الثلاثاء 8 يوليو 2025 - 17:25
مقال | غرب آسيا في مواجهة الإمبريالية؛ المقاومة تتحدى الهيمنة الأمريكية

وكالة الحوزة - بين صواريخ المقاومة وانهيار الدولار.. مشهد غرب آسيا يتغير جذرياً! محور المقاومة يقلب المعادلات ويُضعف الهيمنة الأمريكية في المنطقة، فيما تتسارع التحالفات الجديدة لرسم نظام إقليمي مستقل. فهل نشهد نهاية عصر الهيمنة الغربية؟

وكالة أنباء الحوزة - تشهد منطقة الشرق الأوسط مرحلة مفصلية من التحوّلات الجيوسياسية العميقة، في ظل تصاعد المواجهة بين محور المقاومة والقوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

في الوقت الذي تواصل فيه واشنطن محاولاتها لاستعادة نفوذها المتآكل في المنطقة عبر أدوات تقليدية كالحروب بالوكالة، والعقوبات الاقتصادية، وتأجيج النزاعات الطائفية، تأتي ردود محور المقاومة منسّقةً ومتنامية، ما يهزّ أركان النظام الإقليمي الذي ظلّ لعقود خاضعاً لهيمنة القوى الغربية.

لقد ظنّت الولايات المتحدة، بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، أنها أصبحت القوة المتفردة على الساحة الدولية، إلا أنّ الواقع الراهن يفرض عليها معادلات جديدة. فقد بدأت مكانة الدولار، كأداة رئيسة للهيمنة، بالتراجع، في وقتٍ تشهد فيه تكتلات بديلة كـ"بريكس" توسعاً ملحوظاً بانضمام قوى إقليمية كإيران، والسعودية، والإمارات، وروسيا، والهند، مما يشكّل تهديداً بنيوياً للنظامين المالي والسياسي الغربيين.

أما الاشتباك الأخير بين إيران والكيان الصهيوني، والذي تمّ بدعم أمريكي مباشر أو غير مباشر، فقد كشف عن تآكل قدرة الردع لدى هذا الكيان، في مقابل تصاعد قدرات دول المقاومة في توجيه ضربات دقيقة للبنى التحتية الأمنية والعسكرية. هذه الضربات لم تكن ذات طابع عسكري فحسب، بل حملت في طياتها رسالة سياسية واضحة، تقوّض شرعية الوجود الأمريكي في المنطقة، وتؤكّد أن زمن التدخلات الخارجية بلا ثمن قد ولّى.

في ظل هذه التطورات، تبرز أهمية التلاحم الشعبي وتكاتف القوى الإقليمية المستقلة. فالمواقف الموحدة لإيران والعراق واليمن تجاه الاعتداءات الأخيرة تعبّر عن نشوء إرادة عابرة للحدود، تسعى إلى إنهاء مرحلة من الهيمنة والاضطراب. هذا التلاحم لا يعيق فقط تنفيذ المشاريع الغربية الجديدة، بل يمهّد السبيل أيضاً لبناء نظام إقليمي جديد يستند إلى المصالح الوطنية والسيادة الكاملة.

وفي خضم هذا الصراع، باتت وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي ساحةً رئيسة في معركة الوعي والرواية. إذ تسعى الحرب النفسية الغربية إلى بثّ روح اليأس، وتعزيز التبعية، وتقويض الثقة الذاتية لدى الشعوب. ومواجهتها تستدعي وعياً جماعياً، وإعلاماً يقظاً، يعزز الثقة بالنفس، والاعتزاز بالهوية، والتمسك بالاستقلال.

إنّ الشرق الأوسط اليوم على أعتاب تحوّلات استراتيجية عميقة: تراجع في النفوذ الأمريكي، صعود لقوى إقليمية فاعلة، وتنامٍ في الإرادة الشعبية لتحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادي. إنّ مستقبل هذه المنطقة لم يعد يُرسم في العواصم الأجنبية، بل تصنعه الشعوب التي أدركت أنّ السيادة تُنتزع، ولا تُمنح، وأنّ التاريخ لن يُسمح له بتكرار فصول الهيمنة من جديد.

بقلم: الشيخ محمد هادي ملكي – ناشط ومبلّغ ديني في الشؤون الدولية

7 تموز/يوليو 2025

المصدر: وكالة أنباء الحوزة

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha