۳۰ فروردین ۱۴۰۳ |۹ شوال ۱۴۴۵ | Apr 18, 2024
خطاب الإمام الخميني في المدرسة الفيضية يوم عاشوراء

وكالة الحوزة ـ أصدر الإمام الخميني بياناً في غرّة شهر المحرّم الحرام يونيو عام 1963 مخاطباً فيه الوعّاظ و الخطباء و المواكب الحسينية و حذّرهم من الممارسة القمعية التي أراد أن يفرضها نظام الشاهنشاه البلهوي على الخطباء ورجال الدين آنذاك.

وكالة أنباء الحوزة ـ مع حلول شهر محرّم الحرام كان النظام الشاهنشاهي يتوقع تحرّكاً تنويرياً من الخطباء و رجال الدين و الحوزات العلمية في المجالس الحسينية ضد ممارساته القمعية و سياساته الخاطئة فبادر جهاز الإستخبارات الشاهنشاهي (سافاك) تحسبّاً و منعاً لوقوع ذلك بدعوة مجموعة من الوعّاظ و الخطباء و إملاء تعليمات عليهم ينبغي لهم الالتزام بها تحت ممارسة التهديد و الوعيد لهم و هي كالتالي:

  • عدم التحدث ضد الملك محمد رضا شاه بهلوي.
  • عدم الحديث ضد إسرائيل و ما يتعلّق بها.
  • عدم تكرارهم بأنّ الإسلام و القرآن في خطر و كذا عدم وصف النظام بأنّه ضد الإسلام!

فلمّا اطلع الإمام الخميني على ذلك الخبر أصدر بياناً في غرّة شهر المحرّم الحرام مخاطباً فيه الوعّاظ و الخطباء و المواكب الحسينية و حذّرهم من ذلك قائلاً: (هذه التعليمات و الإلزامات المفروضة، لا تحمل أية قيمة قانونية و ليس من أثرٍ يترتب على رفضها بل الضرر يقع على من يلتزم بها و يكون بذلك هو المجرم و هو من يجب أن يعاقب! … السكوت في هذه المرحلة يعتبر تأييداً للنظام الجبّار و عوناً لأعداء الإسلام… ).
فكان لإصدار ذلك البيان أن خلق موجة جديدة بين علماء الدين و جعلهم أكثر شجاعة لفضح جرائم النظام في مختلف المدن و القرى الإيرانية ممّا أدّى ذلك إلى غضب الشاه و امتعاضه الشديد و استغلاله للعقائد الدينية في مواجهة موجة الثورة الإسلامية، ففي محاضرة له ادّعى أنّه التقی في صغره بالإمام المهدي عليه السلام، كما وصف في تعبير له مناوئيه بـ(أعداء الشعب و المملكة الشيعية)! و وجهة إسائة مباشرة لرجال الدين.
بعد بيان الإمام و محاولات علماء الدين الثوار في كشف اللثام عن وجه النظام، تحوّلت الحالة النمطية في مسيرات العزاء الحسيني إلى نشر الوعي السياسي و ارتفعت شعارات ثورية حسينية ضد الشاه و النظام في المواكب و المسيرات و كانت أكبر تلك المسيرات التي تشکّلت و تجمّعت أمام (قصر مرمر) في طهران و أدّت إلى الإشتباك مع قوى النظام.
اتّسعت دائرة المظاهرات و المسيرات الدينية و الشعارات الثورية اللاذعة ضد الشاه و المتضامنة مع ثورة الإمام الخميني في طهران و بقية المدن الإيرانية و كانت تلك التظاهرات قد أرعبت النظام.
لم تنجح مؤامرات سافاك في منع انتشار تلك الإعتراضات و إنّما زادت في وتيرة الحماس الثوري الحسيني للشعب.
قرّر الإمام الخميني إلقاء كلمة له في يوم عاشوراء. و إنّ انتشار مثل ذلك الخبر جعل في المقابل سافاك يقوم بالتحرّك ضده و ترويج شائعة مفادها: (أنّ الحكومة أصدرت تعليمات حاسمة للجيش بقتل الحاضرين في الجلسة التي سيلقي فيها الإمام كلمته و إحراق مدرسة الفيضية كما حصل مثل تلك الممارسة سابقاً في مسجد (گوهرشاد) في مشهد ).
حاول بعض الناس إقناع الإمام الخميني بعدم إلقاء كلمته خوفاً عليه لكنّ الإمام رفض ذلك و قال: (أنا قررت نهائياً و مثل هذه الشائعات لا تثني عزيمتي أبداً و النظام غير قادر على تغيير قراري ).

