۵ آذر ۱۴۰۳ |۲۳ جمادی‌الاول ۱۴۴۶ | Nov 25, 2024

وكالة الحوزة - ينبغي أن تكون للخطيب عناية تامة بما يطرحه من موضوعات من حيث ترتيب الموضوع وتبويبه وعرضه ببيان سلس واضح واختيار العبارات والاساليب الجذابة لنفوس المستمعين والمتابعين، فان بذل الجهد الكبير من الخطيب في اعداد الموضوعات وترتيبها وعرضها بالبيان الجذاب سيسهم في تفاعل المستمعين للمنبر الحسيني.

وفق تقرير وكالة أنباء الحوزة فقد أصدرت مؤسسة الإمام علي(عليه السلام) التابعة لمرجعية سماحة السيد السيستاني عدة توصيات للخطباء والمبلّغين في المجال الديني بمناسبة حلول شهر محرم الحرام لعام 1438 هـ ، وجاء في نصّ البيان ما يلي:     

بسم اله الرحمن الرحيم، وصلّى الله على محمّد وآله الطيبين الطاهرين

((ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ))

يطلّ علينا شهر محرم الحرام، ونستذكر من خلاله أعظم حركة قادها المصلحون في مجال تطوير المجتمعات وبعث إرادة الأمم وإصلاح الأوضاع، ألا وهي الحركة الحسينية المباركة، واستذكار هذه الحركة المباركة يلقي على عواتقنا نحن أتباع الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) مسؤولية كبرى، وهي مسؤولية الحفاظ على استمرار هذه الحركة وترسيخ آثارها وأبعادها في النفوس والقلوب، ولا يخلو إنسان حسيني من نوع من مسؤولية سواء كان عالماً دينياً أو مثقفاً أو متخصصاً في مجال من مجالات العلوم المادية والانسانية المختلفة، فكل منا يتحمّل مسؤولية الحفاظ على هذه الثورة الحسينية المباركة من خلال إصلاح نفسه وأهله وأسرته ومن خلال قيامه بتوعية المجتمع الذي حوله بأهمية هذه الحركة وعظمة هذا المشروع الحسيني العظيم، ولكن الخطباء يتحملون المسؤولية الكبرى بلحاظ أنهم يجسدون الوجه الإعلامي لحركة عاشوراء ولمشروع سيد الشهداء (عليه السلام)، ولذلك نحتاج أن نتوقف قليلا لنتساءل: هل أنّ المنبر الحسيني يقوم بتجسيد وتفعيل هذه المسؤولية بما ينسجم مع مقتضيات الزمان ومستجدات العصر بحيث يحقق الآثار الحسينية الشريفة في النفوس والقلوب؟

وانطلاقا من هذه النقطة نستذكر بعض الإرشادات والنصائح لكل من يعلو منبر سيد الشهداء (عليه السلام):

1-  تنوع الأطروحات، فان المجتمع يحتاج إلى موضوعات روحية وتربوية وتاريخية، وهذا يقتضي أن يكون الخطيب متوفراً على مجموعة من الموضوعات المتنوعة في الحقول المتعددة تغطي بعض حاجة المسترشدين من المستمعين وغيرهم.

2- أن يكون الخطيب مواكباً لثقافة زمانه، وهذا يعني استقراء الشبهات العقائدية المثارة بكل سنة بحسبها واستقراء السلوكيات المتغيرة في كل مجتمع وفي كل فترة تمر على المؤمنين، فإنّ مواكبة ما يستجد من فكر أو سلوك أو ثقافة تجعل الالتفاف حول منبر الحسين (عليه السلام) حياً جديداً ذا تاثير وفاعلية كبيرة.

3- تحرّي الدقة في ذكر الآيات القرآنية أو نقل الروايات الشريفة من الكتب المعتبرة أو حكاية القصص التاريخية الثابتة حيث أنّ عدم التدقيق في مصادر الروايات أو القصص المطروحة يفقد الثقة بمكانة المنبر الحسيني في أذهان المستمعين.

4- أن يترفّع المنبر عن الاستعانة بالأحلام وبالقصص الخيالية التي تسيء إلى سمعة المنبر الحسيني وتظهره أنه وسيلة إعلامية هزيلة لا تنسجم ولا تتناسب مع المستوى الذهني والثقافي للمستمعين.

5- جودة الإعداد، بأن يعنى الخطيب عناية تامة بما يطرحه من موضوعات من حيث ترتيب الموضوع وتبويبه وعرضه ببيان سلس واضح، واختيار العبارات والأساليب الجذابة لنفوس المستمعين والمتابعين، فإنّ بذل الجهد الكبير من الخطيب في إعداد الموضوعات وترتيبها وعرضها بالبيان الجذاب سيسهم في تفاعل المستمعين مع المنبر الحسيني.

6- أنّ تراث أهل البيت (عليهم السلام) كلّه عظيم جميل، ولكن مهارة الخطيب وإبداعه يبرز باختيار النصوص والأحاديث التي تشكل جاذبية لجميع الشعوب على اختلاف أديانهم ومشاربهم الفكرية والاجتماعية انتهاجا لما ورد عنهم (عليهم السلام): (لو عرف الناس محاسن كلامنا إذا لتبعونا)، ومحاسن كلامهم هو تراثهم الذي يتحدّث عن القيم الانسانية التي تنجذب إليها كل الشعوب بمختلف توجهاتها الثقافية والدينية.

7- طرح المشاكل الاجتماعية الشائعة مشفوعةً بالحلول الناجعة، فليس من المستحسن أن يقتصر الخطيب على عرض المشكلة كمشكلة التفكّك الاسري أو مشكلة الفجوة بين الجيل الشبابي والجيل الأكبر أو مشكلة الطلاق أو غيرها، فإنّ ذلك ممّا يثير الجدل دون مساهمة من المنبر في دور تغييري فاعل، لذلك من المأمول من رواد المنبر الحسيني استشارة ذوي الاختصاص من أهل الخبرة الاجتماعية وحملة الثقافة في علم النفس وعلم الاجتماع في تحديد الحلول الناجعة للمشاكل الاجتماعية المختلفة ليكون عرض المشكلة مشفوعةً بالحل عرضاً تغييرياً تطويرياً ينقل المنبر من حالة الجمود إلى حالة التفاعل والريادة والقيادة في إصلاح المجتمعات وتهذيبها.

8- أن يتسامى المنبر الحسيني عن الخوض في الخلافات الشيعية سواء في مجال الفكر أو مجال الشعائر، فإنّ الخوض في هذه الخلافات يوجب انحياز المنبر لفئة دون أخرى أو إثارة فوضى اجتماعية أو تأجيج الانقسام بين المؤمنين، بينما المنبر راية لوحدة الكلمة ورمز للنور الحسيني الذي يجمع قلوب محبي سيد الشهداء (عليه السلام) هي مسار واحد وتعاون فاعل.

9- الاهتمام بالمسائل الفقهية الابتلائية في مجال العبادات والمعاملات من خلال عرضها باسلوب شيّق واضح يشعر المستمع بمعايشة المنبر الحسيني لواقعه وقضاياه المختلفة.

10- التركيز على أهمية المرجعية والحوزة العلمية والقاعدة العُلَمائية التي هي سرّ قوة المذهب الإمامي ورمز عظمته وشموخ كيانه وبنيانه.

نسال الله تبارك وتعالى للجميع التوفيق لخدمة طريق سيد الشهداء (عليه السلام) وأن يجعلنا جميعاً وجهاء بالحسين (عليه السلام) في الدنيا والآخرة.

والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

ارسال التعليق

You are replying to: .
captcha