وكالة أنباء الحوزة - بثت ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) الروح الثورية في نفوس الأمة وحفزتها على مجابهة الظلم الأموي وإنقاذ الإسلام من براثن الأمويين والتصدي لاستهتارهم بقيمه ومبادئه ومصادرة إرثه العظيم بمنكراتهم وأباطيلهم وارتكابهم الجرائم ضد المسلمين، حيث شاع القتل وامتلأت السجون ومُورس التشريد والتعذيب والتنكيل والنفي، ولم يراعِ الأمويون إلّاً ولا ذمة حتى مع صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الكبار أمثال أبي ذر الغفاري وحجر بن عدي الكندي وعمرو بن الحمق الخزاعي (رضوان الله عليهم)، وغيرهم من الذين وقفوا بصلابة وشجاعة بوجه الطغيان الأموي، حتى جاءت كربلاء لتوقظ في الأمة روح الإسلام الحقة وتبذر في نفوسها الوعي الثوري وتنقذ الرسالة.
كربلاء شرارة الثورات
واستمرت الثورات بعد كربلاء وهي تستمد من سيد الشهداء روح الإباء والعقيدة، وكان لثورات العلويين الدور الأكبر والأثر البارز في مواجهة الانحراف الأموي والطغيان العباسي، فقد كان هذان الحُكمان الفاسدان يشكّلان خطراً على الخط الرسالي الذي جاء به الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله)، لا يقل خطره عن الأخطار التي تحيط به من الشرك والوثنية التي ما فتأت تكيد للإسلام، وقد تمثل خطر الأمويين والعباسيين بإعادة الروح الجاهلية وإحياء العصبيات واحتكار الصلاحيات وتفشي الطبقية والرأسمالية المستبدة وقمع الحريات واستبداد الحاكم وغيرها، فكان دور أهل البيت (عليه السلام) مزدوجاً تمثّل في الدفاع عن مبادئ الإسلام في مواجهة الانحراف السلطوي من جهة ومحاربة التيارات الفاسدة والمنحرفة التي دعمتها السلطة لصرف نظر المسلمين عن استهتارها بالقيم والمقدسات وكرامة الإنسان من جهة أخرى، فكانت ثورة الشهيد زيد بن علي (عليه السلام) امتدادا لثورة جده الحسين (عليه السلام) ثم ثورة ابنه يحيى بن زيد وغيرها من ثورات العلويين التي دعت إلى الخروج على النظام الفاسد الظالم والرجوع إلى نهج الإسلام الصحيح.
الثورة وتحقيق العدل
وقد بارك الأئمة المعصومون هذه الثورات ودعموها وهي تقف بوجه الباطل في الكثير من الموارد، حتى استطاع العلويون وشيعتهم رفع راية أهل البيت (عليهم السلام) ونشر الإسلام المحمدي الأصيل وإقامة العدل في الكثير من مناطق المعمورة، فأقاموا الدول التي دعت بالحق لأهل الحق وهم أمناء الله في أرضه الذين أوجب رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الأمة طاعتهم والتمسك بهم، ومن هذه الدول التي أقامها العلويون دولة الداعي الكبير أو الداعي الأول في (طبرستان) والتي تُعرف اليوم بمازندران سنة (250 هـ) وضمّت هذه الدولة ولايات ساحل بحر الخزر يعني الديلم وجيلان وطبرستان وضربت نقوداً باسمها وقد بقيت هذه الدولة قائمة لمدة مائتي سنة حكم فيها أربعة عشر أميراً من أحفاد الحسن والحسين (عليهم السلام) فحققوا خلال سني حكمهم الكثير من الإنجازات العظيمة للإسلام والإنسانية، ووضعوا حضارة تركت آثارها للتاريخ والأجيال صوراً ناصعة مشرقة، يقول المستشرق الألماني برتولد اشبولر (1911 ــ 1990 م): (أسس الزيديون ـ من نسل زيد بن الحسن ـ في السواحل الجنوبية لبحر الخزر في سنة (864) للميلاد دولة تركت أثرا بارزاً في الحضارة الإسلامية) (1)
تاريخ طبرستان وجغرافيتها
تباينت أقوال وآراء المؤرخين حول معنى كلمة (طبرستان)، فقيل: هي محرفة من كلمة (تابورستان)، وهو الاسم الذي يشاهد منقوشاً على النقود الساسانية، وقيل: إن معناها يعني (سكان الجبل) أو (المنطقة الجبلية) فـ (طبر) تعني الجبل و(ستان) تعني المكان.
