بحسب فريق الترجمة في وكالة حوزه للأنباء، حجة الإسلام والمسلمين الشيخ غلام محمد سالم، مدير حوزة المهدي في كراتشي، خلال زيارة لوكالة حوزه للأنباء، في حديث حول مسار حياته العلمية، و تأثير الثورة الإسلامية و وجوده في جبهات الدفاع المقدس و مخاوفه بشأن مستقبل الحوزات العلمية ما تقرأونه هو قصة حياة عالم كان، من أشد مناطق بلتستان حرماناً إلى معاقل العلم و الجهاد، يسير دائماً على طريق الإسلام و يشرح تعاليم أهل البيت عليهم السلام.
من قرية نائية إلى الحوزات العلمية في العالم الإسلامي
حوزة: حدثونا عن طفولتكم و بداية مسيرتكم العلمية.
الشيخ غلام محمد سليم: وُلدتُ في عائلةٍ دينية في منطقة نائية من بلتستان، و كان الجو الديني في أسرتي سببًا في توجهي المبكر نحو العلوم الدينية. كان والدي، و هو عالم بارز، أول أستاذ لي في تلاوة القرآن و العلوم الإسلامية. كان ينوي إرسالي إلى حوزة النجف الأشرف لمواصلة تعليمي، لكنني فقدته في طفولتي، مما غيّر مجرى حياتي، إلا أن عماتي دعمنني لكي أواصل طريق والدي.
في عام ١٩٧٥م، أسّس المرحوم الشيخ محمد حسن (رحمه الله) مركزًا دينيًا في قريتنا، مما فتح لي أبوابًا جديدة للمعرفة. ثم التحقت بـ جماعة محمدية مهدي آباد، و بعد عامين، انتقلت إلى جماعة أهل البيت (ع) في إسلام آباد، حيث درست على يد كبار العلماء، مثل حجت الإسلام والمسلمين الشيخ محسن علي نجفي و السيد افتخار نقوي.
الالتحاق بحوزة قم والتعرّف على الثورة الإسلامية
حوزة: متى جئتم إلى إيران؟ وكيف تعرفتم على الثورة الإسلامية؟
الشيخ غلام محمد سليم: في عام ١٩٨٠م، التحقتُ بـ حوزة قم العلمية، و درستُ المقدمات عند أساتذة بارزين مثل الشيخ اعتمادي، و الشيخ بني فضل، و الشيخ ستوده، و السيد موسوي تهراني، و الشيخ اشتهادري.
لكن معرفتي بالثورة الإسلامية بدأت قبل قدومي إلى إيران، أثناء دراستي في إسلام آباد. كنتُ أستمع إلى خطابات الإمام الخميني (رحمه الله) مع أساتذتي، و كنتُ أقرأ عن الشخصيات الإسلامية و الثورية، مثل حسن البنا، و الإمام موسى الصدر، و آية الله الشهيد السيد محمد باقر الصدر، و الشهيد المطهري في قم، كنتُ أسكن في مدرسة فيضية، و أقضي الليالي في المكتبة أدرس كتب الثورة الإسلامية، بالإضافة إلى دروسي الحوزوية. كانت أجواء الحوزة في تلك الأيام مفعمة بالحماس الثوري، مما أثّر في مسيرتي الفكرية و العلمية.
فترة الدفاع المقدس من أكثر مراحل حياتي فخرًا. ذهبتُ إلى الجبهة مرتين، و بقيتُ هناك قرابة شهر و نصف إلى شهرين ضمن لواء ٤١ ثار الله، تحت قيادة الشهيد البطل الحاج قاسم سليماني
كانت الجبهة تجربةً لا تُنسى، حيث رأيتُ عن قرب مظاهر الإيثار و التضحية و الروحانية. كما كان العديد من طلبة الحوزة هناك، لأنهم كانوا يؤمنون بأن الدفاع عن الإسلام لا يقتصر على الحوزات العلمية، بل يشمل أيضًا ساحة القتال جنبًا إلى جنب مع المجاهدين.
التحصيل العلمي والتتلمذ على يد كبار العلماء حوزة:
عند مَن درستم مرحلة بحث الخارج في الفقه والأصول؟
الشيخ غلام محمد سليم: درستُ مرحلة بحث الخارج عند آيات الله العظام، فاضل اللنكراني، جعفر سبحاني، و وحيد الخراساني. كما التحقتُ بـ مؤسسة راه حق التخصصية، حيث استفدتُ من دروس آية الله محمد تقي مصباح اليزدي
و في مجال الأخلاق، درستُ عند آية الله المشكيني، و آية الله ضياء بهاء الدين، و آية الله رضا بهاء الدين. هؤلاء الأساتذة لم يعلّموني العلم فحسب، بل كانوا نموذجًا في السلوك والأخلاق أيضًا.
الحوزات العلمية بحاجة إلى تطوير
حوزة: كيف ترون مستقبل النظام التعليمي في الحوزات العلمية؟
الشيخ غلام محمد سليم: المتون التقليدية للحوزة ثمينة ولا يمكن إنكار قيمتها، لكننا بحاجة إلى تطوير النظام التعليمي في الحوزات
يجب على الطلبة أن يكتسبوا مهارات إضافية إلى جانب الفقه والأصول. تفسير القرآن، ونهج البلاغة، والخطابة هي ثلاث مهارات أساسية يجب تعزيزها في المناهج الحوزوية.
كما ينبغي إيلاء اهتمام خاص بتوظيف التكنولوجيا الحديثة و وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الدين.
رسالة إلى طلاب الحوزة و توصية للأساتذة حوزة:
ما هي كلمتكم الأخيرة لطلبة الحوزة والأساتذة؟
الشيخ غلام محمد سليم: على طلبة الحوزة أن يحذروا أنفسهم لتحصيل العلم و تزكية النفس، و ألا يغفلوا عن واجب التبليغ. لا ينبغي أن يقلقوا بشأن الأمور المادية، فالرزق بيد الله. عليهم أن يتهيّأوا لمتطلبات العصر، و أن يستفيدوا من التكنولوجيا الحديثة في نشر تعاليم الإسلام.
أما الأساتذة، فعليهم أن يكونوا قدوةً عملية لطلابهم، و أن يجهزوهم لتحمّل المسؤوليات العظيمة في المستقبل.
حوزة: نشكركم على وقتكم الثمين.
الشيخ غلام محمد سليم: أشكركم أيضًا، و أسأل الله أن يوفقكم في خدمتكم الإعلامية.
تعليقك