وكالة أنباء الحوزة - يوافق اليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة ١٣۵٣ هجرية قمرية (١ آذار ١٩٣۵م) ذكرى ولادة سماحة آية الله الشهيد السيد محمدباقر الصدر، فبهذه المناسبة نقدم للقراء الأعزاء لمحات عن حياة هذا المفكر والمجاهد.
ولد السيد الشهيد في مدينة (الكاظمية) يوم الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة ١٣۵٣ هجرية قمرية (١ آذار ١٩٣۵م) في أسرة كريمة عريقة بالعلم والفضيلة والتقوى، من أبوين جليلي القدر عظيمي المنزلة.
فوالده: هو العالم العابد الزاهد الجليل السيّد حيدر بن السيّد إسماعيل الصدر(١٣٠٩ـ ١٣۵۶ق.) الذي قال عنه المرحوم الشيخ آقا بزرك الطهراني(قدس) في كتابه (طبقات أعلام الشيعة): «رأيته واجتمعت به مراراً سواء في أيام والده أو بعدها، فوقفت على غزارة علمه وكثرة فضله، وكان دائم الاشتغال، كثير المذاكرة، فقلّما دخل مجلساً لأهل الفضل ولم يفتح باباً للمذاكرة والبحث العلمي، وكان محمود السيرة، حسن الأخلاق، محبوباً عند عارفيه ...».
ووالدته: هي العابدة الزاهدة التقيّة بنت المرحوم آية الله الشيخ عبد الحسين آل ياسين، التي عاشت في كنف ثلاثة إخوة كلهم علماء معروفون بالفضيلة والتقوى، وهم: المرحوم آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين، والمرحوم العلامة المجاهد الشيخ راضي آل ياسين، والمرحوم آية الله الشيخ مرتضى آل ياسين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
نشأته:
نشأ في كنف والديه مع أخيه المرحوم حجة الإسلام والمسلمين السيّد إسماعيل الصدر (١٣۴٠ـ ١٣٨٨ق) إلى حين وفاة والده فلم يحظ بالرعاية الأبوية عدا حوالي عامين وسبعة أشهر. كان هو المولود الثاني لهذه العائلة الكريمة، وكانت العلوية الفاضلة الجليلة (آمنة) المعروفة ببنت الهدى التي ولدت عام وفاة أبيها (١٣۵۶ق) واستشهدت في سبيل نشر راية الإسلام مع أخيها عام ١۴٠٠ق على يد جلاوزة حزب البعث الغاشم في العراق هي المولود الثالث للعائلة.
وقد تربى بعد وفاة أبيه في كنف والدته وأخيه المرحوم السيّد إسماعيل الصدر في مدينة (الكاظمية) إلى حين هجرتهم إلى النجف الأشرف.
دخل مدرسة (منتدى النشر الابتدائية). في مدينة الكاظمية، واستطاع في المدة التي لم يكمل فيها تمام الصفوف الابتدائية أن يضرب أروع الأمثلة في النبوغ الفكري، والأدب الرفيع، والعبقرية الباهرة، حتى قال عنه أحد أساتذة المدرسة: «لقد كان كلّما يدرّس في هذه المدرسة من كافة العلوم دون مستواه العقلي والفكري، كان شغوفاً بالقراءة، محباً لتوسيع دائرة معرفته، ساعياً بجد إلى تنمية مداركه ومواهبه الفذّة».
كما ذكره أيضاً: إنه كان يستعير بعض كتب الماركسية ويطالعها و «يأتي على مناقشة كلّ رأي على حدة مناقشة العالم المتبحر في العلم».
وجاء في موضع آخر من كلامه: «كان شعلة ذكاء، وقدوة أدب، ومثال خلق قويم ونفس مستقيمة ... قلت له ذات يوم: إنني أتوقع أن يأتي يوم ننهل فيه من علمك ومعرفتك، ونهتدي بأفكارك وآرائك. فكان جوابه بكلّ أدب واحترام وقد علت وجهه حمرة الخجل: عفواً أستاذ فأنا لا أزال وسأبقى تلميذكم وتلميذ كلّ من أدبني وعلمني في هذه المدرسة، وسأبقى تلميذكم المدين إليكم بتعليمي وتثقيفي».
ويبدو أنه قد ترك المدرسة الابتدائية قبل اكتمالها لينصرف إلى الدرس والتحقيق بأضعاف ما كان يحصل عليه فيها.
ومن علامات ذكاءه الفائق و نبوغه الباهر أنه ألف ثلاثة کتب قبل بلوغه سن المراهقة احدها في تاريخ الأئمة (ع) والآخر رسالة في المنطق وثالثها کتاب سماه العقيدة الإلهية ومع الأسف أن هذه الكتب فقدت کلها إلا أنه يذكر کتاب العقيدة الإلهية و ينقل عنه في کتابه «فدك في التاريخ» (ص١٠٢). کما أنه ألف کتاب «فدک في التاريخ» قبل أن یکمل السنة الرابعة عشرة من عمره.
انظر: حياة الشهيد الصدر (علي أكبر الحائري)، ص٢ـ٨؛ السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج١، ق٢، ص٩۵ـ ١٣٧.