وكاله أنباء الحوزة سؤال وطرح: هل من الممكن النظر إلى السفر للزيارة من منظور آخر؟
لماذا يجب أن نتحمل تكاليف السفر إلى الأماكن المقدسة مثل مكة أو كربلاء، في حين قد تذهب هذه الأموال إلى جيوب بعض الأفراد؟
هل من الأفضل صرف هذه الأموال في بناء المستشفيات والمدارس أو في مساعدة المحتاجين؟
الجواب: للإجابة على هذا السؤال، ينبغي النظر إلى كلا الجانبين: الجانب الروحي لعبادة الزيارة والجانب الاجتماعي في مسؤولية مساعدة الآخرين. زيارة الأماكن المقدسة في الإسلام:
في الإسلام، تعتبر زيارة الأماكن المقدسة مثل مكة (لأداء الحج أو العمرة) وكربلاء (لزيارة الإمام حسين (عليه السلام)) من الأعمال ذات المكانة الخاصة. وقد أكدت الأحاديث على فضيلة هذه الزيارات، حيث تعد وسيلة للتقرب إلى الله، تجديد الإيمان، وتطهير النفس.
أثر الزيارة على الإيمان: ورد في الأحاديث أن زيارة الأئمة تعيد إحياء الإيمان وتغسل الذنوب. على سبيل المثال، قال الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام): "من زارني على بعد داري، أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطن حتى أخلصه من أهوالها: حين تتطاير الكتب يمينًا وشمالًا، وعند الميزان، وعند الصراط" (من لا يحضره الفقيه، ج2، ص585).
الزيارة تعبير عن المحبة:
الزيارة أيضًا تعبير عن المودة والمحبة لأهل البيت (عليهم السلام)، وقد أكد القرآن الكريم على هذا المعنى في قوله: "قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى" (الشورى، 23).
التأثير الاجتماعي للزيارة: الزيارات لا تقتصر على الأثر الفردي فقط، بل لها آثار اجتماعية إيجابية أيضًا. فهي تعزز الوحدة والتضامن بين المسلمين، وتقوي الثقافة الإسلامية، وتروج للقيم الأخلاقية والإنسانية.
أولوية النفقات:
ومع ذلك، ينبغي ألا نغفل عن مسؤولياتنا الاجتماعية في الإسلام. إلى جانب التركيز على الزيارة والعبادات الفردية، تم التأكيد في الإسلام على أهمية مساعدة الفقراء والمحتاجين، وبناء المستشفيات والمدارس، والعمل على حل مشكلات المجتمع.
الآيات والأحاديث المتعلقة بالإنفاق: الإنفاق في سبيل الله ومساعدة المحتاجين يعتبر من أعظم الأعمال في القرآن والحديث. كما ورد في قوله تعالى: "مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ..." (البقرة، 261).
أولوية الاحتياجات الأساسية:
في الظروف التي تعاني فيها المجتمعات من الفقر أو المرض أو الجهل، تكون الأولوية لمعالجة هذه القضايا. بمعنى آخر، إذا كان الشخص لديه قدرة مالية محدودة، ينبغي أن يولي اهتمامًا أكبر لتلبية هذه الاحتياجات قبل السفر للزيارة.
التوازن بين الزيارة والإنفاق: لا يوجد تعارض بين الزيارة ومساعدة المحتاجين. يمكن للمسلم أن يزور الأماكن المقدسة ويساعد في الوقت نفسه الفقراء والمحتاجين. الأهم هو إيجاد التوازن بينهما وفقًا للظروف والقدرات الشخصية.
متى يكون للإنفاق أولوية على الزيارة؟
تتوقف الأولوية بين الزيارة والإنفاق على عدة عوامل: القدرة المالية: إذا كان الشخص لديه قدرة مالية محدودة، يجب أن تكون الأولوية لرفع احتياجات المجتمع. احتياجات المجتمع: في حال وجود فقر أو أمراض منتشرة في المجتمع، فإن الأولوية تكون لمساعدة المحتاجين.
تأثير الزيارة: إذا كانت الزيارة تؤثر بشكل إيجابي وعميق في الروح، قد تكون في الأولوية. نية الشخص: إذا كان الهدف من الزيارة أو الإنفاق هو إرضاء الله سبحانه وتعالى، سواء كان الشخص في زيارة أو يساعد المحتاجين، فإن كلاً من العملين سيكون ذا قيمة.
تعليقك