۱ آذر ۱۴۰۳ |۱۹ جمادی‌الاول ۱۴۴۶ | Nov 21, 2024
«صلاح الدين المصري» رئيس الرابطة التونسية للتسامح

وكالة الحوزة - صرح «صلاح الدين المصري» رئيس الرابطة التونسية للتسامح: كان الإمام الخميني رحمه الله إسلاميا محمديا خالصا، فهو الفقيه المسلم المجاهد المتحرر من سلطان جميع الظالمين،و الذي يربط حركته الثورية و مقاومته السياسية بالوعد الإلهي الصادق في زوال جميع الظالمين و قيامة دولة العدل العالمي.

وكالة أنباء الحوزة - قال «صلاح الدين المصري» رئيس الرابطة التونسية للتسامح خلال مقابلة مع مراسلنا: ومع كل سنة تمر على رحيل الإمام، يزداد اليقين بأن ٱية الله السيد علي الخامنئي حافظ على جميع الثوابت الإسلامية الثورية وبلغ بها مراتب عليا، ويمكننا القول أن ثبات الإمام الخامنئي والتزامه الشديد بالقيم الثورية قد تجاوز جميع التوقعات، وتشهد الأمة الإسلامية اليوم دخولها زمن الانتصار الكبير ضد الصهيونية والإمبريالية.

و فيما يلي نص المقابلة:

الحوزة: ما هو دور آية الله الخميني (ره) في بث روح جديدة في الحركات السياسية والاجتماعية المعاصرة؟

تميز الإمام الخميني بربط الدين مع السياسة، حيث بقيت كلمته المشهورة" الإسلام دين عبادته سياسة وسياسته عبادة ". بينما شهدت القرون الأخيرة أطروحات فلسفية مادية متنوعة ورغم شدة الاختلافات والتناقضات بين المدارس الفلسفية والسياسية شرقا وغربا، لكنهم اتفقوا على ضرورة إقصاء الدين من الساحة السياسية، وتم اعتبار العلمانية هي النظام الوحيد الذي يحقق سلامة الحياة السياسية وإدارة الشان السياسي، جاء الإمام الخميني فأقام خطه السياسي على قاعدة أن المؤسسين الحقيقيين للسياسة وللدولة هم الانبياء عليهم السلام.
الذين كانوا يجمعون بين الدين والسياسة، ويعتبرون السياسة عبادة حقيقية يتقرب بها الإنسان من ربه، ولا يمكن تصور رسالة الانبياء منفصلة عن السياسة والقرآن الكريم يتحدث عن هذه الحقيقة بوضوح تام " لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط" وقيامة الناس بالقسط والعدل وزوال جميع الظالمين إنما هي قضية سياسية ثابتة، فيمكننا أن نعتبر صورة الفقيه المسلم الثوري الذي يقود ثورة جماهيرية حقيقية ضد نظام ملكي متسلط وعميل ويؤسس هذا الفقيه نظاما إسلاميا جمهوريا معاصرا، هي الإضافة الكبرى للإمام.

الحوزة: كيف تمكّن آية الله الخميني (ره) من حثّ الشعوب لمواجهة الهيمنة الغربية والشرقية والدعوة الى انهاء تبعية العالم الثالث للاستكبار العالمي؟

شهد القرن العشرين نشوء حركات التحرر في العالم ضد مختلف أشكال الاحتلال وقدمت الشعوب تضحيات عظيمة دفاعا عن سيادتها واستقلالها، ولكن بحكم خبرات الهيمنة ومكر المحتلين، فقد تم إنتاج هيمنة جديدة عبر أنظمة ظاهرها الاستقلال وحقيقتها التبعية السياسية والاقتصادية والفكرية، كما تم غرس الكيان الصهيوني في قلب الأمة العربية والإسلامية، مما أدى إلى استئناف معركة السيادة الوطنية والديمقراطية ومقاومة التغلل الصهيوني وقد كان الإمام الخميني شاهدا ومراقبا لأهم المحاولات العربية والإسلامية في خط السيادة الوطنية ومقاومة الصهيونية، نكسة 1967 وهزيمة الجيوش العربية وسبقتها هزيمة الحكومة الوطنية لمحمد مصدق ونجاح الانقلاب الناعم ( سنة 1953 ميلادي) الذي قادته الولايات المتحدة الامريكية ضده على خلفية قرار تأميم النفط. لقد جاء الإمام الخميني في لحظة من الغطرسة الأمريكية والصهيونية، وطرح على الشعب الإيراني والأمة الإسلامية رؤية شاملة لتحقيق الانتصار ومواجهة التحديات واستيعاب الدروس من تجارب حركات التحرر والمقاومة وعالج الثغرات الأساسية في تجارب الذين سبقوه وهنا تبرز ظاهرة القطيعة مع جذور الهيمنة والاستكبار العالمي وهي النزعة المادية الطاغية على المحتلين. فقدم الإمام الخميني نموذجا جديدا ومختلفا يؤسس لحضارة إنسانية قوامها الارتباط بالله والقيم الالهية وجسد هذا المشروع في حياته الشخصية قبل دعوة الناس إليه، فانجذبت الشعوب الإسلامية وعموم المستضعفين إلى هذه الشخصية والرؤية ورغم الحصار الأمريكي والإمبريالي للنموذج الجديد فقد استطاع الإمام أن يؤثر واستطاعت الثورة الإسلامية أن تتحول تدريجيا إلى أهم مصدر للأمل والتفاؤل في إزالة الكيان الصهيوني الغاصب وإنهاء جميع مظاهر الهيمنة وإرساء نظام عالمي عادل.

الحوزة: لماذا أكد آية الله الخميني (ره) أن "القدس" يجب ان تتصدر القضايا الاسلامية والعربية؟

لقد اجتمعت أمام الإمام الخميني اسباب كثيرة دفعت به إلى اعتبار المواجهة مع الكيان الصهيوني الغاصب والعمل لأجل زوال إسرائيل هو أحد الابعاد الأساسية في هويته العقائدية والسياسية وبيانات الإمام ومواقفه المرتبطة بالقدس وفلسطين، تطرح جملة هذه الحقائق:
فهو الذي وصف إسرائيل بانها غدة سرطانية تم غرسها في قلب الأمة الإسلامية من طرف القوى العالمية الظالمة مجتمعة تحت قيادة بريطانيا أولا ثم تحت قيادة الولايات المتحدة الامريكية ثانيا، وجميعهم متفقون على دعم هذا السرطان وتوسيع مداه في كل جسم الأمة الإسلامية وليس في حدود فلسطين.
و هذه حقيقة تاريخية ثابتة لا تقبل الدحض أو التشكيك ونتيجة لها فلا يمكن لأي تيار سيادي وطني في الأمة الإسلامية إلا أن يبني مواقفه وبرامجه ضمن استراتيجية المواجهة مع الكيان الصهيوني وبذل جميع الجهود لاقتلاع هذه الغدة السرطانية كما ينظر الإمام الخميني إلى القدس باعتبار أن معركة تحريرها هي عنوان المواجهة العالمية بين المستضعفين والمستكبرين كما وصف ذلك في بيانه الأول عن يوم القدس العالمي، أوت1979، فمادام الكيان الصهيوني هو مشروع الاستكبار العالمي وأداته الرئيسية فيجب أن يكون زواله مقترنا بتغيير عالمي في موازين القوة يتم من خلاله إجبار هذا الاستكبار على التراجع والهزيمة، إن اختيار الإمام ليوم القدس العالمي في ٱخر جمعة من شهر رمضان يمنح قضية القدس بعدا عقائديا عباديا، حيث تكون القضية مدخلا لاستكمال حركة الإصلاح الديني التي يقودها الإمام الخميني منذ انطلاقته وتهدف إلى إعادة توحيد الرؤية الإسلامية، فعبادة الصوم وليالي القدر لا تكتمل دون مقاومة الظالمين والمغتصبين والمعتدين.

الحوزة: كيف تقارن مواقف ومنهج القيادة لآية الله الخامنئي وآية الله الخميني (ره) ؟

في الذكرى 34 لرحيل الإمام الخميني، يطرح السؤال مجددا، هل حافظت الثورة الإسلامية والدولة على ثوابت الرؤية السياسية الشاملة لمؤسسها؟
و مع كل سنة تمر على رحيل الإمام، يزداد اليقين بأن ٱية الله السيد علي الخامنئي حافظ على جميع الثوابت الإسلامية الثورية وبلغ بها مراتب عليا ويمكننا القول أن ثبات الإمام الخامنئي والتزامه الشديد بالقيم الثورية قد تجاوز جميع التوقعات، وتشهد الأمة الإسلامية اليوم دخولها زمن الانتصار الكبير ضد الصهيونية والإمبريالية.
و يمكننا الحديث عن عقدة أصابت أمريكا والصهيونية فكلما وضعوا خطة أو مكروا مكرا ضد الثورة الإسلامية ومحور المقاومة فانها تنقلب ضدهم بفضل القيادة الحكيمة وثباتها وإخلاصها طيلة ربع القرن الأخير، ظهر للعالم كله عظمة القدرات المعنوية في تحقيق الانتصارات ويمكن إيجاز ذلك في:
1- ولادة محور المقاومة، وتطوير قدراته الاقتصادية والعسكرية.
2-تهيئة جميع الظروف السياسية والعسكرية لتفكيك الكيان الصهيوني الغاصب.
3-هزيمة مشروع الأمريكي الشيطاني، داعش الكبرى، وإسقاط سايكس بيكو الجديد الذي أراد لداعش أن تكون أداة لتقسيم دول المنطقة والزج بها في أتون حروب داخلية قاتلة، واستئناف الحوار الإسلامي، والتعاون الإسلامي.
4- المساهمة الفاعلة في تغيير النظام العالمي الأحادي القطبية.

الحوزة: هل استطاعت الثورة التي أطلقها آية الله الخميني (ره) أن تحقق قضاياها وأهدافها وشعاراتها وكيف ترى تاثيرها على المنطقة؟

كان الإمام الخميني رحمه الله إسلاميا محمديا خالصا، فهو الفقيه المسلم المجاهد المتحرر من سلطان جميع الظالمين، والذي يربط حركته الثورية ومقاومته السياسية بالوعد الإلهي الصادق في زوال جميع الظالمين وقيامة دولة العدل العالمي وكل متابع للسياسة العالمية ومعاناة الشعوب المظلومة في جميع دول العالم يدرك بكل يسر أن نداءات الإمام الخميني وخطواته الثابتة في كسر الغطرسة الأمريكية والصهيونية، تجذب جميع الأحرار في العالم وفي خط التحولات المعنوية الضخمة يمكن ذكر تجربتين ولدتا من رحم الثورة الإسلامية وخط الإمام الخميني وهما حزب الله في لبنان الذي جدد المعجزة وحقق النصر الالهي الكبير ضد الصهيونية وجعلوا من لبنان الصغير مثلا ونموذجا فريدا بين العرب والمسلمين وأنصار الله الذين رفعوا الشعب اليمني المسلم إلى أعلى المراتب الجهادية وكلما استعادت الأمة الإسلامية كرامتها واهتمامها بالسيادة والعزة وإيمانها بأن الإسلام هو الصيغة المناسبة للفطرة والتكامل ويقينها بالنصر الالهي الموعود فانها ستجد الإمام الخميني رحمه الله إمامها وقدوتها المعاصرة ونقطة البداية في الثورة الإسلامية والمقاومة الإسلامية الشاملة.

سمات

ارسال التعليق

You are replying to: .
captcha