۱۳ اردیبهشت ۱۴۰۳ |۲۳ شوال ۱۴۴۵ | May 2, 2024
آية الله اليعقوبي يدعو النساء القرآنيات الى بذل المزيد من الجهود في هذا المجال

وكالة الحوزة - دعا آية الله اليعقوبي النساء القرآنيات اللاّتي لديهن اهتمام بدراسة علوم القرآن الى بذل المزيد من الجهود وبذل الوسع والمثابرة في الدراسة.

وكالة أنباء الحوزة - دعا آية الله الشيخ محمد اليعقوبي النساء القرآنيات اللاّتي لديهن اهتمام بدراسة علوم القرآن الكريم وتفسيره وتدّبره، الى بذل المزيد من الجهود وبذل الوسع والمثابرة في الدراسة من أجل تهيئة نخبة من الفاضلات المؤهلات، والقادرات (بعون الله ومعونته) على تقديم تفسيرٍ جديدٍ للقران الكريم في المستقبل القريب ان شاء الله تعالى، جاء ذلك خلال كلمة ألقاها في جمعٍ من طالبات المدارس القرآنية التي يشرف عليها مجمع المبلغات الرساليات في العراق بمكتبه في النجف الأشرف، واللّاتي اجتمعن في الملتقى القرآني الثالث والذي أقيم تحت شعار (علي مع القرآن والقرآن مع علي) ضم أكثر من مائة مشاركة تحت اشراف أستاذ التفسير في الحوزة العلمية الشريفة سماحة السيد عبد السلام زين العابدين.
وأشار سماحته الى الأحاديث الشريفة الواردة في فضل القران الكريم وتعلّمه وتعليمه، ومنها (اهل القران اهل الله وخاصته) و(خياركم من تعلّم القران وعلّمَه) حيث يكتمل العطاء الإلهي مع الوصول الى الغاية الممكنة بتعليم القرآن الكريم، وعدم الاكتفاء بتعلّمه مع الاعتراف بالقصور عن استقصاء تعلّم كل علوم القرآن ومعارفه، فقد أودع الله تعالى فيه من المعاني الجليلة، لكي تبقى مستمرة بالعطاء الى قيام يوم الدين..
وربط سماحتُهُ ذلك مع أحد وجوه تفسير الحديث الشريف: (لو ان ما في الأرض من شجر اقلام والبحر يمده من بصره سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله) ... والمقصود بالكلمات هي المعاني التي يريدها الله تبارك وتعالى والتي لا نفاد لمددها ولا انتهاء لعددها، أما الكلمات فمحدودة مهما كان عددها، ومهما احتوت قواميس اللغة من كلمات.
وأكد سماحتُهُ ان الدعوة لأحياء أمر أهل البيت (عليهم السلام) لا زالت مستمرة منذ صدور هذا الحديث الشريف عن الامام (عليه السلام) فقد بيّن (عليه السلام) في نفس الحديث كيفية احياء أمرهم (عليهم السلام)، وهي تعلّم علومهم وتعليمها للناس، أي انها تتطابق تماماً مع الحديث النبوي الشريف (خياركم من تعلّمَ القران وعلّمه)، أي التعلّم ثم التعليم.. لكنه (عليه السلام) قال: (يتعلم علومنا)، ولم يقل أحكامنا (كي تقتصر المسألة على تعلّم الفقه وما يرتبط من أصول ورجال وعلوم أخرى التي جرى ديدن الحوزة العلمية على تدريسها) فعلومهم (عليهم السلام) أوسع وأشمل من ذلك وعلى رأسها كلّها (تفسير القرآن).
ولفت سماحتُهُ الى ان الاهتمام بتفسير القرآن الكريم ومعرفة دلالته ومعانيه طريقٌ طويل يحتاج الى جهود استثنائية وخلوص في النية، وهذا الامر ينبغي ان يكون حافزاً ومشجعاً وأن لا نشعر بالإحباط ونقول ما الذي نستطيع ان نقدمه؟ وماذا سنضيف على جهد الذين سبقونا؟ لأن الله تعالى سيبارك بهذه الجهود (مع الهمة والإخلاص) وسيقدح في أذهان أصحابها من المعاني ما لم ينقدح في ذهن الاخرين، وسيفجّر ينابيع الحكمة في قلوبهم، فمعاني القرآن الكريم متجددة مع العصور وكثيرة عن العد والاحصاء ولا زالت الحاجة الى استقصاء معاني القرآن ومعرفة أسراره مستمرة بحيث كان السيد الطباطبائي (قدس سره) يرى ضرورة أن يصدر تفسيرٌ للقرآن في كل عامين، أي إننا كنّا نحتاج الى صدور عشرة تفاسير من قبل مفسرين آخرين خلال مدة العشرين عاماً وهي المدة التي أكمل فيها السيد الطباطبائي (قدس سره) تفسير الميزان.
وحث سماحتُهُ المبلغات الفاضلات على طيّ المراحل والجد والاجتهاد واجتياز مستوى المقدمات المؤهلة بعد التمكن من الأدوات واتقان القواعد التفسيرية -لتساعدهنّ على تدبّر وفهم القران وإعمال الرأي- التي لا يمكن بدونها الوصول للغاية، بعيداً عن ما يثبط الهمة ويشعر بالهزيمة، إذ لا يوجد ما يمنع المرأة من الناحية الفكرية أو العقلية من السير بهذا المضمار، ويمكن لها اذا أحسنت التعلّم وسلكت الطريق الصحيح بهمةٍ وإخلاص ان تحظى بهذه النعمة الكبيرة و ان يفيض الله عليها من توفيقاته وألطافه ويفتح لها وجوهاً للمعاني والتي كان الشهيد الصدر (قدس سره) يسميها بالأطروحات وهي أوسع من المعاني.
