الخميس 6 مارس 2025 - 10:07
الحوزة العلمية في قم تسعى للتواصل مع العالم الحديث/ إيران ستنجح في الساحة الدولية

الحوزة/ تاماكي: الحوزة العلمية في قم هي المركز الإسلامي الأكثر تطورًا و تسعى للتواصل مع العالم الحديث. لقد أدركت اليوم أن الحوزة العلمية تعمل على تقديم المعلومات الصحيحة عن المجتمع الإيراني و واقعه، و هذه نقطة دقيقة يجب أخذها بعين الاعتبار.

زار السفير الياباني في إيران، "تسوكادا تاماكي"، وكالة أنباء الحوزة و أجرى حوارًا مع الإعلامية الرسمية للحوزات العلمية، حيث تطرق إلى التفاعل الإعلامي و الثقافي و الحضاري بين الشعبين الإيراني و الياباني، لا سيما العلاقات بين علماء الإسلام و أتباع الديانات الأخرى، مع التركيز على دور الحوزة العلمية في قم. و فيما يلي نص الحوار الذي تضمن أسئلة الصحفي و ردود السفير:

السؤال الأول:

نرحب بسعادتكم، سعادة السفير الياباني في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

جواب السفير:

إحدى السمات البارزة للثقافة اليابانية هي اهتمامها العميق بالتقاليد، لكنها في الوقت ذاته تستوعب المستجدات و العوامل الحديثة، و تسير في طريق التقدم باستمرار. كان تاريخ اليابان كذلك أيضًا؛ إذ أغلقت اليابان حدودها لفترة طويلة أمام العالم، ثم قررت في مرحلة معينة فتح أبوابها لاستقبال العناصر الخارجية و الانخراط في مسيرة التطور. و بعد ذلك، نظرت مرة أخرى إلى الداخل، فحافظت على هويتها الثقافية مع استمرار تواصلها مع المجتمعات الخارجية.

الثقافة اليابانية تتميز بقدرتها على التكيف مع البيئات و الظروف الجديدة، سواء على المستوى الدولي أو في مجالات أخرى، مما يتيح لها الاستمرار في النمو و التطور. و لكن، هذا التطور لم يكن سياسة حكومية محددة سلفًا، بل كان عملية طبيعية و تدريجية، و أصبح إحدى السمات المميزة للثقافة اليابانية.

السؤال الثاني:

ما مدى معرفتكم بثقافة و تاريخ إيران و هويتها الوطنية و الدينية؟

جواب السفير:

بوصفي سفيرًا لليابان في إيران، أتيحت لي فرصة التعرف على العديد من جوانب هذا البلد. ومع ذلك، يجب أن أقر بأن الفهم العميق والشامل لتاريخ وثقافة أي بلد يتطلب سنوات من الدراسة والتجربة، وأنا لا أزال في طور التعلم والاستكشاف. لكن ما أدركته بوضوح هو أن إيران تختلف كثيرًا عن الصورة التي يروج لها البعض في العالم.

على عكس ما يُطرح أحيانًا في وسائل الإعلام الأجنبية، فإن إيران بلد آمن و هادئ و يمتلك ثقافة عريقة و عميقة الجذور. العديد من الذين يزورون إيران لأول مرة يُفاجَؤون بالثراء الثقافي و التاريخي لهذا البلد، و تتغير تصوراتهم السابقة بعد رؤية الواقع عن قرب.

ما يبرز في الأدب والتاريخ والثقافة الإيرانية هو العمق الروحي والمعنوي الذي كان له جذور راسخة في هذه الأرض منذ العصور القديمة، ولا يزال حاضرًا في حياة الناس.

السؤال الثالث:

ما هي القواسم المشتركة بين الثقافة والتقاليد الإيرانية واليابانية من وجهة نظركم؟

جواب السفير:

أرى أن هناك العديد من القواسم المشتركة، ولكن إذا تحدثت من واقع تجربتي الشخصية، فإن أول ما يخطر ببالي هو خلع الأحذية عند دخول المنازل. هذا التصرف ليس فقط لأسباب صحية، بل يعكس أيضًا احترامًا للمكان الداخلي.

كذلك، في كلتا الثقافتين، نجد أن الجلوس على الأرض هو أمر مألوف، وهو رمز للتواضع والارتباط الوثيق بالطبيعة والبيئة المحيطة.

أما النقطة الثانية، فهي تتعلق بالجوانب الروحية و المعنوية. كلتا الثقافتين تعظمان احترام الأسرة و الطبيعة. فكما هو الحال في إيران، تُعد الأسرة أحد الأركان الأساسية للثقافة اليابانية، و يُنظر إلى احترامها كقيمة أساسية. و كذلك الحال مع الطبيعة، حيث تحظى باحترام كبير، و يُنظر إلى الحفاظ على البيئة كأولوية مهمة. هذا التقدير للأسرة و الطبيعة يمكن اعتباره نقطة التقاء بين الثقافتين.

