وكالة أنباء الحوزة ـ هناك سؤال يطرح: ما هو تفسير ربط الخرق الخضراء بالاضرحة؟ وقد جاء الرد على هذا السؤال في الموقع الالكتروني لمركز الابحاث العقائدية الذي يشرف عليه مكتب المرجع السيد علي الحسيني السيستاني.
السؤال: نسعد كثيرا ـ نحن ابناء المذهب الجعفري ـ بربط الخرق السوداء والخضراء ، في أيدينا وحاجياتنا الخاصة، دون أدنى معرفة بأصل هذه العادة، ويسألنا أخوتنا كثيرا من أهل السنة عن هذا الموضوع، ولا نجيب بوضوح. كيف نفسر ذلك ؟
الجواب: إن الشيعة بل المسلمين جميعاً يعتقدون بحياة الأولياء بعد الموت، ودليلهم في ذلك أدلة كثيرة منها قوله تعالى : (( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ )) (آل عمران:169) هذا حال الشهداء فكيف بأئمة آل البيت (عليهم السلام) فهم شهداء وأولياء، فاعتقاد حياتهم مما لا شك فيه ولا ريب، وإذا كان الأمر كذلك فإنهم يرون ويسمعون من زارهم ومن سألهم وهم في قبورهم هذه كرامة ومنزلة وهبها الله لهم تعظيماً لمقامهم وشرفهم.
ومن هنا فإن الشيعة يقفون على قبورهم ويسألون الله بحقهم ويدعونه فيستجاب لهم، فإن الله قد جعل لبعض الأماكن شرفاً ومنزلة فأحب أن يدعوه المؤمن في هذه الأماكن المقدسة كما أحب أن يدعوه عند مساجده وبقاعه المشرفة، وبذلك فإن زائري قبورهم يستحصلون من قبورهم وضرائحهم البركة ويتعاملون معهم أحياء لا أموات، لذا فإن أضرحتهم قد حلت بها البركة وأن لهذه الأضرحة آثاراً كما لأجسادهم الشريفة، فيجعلون ما مس أضرحتهم مورداً للاستشفاء بإذن الله تعالى، وهذه الخرق السوداء والخضراء حينما تمس هذه الأضرحة يعتقد الناس ببركتها فتكون لهم حرزاً لطلب الشفاء مثلاً، وهذه حالة من حالات اعتقاد الناس بحياة الأئمة (عليهم السلام) بعد الموت فهم يتعاملون معهم أحياءً لا أموات .
ولهذه الحالات نظائر قد حدثت في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) كذلك، فالروايات تشير إلى أن خديجة بنت خويلد (عليها السلام) قد طلبت من النبي (صلى الله عليه وآله) أن يكفنها ببردته تبركاً بها ولتحميها من هول المطلع ومن القبر وحالاته، وفعلاً فقد استجاب لذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فكفنها ببردته .
وهذا زهير بن أبي سلمى خلع عليه رسول الله بردته فقبلها متبركاً بها بعد أن مدحه بقصيدته التي سميت بالبردة .
والكميت الأسدي الشاعر المعروف حين ألقى قصيدته عند الامام الباقر (عليه السلام) أعطاه الإمام مالاً فرفض الكميت أخذها وقال ما مدحتكم للدنيا فإن جزائي أريده من الله تعالى، وطلب منه قميصه أن يعطيه تبركاً بهذا القميص الذي مس جسد الإمام (عليه السلام) وفعلاً فقد أعطى الإمام قميصه .
ودعبل الخزاعي حين أنشد قصيدته عند الإمام الرضا (عليه السلام) قدّم الإمام (عليه السلام) له عطاءاً جزيلاً فرفضه وطلب منه جبته وقال : لتقيني من أهوال القبر يا بن رسول الله وفعلاً أعطاه جبته فلما وصل بغداد كانت له جارية قد شكت عينها وأصابها العمى فمسح بفاضل جبة الإمام على عينها فزال ما بها من ألمف وعمى، كل هذه شواهد على إقرار الأئمة (عليهم السلام) بما اعتقده شيعتهم .
مضافاً إلى ما كان عمر بن الخطاب يتبرك بالحجر الأسود ويقبله مع أنه حجر، وضريح الإمام مشرّف بما حواه من جسد الإمام (عليه السلام) كما أن غلاف القرآن منزلته تأتي مما يحويه من القرآن الكريم .
والذي نريد قوله أن اعتقاد الشيعة بشرف هذه الأضرحة واستحصال البركة بكل ما يسمى هذه الأضرحة من خرقة خضراء أو غيرها ويتم الاعتقاد بأن الله تعالى لمنزلة هذا الإمام قد جعل سبب الشفاء والبركة لما يعتقده الإنسان بهذا الخرقة . على أننا نود التنبيه إلى أن لف هذه الخرق ليس من الضروري أن تكون من ضرورات مذهبنا بل هي حالة اعتقادية يعتقدها الشيعة لحسن ظنهم بالله واعتقادهم بمنزلة الإمام (عليه السلام) ويمارسونها ليعطيهم الله ذلك على حسب ما يعتقدونه وليس في ذلك ما يخالف الكتاب أو السنة بل العقل كذلك .
ومن ثم ما تعارف عليه المسلمون من التبرك بما خلفه رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قميصه وشعره، والمسلمون جميعاً يروون قصة الرجل الذي أحجم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبعد حجامته له شرب ذلك الدم فسأله النبي (صلى الله عليه وآله) أين ألقيت الدم فقال شربته يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنهاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك وقال له : إن جسدك لم تسمه النار أبداً، مما يشير إلى أن لدمه خصوصية وعدم مس ذلك الجسد الذي اختلط بدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا ما أمكن توضيحه.