وكالة أنباء الحوزة - وفي اليوم الثالث عشر من المحرّم أقبل الإمامُ زينُ العابدين(عليه السلام)، لدفن أبيه الشهيد(سلام الله عليه)؛ لأنّ الإمامَ المعصوم لا يلي أمره إلّا إمامٌ معصومٌ مثله.
ويُذكر في كتب التاريخ لمّا أقبل السّجادُ(عليه السلام) وجد قوماً من بني أسدٍ مجتمعين عند القتلى، متحيّرين لا يدرون ما يصنعون، ولَمْ يهتدوا إلى معرفتهم؛ وقد فرّق القومُ بين رؤوسهم وأبدانهم وربّما يسألون مَنْ أهلُهم وعشيرتُهم، فأخبرهم (عليه السّلام) عمّا جاء إليه من مواراة هذه الجسوم الطاهرة، وأوقَفَهم على أسمائهم، كما عرَّفَهم بالهاشميّين من الأصحاب، فارتفع البكاءُ والعويل، وسالت الدموع منهم كلّ مسيل، ونشرت النساءُ الأسديّات الشعور ولطمْنَ الخدود.
ثمّ مشى الإمامُ زين العابدين(عليه السلام) إلى جسد أبيه واعتنقه وبكى بكاءً عالياً، وأتى إلى موضع القبر، ورفع قليلاً من التراب فبان قبرٌ محفورٌ وضريحٌ مشقوق، فبسط كفَّيْه تحت ظهره وقال: «بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله، صدق اللهُ ورسولُه، ما شاءَ اللهُ، لا حول ولا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم»، وأنزلَهُ وحدَه، لَم يُشاركْه بنو أسدٍ فيه، وقال (عليه السلام) لهم: «إنّ معي مَن يُعينني».
ولمّا أقرّه في لحده، وضع خدّه على منحرِهِ الشريف وخاطَبه قائلاً: «طوبى لأرضٍ تضمّنت جسَدَك الطاهر، فإنّ الدنيا بعدك مظلمة والآخرةَ بنورِك مُشرِقة، أمّا الليلُ فمسهّد والحزنُ سرمد، أو يختار الله لأهل بيتك دارك التي أنت بها مقيم، وعليك منّي السّلام يا بن رسول الله ورحمة الله وبركاته»، وكتب على القبر: «هذا قبر الحسين بن عليّ بن أبي طالب الذي قتلوه عطشاناً غريباً».
ثمّ مشى إلى عمّه العبّاس(عليه السّلام) فرآه بتلك الحالة التي أدهشت الملائكة بين أطباق السّماء وأبكت الحور في غرف الجنان، ووقع عليه يلثمُ نحره المقدّس قائلاً: «على الدّنيا بعدك العَفا يا قمرَ هاشم، وعليكَ منّي السّلام من شهيدٍ محتسبٍ ورحمةُ الله وبركاته»، وشقّ له ضريحاً وأنزله وحده كما فَعَل بأبيه الشهيد، وقال لبني أسد: «إنّ معي مَن يُعينني».
نعم.. ترك مساغاً لبني أسدٍ بمشاركته في مواراة الشهداء، وعيّن لهم موضِعَيْن وأمَرَهم أنْ يحفروا حفرتَيْن، ووضَعَ في الأُولى بني هاشم، وفي الثانية الأصحاب.
وبعدما أكمل الإمامُ(عليه السلام) دفنَ الأجساد الطاهرة، عاد إلى الكوفة والتَحَق بركبِ السبايا.
رمز الخبر: 363706
٢٢ أغسطس ٢٠٢١ - ١٦:٣٥
- الطباعة
وكالة الحوزة - بقيت جثّةُ الإمام الحسين(عليه السلام)، وجثثُ أهل بيته وأصحابه بعد واقعة الطفّ، مطروحةً على رمضاء كربلاء ثلاثة أيّامٍ بلا دفن، تصهرها حرارة الشمس المحرقة.