قال السيد السيستاني في بيان له " ينبغي أن يلتفت المؤمنون الذين وفقهم الله لهذه الزيارة الشريفة انّ الله سبحانه وتعالى جعل من عباده أنبياء وأوصياء ليكونوا أسوة وقدوة للناس وحجّة عليهم فيهتدوا بتعاليمهم ويقتدوا بأفعالهم ، وقد رغّب الله تعالى إلى زيارة مشاهدهم تخليداً لذكرهم واعلاء لشانهم وليكون ذلك تذكرة للناس بالله تعالى وتعاليمه وأحكامه ، حيث إنهم كانوا المثل الأعلى في طاعته سبحانه والجهاد في سبيله والتضحية لأجل دينه القويم".
وأضاف " وعليه فإنّ من مقتضيات هذه الزيارة مضافاً إلى إستذكار تضحيات الإمام الحسين { ع } في سبيل الله تعالى هو الإهتمام بمراعاة تعاليم الدين الحنيف من الصلاة والحجاب والإصلاح والعفو والحلم والادب وحرمات الطريق وسائر المعاني الفاضلة لتكون هذه الزيارة بفضل الله تعالى خطوة في سبيل تربية النفس على هذه المعاني تستمر آثارها حتى الزيارات اللاحقة وما بعدها فيكون الحضور فيها بمثابة الحضور في مجالس التعليم والتربية على الإمام {ع}".
وبين " إننا وإن لم ندرك محضر الأئمة من أهل البيت { عليهم السلام } لنتعلم منهم ونتربى على أيديهم الإّ أنّ الله تعالى حفظ لنا تعاليمهم ومواقفهم ورغّبنا إلى زيارة مشاهدهم ليكونوا أمثالاً شاخصة لنا واختبر بذلك مدى صدقنا فيما نرجوه من الحضور معهم والإستجابة لتعاليمهم ومواعظهم ، كما اختبر الذين عاشوا معهم وحضروا عندهم ،فلنحذر عن أن يكون رجاؤنا أمنية غير صادقة في حقيقتها ، ولنعلم أننا إذا كنّا كما أرادوه { صلوات الله عليهم } يرجى أن نحشر مع الذين شهدوا معهم، فقد ورد عن أمير المؤمنين {ع} أنّه قال في حرب الجمل : أنه {قد حضرنا قوم لم يزالوا في أصلاب الرجال وأرحام النساء} ، فمن صدق في رجائه منا لم يصعب عليه العمل بتعاليمهم والإقتداء بهم ، فتزكّى بتزكيتهم وتأدب بآدابهم ".
وتابع " فالله الله في الصلاة فإنها {كما جاء في الحديث الشريف} عمود الدين ومعراج المؤمنين إن قُبِلت قُبِلَ ما سواها وإن رُدّت رُدَّ ما سواها، وينبغي الإلتزام بها في أول وقتها فإنّ أحبّ عباد الله تعالى إليه أسرعُهم استجابة للنداء إليها ، ولا ينبغي أن يتشاغل المؤمن عنها في اول وقتها بطاعةٍ أخرى فإنها أفضل الطاعات ، وقد ورد عنهم {ع} : { لا تنال شفاعتنا مستخفّاً بالصلاة }. وقد جاء عن الإمام الحسين {ع} شدّة عنايته بالصلاة في يوم عاشوراء حتى إنّه قال لمن ذكرها في أول وقتها : {ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلّين الذاكرين} فصلّى في ساحة القتال مع شدّة الرمي".
وشدد " الله الله في الإخلاص فإنّ قيمة عمل الإنسان وبركته بمقدار إخلاصه لله تعالى ، فإنّ الله لا يتقبّل الإّ ما خلص له وسلم عن طلب غيره. وقد ورد عن النبي {ص} في هجرة المسلمين إلى المدينة أنّ من هاجر إلى الله ورسوله فهجرته إليه ومن هاجر إلى دنيا يصيبها كانت هجرته إليها ، وان الله ليضاعف في ثواب العمل بحسب درجة الإخلاص فيه حتّى يبلغ سبعمائة ضعف والله يضاعف لمن يشاء . فعلى الزوار الإكثار من ذكر الله في مسيرتهم وتحرّي الإخلاص في كل خطوة وعمل ، وليعلموا ان الله تعالى لم يمنَّ على عباده بنعمة مثل الإخلاص له في الإعتقاد والقول والعمل ، وان العمل من غير إخلاص لينقضي بانقضاء هذه الحياة وأمّا العمل الخالص لله تعالى فيكون مخلّداً مباركاً في هذه الحياة وما بعدها" .
وأكد " الله الله في الستر والحجاب فإنّه من أهمّ ما اعتنى به أهل البيت {عليهم السلام} حتّى في أشدّ الظروف قساوة في يوم كربلاء فكانوا المثل الأعلى في ذلك ، ولم يتأذّوا {ع} بشيء من فعال أعدائهم بمثل ما تأذّوا به من هتك حُرَمهم بين الناس، فعلى الزوار جميعاً ولا سيّما المؤمنات مراعاة مقتضيات العفاف في تصرفاتهم وملابسهم ومظاهرهم والتجنب عن أي شيء يخدش ذلك من قبيل الألبسة الضيّقة والإختلاطات المذمومة والزينة المنهىّ عنها ، بل ينبغي مراعاة أقصى المراتب الميسورة في كل ذلك تنزيهاً لهذه الشعيرة المقدّسة عن الشوائب غير اللائقة".
وختم المرجع بالقول " نسأل الله تعالى أن يزيد من رفعة مقام النبي المصطفى {ص} وأهل بيته الأطهار{ عليهم السلام } في الدنيا والآخرة بما ضحّوا في سبيله وجاهدوا بغية هداية خلقه ويضاعف صلاته عليهم كما صلّى على المصطفين من قبلهم لا سيما ابراهيم وآل ابراهيم كما نسأله تعالى أن يبارك لزوار أبي عبد الله الحسين {ع} زيارتهم ويتقبلها بأفضل ما يتقبل به عمل عباده الصالحين حتّى يكونوا في سيرهم وسيرتهم في زيارتهم هذه وما بقي من حياتهم مثلاً لغيرهم وأن يجزيهم عن أهل بيت نبيّهم { عليهم السلام } خيراً لولائهم لهم واقتدائهم بسيرتهم وتبيلغ رسالتهم عسى أن يُدعَوا بهم { عليهم السلام } في يوم القيامة حيث يدعى كل أناس بإمامهم وأن يحشر الشهداء منهم في هذا السبيل مع الحسين {ع} وأصحابه بما بذلوه من نفوسهم وتحمّلوه من الظلم والاضطهاد لأجل ولائهم إنّه سميع مجيب"