۲ آذر ۱۴۰۳ |۲۰ جمادی‌الاول ۱۴۴۶ | Nov 22, 2024
رمز الخبر: 359253
٧ نوفمبر ٢٠١٩ - ١٦:١٧
القرآن الكريم۱

وكالة الحوزة ــ لقد تحدث القرآن عن زمن النزول وكيفيته، فاوضح ان القرآن نزل في ليلة القدر من شهر رمضان المبارك، جاء ذلك في قوله تعالى: (شهر رمضان الذي اءنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان...).

وكالة أنباء الحوزة ــ ثم بين الليلة التي نزل فيها القرآن، فقال: (انا انزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين * فيها يفرق كل امر حكيم)(( 1)). وبين هذه الليلة المباركة بقوله: (انا انزلناه في ليلة القدر). وهكذا يوضح القرآن انه نزل ليلا في ليلة القدر على النبي الامين محمد(صلى الله عليه واله) في شهر رمضان المبارك. وفي موضع آخر تحدث عن كيفية نزول القرآن وتنزيله من قبل اللّه تعالى على النبي محمد(صلى الله عليه واله)، قال سبحانه: (ما كان لبشر ان يكلمه اللّه الا وحيا اومن وراء حجاب او يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء انه علي حكيم)(( 2)).

وقال تعالى: (فاذا قراناه فاتبع قرآنه)(( 3))، وقال تعالى: (وقرآنا فرقناه لتقراه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا)(( 4)). وقال تعالى: (وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا)(( 5)).  وحصيلة ما يستفاد من هذه الايات المباركة:

1- ان القرآن نزل وحيا من رب العزة، وبصورة قراءة، نزل به جبريل على النبي محمد(صلى الله عليه واله) وليس مكتوبا بصحف او الواح، كما نزلت الكتب الالهية الاخرى.

2- ان النزول بدا في ليلة القدر من شهر رمضان المبارك، كما نزلت الكتب الالهية التوراة والانجيل والزبور في هذا الشهر المبارك، كما تفيد الروايات ذلك.

3- ان القرآن نزل مفرقا على شكل آيات او سور احيانا، ولم ينزل بصورته الكاملة على النبي محمد(صلى الله عليه واله) دفعة واحدة، ويتضح ذلك من قوله تعالى: (لتقراه على الناس على مكث) و (ورتلناه ترتيلا) اي بيناه وفرقناه تفريقا، كما يتضح ذلك من رده على الكافرين بالاية 32 من سورة الفرقان، الذين طالبوا بانزاله جملة واحدة على النبي محمد(صلى الله عليه واله).

وما جاء في الفقرة الثالثة آنفا، هو ما يذهب اليه جمع من العلماء والمحققين، وبه قال الشيخ المفيد. غير ان هناك من يذهب الى ان القرآن نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ الى السماءالدنيا، ثم انزله اللّه تعالى عن طريق جبرئيل على نبيه محمد(صلى الله عليه واله) مفرقا. وقد اخرج الحاكم والبيهقي والنسائي وابن ابي شيبة وابن ابي حاتم والطبراني والبزاروابن مردويه عن ابن عباس بعدة طرق، اخرجوا ذلك((6)).

ومن علماء الشيعة يذهب الى هذا القول الشيخ الصدوق ايضا وهو من اعاظم علماءالشيعة الامامية، وقد رد الشيخ المفيد هذا الراي، وناقش الصدوق، ولكي يتضح الرايان فلنذكرهما معا:

قال الشيخ الصدوق: (ان القرآن نزل في شهر رمضان، في ليلة القدر جملة واحدة الى البيت المعمور، ثم انزل من البيت المعمور في مدة عشرين سنة)(( 7)).

وقد رد الشيخ المفيد على هذا الراي بقوله: ((الذي ذهب اليه ابو جعفر في هذا الباب اصله حديث واحد، لا يوجب علما ولا عملا ونزول القرآن على الاسباب الحادثة،حالا فحالا يدل على خلاف ماتضمنه الحديث. وذلك انه قد تضمن حكم ما حدث،وذكر ماجرى، وذلك لا يكون على الحقيقة الا لحدوثه عند السبب. ثم استشهد بيات كثيرة مثل: (قد سمع اللّه قول التي تجادلك في زوجها) وكثير من امثال ذلك، بالاضافة الى استعمال القرآن صيغة الماضي في وقوع الحوادث التي وقعت في عهد النزول على النبي(صلى الله عليه واله) بعد حدوثها، فكيف يستعمل صيغة الماضي قبل وقوع الحوادث التي وقعت في المدينة في حال التسليم بنزوله كاملا في مكة ليلة القدر؟.

ثم قال: وقد يجوز في الخبر الوارد بنزول القرآن جملة في ليلة القدر، انه نزل جملة منه في ليلة القدر، ثم تلاه ما نزل منه الى وفاة النبي(صلى الله عليه واله). فاما ان يكون نزل باسره وجميعه في ليلة القدر، فهو بعيد مما يقتضيه ظاهر القرآن، والمتواتر من الاخبار، واجماع العلماء على اختلافهم في الاراء((8)).