جاء عصر يوم عاشوراء 3 يونيو عام 1963 و مازال العزاء مخيماً على المدرسة الفيضية بسبب الجريمة التي ارتكبها جلاوزة النظام.
و في الوقت نفسه من عصر ذلك اليوم اجتمع الآلاف ممن حضروا العزاء الحسيني حول بيت الإمام الخميني منتظرين خروجه. في تلك اللحظات وصل أحد عناصر سافاك إلى الإمام و همس في أذنه قائلاً: (بأنني مبعوث من الشاه لأبلّغكم رسالته و أؤكد عليكم لو أنتم اليوم تلقون كلمتكم في المدرسة الفيضية سوف نبعث فرقة الكماندوز الخاصة لتحرق المدرسة و تجري حمام الدم هناك!).
ردّ الإمام عليه مباشرة و بكلّ طمأنية: (نحن أيضاً نصدر أوامرنا للكماندوز الذين يتّبعونا بأن يؤدّبوا مبعوثي الشاه!).
قبل الساعة الخامسة مساء رفعت هتافات (خميني خميني) و سببّت تلك الهتافات خروج جمع كبير من الناس إلى الشوراع.
تهديدات سافاك للإمام لم تجد نفعاً في منعه فخرج بعزيمة ثابتة من بيته و ركب السيارة التي أعدّوها له لينطلق هو و من معه من أنصاره نحو المدرسة الفيضية ليتحدث مع الشعب مباشرة و يكشف لهم الحقائق التي من شأنها أن تغيّر مسيرة التاريخ المعاصر.
بعد وصول الإمام للمدرسة و في وسط أجواء سادتها مشاعر جياشة لآلاف من محبيه، إرتقى المنبر و ألقى كلمته التاريخية حيث خاطب الإمام الخميني الشاه مباشرة و ألقى عليه اللوم و كسر هيبته الوهمية بانتقاداته الصريحة و الشجاعة في حين اشتهرت آنذاك مقولة (أنّ الشاه ظلّ الله في الأرض) و لم يكن يتجرأ أحد أن يذكره بسوء في ظلّ النظام القمعي الديكتاتوري الذي سلّطه على الشعب.

ألقى الإمام الخميني تلك المحاضرة بلغة بسيطة فهمها عامة الشعب فكانت مؤثرة جداً و اعتبرت فيما بعد منعطفاً تاريخياً في ثورة الإمام الخميني الإسلامية. إنّ تلك المحاضرة العاشورائية كسرت حاجز الخوف لدى الشعب و كانت بمثابة ضربة قاصمة لنظام الشاهنشاهي البائد فتحدّث الإمام الخميني في تلك المحاضرة عن المحاور التالية:

المقارنة بين جرائم بني أمية و النظام الشاهنشاهي في قتل الصغير و الكبير و محاربتهم لأساس الدين وتحذير الشعب الإيراني من أهداف و برامج الكيان الصهيوني الغاصب في إيران وردّ الشبهات المثارة حول نمط عيش رجال الدين و المقارنة بين زهد و بساطة عيشهم و بين الترف و البذخ الجنوني لرجال السلطة وتحذير الشاه من افتقاد شعبيته بسبب ممارساته القمعية مثلما حصل لوالده رضاشاه وتحميل مسؤولية فاجعة المدرسة الفيضية لشخص الشاه وإختراق النظام الشاهنشاهي من قبل البهائية والتحذير من وجود العلاقات بين النظام و الكيان الصهيوني الغاصب.

هنا ننقل لكم بعض المقاطع المختارة من تلك الكلمة:
"أخبروني أنّهم أخذوا مجموعة من الخبطاء إلى طهران و بأنّ سافاك هددهم ألّا يتحدثوا عن هذه النقاط الثلاثة:

  • عدم التحدث ضد الملك محمدرضا شاه بهلوي.
  • عدم الحديث ضد إسرائيل و ما يتعلّق بها.
  • عدم تكرارهم بأنّ الإسلام و القرآن في خطر و كذا عدم وصف النظام بأنّه ضد الإسلام!

إلا أنّ مصائبنا كلّها و اختلافنا في هذه المحاور الثلاثة فإذا تجاوزنا هذه القضايا الثلاثة فلا يبقى بيننا و بينهم خلاف. يجب أن نلاحظ أنّنا إذا لم نصرّح بأنّ الإسلام في خطرٍ فهل يبق الإسلام مصوناً عن الخطر؟ و إذا لم نقل بأنّ الشاه هكذا أوصافه فهل هو لا يتصف بها؟ إذا لم نقل بأنّ إسرائيل خطر على الإسلام و المسلمين فهل يزول خطرها؟
"أنا أنصحك يا سيد، أيها السيد الشاه، يا حضرة الشاه، أنا أنصحك أن تقلع عن هذه الأعمال، إنهم يخدعونك يا سيد. أنا لا أرغب أن يرفع الجميع أيديهم بالشكر إذا أرادوا أن تسقط وتغادر… إذا أملوا شيئاً وأعطوه لك وقالوا لك اقرأه ففكّر فيه قليلاً… اسمع نصيحتي… ما العلاقة بين الشاه وإسرائيل حتى يقول سافاك: لا تذكروا إسرائيل بسوء… وهل الشاه إسرائيلي؟!".

 

الاعداد: اللجنة العلمیة لرابطة الحوار الدیني للوحدة

 

ارسال التعليق

You are replying to: .