۳۰ فروردین ۱۴۰۳ |۹ شوال ۱۴۴۵ | Apr 18, 2024
سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد هاشم الحيدري

وكالة الحوزة ـ أجرى الباحث الإسلامي العراقي سماحة السيد هاشم الحيدري سلسلة حوارات حول قضية عاشوراء والنهج الحسيني، إذ تطرق في القسم الأول من الحلقة الثالثة إلى أوجه الشبه بين حركة الإمام الخميني (ره) وحركة جدهِ الإمام الحسين (ع)، مبينا أن الإمام الخميني (ره) كان خير متأس بالإمام الحسين وبثورته.

أفادت وكالة أنباء الحوزة أن الباحث الإسلامي العراقي سماحة السيد هاشم الحيدري أجرى سلسلة حوارات حول قضية عاشوراء والنهج الحسيني، إذ تطرق في القسم الأول من الحلقة الثالثة إلى أوجه الشبه بين حركة الإمام الخميني (ره) وحركة جدهِ الإمام الحسين (ع)، كما أن الإمام الخميني (ره) كان خير متأس بالإمام الحسين وبثورته، وفيما يلي نص الحوار.

المقدم: ما هي أوجه الشبه بين حركة الإمام الخميني (قُدس سره) وحركة جدهِ الإمام الحسين (عليه السلام)، ولماذا اختلفت النتائج؟
سماحة السيد
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين 
في الواقع هذا الموضوع من المواضيع المهمة جداً، خصوصاً في عصرنا الحاضر. وفي البداية لابد أن نطلق هذا الشعار أنه عندما نتحدث عن أوجه الشبه بين الإمام الخميني (قدس الله نفسه) والإمام الحسين سيد الشهداء (عليه السلام)، ليس معنى ذلك أننا نريد أن نعطي حالة التساوي بين الشخصين. فإن الإمام الحسين يبقى هو الإمام المعصوم (عليه السلام)، ويبقى أهل البيت لا يقاس بهم أحد، وإنما هذا الحديث من باب التأسي والاقتداء، وقطعاً خير مُتأسٍ بالإمام الحسين وبثورته كان الإمام الخميني (قدس الله نفسه) على طول هذه الفترة منذ ثورة الإمام الحسين وإلى يومنا الحاضر. إذن فالحديث ليس في بعد التساوي أو البعد التكويني أو بعد العصمة، وإنما في الحركة. وبالتالي نحن كلنا وكما يعبر القرآن الكريم مسألة ﴿لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾، يجب أن نتأسى برسول الله، وبأهل البيت وبالأنبياء وبالصالحين، وهذا هو مناط الحديث وهو مستوى الحديث هنا، لكي لا يصطاد بعض المصطادين بالماء العكر حتى نرفع هذه الشبهة منذ البداية. 
المقدم: رأي القائد
سماحة السيد: طبعاً سماحة السيد القائد ومنذ توليه القيادة تحدث كثيراً عن الإمام الخميني وأبعاد حركة الإمام الخميني. ومن ضمن المواضيع التي تحدث عنها هو بعد الشبه بين الحركتين؛ بين الإمام الخميني كمتأسٍ ومقتدٍ بحركة وثورة الإمام الحسين (عليه السلام). يقول القائد ونحن تعودنا أن نقرأ كلام القائد: إنكم تعلمون بوجود أوجه شبه كثيرة بين حركة الإمام الخميني وحركة الإمام الحسين(عليه السلام)، بل هي انبثقت مقتدية بالنهضة الحسينية. (أساساً هي كل ما لدينا من محرم وصفر، كما جاء في كلام الإمام الخميني) وإن انتهت تلك الحركة؛ حركة الإمام الحسين التي تمثل الأصل باستشهاد جميع عناصرها وانتهت هذه الحركة بضفر الإمام الخميني، إلا أن هذا لا يعد فارقاً وذلك لهيمنة صورةٍ واحدةٍ من التحرك ومحتوىً واحدٍ وتخطيطٍ عامٍ على كلتا الحركتين. أساساً حركة الإمام (قدس الله نفسه) هي متأسية، فقد كان يقرأ عاشوراء ويتحرك، إذن هو مقتدٍ بثورة الإمام الحسين، ولقد كان التفاوت في المقتضيات، فإن ذلك الظرف في زمن الإمام الحسين أدى إلى الشهادة، وهذا الظرف في زمن الإمام الخميني أدى إلى الحكم، وإلا فأصل الحركة هي أنّ الإمام تأسى بسيد الشهداء (عليه السلام)، ولقد كان التفاوت في المقتضيات وليس في البواعث والأهداف وفيما يرتبط بالمعاني السامية في الحركة، فانتهت تلك الحركة بانتصار الإمام الحسين عبر شهادته، فيما كان مصير هذه إقامة حكومة إسلامية والتي تسمى اليوم بالجمهورية الإسلامية، وهي ما زالت قائمة وستبقى إن شاء الله. 