    اول ما نزل من القرآن وآخر ما نزل منه:

ان اول ما نزل من القرآن هو قوله تعالى: (بسم اللّه الرحمن الرحيم* اقرا باسم ربك الذي خلق * خلق الانسان من علق * اقرا وربك الاكرم * الذي علم بالقلم * علم الانسان مالم يعلم) فهذه الايات الخمس بعد البسملة، هي اول ما نزل من القرآن على النبي(صلى الله عليه واله) في غار حراء. اما الايات الاخرى من سورة العلق فقد نزلت بعد فترة من الزمن ثم وضعت في موضعها الذي هي فيه من السورة، غير ان هناك آراء وروايات تتحدث عن ان اول ما نزل من القرآن هو سورة المدثر، واخرى تذهب الى ان اول مانزل من القرآن هو سورة الفاتحة. واختار الطوسي والطباطبائي في تفسيريهما: ان اول ما نزل من القرآن، هو الايات الخمس من سورة العلق.

وكما اختلف في اول ما نزل من القرآن، اختلف كذلك في آخر مانزل منه، فقيل هي سورة براءة، وقيل سورة: اذا جاء نصر اللّه والفتح، وقيل سورة المائدة، وقيل غيرذلك.

ويرجح علماء الشيعة الامامية ان آخر ما نزل من القرآن هو قوله تعالى: (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا).

لماذا نزل القرآن مفرقا: اثار المشركون شبهة ملخصها: ان نزول القرآن مفرقا يعني ان النبي(صلى الله عليه واله) ليس مرسلابدين من اللّه سبحانه، اذ لو كان وحيا الهيا على زعمهم لنزل دينا كاملا مرة واحدة،ونزوله مفرقا يعني انه قول البشر يتامل نصوصه فياتي بها.

فرد عليهم القرآن، وبين الحكمة من النزول مفرقا، فقال تعالى: (وقال الذين كفروا لولاانزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا)(( 9)).

ويمكن ان يكون سبب هذه الشبهة ما هو معروف من اخبار الديانات السابقة ، ان الكتب انزلت مكتوبة جملة واحدة، وكيفية نزول القرآن تختلف عن كيفية نزول التوراة والانجيل والزبور، فالقرآن نزل قراءة ومفرقا، اما تلك الكتب فقد نزلت مكتوبة جملة واحدة وبصيغتها الكاملة. وقد ذكر القرآن ذلك، كما في قوله تعالى: (وكتبنا له في الالواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شي ء فخذها بقوة وامر قومك ياخذواباحسنها ساوريكم دار الفاسقين)((10)). وقال تعالى: (ولما سكت عن موسى الغضب اخذ الالواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون)((11)).

وهكذا يوضح القرآن ان التوارة انزلت مكتوبة بشكلها الكامل في الالواح، وبهذه الصيغة تلقاها النبي موسى(عليه السلام). وقد بين القرآن الحكمة من نزوله مفرقا في الاية (32) من سورة الفرقان، كما وبين ذلك في الاية (145) من سورة الاعراف.

وملخص الحكمة في الايتين هو:

1- لنثبت به فؤادك.

2- لتقراه على الناس على مكث.

فالحكمة اذن هي ان استمرار نزول الوحي، وتواصل نزول القرآن ومواصلة النبي بالقرآن، يثبت فؤاد النبي(صلى الله عليه واله) ويقوي موقفه الجهادي في مواجهة التحديات اولا، وثانيا ان الرسالة الاسلامية رسالة تغييرشامل، وتسعى لبناء مجتمع ودولة وحضارة، وتثبيت قانون ونظام. والتغيير والبناءيقتضي التدرج في التبليغ لمواصلة عملية الهدم والبناء، ولترسخ الدعوة في النفوس، وتستوعب العقيدة والاحكام والمفاهيم بشكل تدريجي، وليستقبل الناس التغيير على مراحل،وليتفاعلوا مع مبادئ القرآن، وتتهيا النفوس لتحمل التكاليف.  

وهكذا يكون العامل الزمني والنزول التدريجي قضية ضرورية للنبي الاكرم(صلى الله عليه واله)وللمجتمع كما يوضح القرآن ذلك. ولعل البحث يدعونا الى ان نذكر ان الرسول محمد(صلى الله عليه واله) كان نبيا قبل ان يبعث رسولا، اي قبل ان ينزل عليه القرآن في غار حراء، وهذا يعني انه (صلى الله عليه واله) كان يتلقى تعاليم قرآنية بمعانيها ودلالاتها ليعد ويهيا لمهمة تلقي القرآن، وحمل الرسالة الكبرى. وقد ذهبت بعض الاراء الى ان النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) تلقى وحيا الاركان الاساسية والخطوط الكبرى لامهات الكتاب جملة واحدة، ثم نزل القرآن باكمله مفرقا عبر سني التنزيل.    
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: القرآن في مدرسة اهل البيت / السيد هاشم الموسوي

1- سورة الدخان ، الاية 3 و 4 .

2- سورة الشورى ، الاية 51 .

3- سورة القيامة ، الاية 18 .

4- سورة الاسراء ، الاية 106 .

5- سورة الفرقان ، الاية 32 .

6- السيوط ي ، الاتقان في علوم القرآن : 1/116 117 .

7- تصحيح اعتقاد الصدوق : ص 232 .

8- تصحيح اعتقاد الصدوق : ص 233 .

9- سورة الفرقان ، الاية 32 .

10- سورة الاعراف ، الاية 145 .

11- سورة الاعراف ، الاية 154 .

ارسال التعليق

You are replying to: .
captcha