السؤال الرابع:

هل ترى أن الحداثة والتكنولوجيا تؤثر سلبًا على الثقافات المحلية؟ و ما الحل لهذا التحدي؟

جواب السفير:

بشكل عام، التكنولوجيا الحديثة سهلت حياتنا و ساعدتنا في عالم اليوم، لكنها في نفس الوقت قد تؤثر على الثقافات و التقاليد المحلية. برأيي، إذا استُخدمت التكنولوجيا مع مراعاة القيم الثقافية، فإنها ستعزز حياتنا الروحية و الثقافية، أما إذا أُهملت هذه القيم، فقد تؤدي إلى تآكل التراث الثقافي.

لكن، رغم هذه التحديات، فإن التكنولوجيا توفر أيضًا فرصة لتعزيز و إبراز الثقافات المحلية. ففي العصر الرقمي، تستخدم المجتمعات الإنترنت و وسائل التواصل الاجتماعي للتعريف بثقافاتها على نطاق أوسع. كما أن الذكاء الاصطناعي بات أداة جديدة لتحسين الحياة اليومية و تعزيز التفاعل الثقافي و الاجتماعي.

لذلك، المسألة تعتمد علينا نحن، و كيفية استخدامنا لهذه الأدوات للحفاظ على ثقافتنا و هويتنا، بحيث نحصل على الفوائد و نتجنب الأضرار المحتملة.

السؤال الخامس:

ما مدى معرفتكم بالحوزة العلمية في قم و أدوارها الاجتماعية؟

جواب السفير:

كنت أعلم أن الحوزة العلمية في قم تعد واحدة من أهم المراكز العلمية و الدينية في العالم الإسلامي، و هي من بين أكثر المراكز الإسلامية تقدمًا في مجال البحث الديني و العلمي. لكنني اليوم أدركت أمرًا جديدًا، و هو أن الحوزة العلمية في قم تسعى أيضًا للتواصل مع المجتمع و العالم الحديث.

ما لفت انتباهي هو النشاط الإعلامي للحوزة العلمية، سواء من خلال الإعلام التقليدي أو وسائل التواصل الاجتماعي، و كذلك دورها في توعية المجتمع الإيراني بحقائق الأمور، و هو أمر مهم جدًا لضمان حضور الحوزة العلمية في العالم.

السؤال السادس:

ما هو تأثير الثقافة و الحضارة في تشكيل هوية الإنسان؟

جواب السفير:

تشكيل هوية الإنسان يعتمد على بيئته و ثقافته، فالبلد الذي يولد فيه، و الأسرة التي ينشأ فيها، و التفاعلات الاجتماعية و الثقافية التي يخوضها، كلها تلعب دورًا كبيرًا في بناء هويته.

لكن السؤال الذي أود طرحه هنا هو: كيف يمكننا تحديد مفهوم حقوق الإنسان في ظل اختلاف الهويات الثقافية بين الشعوب؟ هل يمكننا وضع تعريف موحد لحقوق الإنسان لكل من الإيراني، الياباني، الصيني، أو الكوري؟

أعتقد أن حقوق الإنسان يجب أن تُعرَّف وفقًا للثقافات و المجتمعات المختلفة، بحيث تأخذ في الاعتبار خصوصيات كل مجتمع. و رغم وجود مفهوم عالمي مقبول لحقوق الإنسان، فإن طرق تفسيره و تطبيقه قد تختلف بين الدول.

السؤال السابع:

ما هدفكم من زيارة قم؟ و كيف تقيمون اللقاءات التي أجريتموها؟

جواب السفير:

إحدى مزايا عملي كسفير هي الفرصة للقاء مختلف الفئات، من رئيس الجمهورية إلى عامة الناس. أسعى من خلال هذه اللقاءات إلى فهم أعمق لإيران، و من هذا المنطلق، فإن اللقاء مع مسؤولي الدين الإسلامي أمر في غاية الأهمية بالنسبة لي.

لقد أجريت اليوم حوارًا مثمرًا مع حجة الإسلام و المسلمين السيد رستمي، و كان لقاءً غنيًا بالمعلومات و التجارب. أرى أن مستقبل إيران يعتمد على العلاقة الفعالة بين المجتمع و الدين الإسلامي، و لذلك أعتقد أن مثل هذه اللقاءات ذات أهمية كبرى.

أنا على علم بأن إيران، بقيادة الدكتور مسعود پزشکیان و السيد عباس عراقجي، تسعى لاستعادة علاقاتها مع المجتمع الدولي، و أدعم هذه السياسة بصفتي سفيرًا لليابان. أعتقد أن اليابان، كشريك استراتيجي، يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في هذا المسار، و أتمنى أن تستثمر إيران هذه الفرصة بالشكل الأمثل.

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha