــــاها إذا الليلُ التمامُ تأوبا
فتى لم يكن فِي مرَّةِ الحربِ جاهلاً *** ولا بمطيعٍ فِي الوغى من تهيَّبا
أبانَ أنوفَ الحــــــــيِّ قحطان قتله *** وأنف نزارٍ قد أبـــــــانَ فأوعبا
فمن يكُ أمسى خــــائناً لأميرِهِ *** فما خان إِبْرَاهِيم فِي الموتِ مصعبا
وللشيخ محمد علي الأوردبادي قصيدة في مدح المختار الثقفي وفيها يذكر إبراهيم يقول منها:
عرفتكَ مقبلةُ الخـطوب محنَّكاً *** فيه جَنان مهـــــــــــــذّبٍ مغوارِ
أضرمتَ للحربِ العوانِ لظىً بها *** أضحتْ بنو صخرٍ وقودَ النارِ
وأذقتَ نغلَ سمــــــيةٍ بأسَ الرَّدى *** وأميةً كأسَ الــــــردى والعارِ
فروا هواناً عند ضـــــفَّةِ خازرٍ *** بمهندٍ عند الـكــــــــــــريهةِ وارِ
فرَّقت جمعَـــهمُ الـعـرمرمَ عنوةً *** يومَ الهيــــــــاجِ بفـــــيلقٍ جرَّارِ
وفوارسٌ من حزبِ آل المصطفى *** أسْدُ الوغى خـوّاضة الأخطارِ
وبواسلٌ لم تغرهــمْ وَثَبَـــــاتُهم *** إلّا بكــــــــــــــــــــلِّ مدجَّجٍ ثوَّارِ
لم يعرفوا إلّا الإمــــــامَ وثارَه *** فتشادقوا فيها بيـــــــــــــــــا للثارِ
فتفرَّقت فرقاً علـــــــــوجُ أميَّةٍ *** من كلِّ زنَّـــــــــــــــاءٍ إلى خَمَّارِ
ويقول فيها:
عظمَ الجـــــراحُ فلم يصبْ أعماقَه *** إلاكَ يا حييــــــتَ من مـسبارِ
في نجدةٍ ثقفيــــــــةٍ يسطو بها *** في الروعِ من نخعٍ هزبرٍ ضاري
الندبُ إبراهيم من رضختْ له الصــــــيدُ الأباةُ بملــــــــــتقى الآصارِ
من زانَهُ شرفُ الهدى في سؤددٍ *** وعلا يفــــــــوح بها أريجُ نجارِ
حشو الدروعِ أخو حجىً من دونِهِ *هـضبُ الرواسي الشمِّ في المقدارِ
إن يحكه فالليــــثُ في حملاتِهِ *** والغيـــــثُ في تسكابِهِ المدرارِ
أو يحوهِ فقلــــــــوبُ آلِ محمدٍ *** المصــــــــــــطفينَ السادةِ الأبرارِ
ما إن يخضْ عنـــد اللقا في غمرةٍ *** إلا وأرسـبَ من ســـطا بغِمارِ
أو يمَّمَ الجـــــــــلى بعزمٍ ثاقبٍ *** إلا وردَ شـواظـــــــــــــــها بأوُارِ
المرتدي حللَ المديحِ مطارفاً *** والممـتطــــــــــــــي ذُللاً لكلِّ فَخارِ
وعليه كل الفضـــلِ قصَّرَ مثلما *** كل الثنا قصــــــــرٌ على المختارِ
ويقول في آخرها:
هبَّت عليــــــــكَ نسائمٌ قدسيةٌ *** حيَّتْ ثَــــــــــــــراكَ برحمةٍ ويسارِ
وسقى لإبراهيمَ مضطجعه الهُدى *** وَدَقُ الغمــــــامِ المرزمِ المكثارِ
مـا نافحَ الروضَ النسيمَ مشفِّعاً *** سجعَ البـــــــــلابلِ فيه شدوَ هَزارِ
يتلو كما يُتلى بكــــــلِّ صحيفةٍ *** مرَّ العشـــــــــــــــيِّ وكرّةِ الأبكارِ
أولاده
ورث إبراهيم حب أهل البيت من أبيه الأشتر وأورثه أولاده الأربعة: النعمان، ومالك، ومحمد، وخولان فكانوا من موالي أهل البيت، وكان محمد مع أبيه من قادة جيش المختار وشاركه الجهاد ضد الأمويين مع أبيه، كما شاركه في بناء قبر الإمام الحسين (ع) حيث شيدت على القبر الشريف أول قبة وذلك عام 66هـ
أما النعمان وهو أكبر أولاد إبراهيم فقد حل محله في رئاسة النخع، وكان إبراهيم يُكنى به وكان فارساً شجاعاً وقد قتل مع أخيه مالك وهو يحارب الأمويين في معركة العقر في جيش يزيد بن المهلب بن أبي صفرة عام 102هـ، وكان يزيد قد خرج على عبد الملك بن مروان فأرسل إليه أخاه مسلمة فقتله وقتل معه النعمان ومالك.
