۱۰ فروردین ۱۴۰۳ |۱۹ رمضان ۱۴۴۵ | Mar 29, 2024
السيد علي فضل الله

وكالة الحوزة: استقبل السيد فضل الله وفداً من أكاديميّين أوروبّيين مثّلوا 50 جامعة كاثوليكيّة مؤكداً على تعزيز العلاقات الإسلاميّة ــ المسيحيّة من جهة، والعلاقات بين أوروبّا والعرب والمسلمين من جهة ثانية.

وكالة أنباء الحوزة: رأى عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين السيّد علي فضل الله، أنَّ أكثر ما نعانيه من مشاكل في المنطقة، ناشئ من فقدان العدالة، وأنَّ الصِّراعات القائمة هي صراعات سياسيَّة، وإن كانت أدواتها مذهبيَّة، مشدِّداً على الدَّور المسيحيّ والتنوّع في المنطقة، داعياً إلى معالجة ظاهرة العنف في الوسط الإسلاميّ بكلِّ جوانبها السياسيَّة والثقافيَّة والتربويّة وغيرها.

استقبل سماحته وفداً من الجامعات الكاثوليكيَّة في أوروبّا، ضمّ شخصيّات أكاديميّة وباحثين يمثّلون حوالى 50 جامعة، ضمن لجنة مختصَّة بالعلاقات الإسلاميّة ــ المسيحيّة، وبحضور الدكتورة رولا تلحوق من الجامعة اليسوعيّة في لبنان.

ووضع الوفد سماحته في أجواء المؤتمر الّذي ستعقده هذه الجامعات في أيلول من العالم الجاري، وفي أجواء نشاطات فريق العمل التَّابع لها، والمكوَّن من باحثين من إسبانيا وإيطاليا وفرنسا، إضافةً إلى شخصيّات لبنانيّة وأخرى من المغرب العربي.

وجرى خلال اللّقاء التَّداول في العلاقات المسيحيَّة ــ الإسلاميَّة، والعقبات الّتي تعترض مسيرتها، وخصوصاً في هذه المرحلة، فأكَّد سماحة السيّد فضل الله أهميَّة تعزيز العلاقات الإسلاميّة ــ المسيحيّة من جهة، والعلاقات بين أوروبّا والعرب والمسلمين من جهة ثانية، مشيراً إلى ضرورة استمرار التفاعل الحضاري وتطويره بين الشّرق والغرب، في ظلّ ما نشهده من ظواهر عنفيَّة تجتاح العالم قتلاً وتفجيراً.

ورأى سماحته أنَّ هذه الظَّواهر هي ظواهر طارئة على المجتمعات، ولا تملك مقوِّمات الاستمرار، كونها لا تملك جذوراً في الفكر، ولا امتداداً أصيلاً في الواقع، داعياً إلى تعاون الجميع لمواجهتها، ودراسة كلّ الظّروف والأسباب الاجتماعيَّة والسياسيّة والثقافيّة الّتي أدّت إلى نشوئها، حتى لا تنفذ إلى المجتمعات، ومشدّداً على عدم الاقتصار على معالجتها أمنيّاً فحسب، لأنّ المعالجة الأمنيَّة المجتزأة لهذه الجوانب تقود إلى المزيد من العنف.

وأكَّد سماحته أهميّة قيام الأديان والمذاهب بمراجعة نقديَّة حيال موروثها الدّيني، لتنقيته من كلّ الشّوائب الّتي علقت به، ومن كلّ ما يخالف القيم الإنسانيَّة، مما ينعكس في الكثير من الممارسات التي نعايشها، مشيراً إلى أنَّ ظاهرة العنف هي ظاهرة دخيلة على الإسلام.

ورأى سماحته أنَّ الكثير من المشاكل التي نعانيها في عالمنا العربي وغيره، هي نتيجة فقدان العدالة، وشعور الكثيرين بالظّلم والغبن، لافتاً إلى أنّه لا بدَّ من تحقيق العدالة حتى نصل إلى السَّلام، وأنّ مسؤوليّتنا كأتباع ديانات سماويَّة، أن نرفع الصّوت عالياً مطالبين بالعدالة للجميع، لأنّ هذه هي رسالة الأنبياء، وينبغي أن تكون رسالة أتباعهم.

وقال سماحته إنَّ الآمال المعقودة على المسيحيِّين في لبنان خصوصاً، وفي المنطقة عموماً، أن يكونوا سفراء العلاقة بين الإسلام والمسيحيَّة، وصلة الوصل بين الشَّرق والغرب، وخصوصاً أنهم مؤهَّلون لتقديم الصّورة الحقيقيّة للإسلام كما عايشوه، بعيداً عن التّهاويل الإعلاميّة والسياسيّة التي تنسجها بعض الدّوائر السياسيّة في الغرب، أو تلك الّتي تُسقِط كلّ ما يحدث من عنفٍ في المنطقة على صورة الإسلام ومفاهيمه.

وشدَّد سماحته على تقدير دور المسيحيّين في الشَّرق، ومشاركتهم في صناعة حضارته، مبيِّناً أنّهم حالة أصيلة ومتجذِّرة فيه وليست طارئة، لافتاً إلى أنَّه ينبغي العمل للحفاظ عليهم، وحمايتهم من أن يدفعوا ثمن الصِّراعات السياسيَّة التي غالباً ما تلبس اللّبوس المذهبي، وأنَّ على المسيحيّين في المقابل أن يعملوا من أجل البقاء، ولحماية هذا التنوّع في المنطقة، وألا تكون هجرتهم القسريّة دافعاً للغياب المستمرّ عن الشّرق، ولا سيَّما في ظلّ إغراءات الغرب لهم.

وأكَّد أنَّ بعض ما تشهده المنطقة من صراعاتٍ بين محاور إقليميّة وتجاذبات دوليّة، لا يمكن تصنيفه كصراعات مذهبيّة وطائفيّة، وإن كانت الأدوات فيه مذهبيّة ودينيّة، لكونها الأكثر استعمالاً والأشدّ اشتعالاً، بل هي صراعات سياسيّة أو صراعات نفوذ ومصالح.

ورأى سماحته أنَّ المطلوب هو تبريد الحواضن الّتي تسهّل الأمور للعنف، من خلال إيجاد الحلول العادلة للكثير من المشاكل والصِّراعات التي تحصل في المنطقة، سواء منها القضيَّة الفلسطينيَّة أو غيرها من القضايا.

وختم سماحته بالتّأكيد على ضرورة التَّواصل بين المواقع الدّينيَّة، وعدم النَّظر إلى الدّيانات كمواقع منفصلة بعضها عن بعض، بل كمواقع متَّصلة رشفت من نبع واحد، وجاءت لهدفٍ واحد، وهو خدمة الإنسان، وبناء العدالة في الحياة.
 

ارسال التعليق

You are replying to: .