۲ آذر ۱۴۰۳ |۲۰ جمادی‌الاول ۱۴۴۶ | Nov 22, 2024
ذكرى استشهاد الإمام باب الحوائج موسى الكاظم ( ع )

وكالة أنباء الحوزة - يوافق ۲۵ من شهر رجب الأصب ذكرى استشهاد الإمام موسى بن جعفر باب الحوائج عليه السلام، وبهذه المناسبة الأليمة نسلط الضوء على بعض مناظراته القيمة.

للإمام الكاظم ( عليه السلام ) مناظرات و احتجاجات هامّة ، و بليغة مع خصومه المناوئين له ، كما جرت له مناظرات مع علماء النصارى و اليهود ، و قد برع فيها جميعها ، و أفلج الجميع بما أقامه من الأدلّة الدامغة على صحّة ما يقول ، و بطلان ما ذهبوا إليه ، و قد اعترفوا كلّهم بالعجز و الفشل معجبين بغزارة علم الإمام ، و تفوّقه عليهم ، منها :

1ـ مناظرته ( عليه السلام ) مع أبي يوسف القاضي :

أمر هارون الرشيد أبا يوسف أن يسأل الإمام ( عليه السلام ) بحضرته ، لعلّه يبدي عليه العجز ، فيتّخذ من ذلك وسيلة للحطّ من كرامته ، و لمّا اجتمع ( عليه السلام ) بهم ، وجّه إليه أبو يوسف السؤال التالي : ما تقول في التظليل للمحرم ؟ ،  قال ( عليه السلام ) : ( لا يصح ) .

قال : فيضرب الخباء في الأرض ، و يدخل البيت ؟ قال ( عليه السلام ) : ( نعم ) .

قال : فما الفرق بين الموضعين ؟ قال ( عليه السلام ) : ( ما تقول في الطامث ، أتقضي الصلاة ؟ ) ، قال أبو يوسف : لا.

قال ( عليه السلام ) : ( أتقضي الصوم ؟ )،  قال : نعم ، قال ( عليه السلام ) : ( و لمَ ؟ ) ، قال : هكذا جاء ، قال ( عليه السلام ) : ( وهكذا جاء هنا ) . فسكت أبو يوسف ، و لم يطق جواباً ، و بدا عليه الخجل و العجز ، فقال هارون : ما أراك صنعت شيئاً ، قال أبو يوسف : رماني بحجر دامغ . فتركهما الإمام ( عليه السلام ) و انصرف ، بعد أن خيّم عليهما الحزن و الشقاء .

2ـ مناظرته ( عليه السلام ) مع أبي حنيفة :

دخل أبو حنيفة على الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، فقال له : ( رأيت ابنك موسى يصلّي و الناس يمرّون بين يديه ، فلم ينههم عن ذلك ؟ فأمر ( عليه السلام ) بإحضار ولده موسى ( عليه السلام ) ، فلمّا مثل بين يديه ، قال له : ( يا بني ، إنّ أبا حنيفة يذكر أنّك كنت تصلّي ، و الناس يمرّون بين يديك ؟ ) .

فقال ( عليه السلام ) : ( نعم ، يا أبتِ  و إن الذي كنت أصلّي له أقرب إليّ منهم ، يقول الله عزّ و جل : (وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) .

عندها فرح الإمام الصادق ( عليه السلام ) و سرّ سروراً بالغاً ، لما أدلى به ولده من المنطق الرائع ، فقام إليه و ضمّه إلى صدره ، و قال مبتهجاً : ( بأبي أنت و أمّي يا مودع الأسرار ) .

3ـ مناظرته ( عليه السلام ) مع علماء اليهود :

قصد وفد من علماء اليهود الإمام الصادق ( عليه السلام ) ليحاججوه في الإسلام ، فلمّا مثلوا بين يديه انبروا إليه يطلبون منه الحجّة و الدليل على نبوّة
رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، قائلين : أي معجز يدل على نبوّة محمّد ؟

أجابهم ( عليه السلام ) : ( كتابه المهيمن ، الباهر لعقول الناظرين ، مع ما أعطي من الحلال و الحرام و غيرهما ، ممّا لو ذكرناه لطال شرحه ) ، فقالوا : كيف لنا أن نعلم هذا كما وصفت ؟

فانطلق الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، و كان آنذاك صبياً قائلاً لهم : ( و كيف لنا بأن نعلم ما تذكرون من آيات الله لموسى على ما تصفون ؟ ) ، قالوا : علمنا ذلك بنقل الصادقين .

