وكالة أنباء الحوزة _ ثمة سؤال يطرح: ما معنى العهد في قوله تعالى (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه)؟ وقد جاء الرد على هذا السؤال في الموقع الالكتروني لمركز الابحاث العقائدية الذي يشرف عليه مكتب المرجع الديني السيد علي الحسيني السيستاني.
السؤال: ما معنى العهد في قوله تعالى (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه)؟
الجواب: نفس السورة وهي سورة الاحزاب توضح هذا العهد فقد بدأت الآيات التي تتحدث عن معركة الأحزاب (الخندق) بقوله تعالى: (( وَلَقَد كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبلُ لَا يُوَلُّونَ الأَدبَارَ وَكَانَ عَهدُ اللَّهِ مَسؤُولاً )) (الاحزاب:15)، ثم ختم كلامه تعالى بالآية التي ذكرتموها (( مِنَ المُؤمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ فَمِنهُم مَّن قَضَى نَحبَهُ وَمِنهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبدِيلاً )) (الأحزاب:23).
فالعهد هنا كما هو واضح عدم الفرار من الزحف والقتال. فهذه الآية الكريمة تمتدح قلة قليلة من المؤمنين الصادقين قد ثبتت في الحرب مع الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) بعد أن سبقتها آية توبخ وتستنكر فرار المنافقين وضعيفي الإيمان حينما خافوا من الموت والقتل فالآيتان توضحان أن الكثير ممن عاهدوا لم يصدّقوا عهدهم مع الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) والقلة القليلة جاءت الآية الثانية لتثني عليهم وتشكر صدقهم وتميزهم عما سواهم من السواد الأعظم الذين فروا من هذه الحروب وتركوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الأعداء من الكفار.
ففي المستدرك:" قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبعثن غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبانه لا يولى الدبر يفتح الله على يديه فتشرف لها الناس وعلي رضي الله عنه يومئذ أرمد فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله سر فقال يا رسول الله ما أبصر موضعا فتفل في عينيه وعقد له ودفع إليه الراية فقال علي يا رسول الله على ما أقاتلهم فقال على أن يشهدوا أن لا إله إلا الله واني رسول الله فإذا فعلوا ذلك فقد حقنوا مني دماء هم وأموالهم الا بحقهما وحسابهم على الله عز وجل قال فلقيهم ففتح الله عليه "(المستدرك 3: 38).
ولا يخفى ما في قوله:" لا يولى الدبر " من التعريض لمن فرّوا من القتال.
وفي السنن الكبرى للنسائي:" أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا جرير عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله يفتح عليه قال عمر فما أحببت الامارة قط إلا يومئذ قال فاشرأب لها فدعا عليا فبعثه ثم قال اذهب فقاتل حتى يفتح الله عليك ولا تلتفت قال فمشى ما شاء الله ثم وقف فلم يلتفت فقال علام أقاتل الناس قال قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله" (السنن الكبرى 5: 111، الحديث 8406).