وكالة أنباء الحوزة _ ثمة سؤال يطرح: كيف يمكن الرد على من يقول إن الافطار في السفر ليس واجبا، بل هو اختياري؟ وقد جاء الرد على هذا السؤال في الموقع الالكتروني لمركز الابحاث العقائدية الذي يشرف عليه مكتب المرجع الديني السيد علي الحسيني السيستاني.
السؤال: كيف يمكن الرد على من يقول إن الافطار في السفر ليس واجبا، بل هو اختياري.. اعتمادا على الآية 184 في سورة البقرة (( وأن تصوموا خير لكم ))؟
الجواب: اتّفقت كلمة الفقهاء على مشروعية الإفطار في السفر تبعاً للذكر الحكيم والسنّة المتواترة، إلاّ أنَّهم اختلفوا في كونه عزيمة أو رخصة، نظير الخلاف في كون القصر فيه جائزاً أو واجباً .
ذهبت الإمامية تبعاً لأئمة أهل البيت (عليهم السلام) والظاهرية إلى كون الإفطار عزيمة، واختاره من الصحابة : عبد الرحمن بن عوف وعمر وابنه عبد الله وأبو هريرة وعائشة وابن عباس، ومن التابعين : سعيد بن المسيب وعطاء وعروة بن الزبير وشعبة والزهري والقاسم بن محمد بن أبي بكر ويونس بن عبيد وأصحابه ( ابن حزم : المحلّى : 6 / 258) .
وذهب جمهور أهل السنّة وفيهم فقهاء المذاهب الأربعة إلى كون الإفطار رخصة وإن اختلفوا في أفضلية الإفطار والصوم . ثم ويدل على كون الافطار في السفر عزيمة : الكتاب والسنة ثم اجماع الإمامية والظاهرية.
أمّا الكتاب، فيدل عليه قوله سبحانه : (( فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من من أيام اخر )) (البقرة:184).
استثنى سبحانه صنفين : المريض والمسافر، والفاء للتفريع، والجملة متفرّعة على قوله : (( كتب عليكم الصيام )) وعلى قوله : (( اياماً معدودات )) فنبّه بالاستثناء على انه لو عرض عارض - من مرض أو سفر - فهو يوجب ارتفاع حكم الصوم، وقضاءه بعد شهر رمضان، (( فعدة من أيام اخر )). وعلى هذا المعنى فالآية بدلالتها المطابقية تفرض عليهما القضاء الذي هو يلازم عدم فرض الصيام عليهما، وهذا يدل على أن الافطار عزيمة إذ المكتوب عليهما من أول الامر هو القضاء .
هذا وتظافرت السنة المتواترة على أن الافطار في السفر عزيمة، ونذكر هنا حديثين للاختصار:
1- ما رواه الكليني بسنده عن الزهري عن علي بن الحسين (عليه السلام) في حديث : قال : (وأمّا صوم السفر والمرض فإنّ العامّة قد اختلفت في ذلك، فقال قوم : يصوم، وقال آخرون: لا يصوم، وقال قوم : إن شاء صام وإن شاء أفطر، وأمّا نحن فنقول : يفطر في الحالين جميعاً، فإن صام في حال السفر أو في حال المرض فعليه القضاء، فإنّ الله عزّ وجلّ يقول : (( فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدّة من أيّام أخر )) فهذا تفسير الصيام). (وسائل الشيعة، الباب 1 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 2) .
2- روى الكليني بسنده عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : ( سمّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوماً صاموا حين أفطر وقصّر : عصاة، وقال : هم العصاة إلى يوم القيامة، وإنّا لنعرف أبناء أبنائهم إلى يومنا هذا). ورواه الشيخ الطوسي بإسناده عن محمد بن يعقوب، ورواه الصدوق بإسناده عن حريز مثله (المصدر السابق: الحديث 3 ).