۱۰ فروردین ۱۴۰۳ |۱۹ رمضان ۱۴۴۵ | Mar 29, 2024

وكالة الحوزة - إنّ إشكالية الاقتصاد العالمي في العصر الراهن، هي تنامي ظاهرة التمايز في المجتمعات الحديثة، فجماعة تختنق من كثرة الثروة، وجماعة أخرى تموت جوعاً.

وكالة أنباء الحوزة - إنّ لغة الإحصائيات هي من أنجع اللغات في أي مجال علمي، حيث تستتبع إنصات وتفاعل واقناع الخبراء بالمطلوب.

ومع حلول شهر رمضان المبارك - إذا نظرنا إلى القارات الخمس - يتجلى بوضوح مدى حاجة سكّان الأرض إلى الرؤية الواحدة والتواصل المتبادل، والعمل على تلبية الاحتياجات الإنسانية لنظرائهم في الخلق. إنّ هذه الشعيرة الخالصة، (أي: الصيام) كغيرها من المعارف والتعاليم السماوية، نزلت لتأمين احتياجات المجتمع البشري، إلا أنها لم تلق اهتماماً لديه على الرغم من أنها تمثّل ليلاه الضائعة، هذا في الوقت الذي يدور فيه جاهلاً ومحتاراً حول نفسه في دائرة مفرغة دون أن يجد ضالته.

إنّ نظرة واحدة إلى احصائيات الفقر العالمي، والبون الشاسع بين الفقراء والأثرياء، وخريطة توزيع المجاعة في العالم، تكشف عن مدى حاجة الناس في مختلف دول العالم الى التعرف على ثقافة شهر رمضان والمواساة مع المعوزين في جوعهم وعطشهم. 

ولا ريب في أنّ إشكالية الاقتصاد العالمي في العصر الراهن، هي تنامي ظاهرة التمايز في المجتمعات الحديثة، فجماعة تختنق من كثرة الثروة، وجماعة أخرى تموت جوعاً، وهنا؛ يُعتبر شهر رمضان الاكسير الذي يشفي الغليل ويعالج هذه الإشكالية من الجذور.

وبناءً على ما تقدم، فإن من جملة الأهداف الإلهية الحكيمة لتشريع فريضة الصيام؛ هي تعزيز الشعور بحبّ النوع الإنساني بين الناس، وحثّهم على تقديم المساعدة لبعضهم البعض، ومن هنا عندما سئل الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) عن فلسفة وجوب الصيام، قال(عليه السلام):  ليجد الغني مسّ الجوع فيمنّ على الفقير(بحار الأنوار: 96/369/50).

وفي هذا الإطار، لا بأس أن نلقي نظرة إلى بعض الاحصائيات؛ لكي نرى أنّ عدم تفشي ثقافة الصيام والمفاهيم السامية التي يدعو لها شهر رمضان، جرّت وتجرّ المجتمع البشري إلى أي صوب واتجاه.

- أعلن البنك الدولي أن القرن الواحد والعشرين سيشهد حوالي مليار وخمسمائة مليون إنسان دخلهم أقلّ من دولار واحد في اليوم، وبالتالي سيعيشون في الفقر المدقع. 

- كما تعلمون فإن آسيا هي أثرى قارة في العالم، إلا أن الاحصائيات تشير إلى أن معظم فقراء العالم يقطنون في هذه القارة.

- تشير المؤشرات الاحصائية إلى أن نصف ثروات العالم حكرٌ على واحد في المئة فقط من السكان.

- أنّ ستة وعشرين بالمئة من فقراء العالم يقطنون في الهند.

- أنّ التخفيف من هدر المواد الغذائية بنسبة خمس وعشرين بالمئة من شأنه أن يوفّر كمية من الطعام تسدّ حاجة المجاعة في العالم.  

وانطلاقاً مما تقدم، فإنّ الدين هو لفيف من المفاهيم التي تلبي احتياجات الإنسان على مختلف الصعد الفكرية والثقافية والاجتماعية، وتنظّم جميع أبعاد شخصيته الظاهرة والخفية، مع أن غياب أيّ من هذه المفاهيم، يُحدث فراغاً كبيراً في المجتمع الإنساني، وعليه فإنّ شعور الإنسان المعاصر بالحيرة والضلال ناشئ عن هذا الفراغ، فيما يعدّ شهر رمضان من أسمى وأرفع المعالم في الثقافة الإسلامية.

بيد أن الرؤية العالمية ينبغي أن لا تمنعنا من التمعن في مجريات بلادنا؛ وذلك لأنه على الرغم من امتلاكنا للثقافة الرمضانية الفاخرة، إلا أنه تفصلنا مسافات كبيرة عن تجسيد مفاهيمه السامية، حيث أن المشاكل الجسام التي يعاني منها الناس وعوز الكثير منهم، تكشف عن وجود خلل اقتصادي وثقافي في بلادنا الإسلامية، وعلى المسؤولين والمؤمنين والخيّرين التشمير عن سواعد الهمة لمعالجة هذه المشاكل.

اللهم اجعل العالم رمضانياً! آمين

حسن مولايي

ارسال التعليق

You are replying to: .