۸ اردیبهشت ۱۴۰۳ |۱۸ شوال ۱۴۴۵ | Apr 27, 2024
راشد

وکالة الحوزة - کتب الدكتور راشد الراشد الناشط السیاسي البحریني: لقد أصبحت كربلاء المقدّسة بدماء سيد الشهداء "عليه السلام" محور الكون في الوفاء والتفاني والتضحية وأقدس بقعة للإلهام الروحي والمعنوي لكل عشاق الحرية والكرامة..

وکالة أنباء الحوزة - اصدر الدکتور راشد الراشد الناشط السیاسي البحریني بیان بمناسبة أربعينية استشهاد الامام الحسين ”عليه السلام“.

فیما یلي نص بیان:

بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ

(*أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا۟ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ*) الحج-٣٩.

تمر علينا هذه الأيام مناسبة الذكرى الخالدة والعظيمة لأربعينية استشهاد سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ”عليه السلام“، وهي أعظم مسيرة عبادية غير مسبوقة في تاريخ البشرية، وحق علينا وعلى البشرية قاطبة أن تستلهم من هذه الملحمة العبادية دروساً في العقيدة والدين والحياة ومكارم الأخلاق بما فيها وبما تحمله من رسائل وقيم أخلاقية كالتضحية والإيثار والصبر وتحمل المسؤولية في الدفاع عن حرمة الدين والوقوف بوجه الظلم.

لقد قدّم السبط الشهيد ”عليه السلام“ مثالاً في البطولة والشجاعة عندما يكون الدين على المحك، وحينما يتلاعب أهل السلطة والأهواء بموارد ومقدرات الأمة بغير حق وبغير حساب. وقد تجلى هذا الدرس العظيم في جميع عشاقه ومحبيه الذين يظهرون شجاعة بل وبطولة كبيرة في مواجهة جميع التحدّيات والصعوبات القاسية.

وأصبحت كربلاء المقدّسة بدماء سيد الشهداء عليه السلام محور الكون في الوفاء والتفاني والتضحية وأقدس بقعة للإلهام الروحي والمعنوي لكل عشاق الحرية والكرامة، ففيها يجد الجميع ضالته من معين الحسين الشاهد والشهيد والذي من أجل القيم تهفو إلى مدينته المقدّسة قلوب الملايين من جميع أنحاء العالم. هنا في ملحمة زيارة الأربعين المليونية والعالمية تتساقط كل الحواجز المصطنعة والمزيفة التي تفصل بين إنسان وآخر على أسس العرق أو اللون أو الانتماء القبلي أو العشائري أو الإثني. إنها قضية الحسين عليه السلام الكبرى.

ان من التجليات العظيمة لهذه الزيارة المليونية الهادرة هو الفيض اللامتناهي واللامحدود من البذل و العطاء الذي يجسده ابناء وبنات سيد الشهداء عليه السلام من عراق المحبة والوفاء ومحطة للتزود بكل ما يعين على المضي في طريق العزة والشرف والكرامة، وذلك مهما كانت قسوة الظروف وجسامة التضحيات.

لقد جعل الحسين ”عليه السلام“ من كربلاء قاعدة ينطلق منها كل الباحثين عن العزة والحرية والكرامة، وأصبح كل مؤمن بمحورية الدين والقيم في حياتنا الإنسانية يبذل الغالي والثمين من أجل إحياء هذه المناسبة العظيمة لقيمتها العبادية والأخلاقية في صياغة شخصيتنا وبناء حضارتنا الإنسانية.

ان المواقف العظيمة التي تجسدت في نهضة عاشوراء ستظل تدق في اسماع العالم و تعطي دروسًا بليغة في الشجاعة والتصدي وتحمل المسؤولية وفي قول الحق و التمسك بالمبدأ في مواجهة الظلم والباطل والزيف والانحراف مهما كانت التضحيات جسيمة و الفقد كبير.

