وكالة أنباء الحوزة_ وجه رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة آية الله عبد الأمير قبلان رسالة في الذكرى السنوية 93 لتغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والاعلامي عباس بدر الدين قال فيها:
تطل علينا هذه الذكرى كل عام ، وفي القلب غصة الفراق لهذا العالم الكبير والمفكر العملاق الحاضر في وجداننا وافئدتنا فكرا ونهجا، فهو غيب عن أعيننا لكنه لايزال المنارة التي اضاءت عالمنا تقى و نورا وعلما ومعرفة اذ جسد أفضل أنموذج لعالم الدين الرسالي الملتزم قضايا الانسان المظلوم والمحروم الذي اراده الله خليفته ينعم بالتكريم والرحمة الالهية والعدالة الاجتماعية، لقد نذر الإمام الصدر نفسه لطاعة الله سبحانه في خدمة عياله ورعاية شؤونهم وتوجيههم التوجيه الصحيح والسليم، فكان مثال المعلم القائد والمرشد الذي أسس مدرسة رسالية خرجت المجاهدين والشهداء والمخلصين من رواد الاصلاح والصلاح في امتنا. لقد كان الامام الصدر صاحب الثورة البيضاء في سبيل تحرير الانسان من قيود الظلم والجهل والتعصب الاعمى الذي انتج ارهابا واستبدادا وقهرا لارادة الانسان، فكان صوت الحق الصارخ في وجه الباطل اذ قام بصحوة ايمانية على مساحة دنيانا امتدت من لبنان الى فلسطين لتصل الى مكامن الظلم والفساد فكانت صرخته بوجه الظالمين نصرة للشعوب محفزا الثوار على الجهاد والنضال مخاطبا اياهم: انتم يا اخوتي الثوار كموج البحر ما توقفتم انتهيتم. ونحن اذ نستحضر سيرة ومسيرة هذا العبد الصالح الذي فقه وجسد الايمان تنكراً لعبادة النفس والذات، فاسس مدرسة ايمانية استمدت تعاليمها من شجرة أهل بيت النبوة التي اتسمت بالطهر والصدق والاخلاص فأحيا فينا الامل بالغد الافضل الذي تسود فيه عدالة السماء فشحذ الهمم واستنهض العزيمة من اجل خدمة الانسان المعذب والمقهور بمنأى عن الدين والعرق والانتماء، فالسلام على الرفيق الحبيب والصديق الصدوق صاحب القلب الكبير المفعم بتقوى الله ومحبة الناس الذي اتسع لحب الله والوطن وكل الناس ولم تأخذه في محبة الله لومة لائم فعاش طموحات القادة الابرار، وسار على خطى الأنبياء والأوصياء.
وتابع آية الله قبلان :"سلام عليك يا ضمير أمتنا الذي احيا الخير في ضمائرنا، واخلص لربه في خدمة عياله ونصرة المحروم والمظلوم ، فكنت رجل الانفتاح والحوار الذي نبذ التعصب واستنكر العدوان وانفتح على الاخرين رافضا الاساءة لاي انسان والاعتداء عليه، فكان المحارب الاول للتكفير لانه كان يرى الانسان اخا للانسان لا يظلمه ولا يخونه فهو خليفة الله على الارض واما نظير في الخلق او اخ في الدين، اذ فهم الايمان بالله على اعتباره دعوة دائمة الى المحبة والتعاون على البر والتقوى والمجادلة بالتي هي اقوم. ونحن اليوم واجهنا التكفير وانتصرنا عليه واستطعنا بفعل وحدتنا شعباً وجيشا ومقاومة ان نحرر ارضنا من رجس التكفير، فهذه الوحدة التي ارسى دعائمها الامام الصدر كفيلة بحماية لبنان وحفظه ودرء اي عدوان عنه، فلبنان يقوى ويستقر بعيشه المشترك وتعاون طوائفه المتنوعة لما فيه مصلحة الوطن حيث كان الامام الصدر حريصًا على الوحدة الوطنية وصيغة العيش المشترك، ومدافعا بقوة عن السلم الأهلي في لبنان فوقف بوجه كل الصراعات الداخلية وتصدى لكل أنواع الفتن الطائفية والمذهبية التي تستهدف اللبنانيين ، مؤكدا ان لا حياة للوطن بدون الاحساس بالمواطنية والمشاركة، اذ كان همه صهر اللبنانيين في بوتقة الوحدة الوطنية ،ونحن على عهده لانفرق بين مواطن واخر لاننا نعتبر ان اللبنانيين اخوة وشركاء وعليهم ان يجندوا انفسهم لحفظ وحدة لبنان وترسيخ عيشه المشترك".