المقدم: ما هي أوجه الشبه بين الحركتين؟
سماحة السيد: سوف أتحدث بوجهين أساسيين، طبعاً هناك أوجه كثيرة، وابتدئ بالوجه الذي ركّز عليه الإمام القائد حيث يقول: من بين الأمور البارزة في كلتا الحركتين هي مسألة الاستقامة وهذا عنوان أساسي «الاستقامة». فلولاها لما وجدت كربلاء وعاشوراء ولما وجدت الثورة الإسلامية في ايران. ثم يقول السيد القائد: فاستقامة الإمام الحسين (عليه السلام) كانت بنحوٍ أنه قرر أن لا يستسلم ليزيد وحكومته الجائرة ومن هنا انطلق الصراع في المدينة. وأشرنا إلى بيان رقم واحد في المدينة، فإن الإمام منذ ذلك الحين رفض البيعة وانطلقت الثورة. وهنا بدأ عدم الاستسلام، وبالتالي بدأت مرحلة وطريق الاستقامة حيث رفض الاستسلام أمام حكمٍ فاسدٍ عمد إلى حرف الدين عن مسيره بنحوٍ كلي (١٨٠) درجة. فلقد كان الإمام من المدينة حاملاً هذه النية وهي الاستقامة والدوام في الحركة، لأنه قلنا بأن الهدف لم يكن الحكومة، ولو كان الهدف هو الحكومة، لما قال الإمام بأني سأمضي في هذه الحركة حتى النهاية، بل كان عليه أن يقول: أمضي إلى ما استطعت من تشكيل حكومة، وإن لم أتمكن من ذلك أرجع. وقلنا بأنّ هذا ملغيٍّ بحسب فكر الإمام القائد وفكر الولاية، فإنّ الإمام الحسين لما شعر في مكة وفي موسم الحج بوجود الناصر، قرن تحركه بالثورة. ذلك أنّ حركته في بادئ الأمر كان عنوانها الرفض، وفي مكة أصبح العنوان هو الثورة بوجود الناصر، لأنه يعتبر إلقاء الحجة، وإلا فإن جوهر القضية هو الاعتراض على حكومة لا يمكن تحملها ومرفوضة في موازين الإمام الحسين عليه السلام. 
إذن الحديث هنا عن الاستقامة، فإنّ الحسين عليه السلام طيب بشخصه رفض البيعة ورفض الحكومة، ولكن لأي ثائر يمكن في طريق الحركة وخلال مدتها، وفي الانتقال من مكان إلى مكان، ومن ظرف إلى ظرف، قد تواجهه مقتضيات جديدة ومعطيات جديدة وظروف جديدة تؤدي بهذا الثائر والقائد أن يتراجع في نقطة ما، وهنا يضرب السيد القائد بعض الأمثلة، منها أن الإمام قد استلم من أهل الكوفة 12000، أو 18000 رسالة على بعض الروايات، كلها تبايع وتقول: أقدم إلينا، نحن سيوفك، نحن رجالك، فأرسل إليهم مسلم ابن عقيل، وجاء الخبر بأن الكل انقلب. . الكل خذل. . الكل غدر. . وبالتالي قتلوا الرسول مسلم، فهل هذا مبرر للتراجع؟ قد يكون مبرراً إذا لم يكن يحمل القائد رؤية واضحة أو كان يتسم بضعف في الاستقامة، فيتراجع، لكن الإمام لم يتراجع، لأن القضية ليست قضية أهل الكوفة، ولأن قضية رسائل أهل الكوفة وصلت إلى الإمام واستلمها في مكة لا في المدينة، والإمام كان قد رفض البيعة في المدينة؛ يعني في الواقع عندما سمع أهل الكوفة برفض الإمام لبيعة يزيد كاتبوه، لا أنّ الإمام عندما وصلته الرسائل رفض البيعة ليزيد، فهناك فرق كبير بينهما، والفرق واضح. لذلك يقول بعض العلماء بأنأهل الكوفة ألقوا الحجة على الإمام مكانياً وليس في أصل الثورة، وإنما المكان في الكوفة؛ فأصبح على الإمام أن يذهب إلى الكوفة لأن أنصاره هناك، من باب «لولا حضور الحاضر» التي قالها أمير المؤمنين عليه السلام. هناك مثال آخر يشير له الإمام الخميني وهو قله الناصر، ففي كربلاء وصل عدد الذين معه 72 في مقابل 30000، وهذا أمرٌ غير معقول، ولكن الإمام رغم ذلك لم يتراجع. 