قال لهم : ( فاعلموا صدق ما أنبأتكم به بخبر طفل لقّنه الله تعالى من غير تعليم ، و لامعرفة عن الناقلين ) ، فبهروا و آمنوا بقول الإمام الكاظم الصبي ( عليه السلام ) ، الذي هو المعجز بحق ، و هتفوا معلنين إسلامهم قائلين : نشهد أن لا اله إلاّ الله ، و إنّ محمّداً رسول الله ، و إنّكم الأئمّة الهادون ، و الحجج من عند الله على خلقه .

و لمّا أدلى الإمام ( عليه السلام ) بهذه الحجّة و أسلم القوم على يده ، وثب إليه والده ( عليه السلام ) ، فقبّل ما بين عينيه ، و قال له : ( أنت القائم من بعدي ) ، ثمّ أمره بكسوة لهم و أوصلهم ، فانصرفوا  ، و هم شاكرون .

4ـ مناظرته ( عليه السلام ) مع علماء النصارى :

جاء قطب من أقطاب النصارى و من علمائها النابهين ، يدعى بريهة ، كان يطلب الحق و يبغي الهداية ، اتصل بجميع الفرق الإسلامية ، و أخذ يحاججهم فلم يقتنع ، و لم يصل إلى الهدف الذي يريده ، حتّى وصفت له الشيعة ، و وصف له هشام بن الحكم ، فقصده و معه نخبة كبيرة من علماء النصارى ، فلمّا استقر به المجلس سأل بريهة هشام بن الحكم عن أهم المسائل الكلامية و العقائدية ، فأجابه عنها هشام .

ثمّ ارتحلوا جميعاً إلى التشرّف بمقابلة الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، و قبل الالتقاء به اجتمعوا بالإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، فقصّ عليه هشام مناظراته و حديثه مع العالم النصراني بريهة .

فالتفت ( عليه السلام ) إلى بريهة ، قائلاً له : ( يا بريهة كيف علمك بكتابك ؟ ) قال : أنا به عالم .

فقال ( عليه السلام ) : ( كيف ثقتك بتأويله ؟ ) قال : ما أوثقني بعلمي به !

فأخذ ( عليه السلام ) يقرأ عليه الإنجيل و يرتّل عليه فصوله ، فلمّا سمع ذلك بريهة آمن بأنّ دين الإسلام حق ، و إنّ الإمام من شجرة النبوّة ، فانبرى إليه قائلاً : إيّاك كنت أطلب منذ خمسين سنة .

ثمّ إنّه أسلم و أسلمت معه زوجته ، و قصدوا جميعاً والده الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، فحكى له هشام الحديث ، و إسلام بريهة على يد ولده الكاظم ، فسرّ ( عليه السلام ) بذلك ، و التفت قائلاً له : ( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) .

و انبرى بريهة إلى الإمام الصادق ( عليه السلام ) قائلاً : جعلت فداك ، أنّى لكم التوراة و الإنجيل و كتب الأنبياء ؟! ، قال ( عليه السلام ) : ( هي عندنا وراثة من عندهم ، نقرؤها كما قرأوها ، و نقولها كما قالوها ، إنّ الله لا يجعل حجّة في أرضه يسأل عن شيء ، فيقول : لا أدري ) . و بعدها لزم بريهة الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، و صار من أخلص أصحابه ، و لما انتقل الإمام إلى دار الخلود اتصل بالإمام الكاظم ( عليه السلام ) حتّى توفّي في عهده .

5ـ مناظرته ( عليه السلام ) مع راهب نصراني :

كان في الشام راهب معروف تقدّسه النصارى و تعظّمه ، و تسمع منه ، و كان يخرج لهم في كل يوم يوماً يعظهم ، التقى به الإمام الكاظم ( عليه السلام ) في ذلك اليوم الذي يعظ به ، وقد طافت به الرهبان ، فلمّا استقر المجلس بالإمام التفت إليه الراهب قائلاً : يا هذا ، أنت غريب ؟ قال ( عليه السلام ) : ( نعم ) .

فقال : منّا أو علينا ؟، قال ( عليه السلام ) : ( لست منكم ) .

فقال : أنت من الأمّة المرحومة ؟، قال ( عليه السلام ) : ( نعم ) .

فقال : أمن علمائها أمن جهّالها ؟، قال ( عليه السلام ) : ( لست من جهّالها ) .

فاضطرب الراهب ، و تقدّم إلى الإمام ( عليه السلام ) يسأله عن أعقد المسائل عنده ، قائلاً : كيف طوبى أصلها في دار عيسى عندنا ، و عندكم في دار محمّد ، و أغصانها في كل دار ؟ قال ( عليه السلام ) : ( إنّها كالشمس يصل ضوؤها إلى كل مكان وموضع ، وهي في السماء ) .

قال الراهب : إنّ الجنّة كيف لا ينفذ طعامها وإن أكلوا منه ؟ وكيف لا ينقص شيء منه ؟ قال ( عليه السلام ) : ( أنّه كالسراج في الدنيا ، و لاينقص منه شيء ) .

قال الراهب : إنّ في الجنّة ظلاً ممدوداً ، ما هو ؟ قال ( عليه السلام ) : ( الوقت الذي قبل طلوع الشمس ، هو الظل الممدود ) ، ثمّ تلا قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً ) .

قال الراهب : إنّ أهل الجنّة يأكلون و يشربون ، كيف لايكون لهم غائط و لابول ؟ قال ( عليه السلام ) : ( إنّهم كالجنين في بطن أمّه ) .

قال الراهب : إنّ لأهل الجنّة خدماً يأتونهم بما أرادوا بلا أمر ؟ قال ( عليه السلام ) : ( إنّ الإنسان إذا احتاج إلى شيء عرفت أعضاؤه ذلك ، فتعرفه الخدم فيحقّقون مراده من غير أمر ) .

قال الراهب : مفاتيح الجنّة من ذهب أو فضة ؟ قال ( عليه السلام ) : ( مفاتيح الجنّة قول العبد : لا اله إلاّ الله ) ، قال الراهب : صدقت ، ثمّ أسلم هو وقومه .

6ـ مناظرته ( عليه السلام ) مع المهدي العباسي :

قال علي بن يقطين : سأل المهدي أبا الحسن ( عليه السلام ) عن الخمر ، هل هي محرّمة في كتاب الله تعالى ، فإنّ الناس ، إنّما يعرفون النهي عنها ، و لايعرفون التحريم ؟  فقال ( عليه السلام ) له : ( بل هي محرّمة في كتاب الله عزّ وجل ) .

قال المهدي : في أي موضع هي محرّمة في كتاب الله عزّ و جل يا أبا الحسن ؟

فقال ( عليه السلام ) : ( قول الله عزّ وجل : (إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) .

فأمّا قوله ( مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) يعني الزنا المعلن ، و نصب الرايات التي كانت ترفعها الفواحش في الجاهلية ، و أمّا قوله عزّ و جل : ( وَ مَا بَطَنَ ) يعني ما نكح الآباء ، لأنّ الناس كانوا قبل أن يبعث النبي ( صلّى الله عليه و آله ) إذا كان للرجل زوجة و مات عنها ، تزوّجها ابنه الأكبر من بعده إذا لم تكن أمّه ، فحرّم الله عزّ و جل ذلك .

و أمّا ( الإِثْمَ ) فإنّها الخمرة بعينها ، و قد قال الله تعالى في موضع آخر : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ ) ، فأمّا الإثم في كتاب الله فهو الخمر و الميسر ، فإثمهما كبير ، كما قال عزّ و جل ) .

فقال المهدي : يا علي بن يقطين هذه و الله فتوى هاشمية .

* موقع التبيان

ارسال التعليق

You are replying to: .
captcha