وكالة أنباء الحوزة - وفي كلمته المتلفزة التي بُثّت مباشرة على الهواء في الذكرى الحادية والثلاثين لرحيل مفجّر الثورة الإسلاميّة الإمام الخميني (قده)، اعتبر قائد الثورة الإسلامية أنّ اضطراب جبهة أعداء الجمهورية الإسلاميّة سببه ثقة الشعب الإيراني بربّه ولفت سماحته قائلاً: لقد كان الاتّحاد السوفيتي يشكّل جزءاً من جبهة أعداء إيران وانهار بذلك الشكل والجزء الآخر هو أمريكا التي يرى الجميع اليوم أوضاعها المتأزّمة.
ورأى الإمام الخامنئي أنّ الأحداث التي تجري هذه الأيام في أمريكا إنّما هي انكشافٌ للحقائق التي لطالما أخفتها أمريكا وتابع سماحته قائلاً: إنّ ضغط أحد رجال الشرطة بركبته على رقبة أحد الرجال ذوي البشرة السّمراء حتّى مفارقة ذلك الشخص الحياة وتفرّج رجال الشّرطة الآخرون على هذا المشهد ليس بالأمر الجديد بل هذه هي أخلاق وطبيعة الحكومة الأمريكيّة، وهم مارسوا سابقاً مثل هذه الأفعال في العديد من بلدان العالم مثل أفغانستان، والعراق، وسوريا وقبل ذلك في فيتنام.
واعتبر قائد الثورة الإسلاميّة أنّ شعار "لا أستطيع التنفّس" الذي يهتف به الشعب الأمريكي اليوم يمثّل الكلام الذي يخالج قلوب كلّ الشعوب التي وقعت ضحيّة الظّلم الأمريكي، ثمّ أردف سماحته قائلاً: طبعاً لقد فُضح الأمريكيّون جرّاء ممارساتهم حول العالم. فمن ناحية يعانون من ضعف إدارتهم لقضيّة الكورونا بسبب الفساد المتفشّي في النظام الحاكم لأمريكا، حيث أنّ الخسائر البشريّة والمبتلين بهذا المرض في أمريكا أضعاف سائر الدول ومن ناحية أخرى بسبب تعاملهم الوقح مع الناس، فهم يرتكبون الجرائم في وضح النهار ولا يعتذرون حتّى ثمّ يطالبون بحقوق الإنسان، كأنّ ذلك الرّجل أسمر البشرة الذي قُتل لم يكن بشراً ولم تكن لديه أيّ حقوق.
ثمّ لفت الإمام الخامنئي إلى شعور الشعب الأمريكي بالخجل من حكومات هذا البلد، وتابع سماحته قائلاً: الشعب الأمريكي يشعر بالعار والخجل بحكوماته وشعور الشعب الأمريكي بالعار بسبب حكومته الحاليّة إحساسٌ في محلّه.
وفي معرضٍ آخر من كلمته تحدّث قائد الثورة الإسلاميّة حول شخصيّة الإمام الخميني الاستثنائيّة مشيراً إلى روحيّة الإمام المطالبة بالتحوّل منذ أيّام الشباب، وأضاف سماحته قائلاً: لقد كان الإمام الخميني يتّبع أسلوب الأنبياء في إيقاظ الضمائر والغرائز المعنويّة لدى البشر وهذه الميزة كانت مشهودة قبل عشرات الأعوام من انطلاق النهضة الإسلامية في درس الأخلاق الذي كان يقيمه في الحوزة العلميّة في قم والذي كان درساً يبعث على التغيير والتحوّل.
ووصف الإمام الخامنئي الإمام الخميني بأنّه كان "إمام التغيير والتحوّل" وأردف سماحته قائلاً: لقد كان الإمام الخميني منذ انطلاق فترة النضال حتى نهاية حياته المباركة حاضراً في ساحة العمل ويلعب دور قائد استثنائي، فيقود عمليّة التغيير وبحر الشعب الإيراني العظيم ضمن مسار تحقيق الأهداف التي تشوبها الأجواء العاصفة.
وأوضح قائد الثورة الإسلاميّة نماذج التغيير التي وقعت ضمن إطار روحيّة إحداث التغيير والتحوّل قائلاً: لقد حوّل الإمام عظيم الشأن الشعب الإيراني من شعبٍ عديم الحركة لا يفكّر سوى بحياته الشخصيّة إلى شعبٍ يملك مطالبه ويحضر في الساحات وهذه الميزة مشهودة منذ انطلاق النهضة عام ١٩٦٢ ومن ثمّ في الخامس من حزيران عام ١٩٦٣ حتى تكلّل المواجهات بانتصار الثورة الإسلاميّة وأيضاً خلال الأعوام التالية.
