وكالة أنباء الحوزة - نشرت جريدة البوابة نيوز مقابلة مع رجل الدين الإيراني "غريب رضا"، ونشرت منها حسب ما تنقتها من تلك المقابلة، فرأى سماحة غريب رضا أن من باب النصيحة و إظهار الحقيقة نشر كامل المقابلة.
ما صحة وجود نية لتأسيس كيان شيعي جديد في مصر؟
غریب رضا:
اولاً: اشکرکم لاتاحة الفرصة لي لأتحدث مباشرة و بصراحة مع نخب و مثقفي الشعب المصري و أرجو أن لاتسبب صراحتي إزعاجاً لكم أو يؤدّي ذلك إلى حذف بعض الجزئيات من كلامي. فالمتوقع منكم مراعاة الأمانة المهنية بمستوى الإعلام المنسوب إلى بلد عريق مثل مصر الكنانة .
و ثانياً: دعني أقول لحضرتك إنّ هذا السؤال هو ضمن الإتهامات الرائجة ضد إيران الإسلامية. و أعتقد سؤالكم هذا حول المسالة عنّي حسب ما يروج في التدخل الإيراني في الشؤون العربية و منها قضية التبشير المذهبي.
من اللطيف أنّ هذا السؤال توجّه لنا في حين إيران تستقبل النشطاء في القضية الفلسطينة من 80 دولة لإقامة المؤتمر الدولي السادس لدعم الانتفاضة الفلسطينية و هو المؤتمر الوحيد الذي ترجم قراراته على أرض الواقع من خلال الدعم الحقيقي للمقاومة الفلسطينية و صواريخ فجر الخامس نموذج واحد من هذا الدعم .
في الحقيقة استيائنا عن تصعيد هذه اللهجة التحريضية ليس فقط من أجل الالتفات إلى آثارها السلبية التي تهدد السلم الإجتماعي و إنّما بسبب ما أحدثته من خلل في بوصلة الأمة و ما أنتجت من تبديل العدو الحقيقي للأمة بالصديق.
إيران دولة متطورة لها مشروع إحياء الحضارة الإسلامية و محور سياساتها الخارجية إزالة الكيان الصهيوني من الوجود و أعدت نفسها بما استطاعت من قوة لهذه المهمة الكبرى و بالتالي ليست لها فرصة و لاأولوية و لااهتمام بخلق الصراعات الطائفية المقيتة لاسيما و أنّ هذه الفتن الطائفية حجر عثرة أمام مشروعها الحضاري المقاوم كما استطاعت إيران رغم الحصار المخنق عليها أن تصل إلى أرقام قياسية من معدل الإنتاج الوطني و إعادة بنيتها التحتية بعد الحرب التي فرضت عليها و الحصول على أحدث التقنيات المعاصرة في مجالات القوة النووية و الهندسة الطبية و إنتاج الخلايا الجذعية و تقنية نانو و صناعة السيارات و ...
أخي الكريم إنّ التبشير المذهبي او مصطلح الهلال الشيعي او كما وصفته ارادة تأسيس الكيان الشيعي في مصر و ... كلّ هذه المقولات تندرج تحت بروباكاندا إعلامية هدفها شيطنة إيران و تخويف السواد الأعظم من المسلمين منها و إيهامهم بأنّ لديها مشروع عالمي لتغيير مذهب المسلمين من السنة إلى التشيع و بالتالي يستنتجون و ينصحون العالم الإسلامي بأنّ واجبهم نسيان إسرائيل و اتخاذ إيران عدواً بل الإصرار على أنّ خطر إيران أقوى و أشد من إسرائيل.
هل تعرفون لماذا في مصر بالذات جمعيات مختصة بهذا الأمر لترويج مثل هكذا أوهام؟ و هل تعلمون لماذا تنتشر الكراهية ضدّ إيران بهذا الزخم الكبير في بلد استراتيجي مثل مصر؟
الجواب واضح : لايريدون عودة العلاقات بين إيران و مصر لئلا ترجع مصر إلى مكانتها السابقة في خط مقاومة الكيان الصهيوني الغاصب فهي و الأردن الدولتان الوحيدتان اللتان ضمن حدود فلسطين المحتلة و علاقتهما مع إيران باردة . عودة العلاقات بين هذه البلدين و إيران تعتبر التهديد المباشر للكيان الصهيوني.
