۱۳ اردیبهشت ۱۴۰۳ |۲۳ شوال ۱۴۴۵ | May 2, 2024
الإمام موسى الصدر

وكالة الحوزة ـ ألقى الإمام موسى الصدر خطابا في الاحتفال الرسمي السنوي الذي يقام بمناسبة ذكرى عاشوراء في الكلية العاملية تحدث فيه عن الامام الحسين(ع) و عن المعرکة التاريخية بين الحق و الباطل.

وكالة أنباء الحوزة ـ ألقى الإمام موسى الصدر خطابا في الاحتفال الرسمي السنوي الذي یقام بمناسبة ذكرى عاشوراء في الكلية العاملية تحدث فیه عن الامام الحسین(ع) و عن المعرکة التاریخیة بین الحق و الباطل و کذلک عن اسرائیل و وجوب الدفاع عن جنوب لبنان، وكان ذلك بتاريخ 22/1/1975، ونقدم لکم فیما یلي مقتطفات من هذه المحاضرة:

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه وخاتم رسله محمد وعلى أنبياء الله المرسلين، وسلام الله على آل بيته وصحبه الطاهرين، ومن اتبعهم بإحسان الى يوم الدين.


..... قادتنا علمونا أن نقيم المآتم الحسينية ونذكر المأتم والذكرى وكأنها شيء جديد نعيشه. نسمع الشعارات: "ألا ترون أن الحق لا يُعمل به، وأن الباطل لا يُتناهى عنه"، هذا كلام "الحسين" لا تشم فيه أبدًا أنه كلام الماضي أبدًا، كأنه كلام يقال اليوم، "ألا ترون أن الحق لا يُعمل به، وأن الباطل لا يُتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقًا". هذه الكلمة تدوي في مسامع المحتفلين وتجعل الإنسان ينتبه إلى ما هو الموقف اليوم، طالما أن المعركة مستمرة وطالما أن الجبهتين متميزتان، وطالما أن لكل جبهة رجالها فلنفتش نحن عن أنفسنا عن مكاننا في أي واحدة من الجبهتين؟! نسمع: ألا وأن الدنيا قد أدبرت وتنكرت وأصبح معروفها... ولم يبقَ إلا صبابة كصبابة الإناء وخسيس عيش... كلمة معروفة للإمام "الحسين" في هذا الموقف، الكلمات والشعارات واضحة. الإنسان المعاصر عندما ينتبه أن معركة الإمام "الحسين" مرتبطة بالماضي والمستقبل يقف فيصنف نفسه، يقف اليوم يفكر في الجبهتين. إذا أردنا أن نعرف الجبهتين فلهما مواصفات، لا نريد كثيرًا من الدقة والاستماع، مواصفات الجبهة واضحة: الظلم. هل هناك أحد ما يشك في أن إسرائيل ظالمة؟ إسرائيل اغتصبت الأرض وشردت الشعب وقتلت الأبرياء، وتحاول أن تستمر في الاعتداء بحجة حماية النفس، وضللت الفكر العالمي. إذًا، مارست الاستعمار والاستثمار والاستحمار.
نحن مستضعفون، إذًا، إسرائيل مصنفة في جبهة "يزيد"، في جبهة الباطل، في جبهة الظالمين، ونحن مصنفون في جبهة المستضعفين، في جبهة "الحسين"، في جبهة المظلومين... الأبعاد واضحة. فإذًا، ماذا يجب أن نعمل؟ نتلو ذكرى "الحسين" (ع)، نرى أن "الحسين" خرج مع بني قومه، مع أصحابه، مع أحفاده، مع كل ما يملك، وكل من معه من الرجال والنساء... حتى الذين لم يخرجوا، لم يخرجوا غصبًا عن "الحسين"، إنما دعاهم، كتب لهم رسالة: "ألا وأن من خرج معي يُقتل، ومن لم يخرج لن يبلغ النصر". يريد أن يأخذ كل الناس، يريد أن يأخذ كل الأعزاء معه، وإلى أين؟ إلى مذبح الشهادة، وهو يعرف أنهم يتقدمون جميعًا إلى الموت إلى الشهادة، وقدّم واحدًا تلو الآخر.

 

أرجو أن تموت!

كنت أستمع إلى كلمة جرت بين "علي بن الحسين" ابنه الأكبر وبين "الحسين" عندما رجع إلى المخيم يطلب الماء. مضمون كلام الإمام "الحسين" أنه أنا لا أملك الماء ولكن أرجو أن تُسقى من يد جدك، ماذا يعني من يد جدك؟ في هذه الدنيا؟! أين سيعطيه جده الماء؟ يعني أرجو أن تموت. "الحسين" يتمنى الموت والشهادة لابنه الوحيد... تفضل حارب ومت؛ هذا معنى كلام من يد جدك. وبالنسبة إلى الآخرين يستأذنون فيأذن لهم، وهكذا الواحد تلو الآخر، قدمهم جميعًا. وسمعتم في المصرع، تفاصيل المصرع، تفاصيل غير بعيدة عن الحقيقة، بل قريبة إلى الحقيقة كل القرب. أناس جاؤوا إلى المطامع مضللين، أعطوهم بضع فرنكات، بعضهم أخذ كفًا من التمر الناشف وجاء ليقتل "الحسين". 30 ألفًا أو أكثر... الأحاديث والسير مختلفة، طوّقوا حرم "الحسين"، هؤلاء عندما يشعرون أن بينهم وبين الانتصار، بينهم وبين الفرار من الضربات الحسينية وضربات "العباس" وضربات الأبطال، ما بقي بينهم وبين النجاة إلا لحظات، وعندما يُقتل "الحسين" ينتهي كل شيء. أولئك الذين يرون أنه بعد مقتل "الحسين" سيدخلون خيام "الحسين" وسينهبون الملابس والأقراط والحلي وكل شيء دون رحمة. وتبين كيف تصرفوا وما سمعتم في المصرع هو عين الحقيقة: الضرب بالسيوف، الضرب بالحجارة، الضرب بالسهام، السبي، الضرب بالرمال.. بأي وسيلة كانت متوفرة لديهم يضربون.
نحن نقرأ ذلك أيام عاشوراء. ما الغاية؟ بعد أن وضعنا عاشوراء في موضعها الصحيح التاريخي، لها موضعًا في سلسلة متصلة الحلقات من الصراع تبلغ القمة مع "الحسين" ولكنها مستمرة، قبل "الحسين" كانت وستبقى بعد "الحسين". لماذا حلقة "الحسين" حلقة مميزة؟ لأن التضحية التي قدمها "الحسين" تضحية كبرى.
قدّم كل شيء لله فقط، "إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي يا سيوف خذيني". قدّم كل شيء، إنما أخرجنا هذه الحلقة من عزلتها وربطناها بالسلسلة التاريخية السرمدية من الصراع، عند ذلك نضع أنفسنا أمامها ونسأل: اليوم المعركة حامية أولًا بين الشعب الفلسطيني وبين إسرائيل بالدرجة الأولى ليس باعتبار أنه واجبهم الأول، لا واجبنا جميعًا، باعتبار أنهم تحملوا فلو لم يفعلوا، لكان الواجب العيني علينا أن نقوم نحن. حسنًا، إسرائيل قوية، و"يزيد" كان قويًا؛ إسرائيل مجرمة و"يزيد" كان مجرمًا، إسرائيل تقتل وتقصف ثم تحرق ثم تذبح، مثلما فعلت في هذه المعارك وشاهدناه بعيوننا على الشاشات وفي الصور أنهم قتلوا ثم أحرقوا ثم رموا، تمامًا نتذكر أن "مسلم بن عقيل" قُتِلَ في دار الإمارة، فذبح ثم أُلقي به من الشاهق ووقع على الأرض.
إذًا، كل الأبعاد المتوفرة في هذه المعركة كانت متوفرة هناك، و"الحسين" لم يتراجع ولم يقل أنهم جماعة ظالمة، لا يرحمون الرجال ولا النساء ولا الأطفال، أو لا يرحموا الميت أو الحي، أبدًا، لم يقل أنهم سيسحقون صدري بعد القتل، فليكن... طريق الحق. ما هي الفائدة من البقاء ذليلًا وهو القائد عليه أن يتحمل؟

