وكالة أنباء الحوزة ــ اجتمعت في أميرالمؤمنين (عليه السلام) صفات متضادّة ومتخالفة في ظاهرها بشكل جميل حتّى أضحت بذاتها وجوداً جميلاً!...
هناك مثلاً الرأفة والرقّة وهي لا تنسجم مع الحزم والصّلابة. لكنّ عطف ورأفة ورقّة أميرالمؤمنين (عليه السلام) كان حقّاً في ذراه الأعلى الذي قلّما يبلغه إنسان عادّي، فالذين يساعدون المساكين ويتفقّدون العوائل الفقيرة كثيرون، إلّا أنّ الشخص الوحيد الذي كان يؤدّي هذا العمل في عهد وفترة حكومته واقتداره وتسلّطه -أوّلاً- ويكون هذا العمل دأبه على الدوام، ولم يكتفِ بأدائه مرّتين أو ثلاث بل كان يفعل ذلك بشكل مستمر، ثانياً، وثالثاً لم يكن يقتصر على تقديم العون المادّي فحسب، بل يذهب إلى هذه العائلة، ويتحدّث مع هذا الشّيخ، ويجلس مع هذا الضّرير، ويلاطف هذا الصّغير ويأنس بهم ويُدخل البهجة إلى قلوبهم ويقدّم لهم العون. كم قد تجدون بين الناس شخصاً يتحلّى بمثل هذه الرأفة والرّحمة، هكذا كان أميرالمؤمنين (عليه السلام) في رحمته ورأفته.
كان يذهب إلى دار أرملة ويوقد لها التنّور ويخبز لها الخبز ويُطعم أطفالها بيده المباركة، ولأجل أن يُدخل الفرحة على قلوب هؤلاء الأطفال البائيسين كان يلعب معهم ويحملهم على ظهره ويمشي بهم، ويداعبهم في كوخهم.
هذه الرأفة والرقّة في شخصيّة أميرالمؤمنين جعلت أحد الشخصيات الكبرى في ذلك العصر يقول: طالما رأيت أميرالمؤمنين (عليه السلام) يُطعم اليتامى العسل بإصبعه حتّى لوددت أن أكون يتيماً! هذا هو مدى رحمة ورقّة وعطف أميرالمؤمنين.
~الإمام الخامنئي ١٩٩٧/١/٣١
لقد كان أميرالمؤمنين يعمل لله وفي سبيله. كان يعالج آلام الناس. كان يحبّ الناس ويعتبر خدمتهم مسؤوليته. على الرّغم من أنّ حكومته كانت تصبّ في خدمة المستضعفين، لم يكن يكتفي بهذا الأمر؛ فكان يجول لوحده في الليالي أيضاً ليساعد كلّ فرد من المستضعفين. هذه هي حياة أميرالمؤمنين (عليه السلام).
وفي نظامنا, يجب أن تصبّ أيّ حركة وسياسة وقانون وجهود في خدمة المستضعفين والمحرومين من الناس الذين أدّى حكم الطواغيت طويل الأمد إلى ضعفهم واستضعافهم من مختلف النواحي هذا هو مسارنا، وهو المسار الذي قطعه أميرالمؤمنين (عليه السلام). هذا هو ذلك المسار الذي تعلّمه إمام وقائد هذه الثورة عظيم الشأن من عليّ (عليه السلام) ووضعه أمامنا. علينا أن نسير في ذلك المسار.
لقد كان عليّ (عليه السلام) نابذاً للظّلم تحت كلّ العناوين وكيفما تستّر. أنظروا إلى حياة أميرالمؤمنين (عليه السلام) الصعبة. ويمكنكم الاطّلاع على حروبه؛ أنظروا من قاتل، كيف قاتل، بأيّ بأس قاتل، من كانوا هم، تحت أيّ أسماء وعناوين خادعة تخفّوا؟ لم يكن الإمام عندما يشخّص أنّ هذا ظلم وباطل يتوانى لحظة. هذا هو مسارنا؛ وهو المسار الصعب الذي علينا أن نطويه. هذا هو مسار كلّ فرد من الذين يدّعون اتّباع أميرالمؤمنين (عليه السلام)؛ وهو مسار التصدّي للظلم والظالم ضمن أيّ مستوى وكيفما كان.
~الإمام الخامنئي ١٩٩١/١/٣٠