وكالة أنباء الحوزة - وفيما يلي نص بيان مدير الحوزات العلمية في إيران آية الله الأعرافي:
بسم الله الرحمن الرحیم
وسَیعلَمُ الّذینَ ظَلَموا أَی مَنقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ
یرِیدُونَ لِیطْفِؤُا نُورَ الله بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ کرِهَ الْکافِرُونَ
القرآن الكريم لهو الثروة الأعظم والسند المتقن لحقانية شريعة الإسلام المقدسة. عندما كانت تُتلى آياته الإلهية على لسان النبي الأكرم (ص) لأهل زمانه، كان يدرك الأشراف من قريش وحكام الظلم والجور جيدا أنه إذا استحكم الدين الإسلامي الذي يعد القرآن ركيزته الإساسية، فإن عهد نظام الأشراف السفياني وحكم الذهب والمال القائم على الزور والتزوير سيولي بلا رجعة، كانوا يأمرون الناس بأن يجعلوا أصابعم في آذانهم حينما يقرأ النبي (ص) آيات القرآن لكي لا تبلغ الرسالة الإلهية مسامعهم، أو أن يثيروا الضجيج أو أن يقوموا بما يشابهها من الأفعال. لكن التاريخ أثبت أن آيات الوحي الإلهي بَنَت حضارة عالمية رغم مخالفة الطواغيت على مدى التاريخ وحتى يومنا هذا، واليوم حاكمية القرآن هي التي زلزلت أسس الجور للكيان الإسرائيلي القاتل للأطفال.
إن هذا الفعل الوقح والتصرف الشنيع والمعادي للإسلام المتمثل بحرق القرآن الكريم علناً، والذي يقف خلفه ذاك الوجه الكريه للصهيونية العالمية، والذي حدث في فلسطين، أرض الأديان السماوية والكتب الإلهية والأرض الموعودة، قد أشعل النار في نفوس مسلمي العالم ليترك نقطة سوداء أخرى على جبين الذين يتغنون بالحرية وحقوق البشر في العالم. في الوقت الذي يواجه العالم موجة واسعة من التوجه نحو الإسلام، وبحسب إحصائياتهم احتل كتاب الإسلام المقدس المرتبة الأولى من حيث مبيعات النسخ المكتوبة في البلاد الغربية، نزل أعداء مسلمي العالم وأعداء الحرية البشرية إلى ساحة المواجهة بوحشية مقابل المنطق والبرهان الإلهيين متسلحين بنار البغض والحقد تجاه الحقيقة الإلهية.
إن هذا التجرؤ العظيم في الحقيقة ما هو إلا اعتراف بالهزيمة في قبال منطق القرآن وأمام شجاعة شباب جبهة المقاومة، وهو استمرار للحركات الشنيعة والإساءات العلنية والمتوالية في السنوات الأخيرة وفي ظل حماية الصهيونية العالمية.
لو كان القرآن كتابا صامتا بدون تأثير، فكيف يسمح أدعياء الحضارة والثقافة والتطور لأنفسهم بأن يحرقوا القرآن الذي هو كلام الوحي بهذا الشكل الفظ والوقح وبالطبع الحقير والناشئ عن العجز رغم علمهم بالتكلفة الباهظة لهذا الفعل القبيح؟
بدون شك يمكن فهم هذه التصرفات وتفسيرها ضمن خطة سياسية واحدة، مفادها أمر واحد وهو أنه جاء عصر المواجهة بين الحضارة والثقافة الإسلاميتين من جهة وبين الثقافة الغربية المنحطة والصهيونية العالمية من جهة أخرى.
إن انتشار الخبر المؤسف لإهانة القرآن الكريم وإحراقه، قد أدمى قلوب جميع المسلمين وأحرار العالم. إن إحراق القرآن الكريم يقينا ليس إهانة للإسلام والمسلمين وحسب، بل هو إهانة لكل أديان العالم وأتباعها، ولذلك فإن مسؤولية كل إنسان حر وشريف ألا يسكت إزاء هذا العمل وأن يستنكره، وأن يعلن البراءة ممن قاموا بذلك.
وعليه، نعلن أشدّ درجات الشجب والإنزجار إزاء هذا الفعل المشؤوم الشيطاني ونستنكره بشدة، كما ونشكر المؤسسات الدينية التي تحملت المسؤولية وأعلنت موقفها الرافض قبال ما يحدث كجامعة الأزهر، ونطلب من سائر المؤسسات أن ينتهجوا هذا النهج ويتعاملوا مع هذه التصرفات وما على شاكلتها بحزم للحؤول دون تكرارها وأن يجبروا مسببي هذه الإهانة الكبرى على المثول أمام العدالة.
علي رضا الأعرافي
رئیس الحوزات العلمية
قم المقدسة
۸ذی الحجة ۱۴۴۴ ه.ق