وقد بقيت طبرستان عصية على الجيوش الأموية الغازية رغم بلوغ تلك الجيوش حدود الصين وسواحل أسبانيا، وذلك لحصانة مكانها حيث كانت بلاداً جبلية وعرة المسالك يصعب الوصول إليها، إضافة إلى استماتة أهلها في الدفاع عنها، فبقيت طوال ثلاثة قرون الهجرية الأولى تحت نفوذ ملوك إيرانيي الأصل يعتنقون المزدكية والزرادشتية والمجوسية، ونظراً لما كانت تتمتع به طبيعتها الجغرافية من مناطق جبلية لم تمتد إليها يد النفوذ الأموي، فقد كان يلجأ إليها الهاربون العلويون من بطش السلطتين الأموية والعباسية لاطمئنانهم إليها، كما ساعدت مناطقها غير الجبلية على اللجوء إليها، فلم تكن جميع مناطق طبرستان أرض جبلية بل كانت تقع فيها مناطق ساحلية، فهي تطل على بحر مازندران وهذا ما يعطي الفرصة للهرب منها في حين مداهمتها من قبل الجيش الأموي.
طبرستان في مواجهة الغزو الأموي والعباسي
عاشت طبرستان بعد مجيء الإسلام بين مد وجزر في حكمها لمدة طويلة ابتدأت من السنة الثانية والعشرين للهجرة وهي بداية توجه المسلمين إليها لفتحها، ويذكر الطبري والبلاذري واليعقوبي في تواريخهم: إن غارات وحروب شُنّت على تلك المناطق غير أنه ليس هناك ما يدل على دخول المسلمين إليها واستيلائهم عليها، وفي عهد سليمان بن عبد الملك وجه سليمان، يزيد بن المهلب لفتح جرجان وطبرستان، وكان يزيد هذا من أكثر قادة الجيش الأموي سفكاً للدماء وفساداً في الأرض، وحينما وصل طبرستان وجد مقاومة شديدة من أهلها واستبسال واستماتة منهم في الدفاع عن أرضهم فلم يتمكن من فتحها حتى عام (98 هـ)، حينما أقسم إنه لن يرجع من هذه الأرض حتى يطحن القمح من دماء أهلها ويأكله! وقد نفذ ما أراد حيث (قتل خلقاً كثيراً من أهلها) كما أشارت إلى ذلك جميع التواريخ وأسر ستة آلاف منهم وباعهم كالعبيد !!
طبرستان في العهد العباسي
رغم كل الأساليب الدموية التي مارسها يزيد بن المهلب في طبرستان وجرجان، إلا أنه لم يتمكن من السيطرة عليها فعلياً، فقد عاد أهلها إلى ديانتهم وبقيت الثورات متواصلة والحروب قائمة حتى زوال الحكم الأموي عام (132 هـ) على يد العباسيين، فأرسل أبو العباس السفاح (أول خليفة عباسي) أحد عماله إلى طبرستان، وأمره بمعاملة الناس بالحسنى والصلح والمداراة !
ولا يخفى ما لهذه الوصية من دهاء سياسي عرفه بنو العباس، فالأمور التي وردت في هذه الوصية بعيدة كل البعد عن سياسة العباسيين الذين عُرفوا بسياسة الظلم والقهر والاستبداد، ولكن سياسة دولتهم الوليدة اقتضت هذه السياسة مؤقتاً لتستقيم لهم الأمور ثم يمارسوا طغيانهم كما فعلوا مع العلويين، وهو ما حصل بالفعل في طبرستان في عهد المنصور ثاني خليفة عباسي، حيث نشبت الحروب وتمرد أهل طبرستان على ولاة العباسيين الطغاة، رغم الأساليب القمعية التي مارسها هؤلاء الولاة عليهم، حتى استطاع أبو الخصيب قائد المنصور بعد حروب طويلة دامت لعدة سنوات القضاء على الثورات، وإخضاع هذه الأرض وفك حصار الملوك الإيرانيين بسلطة الحديد والنار، وتولى حكم طبرستان كأول وال يحكمها من قبل العباسيين، ثم استمر بعده إرسال الولاة لهذه الأرض حتى عام (227 هـ)، وكان آخر والٍ يحكمها من قبل العباسيين هو محمد بن أوس البلخي.
العلويون في طبرستان
بدأ تدفق العلويين إلى هذه الأرض بعد استشهاد زيد بن علي (عليه السلام) في الكوفة وابنه يحيى بن زيد في خراسان، فتفرق العلويون في البلاد، فذهب بعضهم إلى الحجاز واليمن، وذهب البعض الآخر إلى آذربيجان وأصفهان، وذهب أكثر أحفاد الحسن (عليه السلام) إلى المناطق الشمالية في إيران ومنها جرجان وطبرستان، فكانوا يعيشون متخفّين منزوين بعيداً عن أنظار السلطة، ولما كثر العلويون في طبرستان وأظهروا فضائل أهل البيت (عليهم السلام) وكان لهم أثراً كبيراً في النفوس أصبحت هذه المنطقة بقعة خصبة لنشر التشيع، والدعوة إلى منهج أهل البيت (عليهم السلام)
فاستجار أهل طبرستان بهم يطلبون منهم الثورة على ولاة العباسيين البغاة، والقيام بأمر الخلافة والإستقلال بالحكم عن السلطة العباسية، وإنهاء نفوذها عليهم بعد أن عانوا من الولاة الفاسدين الكثير، وبدأت الثورة على الوالي العباسي محمد بن أوس البلخي الذي عرف بظلمه واستبداده، وانتصرت إرادة أهالي طبرستان، وتولى حكمهم من العلويين الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) الملقب بالداعي الكبير أو الداعي الأول وذلك في حكم المستعين بالله العباسي سنة (250هـ).
القشة التي قصمت ظهر البعير
كان السبب وراء ثورة الحسن بن زيد على الحكم العباسي رغم توفر جميع أسباب الثورة، هو محاربة الناس من قبل الولاة العباسيين حتى في أرزاقهم، فكان ذلك السبب بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير العباسي، فاندلعت شرارة الثورة التي أنهت النفوذ العباسي على تلك الأرض، وتبدأ القصة عندما كافأ الخليفة المستعين بالله العباسي قائده محمد بن عبد الله بن طاهر لما قضى على ثورة يحيى بن عمر، فأعطاه أراض من ضواحي طبرستان، منها أراض قرب ثغر الديلم وهما كلار وشالوس، وكان بقربهما أرض يحتطب منها أهل تلك الناحية، وترعى فيها مواشيهم، ليس لأحد عليها ملك إنّما هي ملك للجميع، وهي أرض خصبة ذات أنهار، وأشجار، وثمار.
فوجّه محمد بن عبد الله بن طاهر نائبه لحيازة ما أعطاه الخليفة، وكان هذا النائب اسمه جابر بن هارون النصراني، فلمّا جاء جابر إلى طبرستان وحاز الأرض التي اعطاها الخليفة لقائده، ضمّ إليها هذه الأرض التي هي ملك للجميع، ويستفاد منها كل أهالي طبرستان.
وكان في تلك الناحية يومئذ أخوانِ هما من كرام الرجال وأعيان المنطقة، وقد عُرفا بالكرم، وإطعام الطعام، وعمل الخير، والفضل على الناس، اسمهما: محمّد، وجعفر، وهما ابنا رستم، فاستنكرا ما فعل جابر من سرقة هذه الأرض، وكانا مُطاعَين في تلك الناحية، فاستنهضا من أطاعهما لمنع جابر من حيازة الأرض، فخاف جابر وهرب منهما ولجأ إلى سليمان بن عبدالله بن طاهر وكان عامل طبرستان يومئذ، فخاف محمّد وجعفر ومن معهما من عامل طبرستان، لأنهم يعرفون مبلغ القساوة والإجرام الذي جُبل عليه العباسيون وولاتهم، فراسلوا جيرانهم من الدَّيلم يذكّرونهم العهد الذي بينهم، وكانوا قد تعاهدوا على يخلعوا طاعة العباسيين ويبايعون رجلاً من العلويين، فأرسل ابنا رستم ومن معهما إلى رجل من الطالبيين ـ اسمه محمّد بن إبراهيم كان بطبرستان ـ يدعونه إلى البيعة، فامتنع، وقال: لكنّي أدلّكم على رجل منّا هو أقوم بهذا الأمر منّي، فدلّهم على الحسن بن زيد.
