وكالة أنباء الحوزة - التقى قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، صباح اليوم (الخميس 17/8/2023)، مع المجمع الأعلى لقادة «حرس الثورة الإسلامية»، قائلاً إن تأسيس منظمة بمميزات «حرس الثورة» قضية فريدة من نوعها بين ثورات التاريخ الكبرى. وأضاف سماحته: «باتت هذه المنظمة الآن مقراً ضخماً ومجهزاً بالكامل وأكبر منظمة مناهضة للإرهاب في العالم، حتى إن كثيراً من الجيوش الكبرى في العالم عاجزة عن إنجاز أعمال شبيهة بأنشطتها».
وتطرق الإمام الخامنئي إلى السؤال عن ميزة الثورة الإسلامية التي أثارت العداوات تجاهها، وهو «ما يجعل حراسة الثورة أمراً ضرورياً». وهنا، رأى أن «السيادة السياسية للإسلام في إيران هي الإجابة الواضحة عن هذا السؤال».
في شرح خصائص الإسلام السياسي، قال سماحته إن «معارضة الظلم والظالم ونصرة المظلوم هي السمة البارزة للإسلام السياسي والمثيرة للحساسية، وهي ما يجبر نظاماً مثل النظام الصهيوني المبني والقائم على الاحتلال والظلم والتجبر والتعذيب على أن يعاند ويعادي نظاماً مثل الجمهورية الإسلامية».
كذلك، رأى قائد الثورة الإسلامية أن معارضة النظام الإسلامي للتعدي على مصالح الشعوب ومواردها «ميزة أخرى من ميزات الإسلام السياسي». وقال: «في المقابل للنهج الاستعماري أمَرَنا القرآن بالتعامل مع الشعوب، وحتى الشعوب ذات المعتقدات والسلوكات المختلفة، بالقسط والعدالة.
«الاعتقاد بكرامة جميع البشر بغض النظر عن اللون والعرق والمنطقة» كان الأمر القرآني الذي أشار إليه سماحته، قائلاً: «وفقاً لمنطق القرآن إن الناس ذوي البشرة الملونة أيضاً لا فرق بينهم وبين سائر البشر، فهل يمكن للغربيين الذين يروّجون منطق التمييز العنصري على نحو فاضح أن يكونوا لطيفين مع النظام الإسلامي؟».
ثمة سبب آخر مهم للعداء مع النظام الإسلامي أشار إليه الإمام الخامنئي هو «صيرورة الجمهورية الإسلامية أنموذجاً يحتذى لدى حركات المقاومة في منطقة غربي آسيا الحساسة». واستدرك: «لو لم تغدُ الجمهورية الإسلامية أنموذجاً يحتذى، لكانت هذه العداوات أقل».
كما أجرى سماحته مقارنة بين «هزيمة الجيوش المجهزة لثلاث دول عربية أمام الكيان الصهيوني الحقير قبل انتصار الثورة الإسلامية، أي في حرب الأيام الستة عام 1967، وأيضاً في حرب 1973»، بالقول: «وصل الوضع بعد الثورة الإسلامية إلى نقطة جهد فيها الكيان نفسه 33 يوماً بهدف هزيمة حزب الله [لكنه] هُزم واضطر إلى الفرار بطريقة مخزية».
وشدد قائد الثورة الإسلامية على أن الفارق بين الثورة ومرحلة ما قبلها هو كالفارق بين حرب الأيام الستة عام 1967 وحرب الأيام الثلاثة والثلاثين. وتابع: «اليوم وصلت الأمور إلى نقطة يتحرك فيها الشباب ويهاجمون في الأراضي المحتلة والضفة الغربية لنهر الأردن على نحو يجعل الكيان الصهيوني يقف عاجزاً».

ورأى سماحته أنّ ميزات الإسلام تصنع حكماً عداوةَ الشياطين له، مضيفاً: «بمعرفة العدو، تترسّخ دوافع الحرس، وكذلك لا نُخطئ في معرفة الطرف المقابل... ببصيرته النافذة، كان الإمام [الخميني] يقول: صبّوا صرخاتكم كلها فوق رأس أمريكا».
الإمام الخامنئي ذكّر بالأزمات وأعمال الشغب وزعزعة الاستقرار والأعمال الواسعة للجماعات الإرهابيّة في مناطق البلاد كافة أوائل الثورة الإسلاميّة، قائلاً: «أثبتت وثائق وكر التجسس الأمريكي (السفارة الأمريكيّة) في إيران أنّ هذه الأحداث وقعت ضمن إطار إستراتيجيّة الغرب القائمة على تصنيع الأزمات المتتالية في البلد».
