وكالة أنباء الحوزة ــ يعرفه القاصي و الداني و لايمكن لمن تذوّق من طعم الحكمة شيئاً أن يمرّ على تراثه الفلسفي مرور الكرام. فهو ثاني ثلاث أعمدة الفلسفة الإلهية في العالم الإسلامي: أسس شيخ الرئيس أبوعلي سينا فلسفة المشاء و جاء بعده السهروردي ليطور المنهج الفلسفي و يدخله إلى واحة الأنوار و أبدع في تأسيس فلسفة الإشراق و قام بعدهما الشيخ ملاصدرا عملاق العقل الفلسفي بتأسيس منهجية متكاملة فلسفية و سمّاها مدرسة الحكمة المتعالية .
مسجد السهروردي في حلب
في مدينة حلب في منطقة (باب الفرج) في طرفه الشمالي بجانب سوق التلل تجد مسجداً صغيراً باسم السهروردي يحتضن ضريحه و يحضر فيه عشّاق الفكر و الفلسفة و التصوف و تتلاقى أرواحهم بروح هذه الشخصية الفذة و يهدون ثواب الفاتحة لروحه بجانب المؤمنين الذين يقيمون الصلاة في هذا المسجد.
استقبلنا خادم المسجد بحفاوة و كأنّه كان بانتظار قدوم الإيرانيين و أوصانا أن نبلّغ السلام إلى الحاج الفلاني الإيراني الذي قد ساعد المسجد. لم يعترض علينا أحد المصلين لزيارة قبر السهروردي و لم يبد أحد منهم استغراباً لحضورنا ممّا دلّ على سماحة و سعة صدر أهالي حلب الشهباء و تسامحهم الديني، مع ذلك كان و لايزال السهرودي غريباً في حلب! و لم يؤدي حقّه العلمي و الثقافي و الفكري.
معاناة السهروردي و سوريا بين الماضي و الحاضر
و ما أشبه الليل بالبارحة فهناك شبه كبير بين معاناة السهروردي بالأمس الذي قتل بعد تكفيره و ما عاناه اليوم أهل سوريا و حلب بوجه خاص من التكفيريين الذين أهلكوا الحرث و النسل و دمّروا سوريا الحضارة…
للسهروردي و مزاره روعة يفوح منه عبق إيران و تراثه الفذ و تجربته العلمية من القواسم المشتركة الحضارية بين إيران و سوريا و يمكننا اليوم الرهان عليه لفتح آفاق
السهروردي و تجديد الخطاب الديني
تجديد الخطاب الديني بمعنى عقلنته و تهذيب الفكر الديني من الشوائب و الإجتهادات و الأفهام الخاطئة التي بعيدة عن مقاصد و أهداف الشريعة من ضروريات المرحلة لتقديم الوجه النيّر للشريعة السهلة السمحة بعيداً عن الإرهاب و التكفير الذي لايمتان للإسلام بصلة.
الإرهاب ليس من الإسلام في شيء بل هو مشروع متطرف يستغلّه أعداء الأمة لإحراقها من الداخل باسم الإسلام و لتشويه سمعة الدين الحنيف لتكون لديهم حجة يستدلون بها في حربهم النفسية و نشر ثقافة الكراهية للإسلام.
إعادة قرآءة تراث رموز الفكر و الحضارة مثل السهروردي ضمن الندوات الفكرية و إقامة حلقات التدريس لكتبه في المدارس الدينية من شأنها تقويض الفكر المتطرف و تبديله بالفكر التنويري الإسلامي و تؤدّي إلى تمتين العلاقات الفكرية الثقافية بين إيران و سوريا.
يقترح موقع سوريران تأسيس (منتدى السهروردي للفكر الفلسفي) كصرح ثقافي فكري و فضاء حرّ للنقاش العلمي و ليكون هذا المنتدى ملتقى يجمع في أروقته روّاد و محبّي الفلسفة و الفكر الإسلامي المعاصر العقلاني.
موقع: سوريران
بقلم: غریب رضا