وكالة أنباء الحوزة - تحدث قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، في كلمة له صباح اليوم (الأربعاء) 1/1/2025، على أعتاب الذكرى الخامسة لاستشهاد الفريق سليماني والشهيد أبي مهدي المهندس، عن بعض السمات الشخصية والسلوكية للحاج قاسم سليماني، مؤكدًا أنه: "يجب التحرك في طريق الهدف الرئيسي لمدرسة سليماني، وهو تحقيق الإسلام والقرآن، من خلال استلهام الدروس من هذه السمات".
وأشار الإمام الخامنئي، في كلمته بحضور عائلة الفريق سليماني وجمع من عائلات "شهداء الدفاع عن المقدسات وشهداء المقاومة"، إلى المكانة العظيمة للشهداء وشهداء الدفاع عن المقدسات، قائلًا: "لولا دماء الشهداء الطاهرة، لما كان هناك اليوم أي خبر عن الحرمات والحرَم وأي من العتبات المقدسة".
ووصف الإمام الخامنئي الفريق سليماني بالمناضل الكبير والأخ العزيز والصديق الصدوق، وعدّ ريادته وحضوره الشجاع والسريع في الوقت المناسب في الميدان من أبرز خصائصه.
وتطرق الإمام الخامنئي إلى حضور الحاج قاسم منذ أوائل العقد الأول من القرن الحالي في ميدان مقارعة شرور أمريكا في أفغانستان والعراق، قائلًا: "كان الهدف الرئيسي لأمريكا من احتلال هذين البلدين هو محاصرة إيران، لكن الفريق سليماني دخل الميدان دون خوف من الهيبة الظاهرية لأمريكا، وفي النهاية أدت تلك الاحتلالات إلى هزيمة أمريكا وإحباط تلك المؤامرة الكبرى".
ولفت قائد الثورة الإسلامية إلى دفاع مجموعة معدودة من الشباب العراقيين بأيد خالية الوفاض في حرم أمير المؤمنين (ع) أثناء هجوم المحتل الأمريكي، وقال: "تواصل الفريق سليماني مع أولئك الشباب بسرعة وبشعور بالتكليف منذ البداية وأنقذهم. وبالتأكيد كان للمرجعية أيضًا دور كبير في تلك القضية، فصنعت حركة استثنائية وفعالة للغاية".
ورأى الإمام الخامنئي أن هدف الأمريكيين من احتلال العراق كان الحلول مكان صدام، وقال: "جاء الأمريكيون ليبقوا، ولكن الفريق سليماني ورفاقه كان لهم دور أساسي في عملية طويلة ومعقدة وصعبة وفي حرب مركبة تشمل الجوانب السياسية والعسكرية والإعلامية والثقافية، في مسار تمكين الشعب العراقي من الإمساك بزمام مصيره".
وأكد قائد الثورة الإسلامية أن إحباط المؤامرة الأمريكية المتمثلة في داعش كان من نتائج حضور الحاج قاسم في الميدان. وتابع قائلًا: "لقد تألق الشباب العراقيون في مواجهة الإرهاب التكفيري بالمعنى الحقيقي للكلمة. ولإحباط تلك المؤامرة التي كانت حياة المنطقة وموتها مرهونة بها، أدى سليماني دورًا منقطع النظير بمبادرته وشهامته وقوته وحمله روحه على كفه".
وبالإشارة إلى فتوى المرجعية بشأن ضرورة الوقوف في وجه داعش، قال الإمام الخامنئي: "خرج آلاف الشباب إلى الميدان بتلك الفتوى المهمة، لكنهم لم يكونوا يمتلكون التنظيم أو السلاح. فعمل الفريق سليماني بمساعدة المجاهدين الكبار في العراق، وخاصة الشهيد أبي مهدي الذي كان إنسانًا عظيمًا وقيمًا على تنظيم أولئك الشباب وتزويدهم بالسلاح والتدريب".
وتوقف الإمام الخامنئي في كلمته عند الاستراتيجية الدائمة للفريق سليماني في الأنشطة الجهادية مبينًا كيف أنها كانت "إحياء جبهة المقاومة". وأضاف: "كان من أبرز سمات سليماني أنه كان يوظف الطاقات والشباب المستعدين للعمل والقوات الوطنية في سوريا ولبنان والعراق لإحياء المقاومة على أكمل وجه".
كما عدّ سماحته الدفاع عن الحرمات المقدسة أحد المبادئ الثابتة في جميع مراحل جهاد الفريق سليماني ومقاومته. وقال: "كان الدفاع عن العتبات المقدسة وحرم السيدة زينب (س) وأضرحة صحابة أمير المؤمنين (ع) في الشام والعراق وخاصة المسجد الأقصى - لكونه حرمًا كبيرًا للعالم الإسلامي - مبدأً مهمًا. ولهذا السبب أطلق الشهيد هنية على الفريق سليماني في مراسم تشييع جثمانه لقب شهيد القدس".
وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى استعداد ملايين الشباب الإيرانيين للتضحية بحياتهم دفاعًا عن الإسلام. وقال: "أثبت المدافعون عن المقدسات أن علم المقاومة ما زال مرفوعًا مع كل التكاليف الباهظة التي يتكبدها المغرضون، وأن العدو لم يتمكن ولن يستطيع تنكيس راية المقاومة في لبنان وفلسطين وسوريا والعراق وإيران".
وشدد الإمام الخامنئي على أهمية حفظ عوامل الاقتدار لضمان استمرار الصمود والاقتدار الوطنيين لأي دولة. وقال: "مجموعة الشباب المؤمنين والمستعدين للتضحية هم أهم عوامل استقرار واقتدار أي دولة، ويجب تجنب استبعاد هؤلاء الشباب من الساحة".
وتابع قائد الثورة الإسلامية قائلًا: "مع استبعاد الشباب المؤمنين والمستعدين للتضحية من الساحة ستنشأ حالة مشابهة لسوريا من الفوضى واحتلال أراضيها في هجوم الأجانب مثل أمريكا والكيان الصهيوني وبعض الدول المعتدية الأخرى".
وأكد سماحته أن استمرار وجود المحتلين المعتدين في سوريا أمر مستحيل. وقال: "سوريا ملك شعبها، ومن دون شك سيُرغَم المعتدون على أراضي سوريا على التراجع يومًا ما أمام قوة الشباب السوريين الغيارى".
كما أشار قائد الثورة الإسلامية إلى بناء القواعد العسكرية الأمريكية بنحو متواصل في سوريا. وقال: "يجب أن يخرج المعتدي من أرض تخص شعبًا آخر وإلا فسيرغمونه على الخروج؛ لذلك ستُسحق القواعد الأمريكية تحت أقدام الشباب السوريين حتمًا".
وشدد الإمام الخامنئی على أن النصر النهائي هو حليف المؤمنين. وقال: "لبنان هو رمز المقاومة وعلى الرغم من أنه أصيب بالجراح إلا أنه لم ينكسر وفي النهاية سيحقق النصر. كما أن اليمن هو رمز المقاومة أيضًا وسيحقق النصر. وإن شاء الله سيتعين على الأعداء المعتدين وفي مقدمتهم أمريكا الجشعة والمجرمة أن يكفوا أيديهم عن شعوب المنطقة ويغادروا المنطقة مذلولين".
وفي جزء آخر من كلمته تطرق قائد الثورة الإسلامية إلى تبيين مدرسة سليماني قائلًا: "هذه المدرسة هي مدرسة الإسلام والقرآن وقد أصبح الشهيد سليماني من خلال الالتزام بها علمًا ومركزًا ومحورًا. وإذا كنا نحن أيضًا نمتلك ذلك الإيمان عينه والعمل الصالح يمكننا أن نصبح مثل سليماني ويشملنا اللطف الإلهي".
وأشار الإمام الخامنئي إلى المسألة المهمة في الدفاع عن المقدسات التي أريقت من أجلها دماء طاهرة وتابع: "بعض الأشخاص بسبب فقدان الفهم والمعرفة والتحليل الصحيح للقضايا يتوهمون أن الدماء التي سالت في طريق الدفاع عن المقدسات قد ذهبت سدى. هذا التصور والتعبير هو خطأ كبير لأنه لولا مقاومة الحاج قاسم وشجاعته ومعه المدافعون عن المقدسات لما كان هناك اليوم أي خبر عن العتبات المقدسة سواء حرم السيدة زينب (س) أو حتى كربلاء والنجف".
وتابع سماحته قائلًا: "في مرحلة معينة حدثت غفلة في سامراء وبإمداد من أمريكا دمر التكفيريون قبتي الإمامين العسكريين وضريحيهما (ع). ولولا تضحية الشباب المؤمنين لكانت العتبات المقدسة الأخرى قد تعرضت لنفس المصير المؤسف".
ولفت قائد الثورة الإسلامية إلى أن حقيقة الدفاع عن المقدسات ليست فقط دفاعاً عن مكان مقدس بل دفاعاً عن صاحب ذلك المكان ومدرسة الأئمة الأطهار (ع). وقال: "في الثقافة القرآنية كل دم يُراق في سبيل الحق والله حتى وإن لم يتحقق النصر لا يذهب سدى بل هو عند الله ذو قيمة؛ كما أن دم السيد حمزة في معركة أحد وفوق كل ذلك دم سيد الشهداء (ع) في كربلاء لم يذهبا سدى".
وأكد الإمام خامنئي قائلًا: "بالطبع النصر حتمي كذلك ويجب ألّا يتوقف المشهد عند هذه الجولة وهذا التحرك الحالي للباطل".
المصدر: موقع KHAMENEI.IR
تعليقك