نرجع إلى الهدف الذي يعتبر هو الضامن، فإنه إذا كان الهدف على مستوى عالٍ جداً وهو إنقاذ الإسلام، لا فرق حينئذ بين أن يكون الأنصار 72 أو 7200 أو 700000 أو كان الإمام وحيداً. فالهدف هو إنقاذ الإسلام. ويضيف السيد القائد وجود الأطفال والنساء والعطش والحصار والخوف. ومع كل هذا، لم يظهر على الإمام أي تراجع وأي شعور بالتراجع وأي مظهر يدل على التراج لا في الظاهر ولا في الباطن. صحيح أنه هو المعصوم، ولكن نحن نتحدث هنا عن إنسان بالتالي، حتى نفسح المجال للحديث، لأنه إذا قلنا معصوم، فإن المعصوم منزّه عن أي نقص، بل نقول هو إنسان ومعصوم. وفي كل الأحوال فالاستقامة عنوان أساسي كان في ثورة الإمام الحسين عليه السلام. 
ثالثاً: الإشاعات، وهي مسأله مهمة جداً في حركه أي ثائر. فالإشاعات قد تكسر ظهر القائد. عندما يعلم القائد أن أنصاره قد صدّقوا بإشاعة وفي هذا الزمان صدّقوا بفبركه إعلامية، قد يتراجع القائد. ولكن الإشاعات والمغريات والتهديدات والشبهات والإشكالات التي كانت تأتي وتأتي تباعاً لم تؤثر في استقامة الإمام الحسين عليه السلام. 
المقدم: قديكون هذا الأمر بالنسبة إلى الإمام الحسين عليه السلام مفهوماً لأنه معصوم، ولكن كيف يمكن إدراكه بالنسبة إلى الإمام الخميني؟
سماحة السيد: نحن عندما نتحدث عن أولياء الله من علمائنا وفقهائنا ومراجعنا على مستوى الإمام الخميني، لا يكون الحديث بالطبع في مقام الإمام، ولكن انظروا كيف يصف بعض مراجع الدين الإمام الخميني، ومنهم آية الله العظمى السيد بهاء الديني، وهو من عرفاء قم، حيث كان يقول: من بعد الأنبياء وأهل البيت لم تشهد الأرض مثل الإمام الخميني. ولكننا رغم هذا نتعامل ضمن المعطيات الموجودة في تأريخه وسيرته ومواقفه وحديثه وخاتمته، ونتحدث ضمن هذا الإطار. يقول الإمام القائد: لقد امتاز الإمام الخميني بهذا البعد وهو بعد الاستقامة. وبالفعل فقد امتاز به الإمام، فالجميع يشهد بذلك من صديق وعدو. وفي هذا المجال يذكر الإمام القائد بعض الأمثلة، منها أنه قيل قيل للإمام الخميني في بدايات النهضة: لو واصلت حركتك فقد تعطل الحوزة العلمية، وقد يقوم الشاه بإغلاقها، ويصير إرباك بالوضع الديني في قم، وإنهم سيحرّكون كبار العلماء والمراجع ضدك، وستدبّ الاختلافات في العالم الإسلامي والحوزة العلمية. وهذا ما قد يؤدي إلى أن ترتعد فرائص الكثير، إلا أن الإمام لم يهتز لذلك وواصل طريقه حتى بلغت الثورة الانتصار. كما قيل للإمام ذات مرة أو لمرات عدة: إنك إذا تحث الشعب الإيراني على مواجهة النظام البهلوي، فمن الذي يتحمل مسؤولية هذه الدماء؟ بالتالي فإن هناك شباب تنزل إلى الشارع وتقتل وتستشهد، فطرحوا قضية دماء الشباب على الإمام، وهي قضية صعبة، ولاسيما إذا يأتي العالم ويطرح هذه المسألة، ولكن واصل الإمام الطريق. وهناك أمور قد لا ندركها، فلنتخيّل أن السنتين أوالسنوات الثلاث الأولى مظاهرات في الشوارع، وقتل، وحركة المنافقين التي انقلبت على الإمام، والإمام كالجبل، في بداية انتصار الثورة وإذا برئيس الجمهورية الأول خائن (بني صدر)، ولم تمض على انتصار الثورة سنة وعدة شهر وإذا بالحرب المفروضة تُشنّ على إيران، وجيش صدام وصل إلى عبادان؛ هذا أمرٌ ليس بالهيّن! قتال في منطقة كردستان، واعتراضات في المنطقة الفلانية، وهكذا توالت الأحداث، والإمام لم يأتِ بالسيف، وإنما جاء بالقناعات، ولقد كان صامداً حقاً، ويحمل استقامة حسينية، لذلك يقول السيد القائد: «لقد تعرضت إيران لهجومٍ سياسيٍّ شامل عبر مراحل متعددة». والحق يقال لا أظن أن هناك مرحلة من الضغط على دولة ومجموعة مثل ما حصل على الجمهورية الإسلامية طوال هذه الخمسة وتلاثين عاماً من الثورة، إضافة إلى الحرب الإعلامية، إذ غالباً ما تكون الهجمات السياسية مؤثرة. يقول الإمام القائد وهو يعلم تأثير الوضع السياسي والإعلامي: إن الإمام لم يتراجع بحجة تظافر هؤلاء علينا، ولم يهوّل الأمور، ولم يقل إن كان بإمكاننا مواجهة أمريكا لوحدها فأنّى لنا الخروج منتصرين على أمريكا والاتحاد السوفيتي معاً، حيث كان هناك قطبان في سنة 1979 وكان العالم ثنائي القطبية، وقد اتحد كلا القطبين بوجه الجمهورية الإسلامية، يقول السيد القائد: لقد استقام الإمام ولم يحدُ عن ما أطلقه من شعارات وعن طريقه ولم يتفوه بما كان الأعداء يطمحون إليه، بمعنى أنه لم تظهر نقطة ضعف من الإمام، ثم يقول سماحته بأنها استقامة حسينية، وهي وفق معايير عصرنا، فإذا أردنا أن نحكّم المعايير نجد التناظر بين مواقف الإمام الحسين (ع) والإمام الخميني، ولكن مع فرق المقام، فذاك معصوم وهذا فقيه. 
المقدم: هنا يأتي السؤال سماحة السيد، وهو أن ذاك معصوم، ولذلك يتحلى بهذه الاستقامة، وربما يقال بأن المعصوم وُلد كذلك، ولكن من أين أتى بها الإمام الخميني؟
سماحة السيد: بواسطة تربية النفس والجهاد الأكبر وتزكية النفس، والإمام معروف بذلك، فقد كان شيخ وسيد العرفاء، ويشهد العرفاء بمقامه الشامخ الذي لا يمكن أن نتصوره، فهذا ليس المعصوم فقط الذي لا نتصور مقامه، بل يشمل أوليائهم وأتباعهم أيضاً، فسلمان الفارسي (رضوان الله عليه) لا ندرك مقامه وهو تلميذ أمير المؤمنين (ع) ورسول الله (ص). لقد كان الإمام الخميني فقيهاً وعارفاً وشجاعاً ربى نفسه. وهناك في تصوري مصنع إلهي خاص بأولياء الله، ذروتُه المعصومون (ع)، ثم الأنبياء وأيضاً هؤلاء العظماء. فقوله: ﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾لا تختص بموسى أو عيسى، وإنما هو مصنع لأولياء الله وقادة الإسلام. 
يشير السيد القائد إلى مسألة مهمة وهي استقامة الإمام الخميني في الحرب المفروضة، يقول: نحن دولة فتية، حيث انهار النظام السابق، وأُسّس نظام إسلامي جديد على مبانٍ جديدة بالكامل، وإذا بهذه الدولة تشهد خيانة أول رئيس جمهورية، وتشهد الاغتيالات وشهداء المحراب والشهيد مطهري، وهو شيء مربك. يقول الإمام القائد: هجم العدو هجوماً مباغتاً على سكك الحديد ومصافي النفط، فتعطلت الصناعات النفطية وتعطلت معامل سكك الحديد، ولم يكن بوسع أيّ أحد إلا الانهيار أمام تلك الأحداث، إلا الإمام الخميني. والكل يعلم أن نظام صدام لم يكن لوحده، بل العالم كله من الشرق إلى الغرب ومن الاتحاد السوفيتي إلى أمريكا اتفقوا فقط على عداء إيران ونصرة صدام، ولكن الإمام كان ثابتاً وواقفاً، ولم يتفق أن دبَّ في الإمام الخميني ضعف ولو لحظة واحدة على مدى السنوات العشر  حياة الإمام بعد انتصار الثورة من ٧٩ إلى ٨٩ حيث وفاة الإمام التي قضاها عقب انتصار الثورة الإسلامية بسبب ثقل المسؤولية وتهديدات العدو، لأنه كان يتمتع بروح حسينية. ففي الحرب هناك خسائر، والإمام كان يعتز بأنفس ودماء الناس كثيراً، ويتألم لهم فهو يبكي أحياناً أو تتجمع الدموع في عينيه وهذا ما شهدناه مراراً كما يقول السيد القائد، فلقد كان الإمام إنسان عاطفياً ولم يكن إنساناً قاسياً، وهذه حرب ودماء وشهداء، وهو بهذه الرقة يجب أن يبقى مستقيماً. فقد اشترك مع الإمام الحسين (ع) في هدفه وهو إنقاذ الإسلام، ولذلك يتجاوز كل المآسي، ثم يقول الإمام القائد: إنه كان إنساناً رؤوفاً ورحوماً وذا فؤاد مفعم بالمحبة والإنسانية، لكنه لم يرتعد أو يهتز أمام التهديدات، ولم ينثنِ عن طريقه، وقد أدرك أعداء الثورة جميعهم وعلى مدى السنوات العشر هذه عدم إمكانية إرهاب الإمام الخميني وجربوا ذلك. 
المقدم: هل هناك ميزة أخرى تشترك فيها معركة الإمام الخميني والإمام الحسين؟
سماحة السيد: من الميزات المهمة الأخرى هي مسألة أداء التكليف بغض النظر عن النتائج، والإمام تميّز بذلك. هذه قاعدة أرساها الإمام لكل من يتبع هذا الخط، وهي أنه عندما يكون الإسلام في خطر، وتم تشخيص الهدف، لا ينبغي النظر إلى النتائج، كما في القرآن الكريم حينما يتحدث عن الجهاد يقول: ﴿ياأَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّکُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجيکُمْ مِنْ عَذابٍ أَليمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ في‏سَبيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِکُمْ وَأَنْفُسِکُمْ. . . يَغْفِرْلَکُمْذُنُوبَکُمْ﴾ ثم يقول من بعد ذلك: ﴿وَأُخْرى‏ تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ﴾. ولذلك كانت عند الإمام الخميني قطعاً نبوءة محددة في ذهنه. . تحليل سياسي. . قاعدة عرفانية أنه سينتصر. ولكن عندما قام الإمام، قام أداءً للتكليف وكان مستقيماً في ذلك، فذهب إلى النجف، ومن بعدها عند الحدود الكويتية لم يدخلوه، ثم ذهبإلى فرنسا، وعندما رجع منتصراً سُئل في الطائرة  ما شعورك؟ فأجاب: «لا شيء». وبالطبع ليس معنى أداء التكليف أننا لا نخطط لنتيجة إيجابية، فالتخطيط مهم، ولكن إذا أُغلقت الأبواب، كما هو الحال بالنسبة إلى الإمام الحسين (ع) حيث وجد الأمة معرضة جبانة، تحرك واستمر في أداء التكليف، ولكن الإمام الخميني توفرت له الأمة في حركته، ولكن يبقى العنوان هو أداء التكليف، ولذلك تحرك منذ البداية على قاعدة أداء التكليف. 
المقدّم: لماذا سلطت الضوء على النقطة الثانية في أداء التكليف؟
سماحة السيد: لأن في اعتقادي أن الكثير من الحركات الإسلامية، ونحن كمبلغين وكأساتذة وكرؤساء أحزاب وكحركة إسلامية كثيراً ما نتوقف عندما نواجه أول مانع، ونتراجع حين تشتد الموانع، لماذا؟ لأن عنوان أداء التكليف عندنا ضعيف، ولو كان قوياً عند الإنسان لذهب إلى النهاية، إلا إذا سقط التكليف بين الإنسان وبين الله، لا من أجل مؤثر، وإنما من أجل تأثير الظروف. فقد كان الإمام الخميني يقول باستمرار الحرب، ولكن أوصلته الظروف إلى هذه القناعة، واتخذ قرار إيقاف الحرب وتحمل مسؤولية ذلك، لا لمؤثر ضغط أمريكي أو تهديد سوفيتي، وانما هو وصل إلى هذه القناعة. وهذا يعني أن الإمام عندما ثار من أجل الإسلام، وعندما أقام جمهورية من أجل الإسلام، وعندما دخل الحرب وتحمل مسؤوليه الحرب كان من أجل الإسلام، وعندما أوقف الحرب أيضاً كان لأجل الإسلام، ليس انهيارٌ وليس ضغطٌ، وإنما هي استقامة من أجل التكليف. . هنا أداء التكليف وهناك أيضاً أداء التكليف، وهذه مهمه جداً. وهذا ما شاهدناه في حرب تموز وأمثالها الكثير، ففي حرب تموز لم يبقِ القصف شيئاً، ولكن التكليف هو الذي أدى إلى أن يواصل الأمين العام وحزب الله والمقاومون نهجهم واستقامتهم، فقد أرسل إليهم الإمام القائد أن استمروا واصبروا وسوف تحققون نصراً عظيماً، ويتغير وضعكم في المنطقة، وتصبحون أصحاب قرار، وقوة إقليمية، وقدوصلوا إلى ذلك، كل هذا بسبب أداء التكليف، والإمام امتاز بذلك. ونحن إذا قلنا إن الإمام الخميني تأسى بالإمام الحسين، نقول بأن مثل حزب الله وأمثاله قد تأسىبالإمام الخميني الذي تأسىبالإمام الحسين (ع) في استقامته وفي أداء التكليف، لأن أداء التكليف يحتاج إلى بصيرة، وذكرنا في البحث السابق بأن النقطة الأخيرة هي البصيرة في معرفه التكليف، لأنه في منعطف هنا، أو زاوية هناك، أو صعوبة هنا، أو مانع هناك، قد تعمى البصيرة، فنغيّر التكليف من صعب إلى أسهل، ونفرّ من التكليف. 
إذن بقي الإمام ثابتاً، وعندما استمر بالمواجهة لم يكن عنده مشكلة مع الشاه بالعنوان الشخصي، كما الامام الحسين (ع) حيث قال: «مثلي لا يبايع مثله». وأوجه الشبه كثيرة يمكن أن تنقدح في لحظه أو دقيقة أو ساعة حوار، لكن أداء التكليف مهم جداً، لأننا اليوم نحتاج إلى هذا الأمر. فاليوم هناك هجمة تحالفية غربيه استكبارية نحتاج فيها إلى استقامة وإلى أداء التكليف، بأن نعرف قائدنا ونأخذ تكليفنا منه ونثبت عليه، وإلا إذا هيمنت علينا الأمزجة والأهواء، سنعطي هنا تنازل، ونوقع هناك، وبتعبير سماحة السيد حسن في خطاب قديم: إذا قلنا ألف يجب أن نقول الياء. . هكذا هم أعداؤنا، وفي القران الكريم: ﴿وَلَن تَرضىٰ عَن كَاليَهودُ وَلَا النَّصارىٰ حَتّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم﴾، ولا يقبلون بأدنى من ذلك إلى أن تستسلم لهم، قد يقولون لنا: صلّوا وابقوا سنة أو شيعة أو  أو أو. . . ولكن بشرط أن نمضي لهم وأن نوقع. ونعتقد اليوم بتعبير الإمام القائد إذا تكررت كربلاء فيكون النصر عند ذلك هو النتيجة وليس الشهادة للأمة الإسلامية ولمحور المقاومة وإن شاء الله قد ولّى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات. 

ارسال التعليق

You are replying to: .