۵ اردیبهشت ۱۴۰۳ |۱۵ شوال ۱۴۴۵ | Apr 24, 2024
أجواء شهر رمضان في الهند

وكالة الحوزة/ كتب الخطيب الحسيني والأستاذ في الحوزة العلمية سماحة الشيخ عليرضا بناهيان سلسلة مباحث تحت عنوان أسرار الولاية تناول فيها أبعاد هذه المسألة وسلّط الضوء على خفايا وتفاصيل هذا المفهوم في المنظومة الفكرية الإسلامية.

وكالة أنباء الحوزة/ كتب الخطيب الحسيني والأستاذ في الحوزة العلمية سماحة الشيخ عليرضا بناهيان سلسلة مباحث تحت عنوان أسرار الولاية تناول فيها أبعاد هذه المسألة وسلّط الضوء على خفايا وتفاصيل هذا المفهوم في المنظومة الفكرية الإسلامية. وفيما يلي نقدم لكم الحلقة الثامنة:

ليست السلطة مدعاة للفساد دائما

من جملة القضايا التي باتت اليوم من القضايا المسلمة والمفروغ عنها بين جميع العلماء والمفكرين هي أن «القوة مدعاة للفساد»؛ يعني كلّ من يحصل على سلطة وفي أي مكان، سيعتريه الفساد. فمن هذا المنطلق لابدّ من الوقوف أمام نشوء السلطة المطلقة. طبعا وبالتأكيد أنه من حقّ الغربيين أن يقروا بهذه العبارة كقضية مسلمة، إذ أنهم لم يروا إلا ما كان حولهم، وقد وصلوا إلى هذه النتيجة من خلال التجارب التي عاشوها فشاهدوا أن كلّ من استلم السلطة قد استغل سلطته لأغراض سلبية وتعرّض للفساد.

ولكن الحقيقة هي أن السلطة ليست بمفسدة للجميع. بل بالعكس فإنها «مطهرة» لبعض الناس. أساسا إن الله يمتحن بعض الناس من خلال القوة والسلطة، وبعضهم ينجحون في هذا الامتحان ويزدادون طهارة وتزكية. لم يكن موقف الله تجاه هذه القوة موقفا انفعاليا. إن الله هو الذي فرّق بين مواهب الناس وقابلياتهم ووفّر الأرضية لتسلّط بعض الناس على الآخرين ليمتحنهم.

أحد طرق تزكية النفس هو السلطة. ومن هذا المنطلق نجد أن الله قد أعطى لبعض أوليائه قدرة خارقة، فإنه أراد أن يطهرهم بهذه القدرة. عندما نقرأ أو نسمع بأن العرفاء يملكون قدرات عجيبة، فهذا هو السبب. إذن إن القدرة مطلوبة من جانبين: الجانب الأول هو أنها لأداة إدارة المجتمع وسوف نتطرق إلى هذا الموضوع في المستقبل، والجانب الآخر هو أنها وسيلة لامتحان الله وتطهير النفس وتزكيتها.

إحدى الإشكالات التي توجّه لنظريّة الولاية هي أنه على أساس هذا المنهج، تعطى القوى كلّها لشخص واحد، ونعلم جميعا أنه إذا تمّ تسليم السلطة المطلقة لشخص واحد، فهذا ما يؤدي إلى فساد. ولكنّ ما نتبنّاه هو أن السلطة مدعاة للفساد لمن كانت في وجوده أرضية السوء والفساد، بيد أنها تزيد من طهارة الإنسان الصالح المهذب.

نحن نشاهد هذه الحقيقة حتى بين العاديّين من الناس. فعلى سبيل المثال إن أولياء المقتول عادة ما يطالبون بالقصاص ويؤكدون على إعدام المجرم ما لم يُلق القبض عليه وقبل أن يثبت جرمه، ولكن بمجرّد أن يلقى القبض على القاتل ويصدر حكم القصاص من المحكمة، كأن قلبهم يهدأ من غليانه. يعني عندما يحصلون على القدرة، يطمئنّ قلبهم ولعلّهم يترّفعون عن مطالبة القصاص ويعفون عنه بسهولة. هذا مثال بسيط، ولكن في كثير من الأحيان نستطيع أن نصلح الناس من خلال منحهم بعض الشيء من القوة والسلطة.

فعلى سبيل المثال، أفضل طريق للسيطرة على الرجال في الحياة الزوجية وتهدئتهم هو أن لا يعملن النساء في سبيل تضعيف شعور سلطة الرجال في البيت. حيث إذا شعر الرجال باحترام رئاستهم وسلطتهم في داخل الأسرة، يزدادون عطفا ورحمة بأهلهم. فمن هذا المنطلق إذا أردن النساء أن يرتاح بالهنّ داخل البيت وحتى فيما إذا أردن أن يجعلن أزواجهن يطيعونهن ويسلّمون لأمرهن لابدّ لهن أن يحترمن منصب الرجل الرئاسي في البيت. إن السلطة لا تسبب الفساد دائما. نعم، بعض الرجال قد يستغلّ إطاعة زوجه ويظلمها، ولكن عموم الرجال ليسوا كذلك.

لقد عشنا أيام الدفاع المقدس وشاهدنا أثر الرئاسة والسلطة في تطهير القلوب. فعلى سبيل المثال الشاب الذي كان مجاهدا عاديا بلا أي منصب كان مشاغبا أحيانا، ولكنه بمجرّد أن يصبح قائد الحضيرة يتحسن سلوكه، وعندما يصبح قائد السرية يزداد حسنا في سلوكه، فيصبح من المواظبين على صلاة الليل والاستغفار والمستحبات. نحن لا نخشى من هذا الإشكال و هو أنه «لا ينبغي أن تسلّم السلطة المطلقة لشخص واحد، باعتبارها مدعاة للفساد ومن هذا المنطلق لابد أن نقيّد هذه السلطة بمختلف الأساليب». نحن نؤمن بضرورة الرقابة على القوى في المجتمع وإن هذه المراقبة عمل معقد جدا والطريق الوحيد لها هو إعطاء السلطة المطلقة لإنسان صالح. طبعا هذا هو موضوع نقاشنا في هذه الرسالة ونحن بصدد إثبات هذا الإدعاء.

ارسال التعليق

You are replying to: .