أفاد مراسل وكالة أنباء الحورة، أن نائب رئيس المجلس الشافعي الاسلامي وعضو رابطة علماء اليمن «رضوان عبدالله المحيا» قال: كانت سياسة الإمام الصادق (ع) تناسب المرحلة التي كان فيها، حيث أنها استطاع نشر العلم والحفاظ على الموروث الإسلامي، بطرق مختلفة تجنب فيها الاصطدام مع الولاة والحكام، ووجد أن الأمة بحاجة ماسة إلى الوعي والبصيرة، كما أنه كان يعرف من خلال مما ورثه عن آبائه أن الحكم سيبقى في أيدي أولئك الطغاة من بني أمية والعباس، وكان من الداعمين لحركة عمه زيد بن علي رغم علمه المسبق بنتائجها، وقد مدح فيها الشهداء الذين قتلوا مع عمه زيد، وقال إن لهم من الأجر كمن قتل مع الحسين عليه السلام.
فمن خلال تلك المرحلة يتبين الاختلاف الواسع بينها وبين مرحلة جده الإمام الحسين (ع) الذي اختار فيها طريق الجهاد، وألجأه القوم إليه، بعد أن خرج للإصلاح في أمة جده صلى الله عليه وآله وسلم، كما أن الإمام الصادق كان له دور مهم في إبعاد أهل العلم المتصلين به عن حكام الجور، واستطاع بحكمته أن يمنع الحكام الظلمة من التعرض للثورة العلميةوالفكرية التي احدثها في ذلك العصر،واستطاع بتوفيق الله له التخلص من عمليات الترصد والتجسس التي فرضها عليه الملوك من خلال دس الرقباء للإيقاع به، فلم يستطيعوا نقل أي وشاية أو دسيسة عليه.
وأما في زمننا الحالي فقد مرت عليه مراحل كانت تشبه إلى حد كبير تلك المرحلة التي كان عليها الإمام سلام الله عليه، إلا أننا اليوم أقرب إلى مرحلة جده الإمام الحسين (ع) حيث برز اليوم في ساحتنا أكثر من يزيد، وما كان يفعله يزيد من الفسق والفجور في باب جيرون بدمشق يتم عمله حالياً في بلاد الحجاز ومهبط الوحي، من مراقص وملاهي ودور للخمور والبغاء وفي أكثر من بلد مسلم، وإن ما قام به ابن زياد من قتل وتشريد وحصار، يقوم به عملاء الأمريكان والصهاينة في شعوب الأمة المسلمة واليمن المكلوم خير دليل على ذلك، فما على الأمة إلا أن ترفع رايات أبي عبدالله الحسين، وتتحصن بعلم وحكمة الإمام الصادق (ع)، فإن العدو قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة.
وفیما یلي نص المقابلة:
الحوزة: كما تعلمون عاش الإمام في وقت كان المسلمون يجهلون امور دينهم واحكام شريعتهم؛ لان الحكومات انذاك اهملت الشؤون الدينية اهمالا تاما حتى لم يعد البعض يفقه امور دينه. ما هو دور الإمام في إحياء الدين في ذلك الزمن؟
لقد عاش الإمام الصادق عليه السلام، وعاصر كلاً من الدولتين الأموية والعباسية، ولا يخفى ما في هاتين الدولتين من ضلال وتحريف لدين الله، حيث كان الحكام يقربون إليهم علماء السوء، الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً، وكاد دين الله أن ينتهي على يد علماء السوء وأئمة الجور، فنهض الإمام الصادق بالأمر وأحيا دين الله وأقام دروس العلم، وكلف نواباً عنه للتواصل مع الناس في الأمصار حتى كثر أتباعه وطلابه فكانوا بالآلاف، ثم تصدى الإمام لكثير من الإنحرافات التي ظهرت في زمانه والتي كان مصدرها علماء البلاط، فقامت بينه وبينهم مناظرات عديدة، أقام عليهم فيها الحجة، وأبطل ما هم عليهم من دعاوى وتضليل، وأثبت لهم أن العلم مصدره ومورده في آل محمد صلى الله عليه وآله.
