۳۱ فروردین ۱۴۰۳ |۱۰ شوال ۱۴۴۵ | Apr 19, 2024
سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد هاشم الحيدري

وكالة الحوزة ـ أجرى الباحث الإسلامي العراقي سماحة السيد هاشم الحيدري سلسلة حوارات حول قضية عاشوراء والنهج الحسيني، إذ تطرق في القسم الثاني من الحلقة الرابعة إلى طرق معرفة الحق من الباطل والتمييز بينهما.

أفادت وكالة أنباء الحوزة أن الباحث الإسلامي العراقي سماحة السيد هاشم الحيدري أجرى سلسلة حوارات حول قضية عاشوراء والنهج الحسيني، إذ تطرق في القسم الثاني من الحلقة الرابعة إلى طرق معرفة الحق من الباطل والتمييز بينهما، وفيما يلي نص الحوار.
المقدم: ما هي الحلول المتوفرة للأمة؟ لأن الإنسان قد يجد حلاً لنفسه ولكن لا يعتبر هذا حلاً للأمة. 
سماحة السيد: طبعاً الخطوة الأولى هي الإنسان؛ ﴿عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَايَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾. يقول القرآن الكريم: ﴿وَلَاتَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾. يعني هنالك لبس وخلط، ولكن عندما يقول: ﴿وَلَاتَلْبِسُوا﴾، هذا فعل يعني أنتم تقومون بذلك، الشيطان عمله هذا، الإعلام المغرض عمله هذا، فرعون عمله هذا، يزيد عمله هذا؛ إذن هنالك شياطين الإنس والجن يعملون على لبس الحق بالباطل، طبعاً هذا سؤال مهم جداً وموضوع مهم جداً أنه كيف يمكن أن نفر من هذا الخلط؟ لأن مسيرة الإنسان في هذه الدنيا مسيرة صعبة فيها مواقف وفيها قتال وفيها جهاد وفيها سكوت يؤدي إلى سقوط وفيها كلمة قد تراق بها دماء وفيها عدم كلمة قد تراق بها دماء كما ذكرنا سابقاً حول شريح القاضي. 
يذكر السيد القائد بأن قضية تمييز الحق عن الباطل قضية صعبة، فإننا كيف نميز بين الحق والباطل، وكيف لا نقع في شبهة اختلاط الحق بالباطل، هذه تعتبر من الأمور الصعبة بحسب رأي الولاية، ومن المسائل العصيبة التي شهدتها حياة البشرية على مدى التأريخ وبالذات تأريخ النبوات، تعال وانظر إلى موسى وعيسى وشعيب وصالح و. . . كيف كانت الأجواء في زمانهم ملبّدة مغبرّة. ثم ينقل الإمام القائد رواية عن أمير المؤمنين عليه السلام موجودة في نهج البلاغة الخطبة خمسين: «فلو أن الباطل خلص من مزاج الحق لم يخف عن المرتادين، ولو أن الحق خلص من لبس الباطل لانقطعت ألسن المعاندين ولكن» وهذا هو عمل الشيطان «ولكن يؤخذ من هذا ضغث  أي قليل - ومن هذا ضغث»، يؤخذ قليل من الحق وقليل من الباطل«فيمزجان»، وهنا تكمن الصعوبة «فيمزجان فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه». وأمير المؤمنين عليه السلام قد خاض هذه المعاناة مع الأمة، ففي المقابل أصحاب رسول الله، في المقابل أسماء لامعة، وهو خليفة رسول الله وابن عم رسول الله، وهو صاحب الغدير، ولكن الإعلام غيّر الأمور، فاتجهت باتجاه آخر، بحيث تصور أنه أصبح عمار بن ياسر، وهو تلميذ أمير المؤمنين، أحد دلالات الحق، وهذه من مظلومية أمير المؤمنين، رغم أن عمار حصل على هذا الوسام، ولكن عندما يقال: «تقتله الفئة الباغية» راحت الناس تنظر لترى من الذي قتل عمار حتى تستدل على الحق، وهذا يعني أن شمس أمير المؤمنين لم يروها. يقول أمير المؤمنين عليه السلام: «كم من ضلالة زخرفت بآية من كتاب الله»، إنها ضلالة ولكن باسم الحق، كما في تعبير أمير المؤمنين رداً على الخوارج: «كلمة حق يراد بها باطل»، وهذه هي الصعوبة. 
المقدم: سماحة السيد! بهذه الطريقة من يستطيع أن يميز؟ ومن هو حقاً  يمتلك قدرة تمييز الحق من الباطل؟ بهذه الطريقة ربما نحتاج إلى الخواص الذين تحدثنا عنهم، ولكن حتى الخواص هم عرضة للوقوع في الفخ!
سماحته: القرآن هنا يطرح آية مهمة للفصل بين الحق والباطل، وهي ترتبط بباطن الإنسان؛ أي قرار الإنسان وصدق الإنسان، حيث يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْلَكُمْ فُرْقَانًا﴾. والفرقان يعني التفريق بين الحق والباطل. إذن ما هو الحل؟ التقوى، ﴿إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ﴾، ولكن ما هي التقوى؟ هل هي صلاة وصوم؟ لقد كان أكثر الناس يصلون ويصومون، ولكن لم يعرفوا الحق من الباطل. 
المقدم: قاتل الحسين أيضاً كان يصلي ويصوم 
السيد: أحسنتم أحسنتم. . في كل المعارك بعد الإسلام كان في كلا الطرفين صلاة وصيام. السيد القائد يعلق على هذه الآية وعلى هذا المفهوم، ويقول: التقوى هنا ترد بمعنىً آخر، صحيح أن الصلاة من التقوى، والصوم من التقوى، وقراءة القران من التقوى، ولكن يقول بأنّ التفكر والتدبر مهم هنا. أنا أضرب مثالاً بسيطاً، إذا هناك ممر وفيه زجاج مكسر، وأنا حافي القدمين، وتقول لي: امشِ في هذا الممر، والممر أراه مليئاً بالزجاج المكسر، فكيف امشي به؟ وأنا حافي القدمين بهذا الشرط لأنه الخطر، فالدنيا خطرة في كل الاحوال، أمشي وكل خطوة أدقق فيها لئلا أصاب بالجراحات، وأضع قدمي على الزجاج. إذن كل خطوة تحتاج إلى دقة، لأن النتيجة خطرة. والدنيا كذلك إذا لم يفكر الإنسان في كل خطوة يخطوها فيها، يقع ويسقط حتى لو كان ابن مرجع وابن نبي وابن قائد وابن أيّ كان. 
المقدم: والتأريخ مليء بالأمثلة 
سماحة السيد: أحسنتم ولذلك فالتقوى تعني: أن أتفكر، وأن أتقي المخاطر، وأتقي السقوط، وأتقي الانحطاط؛ عند ذلك يوفّق الإنسان. ولذلك فإنّ الله سبحانه وتعالى عندما يعاقب الإنسان في الآخرة أو يثيبه، لابد أن يكون القرار قرار الإنسان. وبتعبير آخر، الإنسان لا يُفرض عليه الباطل ولا يُفرض عليه الحق، وإنما يختار الباطل أو يختار الحق بإرادته. فالذين قتلوا الحسين قتلوه بإرادتهم، والذين نصروا الحسين نصروه بإرادتهم، وهكذا الذين نصروا أمير المؤمنين والذين خذلوه، والذين نصروا رسول الله والذين خذوله، وهذا يجري في كل زمان. لذلك يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾، وعليك أنت أن تكون متقياً، بمعنى التفكر والتدبر، وأن تكون طالب حق تريد النجاة، وهذا هو القرار، لذلك «لا يعرف الحق إلا بالجد» كما في رواية أمير المؤمنين. 
المقدم: يعني التقوى والإرادة والاتصال الدائم مع الله عزوجل والدعاء الدائم بهذا الموضوع «أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه». 
سماحة السيد: أحسنتم ولذلك يؤكّد القرآن على الاتكاء على الآباء والعشائر في هذه القضية، فإن صلة الرحم شيء وقرار الحق ومعرفة الحق شيء آخر. ولكن الكثير منا نميل إلى عشائرنا ونميل إلى أوطاننا ونميل إلى قومياتنا وإلى أحزابنا وإلى موكبنا وإلى مسجدنا وإلى حسينيتنا، وفي الحقيقة دائما نعتمد على «الأنا». يجب أن تبتعد هذه المؤثرات الخارجية والمؤثرات الصوتية والصورية عن الإنسان إذا كان القرار أن يريد وأن يطلب الحق وبالتالي سيصل إلى معرفة الحق. 
المقدم: سماحة السيد! إذا تيقّن الإنسان من الحق، وميّزه عن الباطل، فما هي الخطوة الأخرى؟ 
السيد: قبل الانتقال إلى الخطوة الأخرى، أحببت أن أشير إلى مثال - كما ذكرت - من حزب الله، فإنه عرف الحق وشخّص الإمام الخميني بأنه هو القائد وهو الولي الفقيه هو ولي الأمر، وتجرد في هذا عن التعصبات وعن الوطنيات والقوميات، نعم مع حفظ مصلحة الوطن كبعد سياسي في الحركة، وهذا طبيعي. وبالمناسبة أشير هنا إلى نقطة، لأن هناك تشويه كبير في بحث الولاية، وهذه النقطة هي أن إطاعة الولي الفقيه وولي أمر المسلمين واتباعه لا يتعارض مع مصلحة الوطن، بل أنا أقول على العكس بالضبط، فإن أي أمة وأي مجموعة وأي حزب وأي جماعة لو اتبعت الولاية، وإن كانت في أقصى الأرض، باتباعها للولاية سوف يزدهر هذا بلدها بالعنوان السياسي، ووطنها بالعنوان المتعارف، لأن اتّباع الدين واتّباع القائد الشرعي يؤدي بالتأكيد إلى ازدهار لأي بلد ولأي وطن. إنّ طاعة الولي الفقيه تنسجم مع المصلحة المصلحة العليا والمصلحة الاستراتيجية للوطن، لأنه يمثل الإمام المعصوم، وإطاعة المعصوم من خلال نائبه تستجلب المصلحة بالتأكيد لكل الأرض، لأن الأرض بذلك تخرج بركاتها. إذن حزب الله عرف الإمام، وبعد البحث وصل وتيّقن، وكان على يقين من أحقية وسلامة وبراءة ذمة اتّباع الإمام الخميني كقائد وولي الأمر. 

 

ارسال التعليق

You are replying to: .