إننا بحاجة اليوم اكثر من اي وقت مضى لنجتمع في محطة عاشوراء و مسيرة الاربعين الرسالية الكبرى و ما بينهما وأن نشحذ الروح والعزيمة والهمة اللازمة لنتخلص من أية رواسب جاهلية ومتخلفة زرعها الطغاة في شخصيتنا ووعينا، فقد حان الوقت مع هذه الظاهرة العملاقة في الزيارة الأربعينية أن تستنهض طاقتنا الإيمانية الكامنة ونتوجه الى الله تعالى وأن نحبب في نفوسنا قيم الدين والعقيدة النقية التي ضحى سيد الشهداء من أجل حمايتها واحيائها. هذا فضلًا عن إن معين كربلاء الحسين عليه السلام يعيننا في مواجهة ما يحاك ضد أمتنا الإسلامية المترامية الأطراف من مؤامرات تريد ثني عزيمتها و اضعاف همتها بغزو ممنهج يريد ان يستهدف بنية المجتمع الأخلاقية بشتى الوسائل الفكرية و الثقافية و السلوكية، وفي هذا فإن محاولات الأعداء مستمرة بلا هوادة من أجل تحطيمنا وتدمير ديننا وهويتنا الرسالية.

إن زيارة الأربعين أصبحت شاخصاً عملاقاً في حياة الأمة الإسلامية، وهي ليست مجرد محطة عادية يمكن المرور عليها بسطحية أو يمكن المرور عليها مروراً عابراً بل هي نقطة تحول مركزية في مسيرة الأمة نحو أستعادة دورها الريادي في قيادة حضارتنا الإنسانية بما تمثله من بديل وأنموذج أخلاقي بديل عن ما وصلت إليه حضارتنا الإنسانية بقيادة الغرب من انحطاط وتخلف وتأخر.

ستبقى الزيارة الأربعينية فرصة عظمى للتعاون والتكاتف بين المؤمنين وهي الفرصة التي تتجسد فيها كل معاني نبذ الفرقة و الكراهية، كما أنها قاعدة الانطلاق الكبرى لتجسيد قيم الوحدة الإنسانية و لتحقيق التقارب بين الشعوب و القوميات و المذاهب كما انها فرصة مثلى لتطهير النفوس و تزكية القلوب وتشذيب السلوك بحيث ترتقي الأخلاقيات متجاوزة كل الحدود المصطنعة للتفريق والتفتيت والتجزئة.

ان هذا الحضور العالمي الواسع والكبير جعل من زيارة الأربعين ظاهرة كونية تحمل ملامح التفوق الأخلاقي الشاخص في سلوك الملايين الذين يحضرون المناسبة ويشاركون بفعالية ورقي أخلاق في إحياء هذه الزيارة العظيمة.

تحية للملايين الذين حضروا وكانوا جزءاً فاعلًا من هذه اللوحة العبادية العملاقة التي تسمو فيها الأخلاقيات وترتقي من خلالها روح التدين والقيم والمبادئ، وتحية لمئات الآلاف من المتطوعين من المواكب الخدمية والمؤسسات الرسمية والمدنية والدينية ولجميع الهيئات والمواكب الحسينية، عطاء كبير وعظيم يستحق الإجلال و التقدير والإكبار و هي تلك العطاءات والتي هي بحق من اهم اسباب نجاح وتفوق هذه الزيارة المليونية العالمية.

شكراً للعراق وللعراقيين الذين أضحوا أسطورة في البذل والعطاء والعمل الجبّار المتواصل الذي قاموا به ليل ونهار برحابة صدر وإقبال منقطع النظير ودون كلل أو تعب أو ملل في ملحمة لم يعرفها تاريخنا الإنساني من قبل.

*الدكتور راشد الراشد*

٢٠ صفر ١٤٤٥ هـ

٦ سبتمبر ٢٠٢٣

ارسال التعليق

You are replying to: .