۱ اردیبهشت ۱۴۰۳ |۱۱ شوال ۱۴۴۵ | Apr 20, 2024
الامام موسى الصدر

وكالة الحوزة – ألقى الإمام موسى الصدر محاضرة بمناسبة ولادة الإمام أمیر المؤمنین (ع)، إذ أشار في نص الحلقة الثالثة والأخيرة منها إلى شخصية الإمام علي (ع) مؤكدا الاقتداء به في جميع سلوكنا وأخلاقنا.

وكالة أنباء الحوزة – ألقى الإمام موسى الصدر محاضرة بمناسبة ولادة الإمام أمیر المؤمنین (ع)، إذ أشار في نص الحلقة الثالثة والأخيرة منها إلى شخصية الإمام علي (ع) مؤكدا الاقتداء به في جميع سلوكنا وأخلاقنا.

الإمام عظيم جدًا، يكفي شهادة الرسول في حقه: علي مع الحق، والحق مع علي، يدور معه أينما دار. يكفيه أن عبّر عنه القرآن الكريم، بنفس محمد، ومحمد خير البشر، يكفيه كل هذا.
ولكن ما لنا وللإمام، نحن كل ما قلنا في مدح الإمام، وكل ما ذكرنا في مدحه، وكل ما كرّمناه، يبقى مجال التساؤل: بماذا يخصنا؟ بماذا يهمنا؟ ما لنا ولعلي بن أبي طالب؟ ما لعلي بن أبي طالب ونحن؟ هل يكفيه أننا نحبه؟ الحب وسيلة تسهّل لنا متابعته ولكن هل الحب هو كل شيء؟ إذا اكتفينا بالحب، هل يكفي هذا؟ كلا. بالعكس، المسؤولية تبقى أكثر وأقوى لأن الإنسان الذي يحب الإمام إذا ما عمل، مسؤول أكثر من المسؤولية التي للشخص الذي لا يحب الإمام أو لا يعرفه.
نحن في الحقيقة، جعلنا الإمام عظيمًا، ثم وضعناه في واجهة كبضاعة نعتز به فقط. أما نحن ماذا؟ نحن نسمي عليًا إمامي. أليس كذلك؟ وعلي إمامي، ما معنى الإمام، الإمام: إمام الجماعة، ماذا يعمل؟ إذا كبَّر فكبِّروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا... أليس هذا الإمام؟
علي بن أبي طالب الإمام، يمشي من هذا الخط ونحن نمشي من ذاك الخط ونقول أنه إمامي؛ هذا كذب وافتراء. الإمام باللغة يعني ميزان الزيبق، يعني وسيلة لاستقامة الحائط؛ علي بن أبي طالب وسيلة لاستقامتنا: ﴿القسطاس المستقيم﴾ [الشعراء، 182] حسب تفسير الآية الكريمة. ما معنى القسطاس؟ يعني إذا نحن نزن السكر والرز، نزنه بالميزان. لكننا إذا أردنا أن نزن الحرارة بأي شيء نزنها؟ نزنها بميزان الحرارة، أما إذا أردنا أن نزن الإنسان بأي ميزان نزنه؟ بعلي بن أبي طالب، ونحن من أتباعه، نحن من جماعته، نحن محسوبون عليه، إذا دخل أحدهم لبنان وأراد أن يعرف علي بن أبي طالب، يجب أن يعرف علي بن أبي طالب من خلال جماعته، ليس من خلال الكتب. ماذا يقولون؟ يقولون هؤلاء... الجماعة من جماعة الإمام علي بن أبي طالب... بينك وبين الله، هل وضعنا الحقيقي يشرّف الإمام؟
إخواني، نحن في لبنان، المعرض للمذاهب والأديان، نمثّل علي بن أبي طالب. إذا نحن محسوبون عليه وما كنا جيدين، في الحقيقة وجودنا ليس زينًا عليه بل شينًا عليه، الإمام يعني القدوة، الإمام يعني النموذج، الإمام يعني المثال. فهل نحن في حياتنا نتشبه بالإمام؟
يوم المولد يطل علينا، ونحن في خلال هذا اليوم، ننظر إلى وجه علي المشرق من جديد ونطمئن، وأمامنا ألف مشكلة. ولا نشك أن عليًا، لو كان بيننا -وهو بيننا دائمًا بروحه، برسالته، بدعوته، بجهاده، بتعاليمه، بأوامره- لو كان بيننا كان يرضى لنا هذا الوجه الاجتماعي؟ كان يرضى لنا وضعنا أمام إسرائيل؟ كان يقبل منا الذل؟ هو كان يرضى بهذا الذل؟ الإمام لو كان بيننا، هل كان يقبل أن طاقاتنا، وسعينا، وسيفنا، وبأسنا، يصرف لمصالحنا الخاصة؟ أو لضرب إخواننا وجيراننا من هنا وهناك؟ كان يقبل منا! الإمام لو كان بيننا هل كان يقبل أن نظلم أزواجنا؟ أو أن لا نربي أولادنا؟ أو أن نتصرف هذه التصرفات هنا وهناك؟ وهو الذي كان يحمل الدرة المعروفة بالسبيكة، السوط، كان يدخل في السوق وينادي: الفقه ثم المتجر ثم يتفقد. فإذا وجد مظلومًا يقول: الضعيف عندي قوي حتى آخذ الحق له، والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه... وهكذا كان يحكم بين الناس.
علي بن أبي طالب موجود بيننا، هو ليس جسمًا حتى نقول: جسمه مات؛ حقيقته بكلماته، بتعاليمه.؛ حقيقته بسيرته، بحياته؛ حقيقته بمواقفه كلها بارزة وتبرز أمامنا مع المولد. ونحن نقف أمام هذه الذكرى، ماذا نعمل؟ ما صلتنا بعلي بن أبي طالب؟ إذا ما كان هناك صلة عملية. كل حسب ونسب في النار إلا حسبي ونسبي. ولا حسب ولا نسب لهم إلا عملنا، وتقوانا، وسعينا ومواقفنا.
أمام الذكرى، علينا أن ننتبه إلى ما نتمكن أن نقتبس لصالحنا، لحياتنا، لكرامتنا ثم إذا لم يكن الشيء من هذا النوع على الأقل لكرامته هو، لأن واقعنا لا يشرّف علي بن أبي طالب، وهو الكبير وهو العظيم وهو أب لنا وهو سيد لنا نحبه بكل وجودنا. شهد الله أنا لا أشك بأن كل واحد منا حينما يفكر، يجد نفسه مستعدًا للفداء لعلي بن أبي طالب، أليس كذلك؟ أليس كلكم مستعدين؟ طيب! فداء لعلي بن أبي طالب، ماذا تعني يا جماعة؟
هو غير موجود بجسمه، لكن ما هو أعز منه موجود، دينه، دين رسول الله، تعاليمه، طرقه، مسالكه، سبله، صلاة ربه، صيام ربه، هذا هو. فإذًا، نحن مستعدون للفداء والتفاني في سبيله. نعتز بالانتساب إليه، ونتشرف بذلك. فما لنا ونحن نتجاهل هذا الإمام العظيم؟ ما لنا ونؤيد أعداءه؟ صحيح أم لا؟ أعداء علي بن أبي طالب من هم؟ أعداء هدفه، أعداء رسالته، أعداء سيره وخطه، المنافقون أعداء علي، عبدة الأصنام أعداء علي، الفسّاق والفجّار أعداء علي، المتنكرون للإسلام أعداء علي.
علي بن أبي طالب تعتقد أنه كان يقتل لشأن نفسه؟ عمرو بن عبد ود العامري سب أم الإمام وبصق في وجهه فما قتله وقام، لكن لله كان يقتل لأن يده يد الله، وعينه عين الله. علي بن أبي طالب لا يريد منا نحن أن نسب أعداءه، لا يريد. ليس له أعداء هو، هو ما كان يعتبر لنفسه شيئًا. لا يريد من دنياكم... وهو يقول: وقد اكتفى من دنياكم بطمريه، ومن طعامه بقرصيه، يعني لبسين خليقين عتيقين، هذا هو لبس الإمام وموفور له، أي كان يشتغل لتحصيل هذا الشيء. فالرجل ما كان يريد من دنياكم شيئًا. ويقول: الدنيا أهون عندي من عفطة عنز، ويقول: يا دنيا غرّي غيري، ألم يقل هذا؟
فإذًا، ماذا كان وراء تحرك الإمام وسيره وجهاده ومواصلة ليله بنهاره، وتحمله للمشاق والأذى؟ ما كان وراءه؟ كان يريد الدنيا! لا، كان يريد تقوية هذا الدين، وهو الذي كان يقول: لو حملوني على الأكتاف لما تركتك لحظة.
هذا الرجل هدفه قائم الآن. فإذا نحن ضعّفنا الإسلام، قللنا من قيمة الإسلام، تركنا الصلاة، تركنا الواجبات، شاركنا الموجة العامة للفسق والفجور، نحن نعطي السلاح بيد أعداء علي بن أبي طالب حتى يميتوه. علي بن أبي طالب ما له ولنا؟ نحن جماعته؟ إذا كنا مثله، إذا كنا في خطه، إذا مثلما قال: وإنكم لا تستطيعون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد.
إذا سلكنا خطه، إذا بقينا في طريقه فنحن من جماعته، وإلا فلا، وأنتم لا ترضون حتمًا بذلك لأنكم تحبون الإمام، نحبه حتمًا إذا كان مع شيء من المعرفة والوعي نتحول إلى تأييده ومشاركته، وسعينا في خدمته، وتقويتنا لأهدافه، وتضعيفنا لأعدائه هذا هو الخط الذي نستوحيه من ذكريات الإمام (ع).

*المصدر: الموقع الإلکتروني لمرکز الإمام الصدر للأبحاث والدراسات  www.imamsadr.net

ارسال التعليق

You are replying to: .