وكالة أنباء الحوزة - نُشرت كلمة قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، في لقائه القائمين على مؤتمر إحياء ذكرى 5580 شهيدًا من محافظة ألبرز، الثلاثاء 16/12/2025، في مكان انعقاد هذا المؤتمر بكرج، وقد أكّد سماحته أنّ الشابّ الإيراني، رغم الموجة الإعلاميّة الهائلة وإمكانات التأثير الواسعة، تمكّن من الحفاظ على هويّته الدينيّة. كما شدّد على أنّ نقل قيم ودوافع مرحلة «الدفاع المقدّس» [حرب نظام صدام على إيران للفترة 1980-1988] إلى الجيل الجديد يُعدّ من المهمّات الأساسيّة في المرحلة الراهنة، ويتطلّب عملًا فنّيًا جادًا ومتابعة دؤوبة لتعزيز الاستعدادات الإيجابيّة القائمة في البلاد.
وإليكم ترجمة نص الكلمة:
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمّد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين.
أرحّب بكم كثيرًا، أيها الإخوة الأعزاء والأخوات العزيزات. أشكركم جزيل الشكر على همّتكم في إطلاق هذا التيّار المفيد والمصيري بمعنًى ما - وهو تيّار إحياء ذكر الشهداء وذكراهم - في مدينة كرج وفي محافظة ألبرز.
تتمتّع محافظة ألبرز بخصوصية أشار إليها السادة، وهي أنها تضمّ مجموعة من الأفراد المنتمين إلى مختلف أنحاء البلاد ممّن هاجروا إلى هذه المدينة منذ بضع سنوات أو بضعة عقود وحتى اليوم؛ ولذلك إن أيّ عمل خيّر يُنجز في هذه المدينة، يُحتمل أن يسري إلى أنحاء البلاد كافة ويترك أثرًا هناك أيضًا. عليه، إن عملكم هو عمل مميّز جدًا. هذه الخطوة خطوة مفيدة وتحظى برضا الله. إنّني ممتنّ للقائمين على هذا العمل.
ثمة نقطة هنا، وهي أنكم طرحتم في معرض شرحكم لبرامج هذا الإحياء مطالب جيدة؛ فقد تفضّل كلا السيدين بطرح مواضيع مهمّة، وبيّنتم الآثار المتوقّعة لهذا العمل. لكن هذه هي تطلّعاتكم، ولا بدّ أن تتحقّق؛ فكّروا في هذا الأمر، أي ذاك الكتاب يجب أن يجد له قُرّاءً، وذاك الفيلم يجب أن يكون له مشاهدون، وهذا يستلزم جهدًا ثانيًا؛ بمعنى أنكم إذا لم تنجزوا العمل بأسلوب فنيّ، أو لم تتابعوه، أو لم تراعوا جوانب العمل المختلفة، فإن هذا الجهد الذي بُذل جيدًا وفي محله لن يُؤتي ثماره. عليكم العمل بطريقة تضمن وصول هذا الجهد إلى غاياته، وهذا بحد ذاته يتطلب جهدًا إضافيًّا. ما أود قوله هو أن التفكير في عمل جيد والتخطيط له هو نصف العمل، أما النصف الثاني - وهو الأهم -، فهو المتابعة والملاحقة والتنفيذ، وعليكم إنجاز ذلك.