أما خولان فهو جد أبو الحسين ورّام بن أبي فراس عيسى بن أبي النجم بن ورام بن حمدان بن خولان بن إبراهيم بن مالك الأشتر صاحب كتاب (تنبيه الخواطر ونزهة النواظر) المعروف بـ (مجموعة الشيخ ورّام) وكان ورّام من أعلام الإمامية في القرن السابع الهجري توفي في الحلة عام 650 هـ .
وكان لإبراهيم أخ من أمه وهو عبدالرحمان بن عبدالله شارك معه في معركة الخازر.
شهادات التاريخ
شهدت صحائف التاريخ على مواقفه وبطولاته وولائه لأهل البيت ووثقه العلماء الأعلام في أقوالهم ومدوناتهم ومن هذه الأقوال:
يقول الذهبي: إبراهيم بن الأشتر النخعي أحد الأبطال والأشراف كأبيه، وكان شيعياً فاضلاً وهو الذي قتل عبيد الله بن زياد بن أبيه يوم وقعة الخازر... (14)
وقال عنه العلامة ابن نما الحلي: إنه ــ أي إبراهيم ــ كان مشاركًا له في البلوى ومصدِّقًا على الدعوى، ولم يكُ إبراهيم شاكاً في دينه ولا ضالاً في اعتقاده ويقينه (15)
وقال في معركة الخازر التي قتل إبراهيم فيها عبيد الله بن زياد: (وحاز إبراهيم فضيلة هذا الفتح، وعاقبة هذا المنح، الذي انتشر في الأقطار، ودام دوام الاعصار).
وقال عنه السيد محسن الأمين: (كان إبراهيم فارساً شجاعاً شهماً مقداماً رئيساً، عالي النفس، بعيد الهمة، وفياً شاعراً فصيحاً، موالياً لأهل البيت (عليهم السلام) كما كان أبوه متميزاً بهذه الصفات، ومن يشابه أباه فما ظلم) (16)
وقال عنه اليافعي: كان سيّد النخع وفارسها (17)
وقال عنه الشيخ عباس القمي في ترجمة أبيه مالك الأشتر: (وابنه إبراهيم بن الأشتر، أبو النعمان، كان كأبيه سيّد نخع وفارسها، شجاعاً شهماً مقداماً رئيساً، عالي النفس، بعيد الهمة، شاعراً فصيحاً، موالياً لأهل البيت عليهم السلام).(18)
وقال عنه الأعلمي (19): (كان ــ أي إبراهيم ــ شجاعاً ظاهر الشجاعة واري زناد الشهامة ونافذ حد الصرامة مستمراً في محبة أهل البيت عن ساقيه ملتقياً راية النصح لهم بكلتي يديه ، وحاز فضيلة يوم الفتح وكان فارساً شهماً مقداماً رئيساً رفيعاً ، شاعراً فصيحاً ، موالياً لأهل البيت ، عالي الهمة والنفس ولم يكن شاكاً في دينه ولا ضالاّ في اعتقاده كأبيه) (20)
محمد طاهر الصفار
الهوامش
1 ــ شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد ج ١٥ ص ٩٨
2 ــ نفس المصدر ج ١٧ ص ٣
3 ــ وقعة صفين لنصر بن مزاحم المنقري ص 441 / الفتوح لابن أعثم ج 3 ص 94.
4 ــ اللهوف في قتلى الطفوف للسيد ابن طاووس ص ١٥٣
5 ــ البداية والنهاية لابن كثير ج 4 ص 257
6 ــ الكامل في التاريخ لابن الأثير ج 4 ص 215
7 ــ ذوب النضار في أخذ الثار لابن نما الحلي ص 97 وهو (نجم الدين جعفر بن محمد بن جعفر ابن نما الحلي الملقب بنجم الملة والدين)
8 ــ التوابون للدكتور إبراهيم بيضون ص ١٧٤
9 ــ تاريخ الطبري ج 6 ص 88
10 ــ العوالم ، الإمام الحسين (ع) للشيخ عبد الله البحراني ص ٧٠٣
11 ــ أنساب الأشراف ج 6 ص 425.
12 ــ بحار الأنوار ج ٤٥ ص 380
13 ــ مروج الذهب ج 3 ص 106
14 ــ سير أعلام النبلاء ج 4 ص 35
15 ــ ذوب النضار في شرح الثار ص 55
16 ــ أعيان الشيعة ج ٢ ص ٢٠٠
17 ــ مرآة الجنان وعبرة اليقظان ج 1 ص 142
18 ــ الكنى والألقاب ج 2 ص 31
19 ــ محمد حسين بن سليمان بن ولي الدين الحائري (1320 ــ 1391 هــ) من أساتذة الحوزة العلمية في كربلاء.
20 ــ دائرة المعارف الشيعية العامة ج 2 ص 130