في المقابل، عدّ سماحته «حرس الثورة الإسلاميّة» السبب في إلحاق الهزائم بتلك الأزمات، وتخليص أهالي المحافظات الواقعة فيها. واستطرد: «كان الأعداء يرمون إلى الإيقاع بالثورة الإسلاميّة وجعلها دون رمق عبر افتعال الأزمات المتواصلة، ثمّ ينهون بعد ذلك عبر خطوة تشبه انقلاب 28 مرداد أمر الثورة، لكنّ "حرس الثورة الإسلامية" منع تكرار 28 مرداد، ولهذا يُكنّ الأعداء الحقد والبغضاء لـ"حرس الثورة" إلى هذا الحدّ».
ولفت القائد الأعلى للقوات الإيرانية المسلّحة إلى أنّ أداء «حرس الثورة» في مرحلة «الدفاع المقدّس» يُعدّ فصلاً مشرقاً ولامعاً وشديد الأهميّة. وأردف: «الارتقاء اليومي للقدرات يُشكّل بُعداً آخر في أداء حرس الثورة، وقد وفّر لإيران الأمن وقوّة الرّدع». كما رأى أن تراجع جملة «الخيار العسكري على الطاولة» وغياب تكرارها نابعان من قوّة الرّدع وقدرات «حرس الثورة الإسلاميّة». وقال: «يعلم الجميع أنّ هذه الجملة باتت خاوية ومفتقرة إلى أيّ قيمة ومعنى».

في جزء آخر من كلمته، قال سماحته مشيراً إلى تأسيس مؤتمر «جوادلوب» على أعتاب انتصار الثورة الإسلامية إن المشاركين في هذا المؤتمر «وجدوا أن من المستحيل إنقاذ النظام العميل، ولكنهم بتصميم إستراتيجية "الأزمات المتتالية" كانوا يأملون في أن تؤدي الأزمات إلى هلاك أي حكومة في النظام الإيراني الجديد».
مع ذلك، أكد قائد الثورة الإسلامية أن إستراتيجية الغرب المتمثلة في خلق أزمات في إيران «سياسة متواصلة». وقال: «لا يزالون يسعون وراء خلق الأزمات باستمرار داخل البلاد يوماً بذريعة الانتخابات وآخر بذريعة البنزين ويوماً بذريعة المرأة». ورأى سماحته أن «هدف العدو الرئيسي من خلق أزمة هو توجيه ضربة إلى أمن البلاد... هدفهم الرئيسي زعزعة أمن البلاد وإحداث خلل في حياة الناس».
ووصف سماحته أجهزة التجسس مثل CIA و«الموساد» وMI6 البريطاني بأنها «العناصر الرئيسية وراء تصميم وخلق الأزمات». واستدرك: «هم يستخدمون أيضاً عملاء داخليين وخارجيين وعناصر ذات توجه غربي وغير واعية، لكن أساس القضية وأصلها أجهزة التجسس».
في جزء آخر من حديثه، قيّم الإمام الخامنئي أداء «حرس الثورة الإسلامية» في الإعمار وقضايا البنية التحتية بأنه «مشرّف ورائع في جوانب ما». وأضاف: «كان حرس الثورة في خدمة الشعب بكل قوته في الخدمات العامة وإزالة الحرمان والكوارث الطبيعية وأحداث مثل كورونا».
«كان الأثر الذي تركه حرس الثورة الإسلامية في الأجواء العامة للبلاد وجذب الشباب جانباً آخر من أداء الحرس»، وهنا قال سماحته: «عندما يرى العنصر الشاب العلم والعمل والمثالية والواقعية والقوة على المستوى الصلب والتجهز مع القوة الناعمة، أي التواصل مع الناس، يجدها كلها معجونة في الحرس، يقتدي به وينجذب إليه، إذْ يُعدّ الشبابُ والشهداء الشامخون الذين يدافعون عن المقدسات والأمن نتاجاً لمثل هذه الجاذبيات للحرس وعناصر الحرس المشرفة مثل الحاج قاسم وحجي وإبراهيم هادي».
في بداية اللقاء، شرح اللواء سلامي قدرات «حرس الثورة الإسلامية» وأداءه في المجالات العسكرية والأمنية والاستخباراتية والعلمية والاقتصادية والإعمار والصحة وتقديم الخدمات والإعلامية وبث الأمل.