واكد آية الله قبلان "ان الامام الصدر استشرف الخطر الصهيوني على لبنان والامة العربية فغرس بذرة المقاومة التي اينعت ابطالا وشهداء ومجتمعا مقاوما حققوا النصر لامتنا وجعلوا من لبنان خط الدفاع الاول عن الامة وشعوبها ،لانه كان على يقين مطلق واقتناع تام بأن إسرائيل هي العدو الأول للبنان والخطر الأكبر عليه وعلى الأمة العربية والاسلامية، فكان مؤسس المقاومة وامامها الذي جند نفسه وشعبه لمقارعة اسرائيل ومواجهتها ونصرة قضية فلسطين التي سكنت في عقله وقلبه ووجدانه. فبذل الجهد والجهاد والجهود لتكون المقاومة طريق تحرير الارض وانقاذ المقدسات، وهاهم ابناء الامام الصدر بذلوا دماؤهم لحفظ الوطن وتحرير ارضه ودحر العدوان الارهابي عنه، حتى بات وطننا محط انظار العالم في تحقيق الانتصارات ضد المتأمرين عليه".
وخاطب آية الله قبلان اللبنانيين بالقول:"ان الإمام موسى الصدر يعتبر بحق رائد الوحدة الوطنية ومرسخ العيش الواحد بين اللبنانيين فهو مؤسس الحياة الوطنية السليمة التي تقوم على مبادئ الحق والعدالة والمواساة والعيش الواحد بين المواطنين. ونتذكر الإمام الصدر في هذه الأيام وهو الساكن في قلوبنا وعقولنا، ونتذكر معه المواقف الرائدة التي يحتاج إليها لبنان في هذه المرحلة الحرجة من أيامه. لنؤكد ان الشراكة الحقيقية القائمة على التمسك بدولة القانون والمؤسسات التي تسهم في غرس مفهوم المواطنة لدى اللبنانيين ، هي النهج الواجب اتباعه في مواجهة الفساد والهدر والمحسوبيات مما يحتم ان يعمل الجميع لمصلحة الوطن ، والمحافظة عليه كما نبهنا الامام الصدر بقوله: حافظوا على وطنكم قبل ان تبحثوا عنه في مقابر التاريخ ،فالامام الصدر كان ينظر بعين صائبة وثاقبة فكان ينبه المسؤولين في لبنان للعمل بجدية للمحافظة على لبنان وطن العيش المشترك والوحدة الوطنية، وطن الاديان والمذاهب والطوائف، الوطن النهائي لكل بنيه".
وخلص آية الله قبلان رسالته الى القول:"السلام عليك ايها الغائب عنا الحاضر فينا، فكرا وعملا وسيرة وسلوكا ، ونحن ما زلنا نعيش في رحابك نترصد ونتحرى اخبارك ونتذكرك في جميع اوقاتنا ونحن ما زلنا نفتقدك راجين المولى عز وجل ان تعود الينا مع رفيقيك، فانت في ضميرنا تعيش وفي وجداننا تسكن ،نعيش احزانك ونعمل لنصرة الحق وازهاق الباطل. ولقد افتقدناك ونحن احوج الناس اليك مذ عرفناك فقيها تقيا مفكرا عميقا مجددا رائدا ناصرا للحق محاربا للباطل، اشتقنا اليك والى طلتك ومحياك ودماثة خلقك وغزارة علمك وبركتك وانسانيتك ولكن الامر الى الله نشكو اليه فقدنا وشوقنا فهو المعين والناصر وهو على كل شيء قدير. نفتقدك يا ابا صدري قائدا فذا واخاً كبيراً ونحبك بكل مناقبك وفضائلك، ونتضرع الى الله تعالى ان يفك اسرك واخويك لتعود الى اهلك واحبائك ووطنك وكل الاحرار الثوار الذين عاهدوا الله على السير على خطاك ونهجك.