وكان من النقاط التي تطرّق إليها الإمام الخامنئي في كلامه حول روحيّة التغيير لدى الإمام الخميني إحداث التغيير في نظرة الشعب الإذلاليّة إلى نفسه مقابل "القوى الأجنبيّة وحتّى مسؤولي النظام البهلوي" وتحويله إلى شعبٍ يتمتّع بثقة بالنفس وعزّة وطنيّة وصاحب تأثير في مصير البلاد.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية أنّ "التغيير في مطالب الناس الأساسيّة من مطالب محدودة للغاية إلى مطالب من قبيل الحريّة والاستقلال" و"التغيير في رؤية الشعب حيال الدين بحيث انتقل من إطاره العادي والفردي إلى مدرسة بانية للحضارة والأنظمة" تمثّل أيضاً نقاطاً مصيريّة جاءت نتيجة لرؤية قائد الثورة الإسلامية العظيم الراحل التغيريّة.
وأوضح الإمام الخامنئي نقطة أخرى في هذا الشأن قائلاً: لم تكن توجد في بدايات النهضة الإسلامية أيّ آفاق حول المستقبل في أذهان الشعب لكنّ الإمام الخميني حوّل هذه النظرة الفاقدة للأفق إلى نظرة الشعب الإيراني الحاليّة أي تأسيس أمّة إسلاميّة وإرساء الحضارة الإسلامية الحديثة في الآفاق المستقبليّة.
ورأى قائد الثورة الإسلامية أنّ "التحوّل والتغيير الأساسي في التطلّع إلى الشباب والجيل الشاب" كانت واحدة من آثار المنهجيّة التحوليّة التي أرساها الإمام الخميني وتابع سماحته قائلاً: إيكال المهمات الكبيرة إلى الشباب والاستفادة منهم كثروة وذخائر وطنيّة كان مسلك الإمام الخميني الواضح.
وأوضح الإمام الخامنئي سائر النتائج بالغة الأهميّة التي تضمّنتها نظرة الإمام التحوليّة، مشيراً إلى الصمود واستحقار القوى العظمى وتابع سماحته قائلاً: الإمام الخميني بإحداثه تغييراً في التطلّع إلى القوى العظمى حقّرها وأثبت أنّ جبابرة العالم يعانون من الهشاشة وقد تجلّت هذه الحقيقة في انهيار النظام السوفيتي السابق وهي مشهودة اليوم في الأحداث الأمريكيّة.
واعتبر قائد الثورة الإسلاميّة أنّ "التقدّم والحركة العلميّة في البلاد"، و"القدرات الدفاعيّة والاقتراب من حدود الرّدع" و"صورة الجمهورية الإسلامية القويّة في الساحة السياسيّة" من نماذج التقدم والحركة التغييريّة خلال فترة ما بعد الإمام الخميني، وأردف سماحته قائلاً: خلال هذه الأعوام الثلاثين ورغم وجود تقدّم وتحوّل في مختلف المجالات، حدث تغيير في بعض الحالات في البنى التحتيّة لكنّه لم يرقَ إلى مرحلة العمل وفي بعض الحالات شهدنا تراجعاً وتخلّفاً وهذا يدعو للأسف وهو أمرٌ مرفوض.
ولفت الإمام الخامنئي إلى أنّ التغيير الصحيح يحتاج إلى ركائز فكريّة وأردف سماحته قائلاً: يجب أن يكون التغيير مبنيّاً على فكر متقن ومنظّم كما أنّ حركة الإمام التغييريّة كانت مبنيّة على الأسس الإسلاميّة المعرفيّة لأنّه لو لم تكن هذه الركائز الفكريّة سيكون ذلك التغيير خاطئاً ولن يكون هناك رسوخٌ في الأقدام.
وتابع قائد الثورة الإسلامية كلمته بالإشارة إلى ضرورة إحداث تغيير في مختلف القضايا في البلاد وأضاف سماحته قائلاً: نحتاج حركات تغييرية في الشأن الاقتصادي في مجال "إنهاء تبعيّة الاقتصاد للنفط"، وفي الشأن التعليمي من أجل "تعميق الدروس في المراكز التعليميّة وزيادة فاعليّتها"، وفي الشأن الاجتماعي إلى "توفير العدالة" وفي شؤون العائلة وقضية الإدمان على المخدّرات وأيضاً فيما يخصّ اجتناب تحوّل البلاد إلى بلد مسنّ.
واعتبر الإمام الخامنئي أنّ شرط إحداث التغيير هو "عدم الخوف من العدوّ وعداواته" ثمّ تابع سماحته قائلاً: هناك معارضون لأيّ خطوة إيجابيّة وعملٍ مهمّ، على سبيل المثال نشهد مثل هذه الاعتراضات في الساحة الافتراضيّة وفي أغلب الأحيان تكون حادّة ومؤذية أو هناك جبهة واسعة تضمّ الأعداء الأجانب الذين يتصدّون لأيّ حركة تصبّ في صالح البلاد وتساهم امبراطورياتهم الإعلامية التابعة للصهاينة في قمعها؛ لكن ينبغي عدم الاكتراث إلى هذه الاعتراضات وهؤلاء الأعداء أثناء القيام بعمل مدروس ومخطط له.
ثمّ أشار قائد الثورة الإسلامية إلى أنّ سبيل التغلّب على الخوف من العداوات هو مشاركة القوى الشابّة، والشجاعة التي لا تخاف ولا تكترث للأعداء في الساحة، ثمّ تابع سماحته قائلاً: إشارك القوى الشابّة يعني الاستفادة القصوى من روحيّة، وشهامتهم وقدرتهم على المبادرة.