أنا التقيت بعدد كثير من الشخصيات المصرية التي وفدت إلى ايران بعد الثورة المصرية من مختلف الطبقات الإجتماعية و المهنية و جمعت مذكرات مجيئهم لإيران في كتاب أسميته
(هكذا رأيت إيران: واقع الحياة الإجتماعية و الثقافية و السياسية في إيران بأقلام مصرية )
بإمكانكم مطالعة و تحميل الكتاب في الرابط التالي:
http://alhiwaraldini.com/home/2063-2
توجه إليهم بالسؤال ذاته؟ هل تحدث أحد معهم في إيران عن الخلافات المذهبية؟ و هل حاول أحد أن يشيّعهم؟ و كيف رأوا مستوى التنمية في إيران و ماذا عن التعايش السلمي في إيران بين الأقوام و المذاهب ؟ و الشاهد من رأى الواقع و ليس من سمع من الآخر.
إزالة الكيان الصهيوني الغاصب حلم اقتربنا من تحقيقه و كما ذكرت سابقاً أؤكد مرة أخرى على أنّ إيران أعدّت نفسها بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى لتلك المواجهة المصيرية التي ستغيّر خارطة العالم . كنت أتمنى أن الرئيس جمال عبدالناصر و مفجر الثورة الإسلامية الإمام الخميني كانا حيين ليريا هذا اليوم. و هذا ما صرّح به سماحة السيد الإمام الخامنئي حيث قال: أنّ إسرائيل لن تكون موجودة بعد 25 سنة .
اما بالنسبة لأتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام في دول مثل مصر او تونس او الجزائر او اي دولة اخرى مع أنّهم لم تعترف الحكومة بهم رسمياً كنسيج إجتماعي لكن المؤسسات الدينية الكبرى مثل الأزهر و الزيتونة يعتبرهم مسلمين و من أهل القبلة و الدستور يتكفل حريتهم العقائدية فهم مسلمون مواطنون مثل بقية الشعب لهم حقوقهم و عليهم واجباتهم حسب دستور البلاد و لايحق لأي شخص او جمعية او مؤسسة حكومية يمارس عليهم التمييز الطائفي .
و بطبيعة الحال أنّ عليهم واجباً إسلاميا و حضاريا و وطنيا أن يراعوا المشاعر المذهبية السائدة الرسمية في البلد الذي يعيشون فيه. هذا ليس فقط توصية عابرة و إنما قضية دينية من صميم منهج أئمة أهل البيت عليهم السلام.
و فتوى سماحة الإمام الخامنئي حفظه الله في تحريم السب و توجيه الإهانة للرموز الإسلامية و استحالة وجود ما يخل بشرف أمهات المؤمنين خير دليل على اهتمام إيران بوحدة المسلمين على اختلاف مذاهبهم و أنّ إيران لاتميّز في دعمها للمقاومة بين أصحاب القضية على أساس الدين أو المذهب أو الطائفة.
و قد حظيت بإلقاء محاضرة عنوانها (منهجية أهل البيت في التعايش السلمي وواجب أتباعهم في التعامل مع أهل السنة) و شرحت فیها احاديث ائمة اهل البيت و توصياتهم بالتعامل الحسن مع بقية المسلمين. و بإمكانك الإطلاع عليها في الرابط التالي أو إعادة نشرها في موقع البوابة نيوز ليتعرف قرآءكم على مبادئ مدرسة أهل البيت عليهم السلام في تحقيق التعايش السلمي بين المسلمين .
هذا هو اعتقادنا و لااعتقد أي مسلم و مسلمة عندما يتصف نمط حياته بهذه المنهجية الحضارية يسبب فيما بعد مشكلة طائفية للمجتمعات الإسلامية المتنوعة