الحوزة: كان من اهم ما عني به الامام هو نشر الفقه الاسلامي الذي يحمل روح الاسلام وجوهره وتفاعله مع الحياة. كيف ترى موقع الامام بين الشيعة والسنة؟
ظهر في الفترة التي عاش فيها الكثير ممن ادعوا العلم، وتصدروا للفتوى، حتى أنها تعد المرحلة التي تم فيها البدء بتأسيس المذاهب الفقهية الأربعة المعروفة، وكانت منحصرة بين أهل الرأي وأهل الحديث، ولا يخفى أن هذه المدارس الفقهية، اعتمدت على القياس قي دين الله، وأخذت الحديث عن غير أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله، فابتعدت كثيراً عن الحكمة والصواب، وأصبح دين الله لعبة في يد مدعي الفقه والعلم، ومما زاد الأمر سوءاً هو تجيير الفتاوى الفقهية لما يهواه الحاكم الظالم، وفي تلك المرحلة كانت مدرسة الإمام الصادق (ع) الفقهية من أهم المدارس التي حافظت على الفقه الإسلامي، وحملت روحية الإسلام المحمدي، حيث لم تتأثر بالإغراءات المادية التي اعتمدها الملوك لفقهاء المدارس الأخرى، كما أنها أُسست لخدمة الإسلام، وليس لخدمة السلطان، ومن خلال ذلك خلّف الإمام جعفر الصادق (ع) موروثاً فقهياً كبيراً، يتميز بمرجعيته المعتمدة على كتاب الله، وعلم العترة الطاهرة، وما زالت فتاواه متداولة بين علماء السنة والشيعة معاً، ولولا التجاهل المتعمد الذي سار عليه أعداء وحساد أهل البيت (ع) من إقصاء الإمام جعفر ع، وعدم الإعتماد على كثير من رواياته في الحديث، وفتاواه في الفقه، لكان علم هذا الإمام في متناول الأمة كلها، ولكنهم أقصوه وحُرموا من علمه، فما أعظم خسارتهم، وأشد جنايتهم على دين الله تعالى وعلى أوليائه.
الحوزة: فقد تفوق الامام (ع) على جميع اهل عصره في جميع الفضائل والكمالات ومكارم الاخلاق والصفات. هل كان المرجع الاعلى للعلماء ومعلمهم جميعا في عصره؟
لقد كان الإمام الصادق (ع) سيد أهل زمانه علماً وشرفاً وفضلاً، وكان يحمل أخلاق بيت النبوة، ومعدن الرسالة، متصفاً بأعلى صفات الكمال الإنساني، فما من مكرمة إلا ونالها، ولا مفخرة إلا وطالها، فكان أسخى الناس يداً، وأوسعهم بِراً وندى، وأكرمهم نسباً، وأطيبهم قلباً، وأكثرهم زهداً وتقوى، فكان بيته مفتوح للفقراء، ويده مبسوطة للسائلين، وعلمه مبذول للمتعلمين، وقصده كل من أراد علم بيت النبوة، فأفاض عليهم من علومه، فوجدوا عنده ما لم يجدوه عند غيره، كما رأوه ملماً بفتاوى علماء الأمصار، حيث بيّن لهم صحيحها من سقيمها، ورد على ما خالف القوم فيه كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله، فكان مرجعاً يُقصد لحل المعضلات، ولبيان ما استشكل على القوم من كثرة اختلاف أهل الفتاوى، فكان يسرد على القوم ما اختلف فيه فقهاؤهم، ثم يذكر لهم الصواب الموافق لكتاب الله، وقد اجتمع مرات عدة بكبار فقهاء القوم، وبيّن لهم ما هم عليه من قلة العلم، والقول بالرأي من غير دليل، فافحمهم بالحجة والبيان، فاعتذروا له عن تطاولهم، وأقروا بأن مالديهم ليس أكثر من بضاعة مزجاة، وأن الله قد جعل العلم في بيت النبي صلى الله عليه وآله، واختصهم بذلك على من سواهم، فهم ورثة الكتاب، وحملة العلم والهدى.
الحوزة: وعن الإمام الصّادق(عليه السَّلام): (العامِل لظلم والمُعين له والرّاضي به شُركاء ثلاثتهم). [الكافي ج2: 333.] كيف يمكن التحذي الى هذا الحديث وكلام الإمام في الظروف الراهنة؟
ما أحوجنا في مثل هذه الظروف التي حلت بالأمة إلى الإهتداء بما قاله أئمة أهل البيت عليهم السلام، فقد أشار الإمام الصادق (ع) إلى أن إثم الذنب لم يعد مقصوراً على فاعله فحسب، بل يشمل المعين والراضي به، وهذا يشبه ما أشار إليه أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: (الرَّاضِي بِفِعْلِ قَوْمٍ كَالدَّاخِلِ فِيهِ مَعَهُمْ وَعَلَى كُلِّ دَاخِلٍ فِي بَاطِلٍ إِثْمَانِ إِثْمُ الْعَمَلِ بِهِ وَإِثْمُ الرِّضَى بِهِ)
فمن خلال الأحداث التي تمر بها الأمة اليوم يتوجب علينا أن لا نعين أهل الباطل، أو نرضى بأفعالهم وإلا كنا شركاء لهم في باطلهم، ومن تلك الأعمال ما نراه من قيام بعض الأنظمة التي تدعي الإسلام، من حركة التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني، والمسارعة فيهم، متجاهلين نهي الله تعالي عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، ومتناسين لجرائم الصهاينة بحق الأمة كافة وفلسطين والأقصى خاصة، فأحلوا قومهم دار البوار.
ولتعلم الأمة أن الله سيسألها حتى عن توجهاتها العاطفية، والقلبية، وعن رضاها أو سخطها عن مثل هذه المواقف، وإن مما يتألم له القلب، أن نرى التواطؤ الكبير من قبل أنظمة عربية واسلامية مع الصهاينة لإفشال حركات المقاومة، وإضعافها وتصنيفها ضمن الحركات الإرهابية، بل والدخول مع الكيان الصهيوني في علاقات حميمية، عنوانها التطبيع والاستثمار والتبادل التجاري، ومما يزيد القلب غصة أن نسمع أصوات في الإعلام العربي تمتدح هذه الأعمال وترضى بها، وتدعوا إلى تبادل الزيارات مع تل أبيب، كما تدعو إلى كافة أنواع التطبيع الثقافي والفكري مع الصهاينة، فمثل هذه الأعمال سيسأل الله عنها كل من قام بها ومن أعان، ومن رضي بها من الأمة جميعاً.
الحوزة: كيف ترى سيرة الامام في المجال السياسي والتعامل مع الحكام من جهة ومع الثوار من جهة أخرى واستلهامها في الزمن الحالي؟
كانت سياسة الإمام الصادق (ع) تناسب المرحلة التي كان فيها حيث أنها استطاع نشر العلم والحفاظ على الموروث الإسلامي، بطرق مختلفة تجنب فيها الاصطدام مع الولاة والحكام، ووجد أن الأمة بحاجة ماسة إلى الوعي والبصيرة، كما أنه كان يعرف من خلال مما ورثه عن آبائه أن الحكم سيبقى في أيدي أولئك الطغاة من بني أمية والعباس، وكان من الداعمين لحركة عمه زيد بن علي رغم علمه المسبق بنتائجها، وقد مدح فيها الشهداء الذين قتلوا مع عمه زيد وقال إن لهم من الأجر كمن قتل مع الحسين عليه السلام.
فمن خلال تلك المرحلة يتبين الاختلاف الواسع بينها وبين مرحلة جده الإمام الحسين (ع) الذي اختار فيها طريق الجهاد، وألجأه القوم إليه، بعد أن خرج للإصلاح في أمة جده صلى الله عليه وآله وسلم، كما أن الإمام الصادق كان له دور مهم في إبعاد أهل العلم المتصلين به عن حكام الجور، واستطاع بحكمته أن يمنع الحكام الظلمة من التعرض للثورة العلميةوالفكرية التي احدثها في ذلك العصر،واستطاع بتوفيق الله له التخلص من عمليات الترصد والتجسس التي فرضها عليه الملوك من خلال دس الرقباء للإيقاع به، فلم يستطيعوا نقل أي وشاية أو دسيسة عليه.
وأما في زمننا الحالي فقد مرت عليه مراحل كانت تشبه إلى حد كبير تلك المرحلة التي كان عليها الإمام سلام الله عليه، إلا أننا اليوم أقرب إلى مرحلة جده الإمام الحسين (ع) حيث برز اليوم في ساحتنا أكثر من يزيد، وما كان يفعله يزيد من الفسق والفجور في باب جيرون بدمشق يتم عمله حالياً في بلاد الحجاز ومهبط الوحي، من مراقص وملاهي ودور للخمور والبغاء وفي أكثر من بلد مسلم، وإن ماقام به ابن زياد من قتل وتشريد وحصار، يقوم به عملاء الأمريكان والصهاينة في شعوب الأمة المسلمة واليمن المكلوم خير دليل على ذلك، فما على الأمة إلا أن ترفع رايات أبي عبدالله الحسين، وتتحصن بعلم وحكمة الإمام الصادق ع، فإن العدو قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة.