وكالة أنباء الحوزة_ قال ممثل المرجع السيستاني في كربلاء المقدسة، الشيخ عبد المهدي الكربلائي، في خطبة الجمعة التي ألقاها من داخل الصحن الحسيني الشريف "يعلم الجميع ما آلت إليه أوضاع البلاد وما تعانيه هذه الايام من مشاكل متنوعة وأزمات متشابكة وكان المرجع السيستاني يقدر منذ مدة غير قصيرة ما يمكن ان تؤول إليه الأمور فيما اذا لم يتم اتخاذ خطوات حقيقة وجادة في سبيل الاصلاح ومكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية".
وأشار الى ان "المرجع السيستاني ، قام على مر السنوات الماضية بما يمليه عليه موقعه المعنوي من نُصح المسؤولين والمواطنين لتفادي الوصول الى الحالة المأساوية الراهنة.. لقد نصح المرجع السيستاني مراراً وتكراراً كبار المسؤولين في الحكومة وزعماء القوى السياسية بان يعوا حجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاقتهم وينبذوا الخلافات المُصطنعة التي ليس ورائها الا المصالح الشخصية والفئوية ويجمع كلمتهم الى إدارة البلد بما يحققة الرفاه والتقدم لأبناء شعبهم ويراعوا العدالة في منح الرواتب والمزايا والمخصصات ويعملوا للإصلاح ويمتنعوا عن حماية الفاسدين من أحزابهم وأصحابهم".
وتابع الشيخ الكربلائي "على المسؤولين ان يعلموا ان الاصلاح ضرورة لا محيص منها واذا خفت مظاهر المطالبة به مدة فانها ستعود بوقت آخر أقوى وأوسع من ذلك بكثير ولات حين مندم".
وأَضاف "لقد نصح المرجع المواطنين كلما حل موعد الانتخابات النيابية والمحلية بان الاصلاح والتغيير نحو الافضل الذي هو مطلب الجميع وحاجة ماسة للبلد لن يتحقق الا على أيديكم فاذا لم تعملوا له بصورة صحيحة فانه لن يحصل".
ولفت الشيخ الكربلائي الى، ان "الآلية المثلى للإصلاح هي المشاركة الواعية في الانتخابات المبنية على حسن الاختيار أي إنتخاب الصالح الكفوء الحريص على المصالح العليا للشعب العراقي والمستعد للتضحية في سبيل خدمة أبنائه".
ونوه انه "وتحقيقا لهذا الغرض طالب المرجع السيستاني بان يكون القانون الانتخابي عادلا يرعى حرمة أصوات الناخبين ولا يسمح بالإلتفاف عليها وان تكون المفوضية العليا للانتخابات مستقلة كما قرره الدستور ولا تخضع للمحاصصة الحزبية وحذر من ان عدم توفير هذين الشرطين سيؤدي الى يأس معظم المواطنين من العملية الانتخابية وعزوفهم عن المشاركة فيها".
واستدرك بالقول "لكن مثلما يعلم الجميع لم تجر الامور كما تمنتها المرجعية الدينية وسعت إليها واستمرت معاناة معظم المواطنين بل ازدادت بسبب نقص الخدمات وانتشار البطالة وتراجع القطاعين الزراعي والصناعي بصورة غير مسبوقة، وكل ذلك نتيجة طبيعية لاستشراء الفساد المالي والاداري في مختلف مرافق الدولة ومؤسساتها والاتبعاد عن الضوابط المهنية في تسييرها وادارتها".
وقال الشيخ الكربلائي "اليوم بعد كل ما وقع في الأسابيع الماضية من اعتدادات مرفوضة ومدانة على المتظاهريين السلميين والقوات الامنية والممتلكات العامة والخاصة وانجرارها للاسف الشديد الى اصطدامات دامية خلفت عددا كبيرا من الضحايا والجرحى فان من الضروري العمل في مسارين:
الأول: ان تجد الحكومة الحالية في تجقيق ما يمكن تحقيقه بصورة عاجلة من مطالب المواطنين وتخفف بذلك من معاناتهم وشقائهم.
وتابع ان المسار الثاني: ان تتشكل الحكومة المقبلة في اقرب وقت ممكن على اسس صحيحة من كفاءات فاعلة ونزيهة ويتحمل رئيس مجلس الوزراء فيها كامل المسؤولية عن أداء حكومته ويكون حازما وقوياً ويتسم بالشجاعة الكافية في مكافحة الفساد المالي والاداري الذي هو الاساس في معظم ما يعاني منه البلد من سوء الاوضاع ويعتبر ذلك واجبه الاول ومهتمه الاساسية ويشن حربا لا هوادة فيها على الفاسدين وحمايتهم وتتعهد حكومتهب العمل في ذلك وفق برنامج معد على اسس علمية يتضمن اتخاذ خطوات فاعلة ومدروسة، ومنها يأتي:
1 - تبني مقترحات لمشاريع قوانين ترفع الى مجلس النواب تتضمن إلغاء او تعديل القوانين النافذة التي تمنح حقوقا ومزايا لفئات معينة تتنافى مع رعاية التساوي والعدالة بين ابناء الشعب.
2- تقديم مشاريع قوانين الى مجلس النواب بغرض سد الثغرات القانونية التي تستغل من قبل الفاسدين لتحقيق اغراضهم ومنح هيئة النزاهة والسلطات الرقابية الاخرى اختيارات اوسع في مكافحة الفساد والوقوف بوجه الفاسدين.
3-تطبيق ضوابط صارمة في اختيار الوزراء وسائر التعيينات الحكومية ولا سيما للمناصب العليا والدرجات الخاصة بحيث يمنع عنها غير ذوي الاختصاص والمتهمون بالفساد ومن يمارسون التمييز بين المواطنين بحسب انتماءاتهم المذهبية او السياسية او من يستغلون المواقع الحكومية لصالح نفسهم او لاقربائهم او احزائهم ونحو ذلك.
4-الايعاز الى ديوان الرقابة المالية بضرورة انهاء التدقيق في الحسابات الختامية للميزانيات العامة في السنوات الماضية وجميع العقود والتخصيصات المالية للاعوام السابقة على مستوى كل وزارة ومحافظة وضرورة الاعلان عن نتائج التدقيق بشفافية عالية لكشف المتلاعبين بالاموال العامة والمستحوذين عليها تميهدا لمحاسبة المقصرين وتقديم الفاسدين للعدالة".
ودعا ممثل المرجع السيستاني "على مجلس النواب القادم ان يتعاطى بجدية مع جميع الخطوات الاصلاحية ويقر القوانين اللازمة لذلك، وان تنصلت الحكومة عن العمل بما تتعهد به او تعطل الأمر في مجلس النواب او لدى السلطة القضائية فلا يبقى أمام الشعب الا تطوير أساليبه الاحتجاجية السلمية لفرض إرادته على المسؤولين مدعوماً من ذلك من قبل كل القوى الخيرة في البلد وعندئذ سيكون للمشهد وجه آخر مختلف عما هو عليه اليوم".
واختتم الخطبة بالقول "لكن نتمنى ان لا تدعو الحاجة الى ذلك ويغلب العقل والمنطق ومصلحة البلد عمن هم في مواقع المسؤولية وبيدهم القرار ليتداركوا الأمر قبل فوات الآوان".