ورأى سماحتُهُ ان تهتم وتتخصص الفاضلات بالتفسير الموضوعي للقران الكريم، بعد أن يقطعن شوطاً بالتفسير التجزيئي، وفي التعامل مع فهم آيات القران الكريم ومدلولات الفاظها ومعانيها وبدون ذلك لا يستطعن الانتقال الى التفسير الموضوعي،منوّهاً لما طرحهُ في مسألة الفقه التخصصي، اذ لم يعد الفقيه قادراً (أمام عمق المسائل وتكاثرها وتفرعها ودقتها) على بحث مسائل الفقه من أولها الى آخرها بنفس الجهد والعطاء. وهو ما اظهر الحاجة الى وجود التخصص في فروع الفقه. وهذا التخصص لا يكون الا بعد بلوغ الاجتهاد بالفقه العام (الفقه الفردي)، والموضوع هنا يشبه الى حد كبير موضوع التخصص في الطب وصولاً الى التخصص الدقيق في نفس الاختصاص.
وقد حرص الائمة المعصومون (عليهم السلام) على توفير مناخٍ ملائم لهذا النمط من التخصص منذ القرن الأول الهجري، فقد أعدّوا (سلام الله عليهم) جملة من اصحابهم، كل واحد في المجال الذي يمكن ان يبدع فيه كعبد الله بن عباس حبر الامة الذي اخذ علمه من امير المؤمنين (عليه السلام) وسعيد بن جبير عن الامام زين العابدين (عليه السلام) وجابر الجعفي عن الامامين الباقر والصادق (عليهما السلام) وغيرهم.
وضرب سماحتُهُ عدداً من الأمثلة لتقريب الفكرة، كقضية تعدد الزوجات التي وردت في النص القرآني {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (النساء: 3) والتي تثير جدلاً واعتراضاً كثيراً. أو قضية قيمومة الرجال على النساء التي تحولت الى استبداد وهيمنة لا حق لهم فيه أبدا وقضية المعاشرة بالمعروف. والعدالة والمساواة (ولهن مثل الذي عليهن) فهذه وأمثالها من القضايا مما ينبغي الوقوف عليها والتعامل معها ودراستها والاحاطة بها بحثاً وتدريساً.. فالقرآن الكريم له مبادئ عامة ونصوص واضحة ينبغي ان تكون حاكمة على كل التفاصيل.. فإذن توجد عدالة ومساواة ولا يوجد من اعطى الحق للرجل بالاستبداد أو مشكلة الفقر في المفهوم القرآني ولماذا ارتبط (الانفاق في سبيل) بـ(إلقاء النفس بالتهلكة) {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (البقرة : 195).
ومن جانب آخر لفت سماحتُهُ الى ان مشكلة الفقر أصبحت مشكلة اقتصادية كبيرة ،عجز الغرب بطوله وعرضه عن إيجاد الحلول الناجعة لها، فمن جانب ترى (الغرب) ينادي بالعدالة الاجتماعية، ومن جانب آخر تراه يشجع الملكية الفردية من دون وضع موازنة لهذه المعادلة توفر العيش الكريم لأبناء مجتمعاتهم، وتأتي المعالجة القرآنية لهذه القضية في سياقٍ عَجَز جملة من المفسرين عن فهمه، وارتبكوا في استيضاح معناه، ولم يتضح لهم مغزى وجود كلمة التهلكة في ذيل آية الانفاق، وما علاقة الانفاق بالتهلكة؟.
وبيّن سماحتُهُ ان الارتباط واضح وجلي، لأن الناس لو قصّروا في اخراج الحقوق الشرعية وانفاقها على المحتاجين فانهم (الفقراء) سيتحولون الى قنابل موقوتة في المجتمع وسيخرّبون كل شيءٍ يقع تحت أيديهم وسيتحولون الى أعداء ويهددون بنية المجتمع ويفككون نسيجه حينما يجدون غيرهم متخماً ومترفاً وهم تحت نير الجوع والحرمان، وقد مرّ علينا من قصص ثورات الجياع والمحرومين الكثير التي أتت على الأخضر واليابس وقد عالج الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) عالج هذه القضية بمعادله دقيقة وواضحة وهي (ما جاع فقير الا بتخمة غني).
وعبّر سماحتُهُ عن أمله بأن يرى صدور تفسير جديد للقرآن الكريم على يد الفاضلات يهتم بمعالجة القضايا الاجتماعية والأخلاقية والتربوية بعد اتقان الأدوات التي يعتمدها المفسر مضافاً الى الخبرة في العمل الاجتماعي،مذكراً مقولة السيد الشهيد الصدر (قدس سره): ان من علامات المخلصين الذين سلكوا طريق معرفة الله تبارك وتعالى ان يفهموا وجوهاً عديدة للقران الكريم. وهي علامات صدق الانسان وإخلاصه وصفاء نفسه ان يلتفت الى معانٍ كثيرة للآيات قد لا تخطر ببال الكثيرين.
حيثُ تأتي دعوة سماحته هذه من أجل توظيف علوم القران الكريم في مواجهة التحديات الراهنة واستنباط الحلول للمشاكل التي تنتاب المجتمعات، أي بمعنى اقتباس الحلول من الآيات الكريمة للإجابة على الإشكالات في مختلف القضايا الاجتماعية، والأخلاقية والاقتصادية، وغيرها، وتقديم الرؤى والبرامج والنظريات لمعالجتها

ارسال التعليق

You are replying to: .