وكالة أنباء الحوزة_ أجرى الشيخ أحمد بيومى أحد أعلام المديح والإنشاد الدينى فى مصر، حواراً حول واقع الانشاد الديني في العالم الاسلامي سيما في مصر.
وفيما يلي نص الحوار:
فى البداية حدثنا كيف كانت بداية فى طريق الإنشاد والمديح الدينى؟
- فى الحقيقة والدى ووالدتى كانا يحملان كتاب الله، بل إن كٌتاب القرية كان فى منزلنا، وكان والداى يٌحفظان أطفال وكبار القرية، منذ الساعة السادسة صباحا وحتى السادسة مساء يوميًا، وكان والدى أيضا منشدا دينيا فى القرية، ولكن لم يكن فى الحسبان أن أكون منشدًا، وكان هناك منشد اسمه الشيخ عبدالكريم الباجورى، كان جدا فى هذا الوقت يأتى إلى قريتنا من وقت لآخر، وكنت أنا وشقيقى الأكبر نذهب لسماعه، وكان عمرى وقتها 12 سنة وفى إحدى المرات حينما عدنا للمنزل قلت لشقيقى أنا أستطيع تقليد الشيخ، فلم يصدق، ووقفت وقلت يا آل البيت ثلاث مرات، وشعرت بنور يتسلل إلى داخلى، وبعدها قدمنى شقيقى لأحد المشايخ الذى يستفتح الحضرات، فحملنى إلى المسرح وقال سمعنا، فقلت يا آل البيت ثلاث مرات ثم أكملت أبياتًا كنت قد حفظتها خلال المولد وهى «لكم مهجتى والروح والجسم والقلب.. وكلـى لكم ملك وإنى بكم صب وكـم أتمنى أن أسير لنحوكم.. فيمنعنى حظى ومـا تنفع الكتب خليلى أن عـاينتما أرض يثرب.. وعند رسول الله قد نزل الركب»، فحملنى الشيخ وقبلنى وأقسم ثلاثًا قائلًا: «هذا الولد سينافس الكبار»، وطوال فترة المولد كنت أصعد بعد المشايخ الكبار وأقول هذه القصيدة وبعض أبيات من قصيدة «أبدًا تحن إليكم الأرواح»، ومن هنا بدأت أعشق أكثر الإنشاد الدينى، ثم التحقت بالأزهر إلى وصلت للصف الأول الثانوى، إلا أننى لم أكمل التعليم، بسبب انشغالى بالإنشاد، وأذكر أننى كنت أنظر للكتاب المدرسى لا أرى فيه شيئا وقلت لوالدى ما يحدث لى فضربنى، وليلتها رأى والدى رؤية وهو يٌضرب، «فأصبح وقال براحتك اللى عايز تعمله اعمله»، وبالفعل تركت الأزهر ولكننى دخلت كلية الحٌب.
تقصد بكلية الحب «المديح والتصوف».. هل المداح يجب أن يكون صوفيًا؟
- بالطبع لازم يكون صوفى أو على الأقل مُحب ومٌريد، وأن يكون حافظًا للقرآن الكريم أو حتى أجزاء منه ويجب أن يكون له أوراد يومية يؤديها.
بمناسبة الأوراد اليومية.. ما هو وردك اليومى؟
- فى البداية أحدثك عن فترة لن أنساها طوال حياتى وهى فترة التجنيد منذ عام 1980 وحتى عام 1983، حيث قضيتها يوميًا بورد ثابت وهو أوائل وأواخر سورة البقرة وآية الكرسى ويس والواقعة وتبارك والمعوذتين وقل هو الله أحد، ثم استغفار والصلاة على سيدنا النبى ولا إله إلا الله، 5 آلاف مرة لكل منهم، لذلك كان الله يمن علىّ خلال إجازاتى، حيث كنت أقضيها فى ليالى مديح، أما الآن فالله أعلم بحالى.
متى كانت أول مرة يدعى فيها الشيخ أحمد بيومى لإحياء حفل إنشاد؟
- كانت فى أسيوط وكان عمرى 16 سنة، وجاء أحد الأشخاص يطلبنى لإحياء ليلة فى قرية نزلة عبداللاه وقال لى سأعطيك 4 جنيهات وإن أعجبتنى سأزيدك جنيها آخر، وبعد انتهاء الحفل قال لى بصراحة أعجبتنى وسأعطيك 5 جنيهات لكن بشرط أن تبيت الليلة وتنشد لنا مرة أخرى صباحًا.
البعض يحرم الإنشاد الدينى والمديح.. ما ردك عليهم؟
- هؤلاء ممنوعون من الحٌب، وأرد عليهم بأن حسان بن ثابت كان شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب الاستماع إلى شعره.
البعض ينكر التبرك بآل البيت وأنت فى مديحك أحيانًا تتبرك بهم وتطلب منهم المدد.. ما رأيك؟
- رسول الله قال: «القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار»، قبور آل البيت كلها روضة، ونحن نذهب للجلوس فى هذه الروضة فما يضير هؤلاء، ونتبرك بها، وبالنسبة لطلب المدد أو الدعاء، فالله أعلم بالنوايا، ونحن نطلب المدد من الله، كما أمد آل البيت.
كيف تقيم الإنشاد الدينى فى مصر الآن؟
- الإنشاد الدينى فى مصر مظلوم، لأن الدولة لا تهتم به، رغم أن الإنشاد الدينى بما يحمله من رسائل سامية وتعاليم دينية سمحة، يمكن له أن يواجه الفكر المتطرف الذى تسعى الدولة دائمًا لمواجهته.
وكيف ننصفه؟
- أتمنى أن يأخذ وضعه فمثلا الممثلون يأخذون وضعهم فى الدولة، لكن المنشدين لا، فمثلا الشيخ أحمد التونى من أعلام المنشدين بعدما توفى لم يهتم بذكراه أحد، كما أن هناك مشكلة أخرى وهى أن أكابر التصوف ضعفاء ويهتمون فقط بالكارنيه، لا بتطوير الإنشاد.
من أين تستقى كلمات المديح التى تؤديها؟
- من أشعار كثيرة لعمر بن الفارض، والحلاج، وأبو العزائم، وغيرهم.
حدثنا عن موقف لا تنساه فى حياتك؟
- كنت فى مولد أبو الحسن الشاذلى، فى البحر الأحمر، وهناك تعرفت على الشيخ محمد الهلباوى، رحمه الله، وطلب منى أن أذهب معه فى حفل بمكتبة الإسكندرية، وكانت هذه أول مرة لى أذهب إلى الإسكندرية للمديح وكنت أظن أن أهلها لا يستمعون للمنشدين والمداحين، لكننى فوجئت بهم بعد انتهاء الوقت المحدد لى يصيحون ويطلبون منى الاستمرار فى المديح قائلين: «إنت صحيت الفن فينا».
رسالة للمنشدين والمداحين؟
- أساس الإنشاد التقوى ومن غير التقوى فكله باطل.