إنّ النقطة المطروحة هنا تتعلّق بمسألة مراسم الإحياء هذه، لماذا نقيمها؟ حينما نتأمّل في أحوال شهداء الحرب المفروضة، وشهداء هذه الحرب الأخيرة، وحينما ننظر إلى عموم شهداء هذه الحروب، نلاحظ وجود دوافع كانت لديهم ساقتهم إلى سوح الخطر وأودت بحياتهم أحيانًا؛ وكان هناك آخرون أيضًا، وكثيرون غيرهم، ممّن حملوا هذه الدوافع نفسها، وبحمد الله عادوا سالمين معافين. ما هي هذه الدوافع؟ لماذا يُعرض شاب عن حياة الرّخاء، وعن البقاء إلى جانب الوالدين، وعن [سهولة] الدرس والبحث والعمل والأمنيات والوظيفة وكل شيء، ويذهب إلى مشاقّ الحرب وصعوباتها - يعلم من كان في هذا الميدان أي صعوبات ينطوي عليها - ويقحم نفسه فيها؟ وإذا ما اختزلنا هذا العمل الكبير وهذه الحركة العظيمة، وحصرناهما في مجرد مشاعر، نكون قد ظلمناهم؛ كأن نقول: يا أخي، لقد ثارت مشاعر الشباب وسمعوا خطابًا فتحمسوا وانطلقوا وذهبوا! هذا ظلم حقًا لهذا الحدث، وظلم لهؤلاء الأشخاص؛ الأمر ليس كذلك. ثمة أمور أخرى، أحصوا تلك الأمور، واعثروا عليها:
أحد هذه الدوافع هو الشوق إلى لقاء الله؛ نحن نعرف ونجد بين هؤلاء الشباب أشخاصًا كانوا تائقين إلى الله بمعنى الكلمة. أي العمل نفسه الذي أشار به الإمام [الخميني] إلى كبار أهل المعرفة والسلوك هؤلاء، حين قال لهم: «عبدتم الله دهرًا، تقبّل الله، ولكن اذهبوا واقرأوا وصية هذا الشاب أيضًا». قطع هذا الشاب مسار سبعين أو ثمانين عامًا في بضعة أشهر أحيانًا، أو بضعة أيام، وبلغ تلك المنزلة. هذه هي قضيّة التّوق إلى الله. يجب إيجاد هذه الحالة لدى الشباب. هناك أيضًا قضيّة الشعور بالتكليف الديني، فهذا تكليف، وقد أُمرَ بأدائه، كالصلاة، فلا بد أن يحدث ويُنجز.
إنّ النقطة المطروحة هنا تتعلّق بمسألة مراسم الإحياء هذه، لماذا نقيمها؟ حينما نتأمّل في أحوال شهداء الحرب المفروضة، وشهداء هذه الحرب الأخيرة، وحينما ننظر إلى عموم شهداء هذه الحروب، نلاحظ وجود دوافع كانت لديهم ساقتهم إلى سوح الخطر وأودت بحياتهم أحيانًا؛ وكان هناك آخرون أيضًا، وكثيرون غيرهم، ممّن حملوا هذه الدوافع نفسها، وبحمد الله عادوا سالمين معافين. ما هي هذه الدوافع؟ لماذا يُعرض شاب عن حياة الرّخاء، وعن البقاء إلى جانب الوالدين، وعن [سهولة] الدرس والبحث والعمل والأمنيات والوظيفة وكل شيء، ويذهب إلى مشاقّ الحرب وصعوباتها - يعلم من كان في هذا الميدان أي صعوبات ينطوي عليها - ويقحم نفسه فيها؟ وإذا ما اختزلنا هذا العمل الكبير وهذه الحركة العظيمة، وحصرناهما في مجرد مشاعر، نكون قد ظلمناهم؛ كأن نقول: يا أخي، لقد ثارت مشاعر الشباب وسمعوا خطابًا فتحمسوا وانطلقوا وذهبوا! هذا ظلم حقًا لهذا الحدث، وظلم لهؤلاء الأشخاص؛ الأمر ليس كذلك. ثمة أمور أخرى، أحصوا تلك الأمور، واعثروا عليها:
أحد هذه الدوافع هو الشوق إلى لقاء الله؛ نحن نعرف ونجد بين هؤلاء الشباب أشخاصًا كانوا تائقين إلى الله بمعنى الكلمة. أي العمل نفسه الذي أشار به الإمام [الخميني] إلى كبار أهل المعرفة والسلوك هؤلاء، حين قال لهم: «عبدتم الله دهرًا، تقبّل الله، ولكن اذهبوا واقرأوا وصية هذا الشاب أيضًا». قطع هذا الشاب مسار سبعين أو ثمانين عامًا في بضعة أشهر أحيانًا، أو بضعة أيام، وبلغ تلك المنزلة. هذه هي قضيّة التّوق إلى الله. يجب إيجاد هذه الحالة لدى الشباب. هناك أيضًا قضيّة الشعور بالتكليف الديني، فهذا تكليف، وقد أُمرَ بأدائه، كالصلاة، فلا بد أن يحدث ويُنجز.
