۵ اردیبهشت ۱۴۰۳ |۱۵ شوال ۱۴۴۵ | Apr 24, 2024
رمز الخبر: 361104
٣ أغسطس ٢٠٢٠ - ١٤:١٠
الفن والجمال الاسلامي

وكالة الحوزة - ثلاثة منطلقات أساسية حددت مفهوم الفن والجمال الإسلامي مستندة لتعاليم الإسلام وهي منطلق التوحيد والوحدة والحركة.

وكالة أنباء الحوزة - وضع علماء النفس الكثير من النظريات التحليلية لعملية الأبداع وجمالياتها الاخاذة، وقد توصل البعض منهم  الى أن المتعة الجمالية هي محصلة للعلاقة التفاعلية بين المتلقي والعمل الفني بشكل عام، واذا ما نظرنا الى مجمل العلاقات الرابطة بين الاعمال الفنية ومنفذيها ومتلقيها.. فأننا سنجد ان هنالك علاقات وروابط مختلفة منها ما هي عقائدية واجتماعية وسياسية واخرى اقتصادية ، وهي بمجملها تلقي بظلالها على الفنان والمشاهد وتجعل من الرسوم متنفساً يصرح من خلاله المبدع عن واقع ما قد تأثر به وآثر عليه باعتباره فرد من المجتمع، فالفن بمختلف أنواعه كان ومازال يعد الوسيلة المثلى التي يلتجئ اليها الأنسان في همه وفرحه لما فيها من فسحة تأملية توفر له اللذة والمتعة وتساعده على أنماء ذوقه الجمالي.

انطلاقا من ذلك  فان البحث عن الجماليات بمختلف أشكالها ونظمها - والتي تعمل من خلال  الحس لتؤثر في الذوق العام ، وتعكس صيغ مقبولة من الجمال في الفنون التشكيلية ومنها الفنون الاسلامية - لا يقوم بمعزل عن التقبل والفهم الإنساني، فأن من وظائف الفنون الترسيخ والتفسير ولو بدرجات متفاوتة، فهي تعد بالنسبة لبعض المتلقين مجرد وسائل للأثارة والمتعة الشكلية، بينما يعدها كثير آخرين لغة معتمدة تكشفت بها النفس البشرية عن معاني عالمها، وهذا ما نلاحظه في الفنون الاسلامية بشتى انواعها والتي عدت أحد اهم النشاطات الانسانية الفنية التي استلهمت العقيدة الدينية وأسست من خلالها بنية جمالية فريدة شكلت أسلوبا فنياً مثاليا مرتبطا بالخالق الواحد الاحد، لبترك آثاره في كل مرافق الحياة بدءا من الأدوات البسيطة وانواع الفخاريات وصولا الى فنون البناء والعمران ونقوشها الروحية الاثر، حيث ان عالم الفن الإسلامي هو عالم خالص التجأ  فيه الفنان إلى اظهار الجمال من خلال التجريد كوسيلة للوصول إلى المطلق، مبتعداً فيه عن التشخيص والتجسيم لينأى بنفسه عن العودة لعبادة الأوثان والشرك بالله، مكتشفاً من خلاله واقعية خاصة تتوافق مع الطروحات المختلفة حول حرمة أو شرعية التصوير، وهذه الواقعية محددة بمنظور خاص وعالم محدد من الأشخاص وبنية لونية تحاكي الواقع وتختلف معه في آن واحد.. لخصوصيتها وارتباطاتها الرمزية والدلالية.

وهناك ثلاثة منطلقات أساسية حددت مفهوم الفن والجمال الإسلامي مستندة لتعاليم الإسلام وهي منطلق التوحيد والوحدة والحركة، فالإسلام أيمان بالشهادتين ، ووحدانية الله بإقرار شهادة أن لا اله ألا الله وبها يتحقق التوازن والانسجام والتناسب بين السماوي والأرضي ، واستمرار السماوي بالأرضي ، وتحديد العلاقة الجمالية بينهما من حيث كونها علاقة فكرية وواقعية تتحقق بشهادة أن محمدا رسول الله وان عليا ولي الله، فارتداد الجمال الطبيعي الى الكلي مطلق الجمال.. ويرتد الجمال الكلي المطلق بأدراك تجليات الخالق في الطبيعة ، وفي كلا الحالتين هنالك حضور لا شك فيه للعملية التوحيدية التي تؤكد الفكر ووحدة الجمال.

وتتحقق الوحدة بدورها من استلهام الوحدة في نظام الخلق وتمام الجمال في المخلوقات بقدرة الواحد الخالق جل وعلا، فالواحد يصدر عنه وحدة في كل المتعددات المعتمدة على اسس جمالية محددة تتجسد بالنظام والتوازن والتجاذب والانسجام، فهناك نظام كلي مشترك ينظم العلاقات في الذرة والمجتمع وبالتالي في الكون كتحصيل حاصل، وهذا النظام هو نظام أسروي دقيق بما فيه من اواصر وعلاقات جذب تجمع بدورها الأطراف نحو المركز.

 أما فيما يخص القطب الثالث من المنطلقات او محددات مفهوم الجمال في الفن الاسلامي.. فهو الحركة والتي تكون مستمدة من جمال حركة الحياة، فجمال التمام بحركة نموه واستمراره.. وكل ما في الكون مغمور بالحركة سواء اكانت حركة ظاهرة أو باطنة، مرئية أو غير مرئية ، محسوسة كانت ام معقولة، وكل حركة في الكون تنطلق بتنظيم الخالق حول مركزه وقيادته للكون، وهي بالتأكيد اسمى الصور الجمالية، والتي نستطيع الاستدلال عليها في كلمات الله التامات و كتابه الكريم والمجسدة لكل مبادئ الحركة والاستمرارية وفي نظام فرداني متقن متتابع لا مثيل له، كما في قوله الحق (لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ).

أن أهم ما حققه الفنان المسلم هو ضرب من ضروب الابداع، نابع من عالم فني خاص وجمالية مستمدة من عقيدته التوحيدية الإسلامية، وقد جسد ذلك بدراية تامة من خلال اعتماده المنظور الروحي وعدم اهتمامه بالمنظور الخطي المعهود في اساليب الفنون السابقة له، فمن خلال هذا المنظور تسقط الأشعة من الأعلى فتأخذ جميع الكتل أبعادا متساوية ومكافئة لأبعادها الأصلية سواء كانت في مقدمة اللوحة أو في عمقها، فتبدو الأشكال بطبيعتها وكأنها تدور بحركة دائرية حول المركز المتمثل بالخالق سبحانه وتعالى، مما حدى بالفنان على عدم ترك فراغ في سطح اللوحة ليحقق التوازن والتناسب والانسجام التام بين الاشكال، فبكل مكان هناك وجود للخالق عبر مخلوقه.. كما في قوله جل شأنه (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، وعلى هذا فلا شكل منفصل عن مضمونه، ومن خلال انتشار واتساع الرقعة الجغرافية للدولة الإسلامية ظهرت وحدة الفكر وتنوع الأسلوب في الفن الإسلامي.. مما زاد من التمازج الحضاري والتواصل بين مختلف بقاع الارض وشعوبها.

ارسال التعليق

You are replying to: .