سماحة الشيخ كيف ترون المستقبل ما بعد داعش وما بعد هذه القضايا التي تعيشها المنطقة؟ وكيف يمكن توجيه بوصلة الأمة نحو الاتجاه الصحيح وهو القضية الفلسطينية؟

طبعاً هذا جهدٌ يصبُّ في هذا الاتجاه، نحن على ثقة أن الاتجاه الصحيح سيأتي؛ بالمقاومة، بالمؤتمرات، بالخطابات، بنشر الثقافة القرآنية الصحيحة، بمواجهة الإرهاب، بفضح المؤامرات، هذه الجهود يجب أن تتضافر والمخصلون موجودون، صحيح أنهم أقلُّ من المجرمين، وهذا طبيعي، قال تعالى: "وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ"(1) وقال تعالى: "وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ"(2) وقال أيضاً وأيضاً: "قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ"(3) وإن كان الخبيث كثيراً هذا لا يعني أنه سينتصر. هو مهزومٌ يقيناً إن شاء الله. هذا جهدٌ بسيطٌ على طريق توعية الأمة وسيحصل إن شاء الله.

 

ما هي أهداف هذا المؤتمر في هذا الوقت تحديداً؟

أهداف المؤتمر كما ذكرنا: أولاً أن تقرأ الأمة انتصارات المقاومة قراءة سليمة حتى تُقلِّد هذه المقاومة وتسير على نهجها. وثانياً أن يفهم الجميع أن اليهود أنفسهم مهزومون من داخلهم، هم كما قال تعالى عن المنافقين "يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ"(4) كل ما يحصل، أي انتصار يراجعون حساباتهم ويقولون دولتنا مهزومة، وقد وُعِدْنا بالهزيمة كما وُعِدْنا بتأسيس هذا الكيان.

 هذا يجهله الكثير من المسلمين؛ صحيح أن القرآن واضحٌ في زوال إسرائيل، والقرآن واضحٌ في تجمع اليهود قبل زوال إسرائيل، لكنَّ الأوضح هي الثقافة اليهودية هذا الذي نريد أن ننشره.

 

الوقت اختلف كثيراً بالمقارنة مع السنوات الماضية، ما هي توقعاتكم للمستقبل وما هو التهديد الذي تشعرون به؟

يعني كما قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ"(5) هم يُغلبون إن شاء الله. كما هُزمت المؤامرة في سوريا وستهزم في اليمن. وكما رأينا لبنان انتصر وغزة وفلسطين بشكل عام والعراق طبعاً، ستُهزم بإذن الله، هذه الثقافة الإسلامية النقية التي يتبناها محور المقاومة من طهران إلى دمشق إلى بيروت إلى غزة هي المنتصرة قريباً بإذن الله.

 

كيف تلقيتم رسالة قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي التي وجهها إلى سماحتكم بمناسبة انعقاد هذا المؤتمر؟

طبعاً أخبرونا أن سماحة السيد القائد ليس من عادته إرسال مثل هكذا رسائل لشخص حتى لو كان رئيس مجموعة أو هكذا، وهذا يدل على -والحمد لله- أن الأخبار التي تصله عنَّا أخبار طيبة. وأحدثت عنده ثقة واطمئنان إلى أن رسالته في مكانها. فالشكر الجزيل له، ونحن حقيقة نشعر تجاهه أنه والد، وأنا في الحقيقة جلست معه في المرة الأولى عام 1981م، وكان حينها سماحته رئيس الحزب الجمهوري وإمام جمعة طهران، لم يكن حينها رئيس جمهورية بعد ولا إمام طبعاً. وكانت جلسة رائعة لمدة ساعات، لعلها ثلاث ساعات مع وفد فلسطيني مُصغَّر. قلت لهم: الكلام الذي سمعته من السيد علي الخامنئي عام 1981 هو نفسه الذي سمعته في مؤتمر فلسطين السادس الذي حصل في هذا العام؛ مما يدل على هذه الاستقامة وهذه الرؤية الواضحة، فضلاً عن أمور كثيرة يحدثنا عنها سماحة السيد حسن ويقول: أنه في أربع محطات مهمة جداً سبق رأيه الحدث وبشكل لا يتوقعه أحد؛ مما يدل أن هذا القائد المميز له رؤية وله صلة بشكل أو بآخر مع الله تعالى تمكنه من أن يقف مواقف ثابتة، ولا يتزحزح رغم المؤامرات الضخمة.

 

في الرسالة التي وجهها الإمام الخامنئي إليكم يقول سماحته: "أوصي كل الذين يشعرون بهذه المسؤولية الكبرى بمواصلة الكفاح، على تنوّعه، ضد الكيان الصهيوني المعتدي"(6) يعني التنوع في الكفاح ما المقصود بهذا التنوع؟

المقصود واضح. طبعاً الكفاح الرئيسي هو الكفاح العسكري، الإعلامي، الثقافي، التعليمي. كما قيل عن عمر المختار أنه كان يُدَرِّس القرآن الكريم وعندما قيل له يكفيك أنك تحارب الطليان (الاحتلال الإيطالي) وقتها قال: لولا هذا التعليم لما حاربنا الطليان. نعم، المقاومة والجهاد ليست فقط سلاحاً، إنما كل هذا الذي ذكرناه: ثقافة وتربية وأخلاق وعلاقات اجتماعية وإعلام -الآن الإعلام سلاح مهم جداً- وتنشئة وكثير من هذه الأمور. فهذا المؤتمر -صحيح أننا لا نحمل سلاحاً في هذا المؤتمر- لكننا نوجِّه الأمة إلى أن هذا هو الطريق السليم. والشاب الذي يقتنع بهذا الطريق مثل هذا اللقاء يدفعه نحو السير في طريق الجهاد إن شاء الله.

 

كيف يمكن مواجهة التطبيع مع الكيان الصهيوني؟

لا نستطيع إلا أن نواجه هؤلاء ونفضحهم. والتجربة معنا على سبيل المثال كانت المؤامرة في سوريا منذ ست سنوات تظهر وكأنها منتصرة، أين هي الآن؟ في أول عدوان تموز كان الواضح أو الظاهر أنها ستنتصر ولكن أين هي الآن؟ إسرائيل في داخلها الآن مهزومة. خطابٌ للسيد حسن نصر الله يهزُّ كيانها، هذا لم يكن موجوداً في خطابات الرؤساء العرب مثلاً في السبعينات أو الثمانينات. وحتى عندما انتصرنا عربياً في أول حرب الـ73 انتهت بهزيمة.  لكن الحمد لله الآن انتصارات واضحة في لبنان وفي غزة وفي فلسطين أيضاً هؤلاء الجبارين الذين قاموا بالقدس بعملية وأحدثت ردة فعل مهمة لم يكن أحد يتوقع هذه النتيجة العظيمة والحمد لله الأمور تجري نحو الأمام.

 

الهوامش:

  1. سورة سبأ، الآية رقم 13.
  2. سورة الأنعام، الآية رقم 116.
  3. سورة المائدة، الآية رقم 100.
  4. سورة المنافقون، الآية رقم 4.
  5. سورة الأنفال، الآية رقم 36.
  6. رسالة قائد الثورة الإسلامية التي وجهها لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمّود بمناسبة انعقاد المؤتمر العالمي الثاني لاتحاد علماء المقاومة في العاصمة اللبنانية بيروت.