هناك مسألة حسّ التصدّي للعدو؛ هذا شعور مهم. عندما يصل الشاب إلى مرحلة وعيه وإدراكه الشبابي ويخرج من مرحلة الطفولة والمراهقة، يشعر أن عليه واجبًا تجاه بلده، وعليه أن يؤديه، وأن هناك أفرادًا يتربصون ليسلبوه بيته وبلده ومُمتلكاته الثقافية والمدنية وتراثه الخالد؛ فيقرّر أن يتصدّى لهؤلاء، وهذا إحساس حاضرٌ لدى الإنسان؛ ومن هذا القبيل. لعلّه في مقدورنا أن نعدّد عشرة دوافع إنسانية مهمة متتالية وراء هذه الحركة لهؤلاء الشباب، وبطبيعة الحال هؤلاء السادة ينجزون هذا الآن، وأنتم تنجزون هذا العمل. علينا نقل هذه الدوافع إلى الجيل القادم، هذا ما أروم قوله. أودّ القول إنّه عليكم ألا تدعوا هذه الدوافع تخبو. يجب أن تنتقل هذه الدوافع إلى الجيل القادم.
إن السلوك الذي يلاحظه المرء من بعض الأجهزة الثقافية وبعض الأجهزة المسؤولة وممن ينبغي لهم التفكير في هذه الأمور، لا يُظهر ذلك. أي إننا لا نرى واقعّيًا، ولا نلاحظ في كثير من الحالات، نقلنا لهذه المفاهيم السامية وهذه القيم إلى الجيل الشاب.
إنّ شبابنا شبابٌ طيّبون. اليوم، ومع وجود هذه الوسائل التي لم تكن موجودة في مدة الحرب المفروضة وأوائل الثورة، هذه الوسائل موجودة اليوم، هذه الأجهزة المتطوّرة جدًا العاملة اليوم لنقل المعلومة، ونقل المفهوم، ونقل المحتوى إلى أذهان الطرف المقابل والتأثير فيهم، لم تكن موجودة في ذلك اليوم. شابنا اليوم يقاوم في مواجهة هذا كله. ذاك الذي يحافظ على صلاته، وصلاة الليل والنوافل، ويرتاد المساجد والهيئات ومجالس اللطم، هذا الشخص في الحقيقة يحافظ على هويته الدينية ويدعمها ويعزّزها في مواجهة مثل هذه الموجة العظيمة. هذا قيّم جدًا. علينا أن نقدّر هذا. شبابنا اليوم، في رأيي هم شباب جيّدون جدًا ومستعدون. يجب أن يكون مشروعنا التمكّن من تبيين هذه القيم التي صنعت هذه الشهادات، وأوجدت هذه العظمة وهذه التضحية لدى الشعب الإيراني، ونقلها إلى الجيل القادم لكي يتمكن - إن شاء الله – من المضيّ بالبلاد والمجتمع قدمًا وإلى الأمام.
لحسن الحظ، رغم الصعوبات والضائقات والمشكلات الموجودة كلها، لدينا نقاط إيجابية عدة في البلاد، ونشاهد استعدادات كثيرة فيها للسير في اتجاه الثورة الإسلامية، والتحرك في اتجاه الإسلام. يلاحظ المرء هذا ويراه. نأمل أن يتعزّز هذا، إن شاء الله، وأن يتمكّن عملكم من إنجاز مأثرة عظيمة في هذا الطريق، وأن تتمكنوا إن شاء الله من إنجاز هذا العمل في منطقتكم. كما أسلفت، لا تقتصروا على نطاق محافظتكم فحسب، بل ليكون العمل والتنفيذ بأسلوب يدفع أولئك الذين ينتمون إلى مدن أخرى ومناطق أخرى من البلاد إلى حمل هذه الهدية من هنا إليهم، ويعدّوهم وينقلوا الفكر والميل والاستعدادات، لتنتقل هذه القِيَم إن شاء الله إلى المناطق الأخرى من البلاد أيضًا.
وفقكم الله إن شاء الله، وأيدكم وأعانكم لتنالوا المقصود الذي من أجله أدّيتم هذا العمل، وتقبل الله منكم ومن الإخوة جميعهم. نبعث بسلامنا إلى أهالي كرج الأعزاء أيضًا، ونخصّ عائلات الشهداء الأعزّاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته





المصدر: قناة KHAMENEI.IR على تليغرام





تعليقك