قيام الدولة
وكان الحسن بالري ــ طهران ــ ، فوجّهوا إليه رسالة يدعونه إلى طبرستان، فلبّى الحسن الدعوة، ولما أتاهم وجد أن الديلم وأهل كلار وشالوس والرويان على بيعته، فبايعوه كلّهم وطردوا عمّال محمد بن أوس عنهم ـ وكان هذا من عمال سليمان بن عبدالله عامل طبرستان ـ فلحقوا بسليمان بن عبدالله، وانضم إلى الحسن بن زيد أيضاً أهالي جبال طبرستان ثمّ تقدم الحسن ومن معه نحو مدينة آمل ثمّ سارية، وانهزم سليمان
وهكذا نجح الحسن بن زيد في تكوين هذه الدولة التي تُعرف بالدولة الزيدية بطبرستان، واقتطع من ملك بني العبّاس وآل طاهر طرفاً عظيماً تحميه جبال طبرستان والديلم.
إحياء سنة رسول الله وإماتة البدعة
وتولى الحسن إمارة مدن طبرستان وأمر أن ينادي في الأذان بـ (حي على خير العمل) وأن يجهر بالصلاة بـ (ببسم الله الرحمن الرحيم)، وما أن استقر الداعي الكبير ابن زيد في آمُل، حتى أعلن في أطراف طبرستان وكيلان والديلم أنّه: (قد رأينا العمل بكتاب الله وسنّة رسوله وما صحّ عن أمير المؤمنين، وإلحاق حيَّ على خير العمل، والجهر بالبسملة، والتكبير خمساً على الميت، ومن خالف فليس منّا)
يقول الشيخ أغا بزرك الطهراني: (أن الداعي إلى الحق الحسن بن زيد كتب في سنة (252 هـ) منشورة عن آمل إلى سائر بلاده، بإعلاء شعائر التشيّع من تقديم أمير المؤمنين (عليه السلام)، والأخذ بما صح عنه في جميع الأصول والفروع من قول (حيّ على خير العمل) والجهر بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) وغير ذلك) (2)
الداعي الكبير
كان الحسن جواداً، عالماً، شاعراً كما وصفته المصادر، كما عُرف بالشجاعة وشدة المراس فلا يلين له جانب في الحرب، وعُرف أيضاً بجوده وكرمه وتقواه وتواضعه، وقد روي عنه أنّه مدحه شاعر بقوله:
اللّه فرد، وابن زيد فرد ...
فقال له الحسن: بفيك الحجر، يا كذاب، هلا قلت: اللّه فرد، وابن زيد عبد.
ثم نزل عن مكانه، وخرّ ساجداً للّه تعالى، وألصق خده بالتراب
وكان الحسن بن زيد معترفاً بحق الأئمة المعصومين (عليهم السلام) فكان يدعو إلى الرضا من آل محمد، وقد حكم الحسن بن زيد حتى وفاته عام (270 هـ).
قال ابن الأثير: (وفيها ـ أي في تلك السنة ـ توفي الحسن بن زيد العلوي، صاحب طبرستان، في رجب وكانت ولايته تسع عشرة سنة وثمانية أشهر وستة أيام)، (3)
الخلفاء العلويون في طبرستان
لم يترك الحسن ذرية سوى ابنة واحدة اسمها (كريمة) تزوجها أحمد بن محمد الحسني الذي تولى الحكم بعده، وقد حكم طبرستان على مدى حوالي مائتي سنة أربعة عشر حاكماً علوياً، ثمانية منهم كانوا من أحفاد الحسن (عليه السلام) والستة الباقون من أحفاد الحسين (عليه السلام) وهم:
1 ـ الحسن بن زيد بن محمد بن اسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الملقب بـ (الداعي الكبير) ومدة حكمه عشرون سنة.
