الخميس ٣٠ يناير ٢٠٢٥ - ١٥:٠١
درس الأخلاق | الطبيب الروحاني الذي قلاب معادلات الطب

الطريقة التي يمشي بها المتقون من منظور أمير المؤمنين (عليه السلام ) يظهر مشي المتقين، كما يصفه أمير المؤمنين (عليه السلام)، في بُعدين: في الظاهر؛ يكون مشيهم متينًا، مهيبًا، بعيدًا عن التهور و التكبر في الباطن؛ يتبعون نهجًا معتدلًا في الحياة، يعكس تواضعهم الدائم في محضر الله سبحانه و تعالى.

بحسب وكالة أنباء الحوزة، تحدث المرحوم آية الله محمد علي ناصري، أحد أساتذة الأخلاق في الحوزة، في إحدى دروسه الأخلاقية عن موضوع "رسالة سلامة ظاهر الإنسان وباطنه"، حيث قال:

صفة مشي المتقين: التواضع

من أهم صفات المؤمنين و المتقين هو تواضعهم أثناء المشي، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته حول المتقين: "وَمَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ" (مشيهم تواضع )

الإنسان بين العوارض الظاهرية والباطنية عند تحليل وجود الإنسان، نجد أنه يواجه نوعين من العوارض:

عوارض باطنية (مثل الأمراض الروحية كالكبر و الحسد و البخل)

عوارض ظاهرية (مثل الأمراض الجسدية )

فالإنسان يعاني من نوعين من الآلام: آلام روحية وآلام جسدية.

أعظم طبيب هو الله سبحانه وتعالى

تحظى الآلام الروحية بأهمية خاصة لأنها قد تؤدي إلى شقاء الإنسان في الدنيا والآخرة، في حين أن الآلام الجسدية تنتهي بالموت الجسدي فقط.

الأمراض الروحية مثل الغرور، الحسد، الحقد، و البخل، أكثر خطورة لأنها تمتد آثارها إلى الحياة الآخرة، بينما الأمراض الجسدية تنتهي مع انتهاء الحياة الدنيوية.

و الجدير بالذكر أن الأمراض الجسدية، إذا صبر الإنسان عليها، تُكسبه الأجر و الثواب، أما الأمراض الروحية فتؤدي إلى شقاء الإنسان و هلاكه.

و كما أن للأمراض الجسدية أطباء، فإن للأمراض الروحية أطباء أيضًا، و أول و أعظم طبيب هو الله سبحانه و تعالى.

و قد قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله ):

يا عبادَ الله أنتُم كالمَرضى و ربُّ العَالمين كَالطَّبِيبِ، فَصَلاحُ المَرضى فِيما يُعلِّمُهُ الطَّبِيبُ وَ يُدَبِّرُهُ لا فِيما يَشتَهِيهِ المَريضُ وَيَقتَرِحُهُ، فَسَلِّمُوا للهِ أمرَهُ تَكُونُوا مِنَ الفَائِزِينَ.

سيرة آية الله السيد حسين التبريزي في معالجة المرضى

منح الله سبحانه و تعالى الأئمة المعصومين (عليهم السلام) العلوم الشفائية، فهم الأطباء الحقيقيون للبشرية بعد الله عزوجل.

أما الأطباء في الطب الجسدي، فلهم أجر عظيم في الدنيا و الآخرة إذا كانت نيتهم خالصة لوجه الله، لأن المرضى جميعهم عباد الله.

إن عمل الأطباء الصادقين له منزلة عظيمة، و لكن يجب عليهم أن يدركوا أن المرض و الشفاء بيد الله، و أن فعالية الدواء مرهونة بإرادته.

كم من مريض لم يُشفَ رغم الأدوية و الأطباء و لهذا، يجب أن يكون الطبيب متوجهًا إلى الله أثناء التشخيص و وصف العلاج، ليُلهمه الله الدواء المناسب

و من الأمثلة على هذا النهج، سيرة آية الله السيد حسين التبريزي في النجف الأشرف.

كان من بين أربعة علماء أطباء في النجف، و كانت علاجاته ناجحة بشكل مذهل بفضل إخلاصه و اتصاله الروحي بأهل البيت (عليهم السلام)، حيث إن وصفاته كانت تؤدي إلى الشفاء غالبًا منذ الجرعة الأولى.

و في الماضي، كان النظام الطبي في أصفهان يعتمد على مبدأ أن أجر الطبيب يكون اختياريًا، حيث كان المرضى يضعون المبلغ الذي يريدونه في وعاء بجانب الطبيب، دون أن يطلب الطبيب أجرًا محددًا.

المعنيان الظاهري و الباطني لكلمة مشي في تفسير قول أمير المؤمنين (عليه السلام) عن تواضع المتقين في المشي، نجد أن المشي له معنيان

المعنى الأول: المشي الظاهري المتقون لا يمشون بطيش كالسفهاء، و لا بتكبر كالمغرورين، بل يمشون بوقار وإتزان. و كما أن الأمراض الروحية تظهر على الجسد (كالعلاقة بين حب الشباب و وظائف الكبد)، فإن طريقة المشي الظاهرية تعكس الحالة الباطنية للإنسان

المعنى الثاني: السيرة و المنهج في الحياة المتقون يتبعون نهجًا متواضعًا و متزنًا في جميع أمور حياتهم.

لا يميلون إلى الإفراط أو التفريط، بل يسلكون طريق الاعتدال، مستشعرين وجود الله في كل لحظة.

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha