بارك قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، في لقائه مع رئيس «مجلس خبراء القيادة» وأعضاء المجلس صباح اليوم الخميس 10/3/2022 بالأعياد الشعبانية خاصة النصف من شعبان، ورأى أن هذا العيد «يوم ازدهار الأمنيات التاريخية للبشر». ولدى إشارته إلى العظمة المعنوية لشهر شعبان، وصف المضامين السامية للمناجاة الشعبانية بـ«الفرصة المعنوية العظيمة».
في كلامه مع رئيس المجلس والأعضاء، تحدث الإمام الخامنئي في موضوع القدرة الوطنية، مؤكداً أن «متانة النظام تؤدي إلى القدرة الوطنية». وقال: «القدرة الوطنية أمرٌ مصيري لأيّ دولة. وأيّ شعب يريد الاستقلال والاعتزاز والاستفادة من الموارد الحيوية بإرادته، والثبات في وجه مطالب الآخرين، يجب أن يكون قوياً، وإلّا في حال الضعف والذلة والخوف، سيظلّ قلقاً من مطامع الأجانب». كما وصف سماحته القدرة الوطنية بأنها «أمرٌ مركب ومجموعة متصلة، وشرح أركانها قائلاً: «إن العلم والتكنولوجيا، والتفكر والتفكير والفكر الحر، من أركان القدرة الوطنية، فإذا لم يكن هناك فكر حرّ وتقدّم فكري، فلن يكون العلم والتكنولوجيا أمراً مجدياً».
ورأى قائد الثورة الإسلامية أن «الأمن والقدرة الدفاعية» و«الاقتصاد والرفاهية العامة والرخاء المعيشي للناس» و«القدرة على صنع السياسات والمفاوضة من أجل تأمين المصالح على الصعيدين الإقليمي والدولي» و«ثقافة العيش ونمطه» و«المنطق الجذاب والمؤثّر في سائر الشعوب» كلها «أذرع أخرى للقدرة الوطنية»، مستدركاً: «جذب الشعوب يخلق عمقاً إستراتيجياً لأيّ دولة، وهذا أمر مهم جداً». وتابع: «لا ينبغي قطع أيٍّ من أذرع القدرة الوطنية هذه لمصلحة ركن وذراع أخرى».
لهذا السبب، رأى سماحته أن مقترحات مثل التخلي عن الحضور الإقليمي من أجل سحب الذريعة من العدو، أو ترك التقدّم العلمي في المجال النووي، هي «ضربة للقدرة الوطنية». وقال: «الحضور الإقليمي يعطينا عمقاً إستراتيجياً وقدرة وطنية كبرى، فلماذا نتخلى عنه؟ أيضاً التقدم العلمي النووي مرتبط بتأمين احتياجات البلاد في المستقبل القريب، وإذا تخلينا عنه، فبعد بضع سنوات إلى مَن وإلى أين نمدّ أيدينا؟»
نتيجة لذلك، رأى الإمام الخامنئي أن التنازل أمام أمريكا أو أي قوة أخرى من أجل البقاء في مَأمنٍ من الحظر «خطأ كبير وضربة للقدرة السياسية»، مضيفاً: «ليس هناك ما هو أكثر سذاجة وانعدام خبرةٍ من مقترح شخص يدعو إلى تقليص القدرة الدفاعية من أجل تخفيف حساسية العدو!». وقال: «على طول الزمان، يُطرحُ ما هو من قبيل هذه المقترحات الواهية والمليئة بالأخطاء، وكلّها كانت قابلة للإبطال وقد أُبطِلَت أيضاً، ولو سُمحَ للذين أرادوا قطع بعض أذرع القدرة الوطنية فعلُ ذلك، لكانت إيران اليوم تواجه مخاطر كبيرة، [لكن] بإرادة الله وعنايته لم تتوفر إمكانية تنفيذ لهذه المقترحات». وفي المقابل، عدَّ سماحته قضايا مثل «الوحدة الوطنية، والثقة الوطنية، والأمل العام، والثقة بالنفس الوطنية، وحفظ الإيمان الوطني، وقضية المعيشة العامة، وتيسير القضايا الاجتماعية للناس» قضايا «مؤثّرة في تعزيز القدرة الوطنية».
في سياق آخر، رأى الإمام الخامنئي أن الأثر الذي لا بديل عنه لحضور الناس في الميدان هو السبب في «محاولة الشياطين إغواء الناس»، قائلاً: «الشياطين عبر أداة الإعلام دائماً يروّجون للكذب ويزيّنون الأقوال التي لا أساس لها حتى يتسببوا في اليأس ويحبطوا أمل الشعب عبر تقليص الإيمان والثقة بالنفس العامة». ولذلك، قال إن «إغواء الخواص من أجل الهدف النهائي، أيْ إغواء الناس، هو برنامج عمل مهم للأعداء». وأضاف: «لقد حاول المستكبرون في العالم في أعنف حرب ناعمة في التاريخ ضد الشعب الإيراني إغواءَ أولئك الذين لديهم مكانة وإمكانات وأحياناً من لديهم العلم حتى يخدعوا جماهير الناس».
أيضاً ذكر سماحته أن «تربية المرتزقة وصناعة آكلي الحرام والتهديد والتطميع» هي من أساليب العدو المختلفة. وقال: «هذه الحرب الناعمة والثقيلة تدل بالطبع على ازدياد قوة البنية التحتية وإمكانات جبهة الحق التي جعلت الصراع معها أمراً صعباً، وأدّت بالعدو إلى خوض الحرب الناعمة من أجل تخريب ذهنيات الناس»، في حين أن «سبيل مواجهة الحرب الناعمة المعقدة للعدو هو جهاد التبيين».
لكن قائد الثورة الإسلامية رأى أن «تحديث أدوات الحرب الناعمة» شرطٌ للنجاح في جهاد التبيين، موضحاً: «مثلما لم يعد من الممكن استخدام الأدوات القديمة في الحروب الصلبة، يجب علينا تحديث أدواتنا في الحرب الناعمة». وهنا رأى سماحته أن «السلاح الأفضل والأكثر فعالية في الحرب الناعمة هو تبيين المفاهيم الإسلامية السامية»، قائلاً: «في مجال القضايا المعرفية ونمط العيش الإسلامي والتعبير عن قواعد الحاكمية الإسلامية مثل أن تكون شعبية ودينية وإيمانية وألّا تكون أشرافية وظالمة ورازحة تحت الظلم... يوجد كلام للعالم لم يتسنَّ قوله وهو جذّاب وجميل ويجب تبيينه جيّداً».
في الختام، خَلُصَ الإمام الخامنئي إلى أن التقصير في جهاد التبيين يؤدي إلى إساءة استخدام حتى طلّاب الدنيا وسائلَ الدين، منبهاً إلى أنه «إذا لم يتم أداء جهاد التبيين بصورة صحيحة، فسيستخدم أهل الدنيا الدينَ أيضاً كوسيلة لتلبية الرغبات والشهوات... حتى مثلما في صدر الإسلام كما كانت تفعل مجموعات كبني أمية».