2 ـ أحمد بن محمد بن إبراهيم بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، صهر الداعي الكبير والحاكم بعده ولم يدم حكمه سوى عشرة أشهر حتى قتل في (ساري).
3 ـ محمد بن زيد بن محمد بن اسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أخو الداعي الكبير المعروف بـ (القائم الحق) وكان معروفاً بالعلم والأدب والبلاغة وقد قتل في بعض الحروب مع الدولة السامانية سنة (287هـ) ودفن رأسه في جرجان.
4 ـ أبو محمد، الحسن بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن عمر بن عليّ بن الحسين بن عليّ ابن أبي طالب (عليه السلام)، الملقّب بالناصر، وبالناصر الكبير، وبالناصر للحقّ، وبالأطرُوش شيخ الطالبيين وعالمهم، وهو جد الشريفين الرضي والمرتضى لأمهما السيدة فاطمة، وأول من حكم من أحفاد الإمام الحسين (عليه السلام)، وقد دخل الإسلام في عهد الأطرُوش جمع غفير من أهالي الديلم وتركوا المجوسية، كما انتقل في عهده الكثير من الزرادشتية إلى الإسلام.
يقول الميرزا عبد الله الأصبهاني: (وفي سنة إحدى وثلاثمائة خرج في ديلمان وملك أكثر بلاد طبرستان ولقّب بناصر الحقّ، وقد أسلم على يده أكثر من لم يسلم إلى ذلك الوقت) (4)
يقول عنه الزركلي: (فخرج إلى بلاد الديلم، فأقام ثلاث عشرة سنة، وكان أهلها مجوساً، فأسلم منهم عدد وافر، وبنى في بلادهم المساجد) (5)
وقال السيد محسن الأمين: (قيل بايعه منهم أَلف ألف رجل). (6)
وكان الحسن عالماً شاعراً إماماً في الفقه، كما كان من كبار رجال عصره قبل أن يتولى الحكم، وفي حكمه كان مضرب المثل بعدله واستقامته، وقد قيل إنه ألّف مائة مجلد في شتى العلوم، ومن مؤلفاته: كتاب الألفاظ، وأصول الدين، والإمامة، والطلاق، والظلامة الفاطمية، والبساط في علم الكلام، وأنساب الأئمة ومواليدهم إلى صاحب الأمر (عليهم السلام)، وله تفسير في مجلدين، وقد حكم ثلاث سنوات وثلاثة أشهر.
5 ـ أبو محمد الحسن بن القاسم بن الحسن بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الملقب بـ (الداعي الجليل) أو الداعي الصغير، وقد اشتهر بعدله، وتذكر التواريخ أن أهل طبرستان كانوا يقولون: (أنهم لم يروا في أي عهد من العهود, ما لقوه في عهده من الأمن والرفاه والعدالة).
6 ـ أبو الحسين أحمد بن الحسن بن علي بن الحسين بن عمر الأشرف بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الملقب بالناصر الأول وهو ابن الناصر الكبير وكان يلقب بصاحب الجيش توفي سنة (311 هـ).
7 ـ أبو القاسم جعفر بن الحسن بن علي بن الحسين بن عمر الأشرف بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ابن الناصر الكبير وأخو الناصر الأول.
8 ـ أبو علي محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن عمر الأشرف بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، حفيد الناصر الكبير الأطروش الملقب بالناصر الثالث.
9 ـ أبو جعفر محمد بن أحمد بن الحسن بن علي بن الحسين بن عمر الأشرف بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، المعروف بصاحب القلنسوة، قتل في الحرب التي خاضها مع (مرداويج بن زيار) في آمل بعد إصابته بحربة ذات رأسين.
10 ـ أبو الفضل جعفر بن أبي عبد الله بن الحسين بن أبي الحسين العسكري بن أبي محمد الحسن بن عمر الأشرف بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، حفيد الناصر الكبير والملقب بـ (الثائر)، ازدهر في عصره العمران في طبرستان فبنى كثيراً من المدارس والمساجد والخانات، وكان آخر من حكم طبرستان من أحفاد الإمام الحسين (عليه السلام)، حيث انتقل الحكم بعده إلى أحفاد الحسن (عليه السلام)
11 ـ أبو عبد الله محمد بن الحسين بن القاسم بن الحسن بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الملقب بـ (المهدي لدين الله) و(القائم بحق الله)، كان عابداً زاهداً مات مسموماً سنة (359 هـ).
12 ـ أبو الحسن أحمد بن الحسين بن محمد بن هارون بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الملقب بـ (السيد) و(المؤيد بالله)، كان عالماً في النحو واللغة وفقيهاً جامعاً لأحاديث أهل البيت (عليهم السلام)، ألف العديد من الكتب منها كتاب (التجريد) و(الشرح) و(البلاغة) و(النصرة) و(الإفادة)، تولى الحكم سنة (380 هـ) حتى وفاته سنة (411 هـ).
13 ـ أبو طالب يحيى بن الحسين بن محمد بن هارون بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الملقب بـ (السيد الناطق بالحق)، كان عالماً كبيراً بلغ درجة علمية كبيرة حتى قيل فيه: (إنه لم يكن ثمة أحد أعلم منه) توفي سنة (422هـ).
14 ـ أبو القاسم زيد بن أبي طالب الحسن بن صالح بن محمد بن الأعلم بن عبيد الله بن عبد الرحمن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، آخر الخلفاء العلويين في طبرستان الملقب بـ (المسدد بالله).
دولة العلم والأدب
حفل تاريخ دولة العلويين في طبرستان بأعلام الفقه والأدب ممن لا تزال آثارهم قائمة، وتتداول إلى يومنا هذا، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:
1 ـ العالم الكبير السيد الحسن بن علي بن الناصر الكبير.
2 ـ السيد أبو الحسن المؤيد بالله الذي يقول عنه المؤرخ الفرنسي رابينو (1877 ــ 1950 م): (إنه كتب كتاباً في أفضلية علي بن أبي طالب بلغ من الفصاحة والاتقان حد الإعجاز). (7)
3 ـ أبو القاسم السيد حمزة العلوي فقيه كبير وعالم متكلم.
4 ـ أبو الفرج بن هندو فيلسوف وعالم وأديب كبير.
5 ـ أبو العباس بن سعد بن أحمد الطبري.
6 ـ أبو هشام العلوي الطبري.
7 ـ زيد بن محمد بن زيد العلوي.
وغيرهم الكثير من أعلام الفقه والأدب واللغة ممن لا يسعنا حصرهم هنا.
كان لهذه الدولة أثراً كبيراً في نشر الدعوة إلى الإسلام ودخول الكثير من الزرادشتية وغيرهم إليه، حيث استطاعت أن ترفع لواء الإسلام والتشيع على كل أراضي طبرستان وتغرسه في القلوب إلى الآن بعد أن عجزت القوة العسكرية والإرهاب الذي استخدمه الأمويون والعباسيون لإخضاع هذه الأرض، فدخلت الإسلام طوعاً على يد هؤلاء العلويين الذين حكموا الناس بأحكام الإسلام الصحيح، وقد تركت الدولة العلوية في طبرستان ثروة علمية وأدبية كبيرة أغنت المكتبة الإسلامية وتشير الروايات إلى أن العلويين كانت لهم اليد الطولى في العلوم واللغة والآداب، وكان بلاطهم على الدوام مليئاً بالعلماء والمحققين والأدباء والشعراء وغيرهم من أعلام الفقه واللغة والأدب.
محمد طاهر الصفار
................
1 ــ تاريخ إيران
2 ــ الذريعة إلى تصانيف الشيعة / تاريخ طبرستان ص 240
3 ــ الكامل ج 7 ص 407
4 ــ رياض العلماء ج 1 ص 280
5 ــ الأعلام
6 ــ أعيان الشيعة ج 5 ص 182 نقلا عن كتاب تاريخ طبرستان لبهاء الدين محمد بن حسن بن إسفنديار
7 ــ كتاب دودمان علوي / ترجمه إلى الفارسية سيد محمد طاهري شهاب