 

المعركة نفسها لا تحتمل التشكيك

إذًا، هذه المعركة، معركتنا مع إسرائيل استمرار لمعركة "الحسين" تمامًا والذي يريد أن يشكك مثلما كانوا يشككون بـ"الحسين"، وكانوا يقولون: "خرج عن حده، فقتل بسيف جده"، هذا هو حكم صادر عن المحكمة. كانوا يقولون لماذا تشقُّ عصا الطاعة؟ لماذا لا تترك الأمة مسرورة مرتاحة؟ لماذا لا تترك الناس يعيشون يصومون ويصلون ويحجون ويدفعون الزكاة؟ ماذا تريد يا "حسين" أنت من كل هذه المعارك؟ إسرائيل أيضًا تقول نفس الشيء: أنا أريد أن أحذركم تعالوا نتعايش، تعيشون أنا أريد أن أعيش معكم، تعالوا نتصافى. لا، ليس معقولًا، الظالم لا كإنسان... كظالم، إنما كدولة قائمة على أساس الاعتداء، على أساس المطامع، على أساس التعدي، على أساس التوسع وعلى أساس أنه أنا فوق البشر وكل البشر يجب أن يبقوا تحت.
إذًا، هذه المعركة هي بعينها معركة "الحسين" في عصرنا، ولا نعزل أبدًا شيئًا عن شيء، وكما نقول لـ "الحسين": "السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله"، نقول اليوم لمعركة الفلسطينيين مع إسرائيل: السلام عليكم يا ورثة "الحسين بن علي بن أبي طالب"، السلام عليكم يا ورثة "الحسين بن علي" الشهيد. تمامًا مأساتكم كبيرة مثل مأساة الإمام "الحسين" لأنه هناك قتل ودمار وتشريد وحرق وإلقاء من الشاهق وقتل الأطفال وكل شيء.
نحن لماذا نقرأ يوم عاشوراء هذه المقارئ والمقاطع بالتفصيل؟ ونذكر لقطات مثيرة حتى نؤكد للذي يريد أن يدخل هذا الباب بأن في هذا الباب لا يوزعون الحلوى، الذي يريد أن يدخل في هذه المعركة لا يعطونه "البونبون"، لا يعطونه الشوكولاتة، لا يقولون له أهلًا وسهلًا، لا. يدمرونه، يحطمونه، يفظعون وينكلون به. كل شيء موجود ونحن عارفون. نحن قرأنا يوم عاشوراء ذلك وقلنا: يا ليتنا كنا معك فنفوز فوزًا عظيمًا، أليس كذلك؟ لم نكن كذابين إن شاء الله.
هذه المعركة المستمرة والقائمة كيفما كانت تنتقل اليوم وبعد أن عجزت إسرائيل عن القضاء على اللاجئين -سمتهم لاجئين وسُموا لاجئين- انتقلت للاعتداء علينا حتى تشرّدنا، وحتى تضعّفنا وحتى تأخذ منهم ظهرهم، وحتى تدافع عن نفسها بشكل الهجوم والهجوم أفضل وسائل الدفاع. بدأت في لبنان، بدأت بتشريد أهالي كفرشوبا، بدأت باحتلال مناطق، وحفر طرق ووضع المخافر. طول الليل أمس من الليالي التي كنت نائمًا فيها، "البروجكترات" والقنابل المضيئة والأصوات المرتفعة كل الليل.

أيها الحسينيون لا تتذمروا، هذه طبيعة الصراع مع الباطل، من خصمكم؟ ليست إسرائيل فقط. العالم المادي، العالم الذي يعتمد على العلة، العالم الذي يريد كل شيء لنفسه، صفته صفة جهنم، يقال له ﴿هل امتلأت وتقول هل من مزيد﴾ [ق، 30]؟ ... استعدوا، تجهزوا رحمكم الله، فقد نودي فيكم للرحيل. أكملوا التحضير للجنوب..أكملوه.....

 

ارسال التعليق

You are replying to: .